أهلا وسهلا بكم في ملتقى الغرباء يشرفنا انضمامكم الينا..

e diel, 17 qershor 2007

Tunisnews_Arabic 17/06/2007

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس
Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie
Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

السنة الثامنة، العدد 2581 بتاريخ 17 جوان 2007


الموقع: www.tunisnews.net

للمراسلة: redaction@tunisnews.net


أنت مشترك بقائمة المراسلة لتونس نيوز باللغة العربية بواسطة هذا العنوان: infotunis1.newsar@blogger.com


لإيقاف اشتراكك يرجى إرسال رسالة فارغة إلى: unsubscribe_tunisnews_arabic@tunisnews.net


"الموت البطيء": شريط يوثق مأساة المساجين السياسيين بتونس


بمناسبة اليوم التضامنى مع السجين السياسى بتونس أصدرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين شريط تحت عنوان "الموت البطيء".
للمشاهدة اضغط على الرابط التالي:
http://www.nahdha.info/mcgallerypro/show.php?start=0&id=12&video=1
(المصدر: موقع نهضة إنفو – مارس 2007)
الحوار.نت: اعتداءات نظام السابع من نوفمبر ضدّ رموز المجتمع المدني لا تزال متواصلة
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ: نشرة إلكترونيّة عدد: 18-
الحياة : تونس: حزب بن علي يرشحه لولاية رئاسية خامسة في 2009
إيلاف: البنك الإفريقي يساند التنمية في تونس
المنتدى الكتابي للحوار نت: حــصـــاد الأسبــوع
نهضة إنفو: المصالحة إلى أين؟
أمّ زياد: الباب الأوّل هو الباب الأخير
سامي نصر: نقابة الصحافيين: مشروع ولادة أو مشروع وأد جديد
عبدالوهاب عمري: لماذا أغلق معهد " لويس باستور" الخاص؟
عامر عياد: خنيس: لا بد من عمادة ثانية
الامجد الباجي :عهد االلمبن
بحري العرفاوي: في اللائكية ..والهوية:أو صدمات الوعي ..وصرخة النائم!
عبد الجبار الرقيقي: المكاسب و سلفية اللائكيين
ماهر حنين:  أكثر من 143 ألف مرشح للباكالوريا يطرقون باب الجامعة: ماذا أعدّت لهم الحكومة ؟
أبو أيمن: إجراء فجئي لاتصالات تونس سيعصف بمستقبل أصحاب التاكسيفون
أبو أيمن: صفاقس: من ينقض المدرسة الإعدادية الطاهر الحداد
جريدة "الشعب":المنستير:تطور خطير في سايا بورجس
جريدة "الشعب":نقابة الصحافيين:تمهيدا لمؤتمر تأسيسي
محمد العروسي الهاني : خواطر و مقترحات جريئة و بشجاعة بمناسبة انعقاد اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي .وريث حزب التحرير و البناء و الانجاز
توفيق المديني: محاسبة جورج بوش على حربه العراقية
عبد الباقي خليفة: سرّ الحفاوة
عبداللطيف الفراتي: غرائب الدهر
برهان بسيّس: دولة غزة الحمساوية ودولة الضفة الفتحاوية
محمد الحدّاد: إنتحار الشرق الأوسط
إسلام أونلابن: بلال الحسن: إقصاء دحلان هو الحل

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


اعتداءات نظام السابع من نوفمبر ضدّ رموز المجتمع المدني لا تزال متواصلة

قام الليلة البارحة حوالي الساعة الثالثة فجرا عناصر مجهولة بالإعتداء على سيارة المناضل لسعد الجوهري في محاولة لسرقتها بإيعاز من رئيس منطقة المدعو صابر عبد الله.
كما قام البوليس السياسي سعيا منه للنيل من نشطاء حقوق الإنسان خاصة المناضل الحقوقي لسعد الجوهري بافتعال قضيّة مروريّة ضدّه لإعاقة تحركّاته .
(المصدر: موقع "الحوار.نت" (ألمانيا) بتاريخ 16جوان 2007)

 
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

نشرة إلكترونيّة عدد: 18- 14 جوان ( حزيران) 2007

   كامل العدد 17 من نشريتنا. كنعان عدد 1180 -12-06-07 kanaanonline.org نشر رفاقنا في مجلة كنعان الإلكترونية

تونس- اعتداء على الحقوق النقابية والحريات: دأبت المؤسسة الألمانية "سايا بورغس"- المتخصصة في الإلكترونيك والمنتصبة بمدينة المنستير- على ضرب الحق النقابي والإمعان في إهانة العاملين بها, وبلغ التعسف حد طرد كافة أعضاء النقابة الأساسية وأعضاء لجنة المؤسسة المنتخبين وعددهم 15 عاملا, مما اضطر زملاءهم إلى شن إضرابات متكررة... يوم 07-06-07 , على الساعة السادسة صباحا, تحول وفد نقابي إلى المصنع لمساندة العمال المضربين فاعترضتهم الشرطة وأوقفت 5 منهم وعنفتهم واحتجزتهم بمخفر الشرطة لبضع ساعات. من بين الموقوفين المعتدى عليهم المناضلان عبد الرحمان الهذيلي والمنجي بن صالح النقابيان المعروفان بالجهة (عضوا الهيئة الإدارية الجهوية),والمسؤولان بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على الصعيد الوطني. عن الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان 07-06-07 . وبمناسبة الذكرى 30 لتأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان, اعتزم فرعها بالقيروان بالإشتراك مع الإتحاد الجهوي للشغل (نقابة الأجراء) بالمدينة تنظيم اجتماع مفتوح يوم الأحد 10-06-07 لكن الشرطة حاصرت مقر النقابة والمنافذ المؤدية للمدينة من الخارج, وحاصرت كل الحقوقيين والنقابيين في كافة المدن التونسية منذ الصباح الباكر ومنعتهم من التنقل إلى خارج مدن سكناهم ومنعت البعض من مغادرة منازلهم. أصدر فرع الرابطة بالقيروان بيانا بإمضاء المناضل مسعود الرمضاني يستنكر هذا الوضع. نذكر أن الهيئة المديرة للرابطة منعت يوم 28-05-07  من عقد اجتماع لها حول المنتدى الإجتماعي التونسي, في مقرها بالعاصمة وجندت قوات الشرطة في كافة المدن لمنع أي كان من الوصول إلى مكان الإجتماع, وقد أوردنا الخبر في حينه. المصدر- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

 تونس-نقابة: بعد تسع سنوات من الجمود, عقدت نقابة الأطباء وأطباء الأسنان وصيادلة الصحة العمومية (الأجراء) مؤتمرها وانتخبت هيئة جديدة. أهم مشاغل الأطباء: تأهيل القطاع العمومي للصحة والإنتدابات والتجهيزات الضرورية لراحة المرضى والأطباء وتحسين الظروف المادية: أجرة لائقة للإستعجالي والعمل الليلي والعمل المستمر والترقيات المهنية... تهانينا لأعضاء المكتب النقابي المنتخب وأمينه العام الصديق "سامي السويحلي". نذكر أن نقابة الأطباء والصيادلة الجامعيين قررت شن إضراب يوم 20 حزيران.  عن "الشعب" 09-06-07

 تونس- نقابة: انعقد يوم 08-06-07 اجتماع عام تمهيدي لتكوين نقابة للصحافيين في إطار الإتحاد العام التونسي للشغل, وقد عارض الصحافيون المقربون من السلطة تكوين هذه النقابة, كما عرقلت السلطة المحاولات السابقة. توجد في تونس "جمعية الصحافيين التونسيين" وهي ليست هيكلا نقابيا ولا تتدخل في نزاعات الشغل. "الشعب" 09-06-07

 تونس- إضراب ليوم 19-06-07 في "بنك الأمان" بمساندة "جامعة المالية والتأمين" (النقابة الوطنية لأجراء القطاع). أهم المطالب: إدماج الأعوان الوقتيين وأعوان شركات المناولة, تطبيق اتفاق 19-12-06 الدي توصلت إليه النقابة مع الإدارة, وإرجاع أموال الصندوق الإجتماعي (750 ألف دينار) التي تحولت إلى"موارد إستثنائية" للبنك. الشعب 09-06-07

 تونس-تفويت في الأرض بالتقسيط: باعت الدولة أرضا (بمنطقة البحيرة بالعاصمة) مساحتها المؤقتة 837 هكتار, إلى المؤسسة الإماراتية "سما دبي" بمبلغ 14 مليار دولار, والعقد الموقع بين الطرفين لا يضع أي قيد أو ضوابط بل يعطي "سما دبي" حق تملك واستغلال الأرض والماء (البحر) والتصرف المطلق دون اي تدخل في التخطيط والتهيئة, وتنازل البنك المركزي عن المراقبة المالية للعملة الأجنبية المتأتية من المعاملات مع الخارج , في خروجها من البلاد... ويمكن لها ردم البحر ومضاعفة المساحة بدون تكاليف تذكر (دينار رمزي) ودون شروط, وليس هناك أي ضمانة لتشغيل التونسيين بهذه  "الجزيرة" عن الصباح 06-06-07 . news.maktoob.com  للإطلاع على التفاصيل راجع مدونة سفيان الشورابي

تونس-سياحة: زار تونس عام 2006 , 6,5 مليون سائح بمداخيل تقدر ب2,8 مليار دينار (2,17 مليار دولار), والسياحة هي المصدر الأول للعملة الأجنبية في تونس وتوفر 360 ألف موقع شغل (عمل موسمي وبشروط قاسية). تنوي وزارة السياحة "دعم سياحة الجودة بجلب سائحين من الخليج... وتوفير سياحة تلائم ميولاتهم مثل سياحة الإقامة والصيد في الصحراء والقوارب الشراعية" خاصة وأن الربط الجوي ازداد مع الخليج. ميدل إيست أون لاين 07-06-07

 تونس-اقتصاد: ارتفعت إيرادات بنك الإسكان (عمومي) إلى 145,1 مليون دينار (123,2 سنة 2005) وبلغت أرباحه الصافية (2006) 28,4 مليون دينار (1 دولار=1,3 دينار) رويترز 06-06-07

 تونس-صحة: معدل العمر عند الولادة- أو الأمل في الحياة- بلغ 73,6 عاما. هناك طبيب لكل ألف ساكن. وفيات الأطفال تبلغ 20,3 لكل ألف ولادة. استفاد القطاع الخاص من تدهور أوضاع المستشفيات العمومية (راجع أعلاه مطالب أطباء الصحة العمومية) : بين سنتي 2001 و2006 أقيمت 10 مصحات خاصة و500 سرير و1500 عيادة طبية و14 مؤسسة للنقل الصحي و12 مركزا "للعلاج بمياه البحر"؟ عن الصباح 11-06-07

 المغرب: لا زالت حملات القمع متوصلة –منذ 1 أيار- ضد المناضلين في جمعيات العاطلين عن العمل وحقوق الأنسان والنقابات, ولا زالت تسلط عيهم الأحكام الجائرة والغرامات الثقيلة في العديد من المدن. بعث حزب العمل الوطني الديموقراطي رسالة تضامن إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وإلى حزب "النهج الديموقراطي" الذي دفع مناضلوه غاليا ثمن التزامهم بالدفاع عن الفئات الشعبية والمحرومة.

 الجزائر: زار الجزائر "ريان هنري" نائب وكيل الشؤون السياسية بوزارة الدفاع الأمريكية, الذي صرح خلاال ندوة صحفية بسفارة أمريكا بالجزائر "إننا في المراحل النهائية من دراسة جدوى تركيز القيادة العسكرية الجديدة لأفريقيا" (افريكوم) وأشارت الجزائر أنها لن تلعب دورا في استقبال القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا. في برنامج جولة المسؤول العسكري الأمريكي زيارات لبلدان إفريقية أخرى منها: المغرب وليبيا ومصر وجيبوتي وأثيوبيا. رويترز 11-06-07

 الجزائر-مؤشرات صحية: أعلنت "وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات" عن وفاة 600 امرأة سنويا إثر تعقيدات صحية أثناء الحمل, و97 وفاة للأمهات على كل 100 ألف ولادة, ووفاة 30 مولود عن كل ألف ولادة طبيعية. هناك 20 ألف طفل يولدون سنويا بتشويهات خلقية و70 ألف مولود يصابون بإعاقات ذهنية بسبب الظروف غير الصحية للولادة.

 ليبيا-خصخصة: أعلن رئيس "المؤسسة الوطنية للنفط" أن بلاده باعت 65 بالمائة من حصتها في شركة "تام أويل" المعروفة أيضا باسم "أويل انفست", إلى صندوق الإستثمار الأمريكي"كولوني كابتال" ب4 مليار أورو . تملك "تام أويل" 3 آلاف محطة لتوزيع الوقود في أوروبا وتستغل مصافي للنفط في إيطاليا وسويسرا وأسبانيا وألمانيا. رويترز 08-06-07

مصر: بلغت عائدات قناة السويس عام 2006 : 3,820 مليار دولار, ولم يكن مردودها السنوي عند التأميم (1956 ) يتجاوز مليون دولار. المصدر: "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" التابع لمجلس الوزراء 03-06-07 أفاد إحصاء رسمي لمكتب العمالة (التشغيل) في الكيان الصهيوني أن ما لا يقل عن 30 ألف شاب مصري يعملون بصفة "قانونية" في أراضي 48 وان عددا غير معروف يعمل بدون تصاريح.

 فلسطين: توفي الأسير "ماهر دندن"(38 سنة) في سجن "جلبوع" (قرب بيسان) بسبب الإهمال الصحي وعدم المعالجة ورفض الإهتمام بحالته قبل  وإثر نوبة قلبية. "ماهر دندن" من مخيم بلاطة في نابلس, اعتقل عام 2002  ومحكوم ب16 سنة سجن.تصريح سليمان أبوسنينة, وزير شؤون الأسرى 10-06-07

 الجولان: منذ 40 سنة احتل الكيان الصهيوني مرتفعات الجولان السورية فنتج عن ذلك: تدمير 170 قرية, تهجير 120 ألف مواطن هم الآن نصف مليون, لاجئون في وطنهم (سوريا). مساحة الجولان: 120 ألف كلم2 بها 153 ألف مواطن. زرع الكيان الصهيوني 37 مستعمرة واتخذ قرارا بضم الجولان(1980) ولكن الأغلبية الساحقة من السكان يرفضون الجنسية "الإسرائيلية" والخدمة العسكرية. عن موقع "الجولان للتنمية"

 السعودية: ذكر السيد "إبراهيم المقيطيب" من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ان "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" المرتبطة مباشرة بالديوان الملكي, والتي تتمتع بصلوحيات واسعة, تسببت في مقتل عدد من الأفراد بدعوى الإشتباه بعدم تطبيق الشريعة (حسب اجتهاداتها) : وفاة "أحمد البولوي" الذي اتهم بخلوة غير شرعية لمجرد نقل امرأة في سيارة كان يسوقها, واتضح فيما بعد أن المرأة من عائلة مشغله وهو الذي أمره بنقلها. اعتقلته الهيأة وتوفي في مقراتها تحت التعذيب, وفاة "سليمان الحريسي" بعد مداهمة منزله وكسر ابوابه ومحتوياته, واعتقاله وتوفي في مقرات الهيأة. امرأة رمت نفسها من الطابق الرابع لما داهم أفراد الهيأة منزلها بعنف وكسروا  الأبواب... عن رويترز 97-06-07

 السعودية-"صفقة اليمامة": كشف برنامج "بانوراما" للتلفزة العمومية البريطانية"ب.ب.س." أن شركة "ب. أ. إ سيستمز" البريطانية باعت سلاحا للسعودية بقيمة 40 مليار جنيه استرليني -80 مليار دولار- فيما عرف ب"صفقة اليمامة". دفعت الشركة رشوة –بعلم وزارة الدفاع البريطانية- للأمير بندر بن سلطان رئيس مجلس الأمن"القومي" لأكثر من عقد, والذي بقي سفيرا لبلاده في واشنطن 22 عاما وهو ذو علاقة وثيقة بعائلة بوش. مبلغ الرشوة يقدر ب2,4 مليار دولار, دفقت أقساطا لمدة عشر سنوات . ب.ب.س. 07-06-07

 قطر-أموال النفط تعود بالفائدة على أوروبا: بعد صفقة شراء 80 طائرة "إيرباص" بمبلغ 16 مليار دولار, وقعت دولة قطر عقدا مع "مجموعة الأنظمة الجوية والدفاع الأوروبية" ب 300 مليون دولار لتوفير نظام رادار يغطي الأراضي القطرية, مع العلم أن قطر تؤوي أكبر قاعدة امريكية. موقع س.ن.ن. (بالعربية) 03-06-07

 العراق- إضراب: أضرب عمال النفط والغاز, المنضوون تحت لواء الإتحاد النقابي لعمال النفط وأغلقوا, منذ الصباح الباكر ليوم 6 حزيران-جوان, أنابيب نقل الغاز والنفط نحو ميناء البصرة . أرسل العمال, منذ 16 ماي, مذكرة إلى نوري المالكي رئيس الحكومة المنصبة, يطالبونه من خلالها بتحسين ظروف العمل وتخفيض سعر البترول في العراق (الذي تم الترفيع فيه عدة مرات) والتراجع عن قرار الخصخصة الذي اتخذه "بول بريمر" باسم أمريكا. من بيان للإتحاد النقابي لعمال النفط بتاريخ 06-06-07 ولا يزال الإضراب متواصلا لغاية تحرير الخبر.

 حقوق الإنسان بمنظار أمريكي: رصد تجمع لمنظمات حقوق الإنسان (منهم "العفو الدولية" وهيومن رايتس ووتش) ما لا يقل عن 39 شخص مفقود اعتقلتهم أجهزة رسمية أمريكية مثل وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.أ) ومنهم نساء وأطفال دون السابعة, اختفت أخبارهم منذ سنوات ولا أحد يعرف مكان اعتقالهم. اكتفى"بول جيمليانو" المتحدث باسم س.آي.أ بالقول:"إن تصرفات الوكالة تسير بالتوافق التام مع القانون الأمريكي". ب.ب.س. 07-06-07

 قمٌة الفقراء: في الوقت الذي انعقدت فيه قمة الثمانية في "روستوك" بألمانيا, انعقدت قمة "العولمة البديلة" في مدينة "سيساكو" (مالي), حيث تدارس المجتمعون تأسيس "بنك الفقراء" أو "بنك الجنوب" لتمويل التطور الإجتماعي والتنمية باعتبار البنك الدولي هو بنك الأغنياء, وقد سبق أن عبرت بعض دول أمريكا الجنوبية عن استعدادها للمساهمة في هذا المشروع. المصدر: لوائح ومقرٌرات "قمة الفقراء" 06-06-07

 السنغال: توفي الكاتب والسنمائي السنغالي "صمبان عصمان" (84 سنة) رائد السينما الافريقية ومؤلف كتب عن إضراب السكة الحديدية الرابطة بين مالي والسنغال عام 1947 الذي انتهى بمجزرة ارتكبتها القوات الفرنسية, وكتاب عن مجزرة أخرى للقوات الإستعمارية الفرنسية ضد الأفارقة المشاركين في الحرب العالمية الثانية بالجيش الفرنسي (وكان هو نفسه من بينهم) ولما طالبوا بحقوقهم (جراياتهم ودفاتر خدمتهم) بعد نهاية الحرب ودحر النازية, تمت إعادتهم للسنغال ثم أطلق عليهم رفاقهم الفرنسيون النار ومات العشرات منهم عدا مئات المصابين بجروح. درس السينما في موسكو وقبل ذلك كان بنٌاء ثم عاملا بالميناء حيث أصبح نقابيا صلبا ومخلصا لرفاقه...

 نيجيريا: قدمت الحكومة النيجيرية شكوى للمحكمة العليا ضد مؤسسة "بفيتزر" الإحتكارية الأمريكية (أدوية, صيدلة, مخابر) لأنها قامت بتجارب غير مرخصة وغير معلنة استهدفت أطفال ولاية "كانو" (شمال نيجيريا), تحت غطاء عمل إنساني لمنظمة غير حكومية. انجرٌ عن هذه التجارب شلل ما لا يقل عن 200 طفل إضافة إلى عاهات وتشويهات أخرى : فقدان القدرة على الكلام والسمع والبصر, الإختلال العقلي... وقد ثبتت وفاة ما لا يقل عن 11 طفل بسبب هذه التجارب. وجٌهت لمؤسسة "بفيتزر" 29 تهمة منها القتل والتعتيم على القتل, وطالب الأهالي (بمساندة الدولة) بتعويضات تعادل 7 مليار دولار. أ.ف.ب. 05-06-07

 كمبوديا: قررت الحكومة التخفيض في أجر ساعات العمل الليلي, خصوصا بقطاع النسيج, بنسبة 35 بالمائة "من أجل استقطاب الإستثمارات الأجنبية". هددت النقابات والمعارضة بالتصدي لهذه الإجراءات, خاصة وأن الأجور زهيدة ولا تفي بالحاجات الضرورية والعمل الليلي اضطرار(خصوصا بالنسبة للنساء) وليس خيار. أ.ف.ب. 09-06-07

 الباكستان: نظم الصحافيون (بمساندة المعارضة) تظاهرات في العاصمة "إسلام اباد" تنديدا بالقوانين الجديدة التي فرضتها السلطة على وسائل الإعلام, واعتبر نقيب الصحافيين الباكستانيين "أفضل بط" أن الرئيس برويز مشرف "يريد تكميم الأفواه وإجبار الصحافيين على دعم الحكومة" ورفع المتظاهرون شعارات مساندة للمؤسستين القضائية والإعلامية, كما طالبوا بإطلاق سراح المعتقلين من المعالرضين(حوالي 400) على إثر مظاهرات الأسابيع الماضية. رويترز 06-06-07

 الكيان الصهيوني: انتخب حزب العمل الصهيوني الجنرال "إيهود باراك" لقيادته. باراك مسؤول عن استشهاد 13 من فلسطينيي الداخل أثناء هبة أكتوبر 2000 , وعن ترويج مقولة "ان اسرائيل لا تجد مفاوضا كفؤا لدى الفلسطينيين" وهو الذي روٌج بمعية "كلنتون" لخرافة رفض عرفات "للمقترحات السخية" التي أرادا من ورائها إمضاءه بخط اليد على تنازل عن حق العودة للاجئين, وهو مسؤول كذلك عن انتهاك سيادة تونس بتخطيطه وإشرافه على تنفيذ اغتيال خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس, وهو قبل كل شيء جنرال صهيوني مثل أغلبية مسؤولي حزبه. على صعيد آخر صدر كتاب بعنوان "للإنتصار على هتلر" من تأليف "أبراهام بورغ", وهو رئيس سابق للكنيست وللوكالة اليهودية, وابن يوسف بورغ مؤسس حزب "المفدال" (حزب ديني "يميني" حتى بالمقاييس الصهيونية). في حوار أجراه معه "آري شافيط" (هآرتس) قال "إن (إسرائيل) تشبه حاليا ألمانيا عند صعود النازية, ومقولة (دولة يهودية وديموقراطية) لا يمكن أن تستقيم لآنها تحمل تناقضا" كما دعى إلى إلغاء قانون"العودة" الذي يجعل من كل يهود العالم "مواطنين اسرائيليين" وجبت عليهم العودة إلى "أرض الميعاد"... هذه الإستفاقة المتأخرة لا تجعل منه تقدميا ولكنه عبر عن إحساسه بالمرارة لعدم قدرة الكيان الصهيوني على "الإندماج في المحيط" المشرقي رغم تطبيع الحكام, فيقول "إن (اسرائيل) بقيت جزءا من أوروبا".

 إيطاليا: شهدت العاصمة روما مظاهرات احتجاج ضخمة ضد زيارة جورج بوش الذي طالب الحكومة الإيطالية بتعزيز وجودها العسكري في أفغانستان. تجند 10 آلاف شرطي و50 ألف من رجال الدفاع المدني لمحاصرة التظاهرين, كما تغير برنامج بوش عدة مرات "لأسباب أمنية", وبسبب معارضة الرأي العام الإيطالي لسياسته. أ.ف.ب. 09-06-07 . واعتقلت الشرطة الإيطالية, بناء على مذكرة صادرة عن قاضي مكافحة الإرهاب بميلانو, 9 مواطنين تونسيين يفترض أنهم على علاقة بالمواجهات المسلحة التي حدثت في كانون الأول والثاني (ديسمبر وجانفي) الماضيين بتونس, وتفجيرات مدينة الجزائر في أبريل الماضي. أ.ف.ب. 07-06-07

 فرنسا-حرية,مساواة,أخوٌة؟: في ظرف 10 سنوات اشتغل السيد "مصطفى مراحي" (فرنسي المولد والجنسية) في نفس المصنع التابع لشركة "دانون" (مواد غذائية ومشتقات الحليب) بصفة مؤقتة: 961 عقد مناولة و9 عقود مباشرة قصيرة الأمد, وبعد كل هذه المدة رفضت المؤسسة تشغيله (رغم الحاجة) بدعوى انه "لا يستجيب للشروط المطلوبة". أ.ف.ب. 07-06-07 وفي جعبة حكومة ساركوزي- فرانسوا فيون مشاريع لإعفاء أرباب العمل من الأداءات على الساعات الإضافية مما يكلف الميزانية 11 مليار أورو سنويا وسيعويض نقص مداخيل الدولة بالزيادة في الأداءات غير المباشرة. وأدانت المحكمة الأرويبة لحقوق الإنسان, فرنسا يوم 26-04-07  كما أدانتها لجنة مكافحة التعذيب التابعة للأمم المتحدة يوم 11-05-07 بسبب "عمليات الطرد التي تمارسها ضد المهاجرين وطالبي اللجوء" ولأن "عمليات الإبعاد تعتمد على تقارير أجهزة الإستخبارات المبنية على ملاحظات لا تكشف مصادرها ولا وسائل الحصول عليها وتنقصها الإثباتات" وأصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا يدين فرنسا "بسبب سياسة مكافحة الإرهاب التي لا تتوفر فيها الضمانات الكافية في مجال حقوق الإنسان" وسبق أن أصدرت منظمة "العفو الدولية" تقريرا (عن حصيلة 2006) أدانت فيه التعذيب و العنصرية التي تمارسها أجهزة الدولة. وبدأ يوم 13 -06-07 إضراب لعمال الموانئ الجوية في كافة المدن (6400 عامل) باستثناء باريس(لعمالها وضع خاص) والسبب نتائج الخصخصة والتراجع في مكتسبات تاريخية هامة.

 أمريكا-نشاط دبلوماسي في آسيا الوسطى (الإتحاد السوفياتي سابقا) تزامن مع انعقاد قمة الثمانية بألمانيا: 3 مستشارين بوزارة الخارجية يزورون كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان وقرغيزيا(التي زارها مؤخرا وزير الدفاع) لهذه البلدان علاقة مباشرة بقضيتي الطاقة ونقل الغاز الروسي, وقواعد الصواريخ الأمريكية. "فيسمايا غازيتا"-روسيا 07-06-07

 المكتب الدولي للعمل-07-06-07 : في دراسة شملت 50 دولة استنتج المكتب ان 614,2 مليون عامل يشتغلون أكثر من 48 ساعة أسبوعيا (72 ساعة أحيانا) لقاء أجر زهيد لا يفي بالحاجيات الدنيا, إضافة إلى عدد غير معروف من العاملين بشكل جزئي أو موسمي في ظروف سيئة للغاية. المتضررون من طول مدة العمل اليومي يعملون بالمطاعم والفنادق والنقل والتخزين والإتصالات... في بريطانيا يعمل 22,7 من العمال أكثر من الوقت القانوني, وحوالي 20 بالمائة (معدل) في أستراليا وسويسرا وأمريكا. تقول الدراسة "ان للتخفيض في عدد ساعات العمل فوائد للصحة والحياة العائلية وللإنتاجية, كما يساعد على تحقيق المساواة بين المرأة والرجل ويخفض من عدد ونوعية حوادث الشغل"

(المصدر: قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  بتاريخ 15 جوان 2007)


تونس: حزب بن علي يرشحه لولاية رئاسية خامسة في 2009
 
تونس     الحياة     - 17/06/07
أنهت اللجنة المركزية لحزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم في تونس اجتماعات دورتها السابعة أمس بإعلان ترشيح الرئيس زين العابدين بن علي (70 عاما) لولاية رئاسية خامسة في الإنتخابات العامة المقررة السنة 2009.
وجاء في البيان الختامي للجنة التي بدأت اجتماعاتها الجمعة في العاصمة، برئاسة نائب رئيس «التجمع» حامد القروي، أنها «تتمسك ببن علي خيارا للحاضر والمستقبل ليكون مرشح التجمع للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 «. وكان التعديل الذي أدخل على الدستور في استفتاء أجري العام 2002 ألغى سقف الولايات الرئاسية الذي كان مُحددا بثلاث فقط.
وشددت اللجنة، لدى تطرقها الى الوضع في العراق على ضرورة «تضافر كل الجهود لايجاد حل للاوضاع المتردية هناك. وحضت على «نزع فتيل الفتنة في لبنان». وعبر بن علي في خطاب ألقاه في الجلسة الختامية عن «بالغ الاسف وعميق الانشغال ازاء ما آلت اليه الاوضاع في الاراضي الفلسطينية»، داعيا «الفرقاء الى وضع حد لهدر الدم الفلسطيني وانتهاج سبيل الحكمة والوفاق لتحقيق التهدئة الشاملة والتفرغ لقضيتهم المصيرية».

(المصدر: صحيفة " الحياة " (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جوان 2007)


البنك الإفريقي يساند التنمية في تونس
 

(تونس - إيلاف):

قال رئيس البنك الإفريقي للتنمية، دونالد كاباروكا، إن البنك يمول حالياً مشروعات نشيطة في تونس بقيمة 5,1 مليار دينار تونسي. وأضاف في مؤتمر صحافي عقد بتونس على هامش الملتقى بشأن تمويل المخطط الحادي عشر للتنمية، أن ''البنك يساند بقوة المخطط الحادي عشر للتنمية 2007-2011 لتونس ويدعم توجهاته الكبرى''.
وأفاد بأن مؤسسته تعد من أكبر شركاء تونس لمساهمتها منذ 1968 في جهود التنمية في البلاد من خلال منحها قروض وصلت قيمتها إلى 3,6 مليار دينار، أي ما يمثل 10 في المئة من مجموع قروض البنك الممنوحة في الفترة نفسها.
وهذه القروض، الممنوحة لتونس في مشروعات كبرى، تهم البنية الأساسية وقطاع الطاقة والأقطاب التكنولوجية، كما تسهم في تمويل مشروعات القطاع الخاص.
وأوضح رئيس البنك، أن تونس تعد من ضمن البلدان الإفريقية الخمسة التي تمتلك القدرة على الاستجابة لأهداف الألفية.
إلى ذلك، قال الوزير الأول التونسي، محمد الغنوشي، إن القدرة التنافسية، للاقتصاد التونسي، دُعمت وتحسنت درجة اندماجه في الاقتصاد العالمي لترتقي مساهمة الإنتاجية في النمو إلى 40,8 في المئة ومساهمة الصادرات إلى 22 في المئة. واحتلت تونس المرتبة 30 من جملة 125 دولة من حيث التنافسية الجملية وفق التقرير الأخير للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، فيما ارتفع مؤشر اللحاق بالدول المتقدمة من 28,2 سنة 2001 إلى 29,9 سنة .2006 ولاحظ الوزير التونسي، أن تونس تتطلع في الفترة المقبلة إلى تسريع وتيرة النمو لبلوغ نسبة 6,1 في المئة سنوياً، وزيادة الدخل الفردي بقرابة 5 في المئة سنوياً بالأسعار القارة. وتغطية نحو 94 في المئة من طلبات الشغل الإضافية، لاسيما من حاملي الشهادات العليا.
وأوضح الغنوشي أن تونس تطمح أيضاً إلى الرفع من مساهمة القطاع الخاص في مجمل الاستثمارات إلى نسبة 63,5 في المئة مع نهاية المخطط، مشيراً إلى أن العمل سيرتكز في هذا السياق على مزيد تحسين مناخ الأعمال وتبسيط الإجراءات وتعزيز الإحاطة بالمستثمرين ومزيد فتح مجالات الاستثمار أمام القطاع الخاص لاسيما في إطار نظام اللزمة.
وأضاف أنه سيتم في هذا الإطار، تطوير المنظومة التشريعية من خلال إرساء إطار قانوني لحفز المبادرة على أساس أن حرية الاستثمار هي القاعدة والترخيص هو الاستثناء.
وتتطلب المشروعات المدرجة في إطار المخطط الحادي عشر، استثمارات إجمالية بنحو 45,5 مليار دولار سيخصص أكثر من 40 في المئة منها للمحافظة على الموارد الطبيعية وحماية البيئة وتعزيز البنى الأساسية في مجالات النقل والمواصلات وتوفير التجهيزات الجماعية، لاسيما في قطاعات التعليم والتكوين والصحة.
(المصدر: موقع " إيلاف" بتاريخ 17جوان 2007)

دخول شهر جمادى الثانية

يعلم مفتي الجمهورية التونسية أنّ يوم أمس السبت 16 جوان 2007 هو أوّل يوم من شهر جمادى الثانية 1428هـ

سحب ترشّح

علمنا أنّ المحامي أحمد الباطيني، الذي استعاد مكانته ضمن قائمة محاميي التعقيب ورُدّ له اعتباره، حيث أصبح ترشّحه مستوفي الشّروط، قد قرّر سحب ترشّحه لترك المجال أمام زملائه للتّنافس على منصب عميد المحامين.

موسم الحج

ينتظر أن يتم خلال الفترة القريبة القادمة الإعلان عن آجال فتح باب الترشّح لآداء فريضة الحجّ لهذا الموسم علما أنّ تحديد الآجال يخضع لمواعيد مضبوطة وفقا لقرارات وزارة الشؤون الدينية. وفي انتظار صدور بلاغ الوزارة علمنا أنّ الاستعدادات انطلقت هذا العام مبكّرا لتنظيم موسم الحجّ.

لأول مرة.. في تونس

وقعت بعد ظهر الجمعة بكلية الاداب بمنوبة مناقشة رسالة دكتوراه دولة ضخمة في الحضارة العربية أعدها الاستاذ فتحي القاسمي باشراف الاستاذ كمال عمران.. هذه الأطروحة كما بين أعضاء لجنة المناقشة الخمسة تميزت بكونها الاولى من نوعها التي تناولت تاريخ الافكار والجدل الفكري والديني والسياسي الذي عرفته تونس في موفى القرن الـ19 والنصف الاول من القرن العشرين..

ورغم وفرة الدراسات التاريخية والجامعية التي تناولت جوانب مختلفة من الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس في القرنين الماضيين فقد كانت أطروحة الاستاذ فتحي القاسمي بمجلداتها الثلاثة محاولة تأليفية ـ الأولى من نوعها ـ لتاريخ علماء تونس وفقهائها ونخبها الاصلاحية بمختلف تياراتهم الدينية..

وقد حصلت الاطروحة على ملاحظة مشرف جدا..

تونس المغرب

انتظم أمس بمقر مؤسسة التميمي للدراسات بتونس لقاء مع الأستاذ نجيب زروال وارثي، سفير المغرب حاليا بتونس ووزير التعليم العالي بالمغرب، خلال ست سنوات، وهو الذي تبنى إصلاحا جامعيا متكاملا ..وقد قدم الاستاذ نجيب بالمناسبة محاضرة مطولة عن الهوية الثقافية والدينية ودور وسائل الاعلام في فرض هيمنة ثقافة واحدة على العالم أجمع وبروز مؤشرات أزمات ثقافية في كل العالم بدءا من العالم العربي حيث تتداخل الازمات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية..

(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 17 جوان 2007)


 

بسم الله الرّحمان الرّحيم

 

حــصـــاد الأسبــوع

 

1)             علمت:

 

اليقظة الأمنية بين الشعار و الواقع:

ذكرنا في حلقة سابقة خبر إيقاف شاب بعد ما يقارب سنة من الملاحقات و المداهمات الليلية و النهارية... و ظن الكثير أن هذا الملف قد اغلق او على الأقل قد أوشك على ذلك... لكن قد يكون الواقع في كثير من الأحيان أغرب من الخيال..كان يوم الاثنين الماضي، صباحا، موعد مثول الشاب عادل بن المبروك مصدق أمام وكالة الجمهورية، لكن سرت نار في هشيم الأرصفة تفيد أن عادل قد تمكن من الفرار من مركز إيقافه ليلا، لم يفر وحده، بل معه شاب آخر، هو محمد علي بن خليفة زواغة... كيف تم ذلك؟؟ كثرت التأويلات و الأقاويل، فمن مدع بأن عادل قد فارق الحياة تحت التعذيب الذي سلط عليه خصوصا و أن جميع المتساكنين على علم بالقصة من الأول.. و جاءت هذه الرواية مبررة التخلص من الموقوف، و ادعى آخرون ان الأسماء التي ذكرها عادل في التحقيق معه طالت عدة عناصر من الأمن على اختلاف مواقعها مما جعل عملية تهريبه واردة حسب هؤلاء... علما بأن التحقيق مع عادل يتعلق بقضايا متصلة بالمخدرات و استهلاكها و الاتجار فيها....

ظهر يوم الجمعة 15 جوان 2007  باح ببعض الأسرار... اتصلت عائلة بوالدي محمد علي طالبة منهما الحضورلأن ابنهما موجود لديها... انكشفت غمة العائلة التي سعت يومها و قبله إلى التعرف على مكان ابنها و قد بلغها ما يروج في البلدة من امكانية التخلص من ابنها و رفيقه... و يبدو ان العائلة أسرعت إلى ممثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بفرع مدنين الذي نصح بتوجيه برقية إلى وكالة الجمهورية لإعلامه بالتطورات.... ثم قدم رئيس مركز الأمن الوطني –دارة الأمن الزطني بجرجيس- لياخذ محمد علي إلى مركز الإيقاف من جديد...

الكلمات القليلة التي باح بها محمد علي تفيد بأنه في ليلة الإثنين الماضي قدم عونا أمن إلى زنزانتهما، فتحا الباب، أركباهما في سيارة، و انطلقت هذه الأخيرة... هل هذا كلام معقول؟؟؟ الأيام القادمة قد تبين الحقيقة من الخيال... محمد علي لا يذكر تفصيلات أخرى بل يجد صعوبة كبيرة في تذكر ما وقع...على كل يذكر أنهما قضيا الليلة الأولى في / lhأمن

فوق المكتبة العمومية بالموانسة على بعد عشرات من الأمتارمن مركز الأمن الوطني بالمكان، أما الليلة الثانية فقضياها بمعهد 2 مارس طريق مدنين( أيام اجتياز مناظرة البكالوريا؟؟؟) ثم افترقا... لينتقل محمد علي إلى العائلة التي اتصلت بعائلته، أما عادل فقد يكون اتجه نحو ليبيا الشقيقة؟؟؟

غموض كثيف يلف هذه المسألة و لا شك....... لكن الأيام القادمة كفيلة بظهور الحقيقة....

 

             2  ) تدبـّرت:

ما أجمل أن تبتسم حين يظن الآخرون أنك سوف تبكي"

 

3) سمعت:

 

كثير من الطيبين يرون في الجنوب و أهله مثل المروءة و المحافظة و الأصالة و غير ذلك من القيم الجميلة التي يرنو إليها الإنسان... قد يكون ذلك صوابا في وقت مضى و ولى، لكن الآن لم يبق من تلك القيم ما يميز الجنوب عن أي جهة من جهات البلاد، و لا أكون مبالغا أن ذهبت إلى ان زائر الجنوب لن يجد فروقا واضحة بين جرجيس و الحمامات أو المنستير... خاصة في الجانب القيمي     و الأخلاقي...و لعل موضوع " جرجيس بين لعنتي الهجرة و السياحة"( لم ينشر بعد) أمثلة جلية في هذا الإطار...

هذه الأيام- و ليست هي المرة الأولى- يتناقل سكان البلدة إيقاف الكثير من الشباب في قضية استهلاك و ترويج و اتجار في المخدرات، و هي قضية أخرى لا علاقة  لها بالقضية الواردة تحت عنوان " اليقظة الأمنية بين الواقع  و الخيال".. من بين الموقوفين فتيات، واحدة منهن على الأقل تلميذة بالسنة السابعة الثانوي ( رابعة نظام جديد).. الشيء الذي دفع أحد أئمة الجمعة إلى الحديث عن التفكك العائلي كظاهرة في البلدة... أما غيره فاكتفى بالقول:' اتسع الخرق على الراتق"....

 

4) رأيت:

 

جميل الدعوة إلى الاقتصاد في الطاقة و ترشيد استهلاكها و الأجمل من ذلك أن تكون هذه الدعوة عامة و موجهة إلى كل المؤسسات و القطاعات و الإدارات، لكن القبيح أن يتهى امرؤ غيره عن خلق و لا يستنكف هو من إتيان مثله... و أترك القارئ الكريم مع هذا المنشور:

........................

المرغوب اتخاذ التدبير اللازمة للحد من الاستهلاك المفرط للماء و الكهرباء في المعالم الدينية و ذلك بالعمل خصوصا على:

        - عدم ترك المآذن مضاءة بين صلاتي العشاء و الصبح ( ما عدا ما يظهر الشعيرة).

        -  برمجة استعمال الفوانيس المقتصدة للطاقةز

        - دعوة أئمة الخمس شاغلي المساكن الملحقة بالمعالم الدينية إلى الإسراع بتركيز عدادات الكهرباء و الماء الصالح للشراب يتولون مستقبلا خلاصه..     

        - ....

        -  منع استعمال الأدواش عند وجودها ببعض المعالم من قبل العموم و عدم استعمال أجهزة التسخين الكهربائي...

.................

انظر بقية المنشور

و لسائل أن يسأل هل كل من يشغل مساكن ملحقة بالمؤسسات و الإدارات مدعو إلى تركيز عدادات الماء و الكهرباء يتولون هم خلاصها...

هل بدأ السيد معتمد جرجيس الذي صدر عنه هذا المنشور بنفسه فقدم لغيره المثل أم كما يقول المثل الشعبي " حرام عليكم ، حلال علينا"

 

                                5): قرأت

1- جرحى فتح وامن الرئاسة الفلسطينية يعالجون في مستشفيات اسرائيلية

 

كشفت القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني عن أن المصابين من أمن الرئاسة الفلسطيني والأمن الوقائي ومسلحي حركة «فتح»، الذين أصيبوا بجراح جراء الاشتباكات الدائرة في غزة، يتلقون العلاج في مستشفى «برزيلاي» الصهيوني في مدينة عسقلان (شمالي فلسطين المحتلة سنة 1948) وقالت القناة في نشرتها الإخبارية إن مراسلها سليمان الشافعي، الذي أورد النبأ، أجرى مقابلات مع المصابين الذين بادروا إلى توجيه السباب والشتائم والألفاظ النابية والخادشة للحياء لعناصر «القوة التنفيذية» و«كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس يذكر أن قوات الاحتلال تغلق معبر بيت حانون أمام العمال الفلسطينيين وأمام الحالات الإنسانية من المواطنين المرضى الذين يتلقون علاجاً في مستشفيات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948. إلا أنها في الوقت ذاته سمحت قبل عدة أيام بعبور 450 عنصراً من عناصر تنفيذية حركة فتح، بعد أن تلقوا تدريبات خاصة في جمهورية مصر العربية..

 

 

2- ورد فى جريدة "المصرى اليوم" بتاريخ7/6 العنوان التالى

سؤال التاريخ لطلاب اولى ثانوى فى المنيا:ما المصطلح العلمى لمبادرة رئيس الجمهورية (صلى الله عليه وسلم)لتعديل المادة 76؟؟؟

هذا العنوان اما المقال يقول:

يحظى رئيس الجمهورية بالقاب شتى ويتمتع بتوصيفات تضفى على منصبه الرفيع آيات من الهيبة والتقدير والاحترام قد تبدأ تلك الالقاب من الاب والقائد والزعيم والمؤمن وقد تنتهى باى شىء او وصف تبعا للبلد المرؤوس ومدى تقدمه او تخلفه لكن ادارة المنيا التعليمية انفردت بتوسيع دائرة الالقاب الرئاسية فى 30 مايو الماضى ولقنت اللقب الجديد لتلاميذ الصف الاول الثانوى وهو:رئيس الجمهورية صلى الله عليه وسلم...

الصاق النبوة برئاسة الجمهورية ورد مرتين فى نص الؤال الثالث من الفقرة ب فى امتحان التاريخ بادارة المنيا التعليمية

ومن جانبه اعترف احمد بهاء شعبان وكيل وزارة التربية والتعليم فى المنيا بوجود خلل نتج عنه كتابة لوجو (صلى الله عليه وسلم) الموجود على جهاز الكمبيوتر قبل وبعد كلمتى رئيس الجمهورية، مشيرا الى انه لم يتم تدارك هذا الخطأ فى اعمال تصحيح اوراق الاسئلة كما هو متبع!!!!

حَـدْ يدّينى عقله!! دى جملتى أنا...

 

منقول عن د.اسماء عبد العاطى

 

6) نقلت:

مبارك ينصح بوتين بعدم التخلي عن السلطة

ياعم بوتين اعقــل     *****     ها تسيب السلطة ليه

ما انا ربع قرن قاعد      *****      حصل لي بس ايـه

دا الكرسي يا ابني جنة   *****     للي بيقعد عليه

تبقي البلد ف أيـدك     *****     مفتوحة ولا البوفيه

تغرف وتملا جيـبك     *****       وجيوب ولاد الايه

وتخدم اصدقــائك     *****       ف أميركا والاليزيه

وإييييييييييييييييييييييييييييييييييه

اطلب من بوش فترة     *****     وها يخسر يعني أيه

دا كريم وايده فرطة      *****     بس انت اضحك عليه

قل له ان الفودكا ملكه   *****     والكافيار والفيليه

قل له ان الغاز بتاعه    *****     ما تعزش شيء عليه

قل له أنا قاعد بحسك   *****      مصيرك بين أيديه

ابعت نظيف بتاعك      *****      فهمه ها يقول له ايه

وإييييييييييييييييييييييييييييييييييه

يقول له بوتين عاوز      *****       الى يطبطب عليه

لو شايفه فاتح بقه       *****       على حد م الجيران

اعمل نفسك مطنش      *****       خليه ياخد الامان

وبعدين اعمل منظر      *****       يعني تطلع بيان

دي أمور أنا مجربها     *****       وبأعملها من زمان

تبقي انت واحد منا      *****    وتنضم للخلان

وإييييييييييييييييييييييييييييييييييه

ياخسارة دا انت نونو     *****       لسا ف سن الشباب

ليه تترمل في عزك       *****       وتسيبها للكلاب

لو فيه عندك عيال       *****       يبقالها الف باب

دا السلطة البعد عنها    *****       بدون الموت عذاب

ها تبقى ايامك صعبة    *****     وتشوف النوم سراب

أنا ناوي اخدها دايركت  ***** من الكرسي للتراب

وإييييييييييييييييييييييييييييييييييه

بس انت اديني رنة      *****     وانا ابعت لك سرور

ترزي لكن معلم         *****      ايده تتلف ف حرير

                   دا حجة ف المغالطة   *****     ومكلمة في الزور

يعمل م الحق باطل     *****     ويسمي الظلمة نور

في سهرة واحدة منه   *****       هايظـبط الامـور

لو كان دستوركو عاصي     *****  يحلبه لو حتى ثور

وإييييييييييييييييييييييييييييييييييه

 

                                7) دعــــــــــاء

 

" اللهم حبب إلينا الإيمان و زينه في قلوبنا"

عبدالله الــزواري

الجمعة 15 جـوان 2007

abzouari@hotmail.com

 

المصدر: المنتدى الكتابي للحوار نت

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المصالحة إلى أين؟

لقد قررت النهضة - وهي في أوج محنتها -  في مؤتمر 1995 ان الهدف الاستراتيجي لعملها السياسي هو " تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحدا". و أنبنى هذا التوجه على اعتبار أن بلادنا تحتاج إلى إعادة التوازن السياسي بما يمنع انفراد أي طرف من الاستبداد بتقرير مصير البلاد وان تنبني العلاقة بين الجميع على أساس التداول السلمي على السلطة واعتماد منهج التوافق وتغليب المصلحة العامة وقد أعلنت الحركة في حينها أنها لم تعد مرحليا معنية بالوصول الى السلطة وانخراطها بالكامل في بناء معنى المشاركة والالتقاء مع مختلف الأطراف الوطنية الموافقة على هذا المنهج. ولقد انطلق هذا التوجه في ظرف لم يكن فيه أي مؤشر ايجابي عن إمكانية تحققه وإنما تأسس على قناعة إستراتيجية منذ ذلك الحين.

و لقد خطى مسار المصالحة والتنسيق بين النهضة وأقطاب المعارضة الوطنية الجادة شوطا معتبرا ولا يزال يتطور ضمن إطار هيئة 18 أكتوبر رغم الصعوبات الداخلية والمكائد الخارجية.

في حين أن هذا المسار مع السلطة – وتونس عموما وحركة النهضة خصوصا سيكونان أكبر المستفيدين منه - لم يتقدم بل لم ينطلق وذلك لأسباب أهمها ما تعلق بسياسة السلطة الموغلة في الانغلاق تجاه مختلف الأطراف السياسية والمدنية التي تميزت بنهج معارض أو مستقل عن سياساتها. والنهضة إلى حد الساعة ومن منظور السلطة وسياساتها المتبعة وما يصدقه الواقع المعاش تبدو طرفا مقصيا وغير معترف به بمقتضى ذلك رغم بذلها وتوسلها كل السبل السياسية والمدنية لإنهاء الاشتباك وطي صفحة الماضي ولقد صدقت ممارساتها كل سياساتها .  ودعك من الدعوات والتصريحات والمبادرات الناتئة هنا وهناك في المواقع الالكترونية .

إن الذين يرون إن المصالحة تعني القبول بالاحتواء والتخلي عن دور المعارضة يتناقضون مع المفاهيم الدنيا للعمل السياسي الجاد ويعرضون البلاد إلى مزيد من الانفراد والاستبداد. ذلك أن الدعوة إلى المصالحة الحقيقية التي لا تستثني أحدا لا تتعارض واستمرار النضال من اجل الحريات والحقوق والإصلاح السياسي. بل تنبني بالضرورة على استمرار التشكيلات السياسية والمدنية المختلفة في تحقيق التوازن الضروري لبناء الديمقراطية في بلادنا.

 المطلوب الآن أن تتقدم السلطة بكل جدية إلى طريق المصالحة والإصلاح وان لا تبني تحليلها على منطق المغالبة و إلغاء الخصوم. الذي يجب أن يدعوها إلى ذلك التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى الدوائر المختلفة الفاعلة في السلطة أن تعي أن غياب الديمقراطية وحرية التعبير يعطل طاقات عديدة من أبناء تونس عن إفادة وطنهم ويبث اليأس لدى الكفاءات الوطنية من مختلف القطاعات والفئات بما في ذلك غير المسيسة فلا استثمار و لا إبداع في ظل غياب الحرية ودولة القانون و المؤسسات.

-          إنه من غير الممكن أن يستمر الانغلاق دون أن يحدث هزات اجتماعية وأمنية لا يعلم مداها إلا الله. فالمفاعيل المضادة لهذه السياسة بدأت تظهر معالمها مع عجز السلطة عن حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة ومع ما يعتمل في رحم المجتمع من مظاهر التوتر والاحتقان والعنف  .

-          إن سياسة صم الآذان والهروب إلى الأمام يحرم البلاد من مواكبة التحولات الإقليمية في المنطقة وفي بلاد الجوار التي حزمت أمرها على أساس القبول بالتعدد وإدماج التيار الإسلامي في المعادلة. فهل تبقى تونس جزيرة منعزلة ؟ أم من الأفضل لها أن تستجيب سلطتها لمقتضيات العقل والحكمة؟

-          في انتظار ذلك على الجميع أن يكتل الجهود الصادقة والجادة للضغط والإقناع بضرورة تحول في صالح البلاد والعباد والكف عما يلقي بالجميع إلى المجهول.

نعود أو لا نعود؟

ليس هذا السؤال ولكن كيف نعود ولماذا نعود بعد هجرة قسرية استمرت لأكثر من عقد ونصف. فما الذي تغير حتى يدعو البعض إلى ذلك؟ وهل زالت دواعي الغربة عن ارض الوطن؟ الهجرة ضرورة لحفظ الحياة والدين والحرية وهي ضرب من ضروب النضال ولقد كانت سنة في مسار الأنبياء والمصلحين ومن سار على نهجهم, والمحدد في علاقة هؤلاء بالأرض التي اخرجوا منها أو أقاموا فيها أو عادوا إليها إنما هي القضية التي قاموا من اجلها ولها تحركوا. فموسى عليه السلام خرج من مصر وقضى في منفاه سنينا عددا ولكنه عاد إليها ثانية ليواجه فرعون ويحرر بني إسرائيل, ونبينا عليه الصلاة والسلام غادر مكة للنجاة بدعوته وتمكينها في يثرب وبعدما عاد منصورا إلى مكة لم يبق بها ولم تكن العودة إليها إلا بهدف خدمة القضية التي استمر مركزها في المدينة.

المسألة إذا لا تتعلق بالعودة بل بمدارها وهدفها والقضية التي من أجلها ضحى وسجن الآلاف و هاجر المئات إنها قضية الحرية قضية شعب وقضية بلد. أما أن تتحول العودة إلى قضية للمساومة على المبادئ والتحريض على إخوة الدرب  فهذا أمر آخر يجب الحد منه فلا يمكن أن يكون النضال بأسلوب مخالف لمبادئه وقيمه وأما إذا كان الأمر لا يتعدى حد حل مشكلة شخصية فلا يكلف الله  نفسا إلا وسعها ولكن ما ينبغي أن يخطأ أحدنا المرمى فيحقق غايته بسب إخوانه والاعتداء على أعراضهم بل بتواضع المؤمن واتقاءه لما حرم الله عليه. وليس من الاعتباط أن تفتتح كتب الحديث بالحديث المشهور عن النية والهجرة " إنما الأعمال بالنيات ".

صالح أو لا تصالح عد أو لا تعد؟

ولكن لا تخالف آداب الإسلام ولا تتجاوز في الكلام فإن الحق تبارك وتعالى يقول "قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ".إذ أن من بين أهم الأرصدة التي ناضل من أجلها الشهداء والمساجين والمهجرين القيم الأخلاقية, فما ينبغي أن ينسينا النضال السياسي أن جوهر عملية الإصلاح هو الإنسان فكرا وسلوكا وخلقا وليس من المفيد أن يضحي أحدنا بمبادئه في خصومة الآراء والمواقف فيها نسبية وإن كان هذا لا يمنع أن يستعمل كل طرف الحجة والبرهان لا السباب والشتائم.

في انتظار ذلك...

على القوى الوطنية الجادة والمخلصة مواصلة النضال والعمل من أجل فرض أولوية الدفاع عن الحريات وإحترام دستور البلاد وقوانينها وذلك في مقابل مواصلة السلطة  سياستها في الإعتداء الصارخ على الحقوق الجماعية والفردية ولا يبدو أن آخرها موسم مطاردة المحجبات خاصة من التلميذات والطالبات لإعاقتهن من إجراء الامتحانات وهذا الأسلوب لن يزيد الناس إلا نقمة على السلطة ولا يزيد هذه الشريحة الكبيرة من بنات تونس إلا تمسكا بحجابهن فمتى تفهم السلطة أنه لا إكراه في الدين مبدأ وقانونا إذ لا يمكن القضاء على الإيمان والاعتقاد بالقمع والتخويف. أو ما الذي يخيف السلطة في أن تغطي امرأة رأسها أو تكشفه؟ للأسف الشديد لا يبدو أن ساسة الحكم في بلادنا يريدون الاعتبار.

فاعتبروا يا أولي الألباب من الخصوم ومن الأحباب.

                                                                                                                                                                                  التحرير

 

(المصدر: موقع "نهضة إنفو"  بتاريخ   17  جوان 2007)


غمزات
 

لطفي حيدوري

على هامش تنظيم مسابقة في الحلاقة في جهة بن عروس تم تعليق لافتة على سور بلدية المروج حملت شعارا مخجلا أراد أصحابه مزيد التملق فتمّت إزالتها بعد 24 ساعة. كتب على اللوحة "الحلاقون والحلاقات وفاء دائم لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي ويناشدونه الترشح لانتخابات 2009".
وبدا على اللوحة عملية محو وإعادة رسم الرقم 9 وهذا يعود إمّا لجهل بالموعد الانتخابي المصفّق له أو لكون هذه اللافتة وقع استصحابها من الانتخابات السابقة ووقع الاكتفاء بتبديل الرقم 4 بـ9.
ولا تسأل عن تعاليق المواطنين الذين مرّوا ببلدية المروج وغمزاتهم المتوقّعة، حتى أتت على اللافتة أيدي "المنظّف البلدي".

(المصدر: مجلة "كلمة" (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 54 لشهر جوان 2007)
 

 
الباب الأوّل هو الباب الأخير
 

أمّ زياد

غلاظ... شداد... عتاة تراهم فيخيّل إليك أنّهم آتون من بلد آخر.. من جنس آخر... من عالم آخر. أولئك هم حرّاس المعتقل العملاق الذي تحوّلت إليه البلاد التونسية.
ممنوع المرور من "نهج أبو ظبي" المتفرع عن شارع الحرية... يا للسخرية!
ممنوع الدخول إلى المجلس الوطني للحريات عن أعضائه... والعاملين فيه... عن العائلات المنكوبة في أبنائها التي لم تعد تجد أمامها إلاّ أبوابا قليلة تتجه إليها بحثا عن شيء من التضامن شيء من الرحمة من هذه المجزرة بلا دماء التي تعيش تونس على وقعها.. منذ تولّي نظام العصابات هذا واستفحال أمره...
بن علي ملك الأقفال والمفاتيح لا يحبّ الأبواب التي يمكن أن يأتيه منها الريح، ولهذا أقفلها جميعا منذ تولّيه الحكم وصنع من مفاتيحها قلادته الجمهورية، جريدة الرأي.. مجلة المغرب العربي.. مجلة حقائق.. اتحاد الشغل.. الرابطة.. جمعية الصحفيين.. جمعية القضاة.. جمعية المحامين الشبان.. نوادي السينما.. إلخ.. وكلّها أبواب أقفلت وختم عليها بالشمع البنفسجي أو نصّب عليها حرّاس من البوليس الصحافي والقضائي والنقابي.
بُويب واحد بقي مواربا لا مفتوحا ولا مغلقا.. رغم أنّ المنطق كان يقتضي أن يكون إغلاقه أولويّة، ذاك هو باب مقر المجلس الوطني للحريات.. فأرة سدّ مأرب الأسطورية التي كانت أوّل من أفاق من "كوما" 7 نوفمبر 87 فجعلت تقرض أصول أعمدة الديكور حتى زعزعت أركانه وقلبته على رأس صانعه فإذا بالعالم يكتشف بمناسبة أوّل تقرير للمجلس أنّ وراء مسرحية "التغيير" وديكورات الاستقرار والتضامن والرحمة والرئيس الذي يأكل مع الفقراء سجنا سياسيّا رهيبا وتعذيبا حتى الموت وشعبا ينهش الخوف روحه..
بعض رواد المجلس ومؤسسيه الذين ابتعدوا عنه لأسباب مختلفة بعضها معقول وبعضها أخرق، يميلون إلى الحديث عن مجلسهم في الماضي أي عن تقريره الأوّل الذي مزق الصمت وكشف الجلادين. وبذلك فمجلسهم رمز ذو قيمة تاريخية يستوي أمامها فتح الباب وإغلاقه.
أمّا مجلسي أنا... ولست من المؤسّسين... فهو لا يزال حيّا يرزق... وينشط... ويحرج... ويحرّك الساحة التونسية حتى في أوقات الركود المطبق... وخاصة في أوقات الركود المطبق.
ليس المجلس عندي ذاكرة بل هو عندي واقع ملموس وتقارير تهزّ النظام وتربكه كلما ذكرت. ونشاط لا ينقطع لحشد التأييد لقضايا حقوق الإنسان في تونس. إنّ المجلس يعني أيضا مجلة كلمة التي تطلّ على قارئيها بانتظام وتتكلم في المسكوت عنه كما يعني مرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع الذي نشأ في نفس المكان واستطاع بفضل نشاطه ومصداقية أعضائه أن يأخذ مكانا محترما بين الجمعيات التي تدافع عن حرية التعبير في العالم.
على مدى 10 سنوات صمد المجلس أمام البوليس وواصل مسيرته بثبات وبتعثر أحيانا ولم تكن هذه المسيرة خالية من الإغلاق الذي كان يفرض على بابنا من حين إلى آخر بحسب المزاج البوليسي أو عقابا على فعلة ما من الأفاعيل الغريبة التي اعتاد المجلس ومشتقاته اقترافها في حق الاستبداد.
في هذه المرة يبدو الإغلاق طويل المدى بل هو نهائي في ظنّ بعضهم وفي تمنيات البعض الآخر... ذلك أنّ المجلس الوطني للحريات ليس مستهدفا من السلطة وحدها بل لعلّه يتعرض بقدر متساو من النيران العدوّة والصديقة على حد سواء.
قد تكون البشرية كلها مصابة بوباء إرادة قتل الأخ الموروث عن مأساة قابيل وهابيل. لكنّ الثابت أنّ هذا الوباء أكثر انتشارا في بعض المجموعات المتآخية المتناحرة مثل ما يعرف "بالحركة الديمقراطية".
وقد شاهدت بأمّ عيني وفي مناسبات كثيرة وبصورة مباشرة وبالألوان محاولات عديدة لقتل هذا المجلس بدافع التنافس غير الصحّي وبدوافع كثيرة أهمّها إرادة قتل الشاهد لا على جرائم النظام وحدها بل على صمت بعضهم على هذه الجرائم... ولوقت طويل.
وليس أدلّ على صدق ما أقول من الصمت شبه المطبق والتجاهل المعيب الذي قوبلت به عدة انتهاكات تعرض إليها المجلس... وقوبل به إغلاق المجلس في هذه المرة. والغريب والشاذّ هو أنّه من ضمن الصامتين على محنة المجلس أطراف طالما ساندها المجلسيون وأطراف أخرى تزعم أنّها تناضل من أجل حرية التنظم وأخرى تدّعي الخبرة في تحليل الشأن التونسي ثم تصاب بفقدان الذاكرة لمّا يتعلق الأمر ببعض مكوّناته.
إنّ من يقول المجلس الوطني للحريات يقول أسماء أشخاص مشهود لهم بالاستقلالية والجرأة وعدم القبول بأية مساومة في الثوابت المبدئية... ويقول مواقف قاطعة وصريحة من القمع ومرتكبيه والصامتين عليه... ويقول قدرة على التعايش رغم الاختلافات الفكرية (ولم أكتب الشخصية). ويقول أسلوب عملي يخرج عن اجترار المألوف وعن اللغة الخشبية والبيروقراطية ويقول قدرة على التحرك خارج الأطر المرسومة والحدود المحروسة... وكلّ هذا لا يمكن أن يحصر في مكان ويغلق دونه باب وكم في تونس من مجموعات من هذا القبيل تعمل وتؤثّر دون أن يكون لها مقرّ ولا باب يفتح ويغلق!
لقد كان المجلس الوطني للحريات افتراضيا دوما محروما من النشاط القانوني ومراقبا وملاحقا ومعاقبا ولم يمنعه ذلك من أن يكون ناشطا وفعّالا وناجعا. ومن ثم فإنّ غلق باب مقرّه الصغير لن يعني تحرير شهادة وفاته وهذا ما يجب أن يعلمه الجميع وخاصة أولئك الذين يعتقدون عن حسن نيّة وعن سوئها في الأغلب أنّ التخلص من المجلس وأشباهه من الأطراف الراديكالية يمكن أن يقود إلى مصالحة مع هذا النظام الذي يعجز حتى عن مصالحة أجنحته المتناحرة مع بعضها.
أمّا النظام فله أن يواصل غلق الأبواب جاهلا أن للأبواب فلسفة قُلّبا لها ظهور وبطون مثل الدهر تماما وإذا عرف الواحد منّا أوّلها فهو لن يعرف في الأغلب آخرها. وبن علي على سبيل المثال يعرف جيّدا من أيّ الأبواب سيخرج فتنفتح بخروجه جميع الأبواب التي أوصدها.
(المصدر: مجلة "كلمة" (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 54 لشهر جوان 2007)

نقابة الصحافيين: مشروع ولادة أو مشروع وأد جديد
 

سامي نصر

الانطباع الأوّل الذي سجّلناه بعد متابعتنا لأوّل جلسة عامة لنقابة الصحافيين هو أنّها بدخولها تحت فضاء الاتحاد العام التونسي للشغل وقبول قوانين اللعبة فيه أصبحت تتأرجح بين مشروع الولادة بكل ما تتضمّنه من مخاض وآلام وصبر ولهفة على رؤية هذا المولود الجديد وبين مشروع لفنائه ولوأده حتى قبل ولادته. وفعلا كل القضايا التي طرحها المشاركون في هذه الجلسة العامة –إضافة لما طرح خارجها- تسير في إحدى الاتجاهين.
وعلى الرغم من أنّ الجلسة العامة المذكورة لم تفرز أيّ نتائج عمليّة وإجرائيّة وخاصة المتعلّقة منها بالمكتب الجديد للنقابة والإجراءات الأوّليّة لعقد المؤتمر الانتخابي، وعلى الرغم من انقسام المشاركين إلى ثلاث جبهات متناقضة ومتكاملة في الآن نفسه... إلاّ أنّها كانت أهم فرصة أتيحت للصحافيين التونسيين لطرح بعض القضايا الأساسيّة التي يعاني منها قطاع الإعلام وخاصة النقاط الخلافيّة بين مؤيّدي تأسيس مؤسسة نقابيّة تعنى بمشاكل القطاع ومعارضيه. أمّا بالنسبة إلى هذه القضايا المطروحة فقد تمحورت في مجملها حول ست قضايا رئيسيّة وهي:

قضيّة حلّ النقابة "المستقلّة"
من بين العبارات الأكثر استعمالا واختلافا في الآن نفسه في هذه الجلسة العامة هي عبارة "نقابة مستقلّة"، ففي الوقت الذي قصد بها مؤسسو النقابة وقيادتها الاستقلاليّة عن السلطة وعن التوظيف الحزبي، فإنّ ممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل (السيدين علي رمضان وتوفيق التواتي) قصدوا بها الاستقلاليّة عن اتحاد الشغل. وهو ما أكّده السيد علي رمضان الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي منذ افتتاحه للجلسة العامة عندما طلب من قيادة النقابة إصدار وثيقة رسميّة يعلنون فيها حلّ النقابة المستقلّة عن الاتحاد، بل جعلها شرطا أساسيّا لعقد المؤتمر الانتخابي. وقد خلق هذا الطلب لدى الصحفيين العديد من التساؤلات: لماذا لم تطرح هذه القضية إلاّ قبل يومين فقط من عقد الجلسة العامة؟ ولماذا لم يكتف اتحاد الشغل بالبيان الذي أصدره قيادة النقابة "القديمة" لتعلن فيه عن حل النقابة القديمة والدخول في صلب الاتحاد، ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ هل يمكن أن يشير هذا الطلب إلى تنصّل الاتحاد من النقابة قبل عقد مؤتمرها؟ ما هي خلفيّة هذا القرار المفاجئ؟ ومن هو صاحب هذا القرار؟
كل هذه الأسئلة لم يجب عنها ممثلو الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه الجلسة العامة. وسنترك للأيّام القليلة القادمة أن تجيب عنها (وربّما جلسة يوم 16 جوان).

غياب الوضوح وهيمنة الغموض
لقد عمّق قرار الاتحاد وخاصة مطالبته بكتابة نص جديد يقرّ فيه أعضاء النقابة بحل النقابة المستقلة الغموض لدى المشاركين في هذه الجلسة العامة، وتجسّد ذلك تقريبا في كل مداخلات الصحفيين، بل دخلت كثير من المسائل التي كانت بالأمس القريب واضحة، إلى عالم الغموض والضبابيّة بعد هذا القرار، ولم ينج من هذا الغموض حتى العناصر المتبقية من المكتب التنفيذي للنقابة والذين تفاوضوا مع الاتحاد واشتركوا في تنظيم وتحديد موعد الجلسة العامة وموعد المؤتمر الانتخابي. وقد تضمّنت العديد من مداخلات المشاركين مطالب منطقيّة وتساؤلات تعبّر بطريقة أو بأخرى عن هذا الغموض. ومن تلك المطالب والتساؤلات نذكر:
لماذا لم يقع توزيع وثائق توضيحيّة؟
ما هي حدود الاتفاق الذي وقع بين الاتحاد العام التونسي للشغل وقيادة النقابة "المستقلّة"؟
ونكرّر نفس السؤال، هل المطالبة بوثيقة جديدة تقرّ بحل النقابة "القديمة" يوحي بأزمة ثقة بين الاتحاد والنقابة على صورتها الحاليّة؟

الدعوة لإلغاء موعد المؤتمر الانتخابي
عبّر العديد من المتدخّلين على ضرورة تأجيل موعد عقد المؤتمر الانتخابي المزمع عقده يوم 16 جوان 2007، معتبرين ذلك تسرّعا ومبرّرين اقتراحهم بغياب الشروط الضروريّة لعقد المؤتمر مثل الإعلام بموعده الذي لم يصل لعدد كبير من الصحفيين، والتحضيرات الأساسيّة لعقده لم تبدأ بعد كما أنّ اللجنة المكلّفة بإعداد المؤتمر لم تقدّم للمشاركين.
لجنة التثبّت في العضويّة/ المنخرطين
من بين القضايا الأساسيّة التي طرحت منذ بداية فتح التدخلات هي قضيّة المنخرطين أو بمعنى آخر الصحفيين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، ودعا بعضهم إلى ضرورة تشكيل لجنة تتولى مهمة النظر في قائمة المنخرطين في النقابة ويحق لهم الإدلاء بأصواتهم في المؤتمر الانتخابي.

العلاقة بين جمعية الصحفيين التونسيين ونقابة الصحافيين: تكامل أم تنافس؟
لم يكن مفاجئا طرح إشكالية العلاقة بين النقابة وجمعية الصحفيين عندما نلاحظ الحضور المكثّف للعديد من الفاعلين والممثلين لجمعيّة الصحفيين في هذه الجلسة العامة. ففي الوقت الذي عبّر فيه شق من المشاركين بأن العلاقة بين الجمعيّة والنقابة هي تكامليّة ولا تنفي الواحدة الأخرى كما هو الحال بالنسبة لمداخلة السيد لطفي حجي رئيس النقابة والصحبي صمارة "صحيفة مواطنون" وغسّان بن خليفة "صحيفة الموقف" عبّر شق آخر على التنافس والصراع بينهما، بل ذهب البعض منهم إلى أكثر من ذلك أي رفض فكرة التعدديّة كما هو الحال بالنسبة إلى السيد المولدي مبارك. وشكّل هذا الاختلاف أهم نقطة وقع تناولها في الجلسة العامة إلى درجة أن رئيس الجلسة السيد توفيق التواتي اضطر لقطع العديد من المداخلات ليؤكّد أن الاتحاد العام التونسي للشغل ليست له أي مشكلة مع الجمعيّة وأنّ هذه الجلسة لا علاقة لها بما يطرح اليوم.

رئيس النقابة في مواجهة منتقديه
وجد العديد من الصحفيين في هذه الجلسة العامة فرصة لطرح انتقاداتهم للمكتب الحالي لنقابة الصحفيين ولمسيرتها خلال الفترة الأخيرة وخاصة لرئيسها السيد لطفي حجي، ومن هذه الانتقادات نذكر: إضراب الجوع الذي خاضه السيد لطفي حجي وعلاقة بحركة 18 أكتوبر، ومسألة ضعف قنوات التشاور بين قيادة النقابة وبين بقيّة الصحفيين، ومسألة الانفراد بأخذ القرارات وعبّر آخرون عن تخوّفهم من مسألة تسييس النقابة. هذه القضايا الخلافيّة التي سبق وأن طرحت داخل النقابة في السنوات الأخيرة كانت محور مداخلة السيد لطفي حجي، فبعد أن طمأن الحضور بكون مشروع النقابة لا يهدف إلى منافسة جمعيّة الصحفيين أو إلغاء دورها، وأن العلاقة بينهما يجب أن تكون تكامليّة تخدم بالأساس مصلحة الصحفيين، معرّجا في ذلك على الظروف الصعبة التي يعاني منها قطاع الإعلام سوى أكان على مستوى الأجور أو ظروف العمل. ركّز لطفي حجي على الضمانات التي يمكن أن يقدّمها لكل من أبدى تخوّفه من مسألة تسييس النقابة، مؤكّدا أن اشتغال النقابة سوف تكون "في حدود السقف الذي وضعه الاتحاد العام التونسي للشغل، هذا السقف الذي يضمن عدم تسييسها في صورة وجود هذه الرغبة لدى أي طرف". وفي الاتجاه الآخر حاول حجّي طمأنة من يعتبرون دخول النقابة في صلب الاتحاد خروجا عن بعدها النضالي "هناك سقف آخر داخل الاتحاد يجعل النقابة تقوم بدورها مهما كانت نوعيّة الأشخاص الذين يديرونها".
(المصدر: مجلة "كلمة" (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 54 لشهر جوان 2007)

لماذا أغلق معهد " لويس باستور" الخاص؟

بقلم: عبدالوهاب عمري

جاء في العدد 408 من جريدة " الموقف " بتاريخ 1-06-2007 أن وزارة التربية طلبت من إدارة المعهد الثانوي الخاص " لويس باستور" التوقف عن نشر الإعلانات في الصحف لحث الأولياء على تسجيل أبناءهم للدراسة بالمعهد خلال السنة القادمة مما يعني عمليا غلق المؤسسة.

معهد " لويس باستور" الخاص تابع لمؤسسة بوعبدلي وهو يعمل منذ سنتين ضمن القانون التونسي وبترخيص من وزارة التربية و يعد التلاميذ لاجتياز البكالوريا الفرنسية ( معهد نموذجي خاص يؤمه خاصة أبناء العائلات الميسورة ).

وزارة التربية عندما أقدمت على قرارها هذا لم تبرره، فظن بعض الطيبين الذين لم يخفوا ارتياحهم لهذه الخطوة، أن الوزارة لا يمكن أن تقبل بما لا يتماشى و ديمقراطية التعليم و أنها تتصدى لخصخصته وسلعنته لا بل أن طيّبي الطيّبون رأوا فيه خطوة لبداية إصلاح جاد للتعليم و دفاعا عن إنتاجنا المحلي وتخليص لبلادنا من التبعية... لكن بعض الظن إثم و العياذ بالله.

فقد ذكرت الأسبوعية الفرنسية " لو بوان" بتاريخ 11-06-2007 أن "سيدة أعمال فطنة" و صديقتها تنويان بعث معهد خاص مماثل " المعهد الدولي بقرطاج" و أنهما تحصلتا من وزير التربية على قرار غلق معهد " لويس باستور" ليتسنى لهما الاستحواذ على حرفائه و أساتذته.

و لأن السيدتان من ذوات الشأن و الوجاهة، و لأن الوزارة لم تبرر كيف سمحت لهذا المعهد بالعمل لمدة سنتين و لماذا فجأة قررت سحب الترخيص منه فقد أسقط في يد الطيّبين و هالهم ما وصلت إليه مؤسسات هذا البلد المسكين فرج الله كربه. آميــــن

لمعرفة الأسماء اتبع هذا الوصل (*):

http://www.lepoint.fr/content/confidentiels/article?id=187435

(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 16 جوان 2007)


 

بسم الله الرحمان الرحيم

خنيس: لا بد من عمادة ثانية

بقلم عامر عياد

تتزايد يوميا تذمرات مواطني مدينة خنيس لتعسر قضاء شؤونهم الإدارية المتصلة والمرتبطة بعمدة المكان ..وهو العمدة الوحيد في المدينة..واعتبارا للأهمية الاستثنائية التي خولها له القانون لا يعمل العمدة إلا ساعتين يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الحادية عشرة..أما باقي الوقت فهو مخصص لدراسة مشاكل المواطنين عبر لعبة الورق..فهي الوسيلة الأنجع و الأجدى لقراءة ومعالجة هموم الناس ..ولا يمكن الانتقاص من أهمية هذه الوسيلة المستحدثة والمبتكرة في مدينتنا فهي علاوة على ما تتيحه من اتصال مباشر بالرعايا ، فهي تكرس مبدأ التكافل و التواضع في التعامل اليومي بين المواطن والمسئول..لذلك انتشرت وتوزعت دكاكين المسئولين المتعاملين مع الورق من غرب المدينةإلى شرقها..

وبالعودة إلى تاريخ المدينة فان أول عمادة تأسست بها كانت سنة 1928 حسب الروايات التاريخية المتواترة حينها كان عدد السكان لا يتعدى ال800 ساكن و لا يزيد عدد الدور عن أل 50 مسكن.. واليوم و قد ازدادت متطلبات الحياة وتعقدت مشاغل المواطنين و حاجاتهم الإدارية المتصلة بالعمدة و- هو المخول حسب القانون بتمثيل رئيس الجمهورية في جهته – إضافة إلى تضاعف عدد السكان منذ ذلك الحين أكثر من عشرين مرة ، فما زلنا نحافظ على"أصالة الخلافة العثمانية و تنظيمها الإداري"بالإبقاء على عمدة وحيد تكريسا للوحدانية و حفاظا على القيمة المعنوية للعمدة ولو على حساب قضاء شؤون الناس.

إن التطور العمراني الذي تشهده المدينة و تضاعف عدد السكان و تنوع حاجياتهم و تعقد مشاكلهم الإدارية إضافة إلى توسع صلاحيات العمدة المخول و المسئول على قراءة أفكار و اتجاهات مواطنيه وضمان ولاءهم ومحاربة المعارضين منهم، يحتم قطعا التفكير وبصورة عاجلة في إرساء عمادة ثانية في المدينة تيسيرا لهموم الناس  وتكريسا لمبدأ عملت الدولة على تركيزه و هو تقريب الإدارة من المواطن قصد "تاطيره" و الحفاظ على" اتجاهات تفكيره " والتي أصبحت خارج إطار سيطرة المسئولين.

و بمقارنة بسيطة مع بعض المدن المجاورة تتأكد هذه الحاجة ..فمدينة بنان مثلا التي تأسست بلديتها سنة1980 والتي لا يتجاوز عدد سكانها العشرة ألاف تحوي ثلاث عمادات تعمل جميعا وبصفة متناسقة على قضاء شؤون المواطن .أما مدينة خنيس فتأسست بلديتها منذ سنة1966 ويتعدى عدد سكانها ال12 ألف ساكن فلا يوجد بها إلا عمادة واحدة!!!

إن ضغط حاجيات المواطنين و تعدد مشاكلهم و طلباتهم المرتبطة بالسيد العمدة،خلق لدى هذا الأخير توترا وضغطا جعل عمله يتصف بالتوتر وعدم التركيز و الارتجال من ذلك انه  أرسل لتجنيد اثنين من الموتى!!

نعلم علم اليقين أن هذا الطلب سيواجه من طرف العمدة بكثير من الصلف نظرا لان الامتيازات التي كان متمتعا بها وحده ستجد من يشاركه فيها و سيقتسم معه بعض صلاحياته ولكننا مؤمنون بتفهمه و إيمانه بان الضغط عليه اكبر من أن يتحمله بشر.

كل ما في بلدتي

يَملأُ قلبي بالكَمَدْ .

 بَلدتي غُربةُ روحٍ  وجَسَدْ

 غربةٌ من غيِر حَدّْ

غربةٌ فيها الملايينُ

 وما فيها أحَدْ .

 غربةٌ موصولةٌ

 تبدأُ في المهْدِ

 ولا عودةَ منها . . للأبدْ !

 

عهد االلمبن
 
الامجد الباجي

اللمبن بروليتاريا  هي حثالة البشر.كل ما تساقط على الارض من البشر ودنا الى مسالخ الانسانية.
اللمبن بروليتاريا ليست طبقة اجتماعية ولا سياسية ولا حتى فصيلة انسانية.
انها وصفة  لحالة من الهلع الانساني  عندما تتكسر القيم  وتتهدم اسس اللغة البشرية التي هي ادات التواصل والبناء.

اللمبن بروليتاريا  تحكم العالم اليوم.رمزها . عنوانها الكبير هو هذه الهيمنة التي تفرضها الثقافة الامريكية على العالم.لا يوجد وصف مادي مباشر  ودقيق  لثقافة اللمبن  كما يمكن ان تبرهن عليه  هذه الهيمنة للثقافة الامريكية  والتي تم تلخيصها في الثمانينات  وتشخيصها على انها هيمنة  للجنس والعنف.في بلادنا  تهيمن عليها  ثقافة اللمبن بروليتاريا. وهذا منذ  عقود.  في السابق كانت تحت عنوان ثقافة الكرارطية  او الزوفرة.
وكلمة زوفري هي نحت من الكلمة الفرنسية  وكانت تتحدث عن اخلاق العمال .وكانوا عادة بلا اخلاق.ولكنها اليوم  هي ثقافة الذين لا عمل حقيقي لهم .من مروجي المخدرات والسراق والباندية والخلايق وكل انواع الفساد.وسازعج بعضهم عندما اقول ان جزءا كبيرا مما انتج في بلادنا  وعلى مدى قرن من الزمن خصوصا في السنما والمسرح هو في معظمه  اكداس من الرداءة  هو منتوج  لمبني انتجته  عقول لمبنية  وتسوقه لجماهير لمبنية.

عندما قام نظام بورقيبة  جلب معه مرجع ردئ للثقافة التونسية الحديثة.وضع هذا النظام نصب اعين النخب التي اراد اعدادها للمستقبل  مثال  جماعة تحت السور  واعتبر ان تلك الجماعة  هي مصدر الهام  ثقافة المستقبل  والنواة  الاولى  للثقافة الرسمية
للوطن.

لا احد يتجرا اليوم على الافصاح بان تلك الجماعة اللمبنية  لم تنتج الا رداءة الرداءة.طالما ان شبه اجماع فرضته السلطة على العالمين  وصار من الصعب التعدي على هذه الرموز التي اخذت  في طابعها الرسمي  هيبة   الرموز الوطنية.

عندما اقول  ثقافة اللمبن  فانا لست معني بما هو حال الذي ينتجها .بالقدر الذي يعنيني  نوعا من العلاقة التي  تتكون بين من يدعي انه مبدع  مع فنه.انت منتج ثقافي لمبني  ليس بانتماءك الى طبقة فقراء او مجموعة بشرية ليست معنية بتذوق الحياة  وانما انت  لمبني عندما تذهب الى الزبالة وتجمع  سلعة وسخة بائدة ميتة  قذرة  وتلمعها  بشئ من  السوائل و  تطليها  بما يخفي عيوبها مؤقتا  ثم تنتصب  بها في السوق. لهذا السبب كان التوانسة القدم يقولون عن الذوق الفاسد هو ذوق كرارطية لان  الكرارطية كانت لهم سمعة مشوهة  ومتهمون ببيع سلع مغشوشة.

الفن الكبير كما تعلمناه من  المعلمين الكبار هو مسؤولية.هذه المسؤلية  تجعلك في مواجهة ذاتك  قبل ان تذهب لمواجهة الاخرين.

ولكن فن اللمبن بروليتاريا هو فن الانحلال . ان تكون منحلا هو ان تكون  سفيها كاذبا   وان تقدم مادة  كاذبة مزورة مغشوشة تريد من خلالها استفزاز  شئ ما مباشر وعيني عند الاخرين. هذا التاثير يزول بعد زوال ردة الفعل الاولى وتنحل المادة الفنية لتتحول الى رماد.

ثقافة اللمبن هي ثقافة اللامسؤولية. ونظام بورقيبة وكل الانظمة التي تتبنى  ثقافة اللمبن   تعول عليها  لتبرير انحلالها وعدم مسؤوليتها  الحقيقية تجاه الناس.ان ترويج ثقافة اللمبن  يكون اجيالا من اللا اخلاقيين حتى تنزع من وجه الحاكم الخوف من المحاسبة الاخلاقية.

فشعب بدون واعز اخلاقي هو شعب لا يحق له  محاسبة حاكم لا اخلاقي .اكثر ما اخرجته بلادنا من اسماء لامعة في الادب والمسرح والسنما هم اناس ذهبوا الى زبالة اوروبا واخذوا ما تساقط من بقايا النفايات واعادوا دهنها  على عادة من  يصبغ بهيما عجوزا   وباعوها للشعب على انها سلع مستحدثة.


لهذا فاني احشر في مزبلة  ثقافة اللمبن كل تلك الاسماء الكبيرة التي لمعت في  اجهزة البروباغندا الرسمية.كلهم بدون استثناء احد.هذه القسوة  لم تاتني الا بعد ان قضيت سنوات  اقسو فيها على نفسي.
كلهم عل بكرة ابيهم  كتاب ومسرحيين وسنمائيين وفنانين تشكيليين  وشعراء  كلهم  فنهم ميت  مولود  من جيفة اللحظة . لا عمق فيه  ولا  شهادة  صادقة .مركب بعلب الموضة او المتداول .ولقد كرهتهم الناس بعد ان تحقق الشعب من  فضيحة التزوير  وفهم في العظم ما معنى ان ينساق خلف الذي لا اخلاق فيه تحميه  وتحمي من حوله .فالقتل ليس بالضرورة  جريمة دموية حمراء.ان اشد القتل هو ان  يتفسخ احترامك لذاتك.
فعندما تكون لا اخلاقيا فان  ما ترتكبه يوميا من بشاعة تجاه الاخرين  لا يقودك الا   الى وئد ذاتك  وردمها  ومهما استعملت المساحيق فان المراة  لا  تعكس  لك يوميا الا صورة تلك البشاعة التي  لن تغادرك   الا عندما تتوارى خلف التراب.

عندما تكون لا اخلاقيا  فكيف لك ان تقاوم حاكما  تفوق عليك في اللا اخلاق.انت كائن بدون حجة والكائنات التي لا حجة لها على وجودها هي كائنات  يمكن ان تحرق او تداس او يذهب ريحها ولن يحرك ذلك من الكون  حشرجة.

استمعوا الى تلفزات العرب. افتحوا شاشاتكم على كل تلك الاموات التي تتساقط على الارض العربية. هل من  اناء قادر على احتواء هذه الدماء التي تنهمر من  اجسادنا  . ورغم ذلك  لم تنفجر  حفلات العهر والرقص  واللحم  القذر  الملقى على قارعة الهوائيات  مثلما هو الحال في هذه السنوات . فيمن يشمت ابناء العاهرة. من يدفع لهم    كل هذا البريق واللمعان  والسواد غم قلوبنا  وذعرنا على اطفالنا لم نعرفه  على مدى قرون.

كل هذه المومسات التي جمعوها في احتفالاتهم المتواصلة   وكل ذلك الطلاء والمساحيق  هل لا علم لهم انها مصنوعة من اكياس الموتي الذين  انتصبوا   في الطريق  كالكفر .عرب يعودون الى الحيطان. شماتتهم في انفسهم  اكبر عنوان لهزيمتهم ان كانوا استحقوا ذات يوم ان نسميهم عربا.
المصريون اخترعوا كلمة لتبرير فن اللمبن بروليتاريا   كانو يقولون  الفنان لا بد ان يعيش  وما دام  الجمهور هو الذي يعطي خبز الفنان فان الفنان  لا بد ان ينصاع الى  الجمهور اللي عاوز كده.
هذا التبرير العظيم... قتل الفن في مصر ودمره من الاسس.كانت ايادي السوء تحفر من داخل المؤسسة المسرحية والسنمائية والفنية عموما   وهذا باسم   الجمهور عاوز كده.كانت السموم تمرر داخل عباءة الاستعطاف. الاعمال التي تسوق هي تلك التي يشتبه في انها تعبر عن انتظارات  الناس.ولكنها في الحقيقة  كانت  تستجيب الى المظهر الخارجي لتلك الترقبات.
نسبة كبيرة من الاعمال المسرحية والسنمائية التي انتجت في مصر منذ اربعة عقود  مختومة بطابع  الاستخبارات واجهزة الاتصال الرسمي.كانوا يجلسون  خلف الركح ويؤلفون .ويحرضون  الابواق على الصياح حتى تبدو الوصفة حارة ولذيذة.ولكن الناس بعد ان تبتلع العقرب  ترى ما يفعله السم.


ان الادعاء بان الفن هو لمجة  غير الزامية للحياة  وانه  وسيلة للترفيه   هو دعوة الى التضييق على الفنانين واحالتهم على كل انواع صناديق الوظيفية.جزء كبير من فنانين اليسار  الماركسيين منهم خصوصا قبلوا هذه الوظيفة بطرق اخرى عندما قبلوا الاشتغال  تحت امرة البروليتاريا  .ومنذ ان هيمنت هذه الفكرة على العالم وساقها الامريكان بصورة مفزعة  لم تعرف الارض ضيقا مثلما تعرفه الان.

الفن كوسيلة ترفيه هو انهاء للوظيفة الحقيقية للفن.وتضييق على مراميه الطبيعية  يؤدي حتما الى التضييق على  الحياة اجمالا.واذا تفنن الامريكان في هذه المرحلة في تصوير  البوليس  كشخصية رئيسية  للدراما عموما فان البوليس هو المتسبب الاول في التضييق على الفن وخنقه  ومحاولة قتله.البوليس وحده في رحلته  للبحث عن المجرم  حول الارض الى ساحة اعتقال واجبر الكائن الحي على ايقاف نبضه في انتظار التحقيق ورفع ملابسات الجريمة.

لا يوجد اليوم عدو مباشر وقاتل للفن مثل البوليس.البوليس هو كاهن العصر .حافظ كتاب الاموات والذي وحده دون سواه يحمل الخاتم الذي بمقتضاه يتم الاتفاق على تشخيص الواقع  واعلان الحقيقة.والمرور الى الحياة الاخرى.

ان اقصاء الفن من مهامه هو  عملية مدبرة  لابعاده من   وظيفته القديمة التي هي توسيع مجال الحياة الداخلية.وبعد ان تمت المصادقة على تحويل كلمة  داخلية الى وزارة بات واضحا ان الفن  سيدفع الى الحواشي   وبذلك لن يعد معنيا بما صار من مهام البوليس.

البوليس لا يرى  الحياة الا في شكل سجن . كلوارات  وزانزين .زنزانة تتبعها زنزانة ورائها زنزانة. هذه هي حياة البوليس وتصوره للجغرافيا.هذه هي الداخلية عند بوليس.
وطالما  يكون الفن  هو الذي يسيطر على الحضارة فان البوليس ينعم  بالفن كتوسعة مؤقته لعالمه الضيق.اما اذا ما افتك البوليس كل مجالات الحياة والحضارة فانه يتحول   الى مسجون مع المساجين .ويضيق الحال على الناس جميعا.

لذلك نحن اليوم في تونس لا نستمع الا   الى فن  اللمبن بروليتاريا. الى فن السجون . المزود وما شابهه.في امريكيا غمها فن السجون وجنازة الراب   الذي يسوقه مجموع الخلايق والباندية والهمال  ومروجي المخدرات دليل على ان امريكيا تحولت منذ زمان الى سجن كبير.

البوليس يدعي انه  حارس للنظام.ولكن النظام يستدعي تواجد اطراف. في هوليود الفنانين ليسوا طرفا في شئ.نقابة الفنانين في مصر  ليست طرفا في شئ. هم يمتلكون حقوق السجناء. بامكانهم الخروج مرة في الشهر الى الاريا   للتشمس والتعبير بعض الشئ عن احاسيسهم. ولكن اغلبية الوقت. هم يعيشون في زنازينهم.

رغم كل ما يقال عن هوليود وكل الثراء الموجود في هوليود. فهي ليست  اكثر من سجن ثري  وثري للغاية. فمنذ متى كان الفن في حاجة الى مساحة محددة من الارض حتى يسمى فنا.لقد دمرت كل المحاولات لاخراج السنما من هوليود  على ان تبقى وحدها على الارض الامريكية  كمصنع للحلام كما يحلوا تعبيره  لمكتب الاتصال مع المواطن الذي تديره وكالات الاستخبارات في امريكيا.

البوليس يخاف من المساحات المفتوحة والشاسعة لانه يصعب عليه  القبض على المجرم. كان يتمنى لوان الارض كلها كلوار وزنازين.حتى يتسنى له مراقبة كل حثلة على الارض.وان يتابع  من تنهد او بصق او صاح او اوقع بفتاة في العاشرة من عمرها.

غوانتانامو هي الوجه الاخر لهوليود.  هي الفضاء الذي يحلم به  البوليس . كل شئ مغلق مسيج منظم. داخل جزيرة معزولة بعيدة عن الضوضاء.المساجين مقيدين ولباسهم يلمع في الظلام على وقع اية  مصدر للضوء حتى ان كان باهتا.لونه برتقالي  يبعث شاهية  لعصرها بين الاكف.لا حاجة لموسيقى او صخب . الكل ينتظر ماهية اخر الشهر. ولن يهرب احد فمن حول هذه الجزيرة يترامى فيها البحر كانه حيطان سميكة  لا متناهية العرض.

البوليس   يكره الفن الكبير.
الفن الكبير  يفتح الناس  بعضها على  بعض.وعندما يهيمن البوليس على الارض فانه   يلزم الناس بالبقاء في زنازينهم .فالبوليس لا يحب التجمهر  ولا الجماهير المفتوحة.
خلال القرن التاسع عشر وفي مرحلته الاولى كان الفنانين يعيشون من ايرادات اعمالهم.وعرف ذلك القرن العطيم اعظم عظماء الفنانين.ستندال فولتير هيجو بوشكين دستوفسكي تلستوى  ديكنس بوشنير الخ  وارتفعت مبيعات الفنانين التشكيليين الى ارقام لم يكن يحلم بها جيل  ليوناردو دي فانشي.
لم يكن هؤلاء الفنانين يعيشون من هبات الملوك.كانوا يصنعون اعمالهم للجمهور وكان الجمهور يكافئهم بسخاء.كل هؤلاء ومن نسيت ذكرهم  كانوا يصنعون فنا  مسؤولا وصعب المراس.ولكن الناس كانت تشتري اعمالهم.
السوق لم تكن ولن تكون ذريعة للرداءة.ان الوضعية الوحيدة التي تسيطر فيها الرداءة هودليل على ان الرداءة محمية باناس احتكروا السوق.اناس لهم مصلحة في ترويج الابتذال كقاعدة لانتاج واستهلاك  الاعمال الشبه فنية  غايتهم في ذلك تهديم الذوق العام وافساد روح النقد والجدل  وتدمير  حاجة الانسان لبلوغ الحقيقة ومعرفة السبل للوصول الى الحقيقة.ولان البوليس  يعتبر انه وحده مخول بالبحث عن الحقيقة كما في مزابل الافلام الامريكية  فانه يمنع الناس من مجادلة بعضهم  ويغلق ابواب الحوار طالما انه  هو الوحيد الذي سيكشف للناس ماهية الحقيقة.
السوق تفترض  قاعدة العرض والطلب.وكل من انتصب بسلعته في السوق عليه ان يواجه  منافسة من غيره.عليه ان يواجه جحيم النقد الذي يحاول التشكيك في قيمة ما يدفع به الى الناس. وعندما تكون السوق صحية  فان الاقوياء وحدهم هم الباقون.
المافيا  وحدها تجبر الناس على شراء  المزابل  عوض السلع الصحيحة. المافيا  تتجمع لتدمير مشاريع الفن الكبير.لانها لن تنعم بالسعادة  مع ما هو اكبر منها. المافيا  التي تعمل على فرض قانون الاحتكار تضرب في الظلام  بخناجرها كل من استعصى عليها.وتفرض على الناس ان ياكلوا بقايا الحيوانات.
المافيا هي الوجه الاخر للبوليس.انها بوليس سري.يقوم دائما على قاعدة الفراغ الذي يحدثه البوليس في الحياة.انها جماهير المرابيط بعد ان انتزع  السجن منهم انسانياتهم.هي اللمبن بروليتاريا بعد ان تحصل على السراح الشرطي   وتمسخ في شكل رجال اعمال.
المافيا هي حالة الياس من امكانية التجمع فيتم التجمع في الظلام.ولكن على اساس الطعن في الظهر لكل من يقف في الطريق.
المافيا قامت في ايطاليا على هامش الفراغ الذي احدثته  الفاشية في المجتمع الايطالي.وقامت في روسيا بعد ان افرغ الحزب الشارع من المارة.وقامت في امريكيا طالما ان المؤسسة البوليسية هناك هي النسخة الرسمية للانحراف   والقتل باسم القانون.

كثيرون ممن انهوا اطروحاتهم  حول مساحة الامن في المدن الجديدة. واخذوا وظائفهم الجديدة  معولين على فرض نظرياتهم الجديدة في الامن.وسيعبرون الحياة معتقدين ان الامان هو عندما يضغط البشر على مساحة الحياة ويسيجها بحائط سميك.
هؤلاء عندما يقترب منهم القبر سيرون  كم هي ضيقة مساحة الموت.وانهم ذاهبون الى مكان لا تتحكم فيه وزارة الداخلية ولكن  لا يوجد على الارض مهدنس  امني كان قادرا على تصوير مساحة في ذلك الضيق.ومما لا شك فيه ان تلك المساحة الامنية  لا يضاهيها امن وراحة وسكينة . انها سكينة الموت.

اسرائيل بنت حائطا امنيا يقولون انه  لحمايتها من الفلسطنيين .ولكن في الحقيقة شارون  بنى لاسرائيل قبرا عظيماستتعفن فيه اسرائيل حتى لن تبقى فيها روائح في تلك الصحراء الجافة المحيطة بها.
ليذهبوا وزنازينهم  وفنهم المزور  الى الجحيم.

الامجد الباجي 


في اللائكية ..والهوية
أو صدمات الوعي ..وصرخة النائم!
 
بحري العرفاوي /خاص بالحوار نت

من خاصيات المجتمعات الحية تدافع مكوناتها الفكرية والثقافية والسياسية وتجدد ملامحها باستمرار تساوقا مع حركة الواقع والوقائع الداخلية والخارجية. وان مراجعة المثقفين والسياسيين لمواقفهم – بناء على قراءة موضوعية للواقع- هي علامة صحية في الغالب لا تنال من تاريخ وتجارب أصحابها.
فبعد سقوط المنظومة الاشتراكية التي ظلت تمثل عامل توازن في العالم وجدت الرأسمالية نفسها على عتبات كل أوطان العالم العربي والإسلامي تتخير ما تشتهي فعله بشعوبه وحكامه وتكشف عن دعم لا محدود للكيان الصهيوني الغاصب وتملي ما يجب فعله على الأنظمة في الثقافة والتعليم وحتى في أدق تفاصيل الحياة...الرأسمالية المنتصرة تنظر لكل العالم على كونه سوقا واحدة وللشعوب كلها على كونها كائنات مستهلكة تحتاج ثقافة استهلاكية واحدة تستدعي كسر كل الأوعية الثقافية المختلفة وإسقاط كل الأنظمة الممانعة واحتلال كل الشعوب العصية عن الإخضاع والترويض.
ورغم أن مشروع الغزو وجد الكثير من المثقفين الذين اشتغلوا ككاسحات ثقافية تعبّد الطريق للاحتلال العسكري والسياسي والثقافي إلا انه احدث صدمة حادة في الوعي العربي والإسلامي اكثر حدة من الصدمة التي أحدثتها حملة نابليون بونابرت على مصر (1798 – 1801 ).

العودة إلى الذات

إن الشعوب حين تضيق عليها مساحات الحرية وفرص الحياة تلجأ إلى حصنها الأخير، حصن العقيدة والانتماء الحضاري والثقافي لتستقوي بمخزونها الروحي والقيمي في مواجهة ما يتهددها من مخاطر حقيقية تدهم أوطانها وكرامتها وشرفها...لقد دفعت الطاحونة الباطشة الأمة إلى الانتفاض بأساليب متعددة: احتجاجات في الشوارع، الانخراط في العمل المسلح، إبداع ثقافة المقاومة، الانغماس في الروحانيات والانتظام في أداء الشعائر والتمسك بالعلاقات الدينية و التعلق برموز المقاومة والممانعة ممن استشهدوا وممن ينتظر ...ولم تفلح كل الإجراءات الأمنية المتشعبة والمنسقة دوليا في إطفاء وهج التمرد والممانعة.
إن المتأمل اليوم في الشارع العربي والإسلامي يلحظ العودة المتنامية والسريعة و المكثفة إلى الحقل الديني خطابا وممارسة رغم كل التضييفات التي تمارسها عدة أنظمة على المساجد والمتدينين ( الحجب و أللحي) وعلى المدارس والبرامج الدينية ..هذا هو المخزون الاحتياطي للأمة كلما ضُيِّق عليها ازداد دفقه وكلما حُوصرت ازدادت احتماء به.
هذه العودة العارمة – تلقائيا- إلى أعماق الروح وإلى المخزون التاريخي والديني تستدعي من السياسيين والمثقفين قراءة هادئة وموضوعية بعيدا عن الشعارات الإيديولوجية المتآكلة.
لقد فهم العرب والمسلمون الرسالة جيدا من خلال "زلة لسان بوش" عشية الحادي عشر من سبتمبر 2001 حين أعلن عن حملة صليبية.
فكان غزو أفغانستان ثم العراق وكان الانحياز المذل في مفاوضات "التسوية " بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني. لقد كشفت الرأسمالية المنتصرة على رغبة جامحة في إذلال العرب والمسلمين واستعملت ضدهم كل وسائل التشفي والإمتهان والإحتقار والتصفية في الأبدان والثروات والأعراض والمقدسات واستفزاز المشاعر الدينية والوطنية عبر الرسوم والتصريحات والنصوص والأفلام...
ولمزيد تدمير الأعصاب وتوتير الأمزجة والسخرية من العقول يبتسم الوحش أمام جثث الضحايا ويقول انه يبشّر بالديمقراطية " الرائعة" والتمدن والتحضر ويقيم سجونا "عصرية" لكل من لا يصدق أن الباطش يتلقى وحيا من سماء تمزقها الطائرات والصواريخ والقنابل الفراغية.

عودة الوعي
هذه الجملة الاستعمارية الشرسة أحدثت ارتجاجا شاملا في العقل والروح فانتصب أكثر من سؤال حول صدقيّة الغرب ونواياه الحقيقية وتبشيره بالديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام..
لقد أدرك الجميع أن لا احد في مأمن من الطاحونة الباطشة وان لا براءة لأحد ما لم يتجرّد من كرامته ووطنيته حتى وإن كان عقلانيا أو حداثيا يرفض الاستعمار ومشاريع الهيمنة.
وها أصبح سؤال الهوية سؤالا مركزيا في الفكر القومي والإسلامي واليساري ليتّفق الجميع على أن الخطر اكبر من الاختلاف الإيديولوجي. لذلك كان الدعم المادي والمعنوي للمقاومة من كل الأطراف وبدأ التقارب والتوافق يتزايد بين مختلف المدارس الفكرية والإيديولوجية في مواجهة الاستبداد الداخلي ومشاريع الهيمنة الخارجية فالطاحونة الباطشة لا تفرق بين أشكال وألوان "الحبات" ما دامت عصية على الطحن.
لقد صدرت نصوص وتصريحات حتى من كبار منظري اليسار تؤكّد على ضرورة الربط بين الفكر التحديثي والهوية " فالحداثة التي نقف اليوم على فشل ما تناهى منها إلى مجتمعاتنا لم تفشل فيما نرى إلا لكونها لم تنبت في التربة الوطنية ولم تنشأ عن ضرورة داخلية بل كان إسقاطها عن طريق الحقْن الخارجي ( العنف الاستعماري والإلحاق) فمست القشرة والجلد وما مست العقل والروح وظلت حداثة أزياء وأثواب وأشكال مبطنة بخلطة من هويتين متنابذتين: هوية قوية غالبة منتجة وهوية ضعيفة مستضعفة مستهلكة وجدت في الدين والقناع التديني حصنها الأخير. ويبدو لنا بقاؤها وتعافيها مرتهنا بإقبال أهلها على التفكير الجدي في شروط نهضتهم التى لا تبدأ من التخلي عن هويتهم بل في إعادة النظر في مفهومها ومحتوياتها بما هي معطى حيّ يتشكل عبر التاريخ...، هكذا يقول الجامعي الطاهر الهمامي ولا يملك من يعرفه إلاّ أن يكبر فيه جرأة المثقف الواقعي( ادعوا إلى مطالعة نصه العميق بجريدة الشعب عدد 920 ص 10 ).

"اللائكية" ...أو صرخة النائم

في غمرة هذه التحولات السياسية والثقافية والدينية وهذه العودة العامة والعارمة إلى حصن الهوية تهمس أصوات خافتة في الزحام تعلن تجندها للدفاع عن اللائكية.
و يدفع النص التأسيسي للجمعية إلى أكثر من تساؤل:
1 – إذا كانت اللائكية حقيقة في مجتمعنا فكيف تحتاج إلى من يدافع عنها وقد "أصبحت العلمانية أمرا مسلما به في اغلب مناطق العالم" عن النص التأسيسي.
2 – الدفاع لا يكون إلا ضد عدو أو خطر محدق، فضد من ستدافع "الجمعية" في مجتمع يدافع عن نفسه ضد مخاطر تتهدد ثرواته وهويته وسيادته.
3 – هل ثمّة اليوم من يتحدث عن دولة دينية "ولم يعد رفض الدولة الدينية موضوعا للنقاش في جل المجتمعات الحديثة" النص. بل إن الناس يطالبون بحد ادني من حرية التدين وحرية التعبير والتفكير.
4 – هل أن الخطر الحقيقي المحدق بمجتمعاتنا هو الإستبداد ومشاريع الهيمنة الخارجية أم دعاة دولة دينية مفترضون؟
" وحين يستوعب المرء طبيعة المرحلة والمعركة والتناقضات ويستخلص الدروس ويستوي عنده ميزان التفكير فانه لن يجرؤ على الاستخفاف " بمثقفي الهوية" أو على الأقل لن يضعهم في كيس واحدة ولن يتحدث عن الحداثة والعلمانية والحرية حديثا مجرّدا كما لو أن هذه مفاهيم نازلة من السماء ولم يكن لها تاريخ وصلة بالواقع وحراكه وتناقضاته" (الجامعي الطاهر الهمامي – نفس المصدر )
5 – أيّ عقلانية وأيّ واقعية وأيّ علمانية لا ينظر دعاتها إلى الطبيعة الثقافية والتاريخيّة والدينيّة لمجتمعاتهم أو إلى طبيعة مطالبها الملحة المتعلقة بكرامتها الإنسانية وبمعاشها؟

مثقّفو الهزيمة

إن البعض من النخب العربية يستكثرون على أنفسهم – بسبب تاريخهم – ان يكونوا في صف شعوبهم ضد مشاريع الهيمنة الداخلية الخارجية ولا يمتلكون الشجاعة الفكرية لمراجعة أنفسهم والنظر في التحولات الكبرى بموضوعية فيتمادون في عنادهم ضد حركة التاريخ ويصرون على الوهم مستنفرين بقية جهدهم في التشويش على مثقفيّ الإرادة والحياة والمقاومة وفي محاولة صرف أنظار الناس عن قضاياهم الحقيقية نحو تهويمات وتخمينات وخصوم مفترضين.

إن الظمآن لا يتأمل شكل الإناء بقدر ما يعنيه صفاء وعذوبة الماء..فالتخفي وراء شعارات لافتة لم يعد مجديا في طقس عاصف وقبالة طاحونة لا تفرق بين أشكال وألوان البذور ما دامت عصية على الطحن. إن الذين اختاروا لأنفسهم دور الكاسحات الثقافية يمهدون المسالك لمشاريع الهيمنة والاستبداد عليهم ان يتأملوا قليلا إن كان شركاؤهم في التاريخ والجغرافيا اقرب إليهم من قطاع الطرق.
إن الشعوب الحيّة تحتضن من عاد إليها بعد إساءة، ولكنها لن تغفر لمن سقط ويده بيد الجلادين وقطاع الطرق "فلقد بات من ثوابت الأدب السياسي ونظرية التحرير أن الوطن حين يتعرض للخطر الخارجي يفرض على كافة الفرقاء داخله أن يخضعوا تناقضاتهم للتناقض الرئيسي مع الخطر الداهم " ( الطاهر الهمامي).


بحري العرفاوي – تونس
(المصدر: موقع "الحوار.نت" (ألمانيا) بتاريخ 17جوان 2007)




المكاسب و سلفية اللائكيين

عبد الجبار الرقيقي

حين أصدرت هيأة 18 أكتوبر وثيقة 8 مارس حول المرأة نشر بعض المثقفين والمهتمين بالشأن السياسي ردودا مختلفة إلا أنها ذات قواسم مشتركة فهي جميعها تصدر عن منهج في التفكير واحد فأصحاب هذه الردود يعتبرون المكاسب التي تم إقرارها منذ أكثر من 50 سنة أمرا ثابتا يقترب من درجة القداسة وكل محاولة للمراجعة أو إعادة النقاش حول الموضوع يجابهونها بالتشنيع والتجريح حتى نحسب أننا أمام حكم الردة الذي يسلط على من اختار ديانة غير ديانة آبائه أو أبدى رأيا مختلفا عن السائد في المسائل الدينية فهؤلاء المثقفون رغم علمنا بأنهم يتبنون فكرا يولي الحركة والتحول أهمية قصوى إلا أنهم هذه المرة أصبحوا أنصار الثبات وتقديس غير المقدس.

وهم يعتقدون أن المكسب الاجتماعي أو السياسي أو الفكري غير قابل للنقض ومحميّ من الردة بطريقة "ما ورائية" وهذا عين الوهم لأن المكسب إنما تفرضه قوى اجتماعية محددة بحكم فعلها في الواقع وتظل حارسة له من خصومه إلى اللحظة التي يفرز فيها الواقع قوى جديدة قادرة بحكم تغير الأوضاع وتحول موازين القوى على تعديل ما كان مكسبا أو نقضه تماما وبالتالي فإن المكاسب تظل منذ لحظة إقرارها واقعا تشريعيا أو سلوكيا في حالة صراع مستمر بين القوى الساعية إلى تثبيت المكسب وأخرى طامحة إلى تطويره وثالثة طامعة في إلغائه أو تعديله.

هذا شأن كل مكسب اجتماعي أو سياسي أو فكري في وضع تتوفر فيه الشروط الدنيا للتفكير الحر والتعبير المطلق والصراع بين مكونات المجتمع المختلفة حيث بإمكان الصراع أن يفرز القوى التي كانت أجدر بإقرار اختياراتها والتي ستتحول آليا إلى مكتسبات للمجتمع، إن هي اندرجت في إطار التقدّم والإصلاح .

في الحقيقة إنّ تجدّد الإشارة إلى ما يمكن اعتباره مكتسبات لا يُطرح خارج السياق التاريخي ومقتضيات العصر وطموح المجتمعات في التحرّر والعيش الكريم، ويمكن تصنيفها إلى صنفين: فمنها ما يكون نتيجة وانعكاسا لقوّة إصلاح مجتمعية حقيقية وهي عادة ما تتّسم بالإستقرار والرّسوخ، ومنها ما يكون فوقيا يبادر بها المشرّع وصاحب القرار السياسي لدفع المجتمع في اتجاه الإصلاح، وهي كثيرا ما تكون مثارا للجدل وعرضة للتراجع عنها.

والمتأمل في الوضع الذي تنزلت فيه مختلف المكاسب التي يبكيها أولئك المثقفون إنما يلاحظ دون عناء أن دولة الاستقلال بما هي سلطة حاكمة هي التي أقرت المكاسب واقعا تشريعيا واجتماعيا بناء على إرهاصات ومقدمات حملتها حركة الإصلاح الديني والاجتماعي والأجنحة الفكرية للحركة الوطنية. ولكن هل وضعت هذه المكاسب على محك الصراع الفكري والاجتماعي الحقيقي بشروطه المطلوبة؟ وهل توفرت لمختلف الأطراف نفس الحظوظ إزاء المسألة؟ وهل استطاعت الدولة بعد أكثر من نصف قرن أن تمنع الأصوات المشككة في المكاسب سواء في اتجاه التطوير أو في اتجاه النكوص؟ وهل نما المجتمع وفق هذه المكاسب أم استجاب لمؤثرات أخرى بعضها كامن فيه والآخر وافد عليه؟ إن ما نريده أن يكون مكسبا ويستحق فعلا هذه الصفة يحتاج في اعتقادي إلى مجموعة من الشروط من بينها:

-  أن يكون إقرار المكسب صلب مؤسسات ديمقراطية.

-  أن تتوفر لإقراره أجواء حرية التفكير والتعبير والإعلام للجميع.

-  أن يظل المكسب محور نقاش بين مختلف القوى الفكرية والاجتماعية دون أن يكتسب صفة القداسة.

-  أن يبقى حق المطالبة بالتعديل والتطوير والنقض قائما ومضمونا للجميع والفيصل في ذلك آليات الفرز الديمقراطي إذا ما توفرت والتي لم تبتكر البشرية إلى حد الآن أفضل منها لفض الصراع إلى حين.

فالقبول القسري أو الاضطراري لا يخلق مكاسب أبدا بل يخلق فصاما بين التشريع والممارسة الاجتماعية ويحدث شرخا متناميا بين الدولة والمجتمع ويهيئ أفضل الظروف للانقلاب والارتداد.

والتاريخ أخبرنا ويعلمنا أن أعتى المكاسب وأرسخها قد شهد نكوصا غير متوقع بالمرة فالديمقراطية قد تعطلت مرات في أوروبا ومفهوم الوطن اضمحل خلال الحرب اللبنانية وما افتخر به النظام العراقي تهاوى فجأة ليفسح المجال لقوى وأطروحات ما كنا نحسب أنها موجودة خارج صفحات الكتب الصفراء المسوسة وكذلك الاشتراكية التي عصفت بها أيام قليلة من الانتفاضة والأمثلة أكثر من أن تحصى.

ثم إن التاريخ وتاريخ المكاسب تحديدا ليس خطا مستقيما بل خط شديد التعرج قابل باستمرار للتقطعات والتراجعات وهذا هو جوهر التصور المادي للتاريخ أما ما لاحظته في بعض الردود فليس سوى مقاربة دينية ذات رداء لائكي تقدمي شفاف تستبدل قداسة المقدس المنزل بقداسة الموروث المكتسب المبدئي الثابت المحسوم أمره من أهل "الحل والعقد".

ختاما لبدء الجدل:

حين صدر كتاب النصوص العربية الذي يستخدمه تلاميذ التاسعة أساسي في طبعته الأولى التي لم تستخدم إلا سنة واحدة. التجأت وزارة التربية حينها إلى إعلام المدرسين بحذف عدد من النصوص من بينها نصوص ضمن محور "المرأة في المجتمع"لأعلام الإصلاح الاجتماعي والاجتهاد الديني في الوطن العربي متعللة بأن مسألة المرأة في بلادنا لم تعد قابلة للنقاش وحسم أمرها منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية وبالتالي فنصوص أعلام فكر النهضة العربية الحديثة تجاوزها الزمان وتلاميذنا ليسوا معنيين بخوض النقاش في مسألة محسومة وأضحت من مكاسب الجمهورية.

ولكن هل هذا التمشي سليم من الناحية البيداغوجية والاجتماعية؟ وإذا كانت المدرسة لا تمكن التلاميذ من هذا النقاش فتؤطره وتوفر له شروط نجاحه فإن التلاميذ سيتقبلون ما اعتبرناه مسائل مفضوضة من القنوات الفضائية في شكل مواعظ وأوامر ونواه في أسلوب الوعد والوعيد فتتشكل شخصيتهم ورؤيتهم لمسألة المرأة على غير ما طمحت إليه المدرسة ومن مارس التدريس للشبان والشابات يعلم علم اليقين أيهما أشد تأثيرا على عقول هؤلاء أهو ما توهمناه مكاسب حاصلة أم ما تقصف به مدافع "اقرأ" و "الفجر"... عقول ناشئتنا على مدار الساعة.

(المصدر:" موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة "الموقف" (أسبوعية – معارضة)، العدد 409 بتاريخ 8 جوان 2007)
الرابط: http://pdpinfo.org/PDF/409.pdf


تعليق هادئ على رد متوتر:

صفاقس: من ينقض المدرسة الإعدادية الطاهر الحداد

أبو أيمن

جدت حادثة مؤسفة بالمدرسة الإعدادية الطاهر الحداد بصفاقس يوم الثلاثاء29 ماي الماضي .تمثلت في اقتحام ولي لحرم المدرسة كما سبق أن تعرض عديد الأساتذة في المدرسة للتهديد و العنف اللفظي والجسدي من قبل الأولياء والتلاميذ وغرباء عن المدرسة.مما جعل الأساتذة يعملون في ظروف لا تتوفر فيها السلامة والحماية. وحسب شهادة أستاذة تعرضت في 18أكتوبر 2006 للتعنيف والكلام البذيء من قبل غريب اقتحم المدرسة جاء فيها مايلي :هذه الحادثة المريعة كان لها أثر بليغ و عميق في نفسي .إضافة إلى توتر عصبي وآلام حادة في بدني وعلاوة على ذلك فاني وضعت في موقف محرج ومخجل أمام كافة التلاميذ والأساتذة بالمعهد.

تقع المدرسة الإعدادية الطاهر الحداد بجانب الحي الشعبي الربض. على بعد كلم واحد عن المدينة. يزاول فيها أكثر من 1400 تلميذ. تفتقر لأعوان التأطير والحراسة مما جعل المدرسة تعيش في فوضى عارمة وانحراف خطير في السلوك . حالة التجهيزات والبنية الأساسية سيئة للغاية .فقاعات التدريس ضيقة يحشر فيها عدد كبير من التلاميذ وهي مهددة بالانهيار والسقوط علما وأن تقارير بعض المتفقدين تشير إلى عدم صلوحيتها . والإنارة شبه مفقودة والفوانيس مكسرة وعددها ضئيل .وسبورات أغلبها غير صالحة للتدريس. ومقاعد التلاميذ في حالة رثة يبلغ طول بعضها 6 أمتار يتزاحم فيها التلاميذ.ويفتقر مخبر العلوم لأبسط التجهيزات والضروريات .وآلات الموسيقى مفقودة والوسائل السمعية البصرية لمادة اللغات الحية منعدمة. كذلك الشأن بالنسبة لمادة الرياضة. قاعة الإعلامية تشهد قلة في الأجهزة و لاتتوفرلها الصيانة واستعمالها محدود للغاية ويحرم المدرس من مزاياها. يوجد بالمدرسة مدخل وحيد للتلاميذ والأساتذة بدون حراسة . هذا الواقع خلف نتائج دراسية سلبية ونسبة نجاح ضعيفة وانقطاع مبكر عن الدراسة. وعنف يومي بين التلاميذ على مرآى ومسمع من الإدارة. وبلغ العنف المسلط على الأساتذة هذه السنة خمسة اعتداءات.إضافة إلى شعور الإطار التربوي والتلاميذ بالإحباط والإقصاء والتهميش. ورغم الحوادث الخطيرة المتكررة.و التقارير التي قدمتها النقابة الجهوية للتعليم الثانوي حول الوضع المتردي بالمدرسة .والجلسات العديدة التي انعقدت للنظر في مطالب الأساتذة لإنقاذ المدرسة من الانهيار والتلاشي. فان دار لقمان بقيت على حالها ولم تعمل الإدارة على حل المشاكل المتراكمة.

(المصدر:" موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة "الموقف" (أسبوعية – معارضة)، العدد 409 بتاريخ 8 جوان 2007)
الرابط: http://pdpinfo.org/PDF/409.pdf


 
أكثر من 143 ألف مرشح للباكالوريا يطرقون باب الجامعة:
ماذا أعدّت لهم الحكومة ؟

ماهر حنين

يتقدم منذ الخميس 7جوان وعلي امتداد 5 أيام 143 ألف و 124 مترشح لنيل شهادة الباكلوربا من بينهم 56 %فتيات و43 %ذكور ويتوزعون علي خمسة شعب مازال إختصاص الآداب يحظي فيها بنصيب الأسد بنسبة 47 ألف و114 مترشح ثم الإقتصاد والتصرف 27 ألف و515 مرشحا و العلوم التجريبة ,74526 والرياضيات 23 ألف وأخيرا التقنية في حدود 18 ألف ويتقدم إلي جانب ذلك وضمن نظام مخصوص 430 مترشح في إختصاص الباكلوريا الرياضية وينتمي حوالي 78 بالمائة من مجمل المرشحين إلي المعاهد العمومية و 20 بالمائة للمؤسسات التعليمية الخاصة و فقط 2بالمائة بصفة فردية.

لقد غدا امتحان الباكلوريا في العرف الاجتماعي التونسي حدثا تربويا ومجتمعيا يشدّ إليه إهتمام العائلات المعنية مباشرة وحتى الموّسعة والمتصاهرة و المتجاورة كما يضبط علي إيقاع "الباك" نسق الحياة مع نهاية كل سنة دراسية وقبل بداية العطلة الصيفية حتى نخال أن مجتمعنا لا ينصرف إلي أفراحه واصطيافه إلا بعد طي صفحته , وفي ذلك دلالة عميقة علي الاهتمام الذي ترسّخ في ذهنية التونسيين بأهمية التعليم والرقي الاجتماعي عبر التحصيل المعرفي وتعود هذه القناعة الرّاسخة في أهمية طلب العلم إلي إرهاصات الفكر الإصلاحي مع خير الدين وإلي دور مؤسسات تعليمية عريقة كالزيتونة والخلدونية والصّادقية كما عمقتها دولة الاستقلال الفتية بمراهنتها علي تعصير التعليم ونشرها للمدارس في القرى والأرياف وتوفيرها للإعتمادات الاّزمة .للفئات المعوزة وتوفيرها لتساوي الفرص أمام الجميع للتعلم والنجاح وهو ما مكّن أجيالا متلاحقة من التألق والإنعتاق من ربقني الجهل والفقر رغم قلّة ذات اليد.

وحين يثار في أيامنا هذه الحديث عن الباكلوريا بين أجيال مختلفة يتفق الجميع علي متانة التكوين اللغوي والتحصيل المعرفي وحتي التهيئة الإجتماعية والشخصية من خلال منظومة القيم والمعارف التي نقلتها المدرسة لخريجي السيتينات والسبعينات في مقابل التطور الكمي الراهن للمتمدرسين وتراجع جلي في مكتساباتهم المعرفية ومهاراتهم المنهجية وتراجع كامل لدور المدرسة والجامعة في ضمان الرقي الإجتماعي والتنمية البشرية .

لقد كشفت السنة الدراسية والجامعية المنقضية عن علاّت عديدة يشكوها نظامنا التعليمي فإضرابات رجال التعليم بقطاعاته الثلاث لا تعبر فقط عن حركة مطلبية من أجل مطالب مهنية ومادية بل هي علامة علي التباعد بين رؤية الحكومة ورؤية النقابات الممثّلة للمدرّسين والجامعين والباحثين في تصور المنظومة التعليمية وموقع المدرسة ودورها التكويني والقيمي ولو كان للأولياء والتلاميذ والطلبة هيئات مستقلة وقوية تمثلها وتنشط بحريّة لإنكشفت للرأي العام حدة الأزمة العميقة التي يشكوها تعليمنا فالهوّة بين المنجز والمرجو عميقة بحيث لا ينكرها إلا خطاب رسمي تمجيدى يضحك حتي تلاميذ السنوات الأولي للتعليم الأساسي .

فالدروس الخصوصية نخرت بنية التدريس والتحصيل العلمي والتفاوت في الإمكانيات والحظوظ بين الأقاليم والمؤسسات التعليمية يدفعنا نحو تعليم ذو سرعتين واحدة للميسورين وأخري للمعوزين والفقراء مما يحمل في ثناياه بذور إنكسار إجتماعي يزداد حدّة كلما تراجع مبدأ تساوي الفرص بين أبناء الشعب الواحد هيكلة القطاع الخاص للتربية والتكوين تحتاج تقيما عميقا وتطويرا للتشريعات وآليات المراقبة الإدارية والبيداغوجية حتي يضطلع بدوره التكويني والإجتماعي الموكول له إلي جانب القطاع العام .الذي تفتقد عديد مؤسساته للإطار البيداغوجي وأعوان المخابر والمكتبات بل إنّ بعضها تداعي للسقوط دون أن تحرك وزارة الإشراف ساكنا . ومن جهة أخري لا نستطيع أن ننكر مأزق المدرسة والمدرس في نقل منظومة قيم مرجعية واضحة للناشئة تستند إليها في تفكيرها وفي سلوكها فالشبيبة اليوم تتنازعها رغبات وميولات متعارضة بين إغراءات مجتمع الاستهلاك والتسلية أو جاذبية الخطاب الديني في حدوده الروحية أو مداه السلفي الجهادي أو اليأس والإحباط المولّد للانحراف والعنف اتجاه الذات والآخرين .

وإذ يبقي طموح النجاح ضروريا ومطلوبا لدي الشباب فإن نجاح أو فشل سياسة كل حكومة في المجال التربوي تقاس بما تقدمه لشباب بلادها من إمكانيات وتفتحه من آفاق تعليمية وتشغيلية ومن ثمّة للمشاركة الإيجابية في الحياة العامة , فماذا أعدت الحكومة لآلاف الطلبة الجدد من مدرجات وقاعات تدريس ومكتبات وتسهيلات للإبحار في الأنترنات دون رقابة علي الفكر والرأي ؟ ماذا أعدّت لهم من مبيتات ومطاعم جامعية ومنح لتمويل تعليم تزاداد كلفته إرتفاعا عاما بعد بعد عام ؟ ثم هل يكفي أن نلائم منظومة تعليمنا العالي وفق المعايير الأوروبية والدولية دون أن نشرك النقابات ونفتح حوار وطني ودون أن نعد البنية التحتية لذلك أي دون أن نبلور رؤية إستراتجية توافقية لمستقبل الجامعة والتعليم وعلاقتهما بالتنمية الإجتماعية والإقنصادية لبلادنا؟.

لا نبالغ حين نقول أن المتر شح لنيل الباكلوريا اليوم قد يعيش حالة إنفصامية بين توقه للنجاح والتقدم علي مدارج المعرفة وبين ما يراه في محيطه العائلي والقريب من معاناة للمعطلين من حاملي الشهادات الجامعية فأن يحمل خريج الحقوق إلي العمل في حضائر البناء أوخريج الآداب في مؤسسات المناولة للحراسة أوخريج العلوم في بيع المنتوجات المستوردة في السوق الموازية وغيرها من مضاهر الغبن المتعددة يدفع صدقا إلي الإنكسار النفسي وتثبيط العزائم حتي أن مقولة - يوم الإمتحان يكرم المرء أو يهان- فقد ت معناها بعد أن صار المرء يهان حتي وإن إجتاز بنجاح كل الإختبارات .

إن التفكير في مردود المنظومة التربوية معارفا وتحصيلا وقيما مطلوب من الجميع , إلا أن هذا التفكير لا يمكن أن ينفصل عن جهد التفكير والعمل من أجل تنشيط الإقتصاد وتنمية المجتمع ودمقرطة الحياة السياسية لأن احتكار التفكير والقرار والتخطيط والتقويم بيد جهة واحدة وصم الآذان عن مطالب ورؤى المربين والمتعلمين وطالبي الشغل والمجتمع بأسره لا يؤدي إلا إلي الاستمرار في تعميق المأزق الحالي . فالأسبقيات التي تتمتع بها تونس بفضل تحكمها في نسب النمو الديمغرافي وتكوينها لأجيال من المتعلمين والإطارات وتضحية أبنائها من أجل العلم والتعلّم وقربها الجغرافي من أوروبا ليست كافية في السنوات القادمة لرفع التحديات فنحن في حاجة إلي شباب متحمّس وفاعل ودولة عادلة ونظام سياسي ديمقراطي يشرّك كل الطاقات خدمة لتونس أولا.

(المصدر:" موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة "الموقف" (أسبوعية – معارضة)، العدد 409 بتاريخ 8 جوان 2007)
الرابط: http://pdpinfo.org/PDF/409.pdf


إجراء فجئي لاتصالات تونس سيعصف بمستقبل أصحاب التاكسيفون

أبو أيمن

فوجئ أصحاب المراكز العمومية للاتصالات. بأجراء اتخذته اتصالات تونس، يهدف إلى التخفيض في نسبة الربح ب 2 %على مبيعات بطاقات الشحن الهاتف الجوال. وإبرام اتفاقية مع مؤسسات عالمية، ومساحات تجارية كبرى، يخول لها هذا الاتفاق التمتع بحق احتكار البطاقات، وتوزيعها على تجار التفصيل بدون التقيد بمسلك التوزيع السابق الذي منح أصحاب المراكز العمومية وحدهم شراء و بيع بطاقات الشحن لعموم الناس. وهذا الإجراء أدخل أصحاب المهنة في حيرة، و سيطر عليهم الخوف باعتباره سيفتح المجال لعديد الدخلاء من تجار مواد غذائية وأصحاب مقاهي...من شراء وبيع البطاقات .

و قد انطلق العمل بهذا النظام الجديد يوم 1جوان 2007.و يتهم أهل المهنة مؤسسة" اتصالات تونس" بخرق الاتفاقات المبرمة. وكانت الغرفة الوطنية لأصحاب المراكز العمومية. قد عقدت جلسة عمل مع الرئيس المدير العام "لاتصالات تونس" يوم الاثنين 28ماي الماضي دامت أكثر من 7ساعات ولم تسفر عن أي نتيجة تذكر لفائدة أهل المهنة . كما شهدت عدة جهات اجتماعات عامة بمقرات اتحاد الصناعة والتجارة .حضرها عدد غفير من أصحاب المهنة. نددوا خلالها بقرارات اتصالات تونس التي ستعصف بهم وتقودهم إلى الهاوية.

انطلقت أولى التجارب بإحداث المراكز العمومية سنة 1988وبلغ عددها 200مركزفي البلاد .وفي الظرف الراهن ارتفع عددها ليصل إلى 20 ألف مركز وتشغل قرابة 35ألف فرد.وقد اعتمدت السلطات الجهوية عند منح رخص الانتصاب على مقاييس تهدف إلى مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة. من معاقين ويتامى وفقراء الحال. وأصحاب الشهادات العليا والمقربون من الحزب الحاكم .وقد ساهمت هذه المراكز في تقريب الخدمات للمواطنين وتوفيرها حتى ساعة متأخرة من الليل. وطبقا لاتفاقية أبرمت مع وزارة الاتصالات سابقا تم تحديد شروط الانتصاب طبقا لكراس منظم للقطاع. وحسب الحديث الذي أجريناه مع أهل المهنة تبين لنا أنهم يعانون من عدة مشاكل مزمنة أدت إلى غلق العديد من المراكز بلغت قرابة المائة في صفاقس وحدها، وإفلاس أصحابها بسبب عجزهم على مواجهة المنافسة الشرسة والمصاريف الكبيرة التي تكبلهم مثل كراء محل و خلاص أجور و تسديد معاليم الصيانة والضرائب .... .

وتعود الأسباب إلى الارتفاع المهول في عدد المراكز، وعدم احترام المسافة الفاصلة بينها، وتسرب بطاقات الشحن إلى محلات غير مختصة ومعدة لذلك وبيعها خلسة. وكذلك التطور المذهل في عدد الهاتف الجوال وتقلص عدد مستعملي جهاز التاكسيفون . كل هذه العوامل أدت إلى تراجع خطير في موارد أصحاب المهنة وتراكم الديون لدى البنوك والعجز عن التسديد. و في إطار إعادة هيكلة" اتصالات تونس" وتحت شعار النهوض بالمؤسسة وربح المنافسة التي تخوضها ضد شركة" تونيزيانا"والرغبة في السيطرة على السوق. قررت المؤسسة تخلي الوكالات التجارية التابعة لها عن بيع بطاقات الشحن.وذلك بداية من غرة أوت القادم. وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد الوكالات التجارية ـ ونقاط بيع ـ وفضاءات المؤسسة ـ التابعة "لاتصالات تونس" يبلغ81 في كامل البلاد. وتشكل مبيعات بطاقات الشحن 95% من مداخليها والتي تقدر بمئات الملايين في اليوم . ويعمل بها أكثر من 800موظف وقد يخسر الأغلبية الساحقة منهم مواقع عملهم.

هذه الخطوة ستفسح المجال للمساحات التجارية الكبرى باحتكار السوق وتحرير مسالك التوزيع ،تقودها رغبة جامحة في جني أعلى الأرباح. كما أن هذه الحرب التجارية الطاحنة، ستؤدي إلى سيطرة القوي على الضعيف وسيادة قيم الربح وهيمنة المؤسسات المالية الكبرى. وحسب وثيقة أصدرته" اتصالات تونس" اعترفت فيها" بأن المشغل المنافس "تونيزيانا" يحتل الصدارة في مجال التوزيع من خلال شبكة واسعة ومتنوعة مكنته من حصة كبيرة في سوق الهاتف الجوال. وبفضل الإستراتيجية الجديدة ستتمكن" اتصالات تونس" من افتكاك الصدارة في مجال التوزيع والاقتراب أكثر من حرفاها"

.وقد تمتعت مؤسسات عالمية بحق توزيع بطاقات الشحن مثل ـ نوكيا ـ وسامسونغ ـ وموتوريلا كذلك مغازات عملاقة مثل مونوبري ـ وكار فور وبونبري ـ والمغّازة العملاقة...... . وبهذا التوزيع الجديد سيسحق أصحاب المراكز العمومية وتحدث الكارثة بخسارة آلاف الناس لمصدر رزقهم الوحيد وغلق محلات أعدت لمساعدتهم وانتشالهم من الفقر. قيم المال والربح ألغت دور الدولة الاجتماعي وانحنت بذلك لرغبة المؤسسات العالمية والمحلية في التوسع والاستثمار وتحرير السوق. وبدت الدولة مرحبة بتطور حجم المبيعات.و بارتفاع مواردها وانتعاش خزينتها من الضرائب الموظفة على بطاقات الشحن عند البيع والشراء.

(المصدر:" موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة "الموقف" (أسبوعية – معارضة)، العدد 409 بتاريخ 8 جوان 2007)
الرابط: http://pdpinfo.org/PDF/409.pdf

 

المنستير:
تطور خطير في سايا بورجس
 
صبيحة الجمعة الماضي (8 جوان 2007، التحرير) شهدت مدينة المنستير احداثا غريبة عن الساحة حيث لم يقع لها مثيل منذ سنين عديدة تتمثل في مشادات بين رجال الامن والنقابيين.. وهو موضوع مثل سابقة يبدو ان تحقيقا فتح في حيثياتها على مستويات عليا.
وللاحاطة بالموضوع وبعيدا عن كل تأويل اتصلنا بكل الجهات ذات النظر فتبين ان الموضوع من حيث الاصل يتعلق بعاملات مؤسسة سايا بورجس المطرودات من العمل نهائيا بسبب رفضهن لاجراءات اتخذتها المؤسسة تمنع بمقتضاها العاملات من دخول دورات المياه الا بإذن وببطاقات خاصة.
وبعد استنفاد كل المساعي لرأب هذا الصدع ووقف هذا الاجراء التجأت العاملات الخمس عشرة ومن بينهن اعضاء النقابة الاساسية واللجنة الاستشارية الى الاعتصام امام المؤسسة وبتأطير من المنظمة وهنا حدث الصدام مع قوات الامن.
 سعيد يوسف يوضح:
وحتى نستوضح الامر توجهنا الى الاخ سعيد يوسف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير الذي افادنا بما يلي:
«ان ما حدث يعتبر سابقة خطيرة بلغنا بها كل الاطراف وبكل التفاصيل لما في ذلك من مساس من تعكير المناخ الاجتماعي الممتاز بجهتنا، حيث من الخطير  حجز نساء منهن الحامل والمريضة والارملة والمطلقة وحتى التي على ابواب التقاعد في سيارة شرطة وفي الطريق العام بتهمة اعتصام سلمي من اجل حقوق مسلوبة...».
وقال، انا ابارك هذه التحركات الشرعية للسلط الجهوية وحتى المركزية لفتح تحقيق في الموضوع خاصة ان الامر لم يتعلق بالعاملات فقط بل تعداه ليشمل التمثيلية النقابية في شخص الاخوين المنجي الشرفي وعبد الكريم الجديدي.
واضاف ما وردنا من كل انحاء الوطن من برقيات مساندة وبيانات استنكار وبرقيات ورسائل وهواتف استفسار اكد لنا أن المسألة اتخذت بعدا وطنيا وأكاد اقول انها تجاوزت البعد المحلي او الجهوي.
يشار في الاطار الى ان الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير كان قد اصدر بيانا فيما يلي نصه:
على اثر ما تعرض له النقابيون والنقابيات بجهة المنستير يوم الجمعة  جوان  من اعتداءات بالعنف اللفظي والمادي وحجز العاملات داخل سيارات الشرطة ونقابيين اخرين بمنطقة الشرطة ومنعهم من القيام بواجبهم النقابي بمناسبة الاضراب الشرعي والقانوني بمؤسسة سايا بورجس للالكترونيك بالمنستير، فان المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير يندد بهذه الاعمال التي تستهدف استقلالية منظمتنا والتدخل في شؤونها وعدم محايدة رجال الامن الذين عملوا لافشال الاضراب بل انحيازهم المفضوح لصاحب العمل الذي اطرد خمس عشرة عاملة من بينهن عضوات النقابة الاساسية واللجنة الاستشارية للمؤسسة وهذه ظاهرة خطيرة تذكرنا بعهود خلت وبالمناسبة فان المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير يعبر عن استيائه واستنكاره الشديدين لمثل هذه الممارسات التي من شأنها تعكير المناخ الاجتماعي بالجهة ويطالب السلط المعنية بالتدخل الفوري لايقاف هذه الظاهرة التي لم يسبق لها مثيل وايجاد الحلول الجدية لارجاع العاملات الى سالف عملهن، والمكتب التنفيذي يحيى كافة النقابيين والنقابيات ومكونات المجتمع المدني على الحضور والابراق مساندة لتحركات العاملات.
(المصدر: جريدة "الشعب" (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 16 جوان 2007)


نقابة الصحافيين:
تمهيدا لمؤتمر تأسيسي
 

انعقدت بقاعة أحمد التليلي بالاتحاد العام التونسي للشغل مساء الجمعة 8 جوان 2007 الجلسة العامة التأسيسية لنقابة الصحفيين التابعة للاتحاد العامة التونسي للشغل وقد ترأس هذه الجلسة الاخ علي بن رمضان الامين العام المساعد المسؤول عن قسم النظام الداخلي والاخ توفيق التواتي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس وبحضور الاخوة اعضاء الهيئة التأسيسية للنقابة محمد معالي ، محمود الذوادي ولطفي حجي ومحمود الكتاتني وحضر هذه الجلسة عدد من الصحافيات والصحافيين العاملين بالمؤسسات الاعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية ووكالات الانباء.
استهلّ الاجتماع الاخ علي بن رمضان بكلمة أكد فيها ما يوليه الاتحاد من اهتمام بالصحافيين وبمهنتهم واستجابته لمطلبهم التاريخي والمشروع بتكوين هيكل نقابي يجمع شملهم ويدافع عن مطالبهم المادية والمعنوية.
وقد أدار الاخ توفيق التواتي الحوار الذي دار خلال هذه الجلسة مؤكّدا أن الاتحاد هو الاطار الجامع للشغالين بالفكر والساعد ويولي الاتحاد في هذا الاطار اهتماما بالقطاعات النوعية كالفنانين والممثلين والصحفيين والمهندسين.
وتداول على الكلمة عدد من الزملاء الذين أثاروا العديد من المسائل المتعلقة بدور هذه النقابة وبموعد بعثها وعلاقتها بمختلف هياكل الاتحاد وبمكونات المجتمع المدني التونسي وبالمنظمات العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك كما اشار عدد من الزملاء الى دور التنظيم النقابي في النهوض بالمهنة الصحفية والدفاع عن حرية التعبير باعتبارها جزءا لا يتجزّأ من حقوق الانسان.
الاخوة اعضاء الهيئة  التأسيسية قدّموا بعض التوضيحات المتعلقة بمسار تأسيس هذه النقابة والانتقال من النقابة المستقلة بمسار تأسيس هذه النقابة والانتقال من النقابة المستقلة التي انتهى دورها باعلانها الانضمام الى الاتحاد العام التونسي للشغل وبعث الهيئة التأسيسية لنقابة الصحافيين التونسيين المنضوية تحت لواء الاتحاد واشاد الاخوة اعضاء الهيئة بالمساندة التي لقيتها النقابة في خطواتها الاولى من الاخ الامين العام والاخوة اعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد ومسؤوليه على مختلف درجات مسؤوليتهم واكدوا تشبّث الصحافيين التونسيين بمطلبهم التاريخي في تأسيس نقابتهم ورفضهم كل اشكال الوصاية والتدخل في الشأن النقابي من عناصر خارجية كما ذكّروا بالمكاسب التي تحققت للنقابة وهي لا تزال تقطع خطواتها الاولى حيث حظيت بتعاطف دولي واسع من الزملاء في العديد من البلدان الشقيقة والصديقة وباعتراف منظمات دولية على رأسها الاتحاد الدولي للصحافيين (الفيج) الذي قبل النقابة عضوا مشاركا في صفوفه وبهذه الصفة حضر 3 من هيئتها التأسيسية هم الاخوة محمد معالي ومحمود الذوادي ولطفي حجي المؤتمر الاخير لهذه المنظمة الذي انعقد مؤخرا في موسكو.
وأكد الاخ توفيق التواتي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بتونس ان الاتحاد ماض في التوجه الذي حدده لنفسه وهو حريص على انجاز مؤتمر النقابة في احسن الظروف كما اعلن الاستجابة لطلب الحاضرين بجعل الجلسة التي كان من المقرّر ان تكون انتخابية يوم 16 جوان جلسة حوار ثانية يعقبها موعد يحدد لاحقا لاجراء انتخابات المؤتمر التأسيسي.
(المصدر: جريدة "الشعب" (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 16 جوان 2007)
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين  
الرسالة رقم 247 
على موقع تونس نيوز

خواطر و مقترحات جريئة و بشجاعة بمناسبة انعقاد اللجنة المركزية
 للتجمع الدستوري الديمقراطي .وريث حزب التحرير و البناء و الانجاز
 
تونس في 13/06/2007 
 بقلم محمد العروسي الهاني     
ان الذي يكتب على الحياة الحزبية و يبرز الحزب الذي قاد البلاد إلى الحرية و الانعتاق و التحرير والسيادة الكاملة و حقق الاستقلال و قاد معركة النهوض الاجتماعي و الاقتصادي و قاد المعارك لاستكمال السيادة  و تحمل المسؤولية الثقيلة لبناء الدولة العصرية الحديثة و أسس النظام الجمهوري العتيد وألغا النظام الملكي الذي كان سببا في الحماية الفرنسية و ضعف موارد الشعب و سلب حريته و سيادته و إرادته .هذا الحزب الذي تطور و تجدد في 2 مارس 1934 على قواعد ديمقراطية و أسس صحيحة و منهجية عمل سياسي و ثوابت و خطة عمل ذكية و نظرة سليمة للنضال بشجاعة و تضحية و مجابهة قوية علنية و بروح وطنية عالية و شجاعة و إقدام دون خوف من بطش الاستعمار و تهديداته و اللغة الخشبية و التعتيم و الاستبداد والجبروت
و بعدان كان دور الحزب القديم محتشم و بطرق هادئة و حركية متواضعة و سياسة عدم الاصطدام مع الاستعمار الفرنسي .و المطالبة بطرق حذرة و ضعيفة و ضد الاصطدام مع الحماية . و هذا الفرق بين القيادة الحزبية للحزب الحر الدستوري التونسي لعام1920   وبين القيادة الشابة السياسية الجديدة في 2 مارس 1934 بمؤتمر قصر هلال بقيادة خمسة شبان من خيرة شباب تونس و من كوكبة الشبان المثقفين و هم الدكتور محمد الماطري و المحامي الشاب الصحفي الحبيب بورقيبة و الطاهر صفر و البحري قيقة و محمد بورقبية .و كان النجاح حليفهم و التوفيق بفضل التناغم و الانسجام و العمل الوطني الذي يجمع بينهم و بفضل الخطة الإستراتجية الجديدة للحزب الجديد مع الوعي الوطني وانتشرت الحركية الوطنية و من 60 شعبة حضروا مؤتمر 2 مارس 1934 تطور العدد و تضاعف أضعافا مضاعفة و شرعت القيادة السياسية في طريقة الاتصال المباشرة و هي الطريقة التي اكتشفها الزعيم الشاب الحبيب بورقيبة المحامي يوم 3 جانفي 1934 بقصر هلال و شعر الاستعمار بالخطر و حركية الحزب و انتشار الوعي الوطني في أوساط الشعب فعمدت سلطات الحماية باعتقال الزعماء و كان يوم 3 سبتمبر 1934 هو يوم اعتماد السلطة الفرنسية باعتقال الزعيم الحبيب بورقبية من بيته في المنستير و اعتقال الزعيم الطاهر صفر وقادتهما إلى الجنوب التونسي. وتم ابعاد الدكتور محمود الماطري و البحري قيقة و محمد بورقيبة إلى برج البوف، و في 3 أكتوبر 1934 وقع انتقال الزعيمين بورقيبة و صفر بالزعماء ببرج البوف و كانت هذه المحنة الأولى لقادة الحزب .و واصل الزعيم بورقيبة قيادة الحزب و عاش كل المحن  و السجون  و المنافي و كان نصيب هذا الزعيم الصامد الصابر من السجون و الإبعاد حوالي 11 سنة و نصف و هجرة صعبة شاقة إلى المشرق العربي من عام 1945 إلى 1949 و بعدها شق طريقه في جولة طويلة دامت 11 شهرا زار خلالها القارات الخمسة للتعريف بقضية الوطن. الجملة 18 سنة كاملة بعيدا عن الأهل و الزوجة و الابن الوحيد و الأقارب و الأحباب حتى جاء بفضل الله و عونه النصر المبين على يد هذا الزعيم العملاق رئيس الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد. و هو أقدم حزب في شمال أفريقيا و مؤسسه عاش قائدا و زعيما للحزب على امتداد 53 سنة و قلا  ما يوجد في العالم زعيم قاد حزب و أمة 53 سنة و كل من يريد أن يكتب على الحياة الحزبية في تونس ينبغي له أن يكون متشبعا بتاريخ الحزب و نضالا ته و كفاحه و خطة عمله و مواقفه و منهجية قائده و مرحلية زعيمه . و لا يمكن أن نتحدث على الحياة الحزبية اليوم و تطور العمل السياسي إلا إذا رجعنا إلى التاريخ و سجل هذا الحزب العملاق . و من كان وفيا للتاريخ و لنضالات قادة الحزب و زعماءه . فهو قادر على الإضافة و الذي يعتمد طمس الماضي و يعتمد الإقصاء و التهميش فهو ينطبق عليه فاقد الشئ  لا يعطيه و انطلاقا من هذه النظرة السليمة و الروح النضالية الصادقة  يمكن للوطني أو المناضل الدستوري الصميم أن يعطي الإضافة للحياة السياسية و الحزبية و قد ساهمت يوم 19 جويلية 2003 بمقترحات حول تطوير العمل الحزبي وقع نشر الجزء الأول بمجلة حقائق التونسية .و ذلك قبل انعقاد مؤتمر الطموح بأسبوع و الجزء الثاني مبوب نشره قبل المؤتمر بيوم لكن الاجتهادات و النظرة الاقصائية حالت دون تحقيق نشر الجزء الثاني و كان مدير المجلة صريحا و صادقا و قال لي يا أخي الهاني مسؤولا من حزبك أنت أعطى تعليمات بعدم نشر الجزء الثاني و بدون تعليق  و في 26 ديسمبر 2005 فتح الله علينا بموقع تونس نيوز الرحمة المهداة للشعب العربي و للاقلام المؤمنة بالحرية و التي ترفض تكميم الأفواه و الخضوع و الاستسلام و الانبطاح و لغة الترغيب و الترهيب التي يستعملها بعضهم ...، وقمت بحمد الله بنشر الخواطر في شكل رسالة مفتوحة لسيادة الرئيس بن علي حول تطوير الحياة الحزبية و السياسية في بلادنا .
و اليوم نحاول إعادة نشر الرسالة تعميما للفائدة و ذلك بمناسبة انعقاد اللجنة المركزية للتجمع وريث الحزب الحر الدستوري التونسي . و الذي كان له شرف النضال و التحرير و بناء الدولة و استكمال سيادة الوطن هذا هو دور حزب التحرير و البناء و التجديد فهو حزب جديد متجدد على الدوام و كان التجمع امتداد لهذا الحزب الشامخ :البقية في الحلقة القادمة غدا 14 جوان 2007 بحول الله .
قال الله تعالى و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون صدق الله العظيم

   
محمد العروسي الهاني          
مناضل دستوري
  
 

محاسبة جورج بوش على حربه العراقية

توفيق المديني *  

بعد سقوط الدولة الشمولية العراقية التي كان يحكمها حزب البعث العربي الاشتراكي في 9 أبريل 2003،  على أيدي قوات الاحتلال الأميركي المدفوعة بقوة إيديولوجية المحافظين الجدد، و بتهيئة المناخ للغزو عبر سلسلة كاملة من الأكاذيب حول أسلحة الدمار الشامل و العلاقة بين النظام السابق و تنظيم القاعدة، و المتشجعة من قبل الجهل الأميركي  ببيئة  عراقية و شرق أوسطية غاية في التعقيد، هاهو الغزو الأميركي – البريطاني للعراق  يتحول إلى كارثة حقيقية للمحتلين و حلفائهم ، و للشعب العراقي في آن معا.

و باتت المعطيات الإنسانية المعروفة تتحدث عن نفسها، و تعبر عن حجم الكارثة في الوقت عينه.ففي جانب المحتلين ، هناك ما يقارب 4000 قتيلٍ، و أكثر من 24000 جريح مشوه.وفي  جانب الشعب  العراقي، حصدت الحرب  المدمرة أكثر من 650 ألف قتيلا حسب إحصائيات المصادر المحايدة. وقتل ما لا يقل عن 120  جنديا أمريكيا خلال شهر مايو/ أيار المنصرم ما يمثل الخسائر الاكبر منذ عامين ونصف العام التي لحقت بالجيش الأمريكي.وكان أكبر عدد من الجنود القتلى في شهر واحد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 في معركة الفلوجة، أما في مايو/ أيار وخلافا لما حدث في الفلوجة، لم تحارب القوات الأمريكية تنظيما او تخض معركة كبيرة بل انتشرت في بغداد وحزام المدن المضطربة المحيطة في محاولة لاخماد العنف المذهبي.و شردت الحرب  مليونين من العراقيين في البلدان المجاورة،وهم مهددون بدورهم بعدم الاستقرار. و هناك  أكثر من مليون عراقي فقيرجدا يسكن في مخيمات الطوارىء داخل العراق نفسه.

بيد أن أخطر ما حل بالعراق هو الانقسام الطائفي و السياسي الذي بدأ بتحريض من المجموعات  المسلحة  في بغداد منذ عام 2004، و الذي يمس الطائفتين الرئيستين في العاصمة.بيد أن هذا الانقسام ليس وليد الاحتلال فقط، بل إن الحرب العراقية –الإيرانية المدمرة (1980-1988)، ثم حرب الخليج الثانية و الحظر الاقتصادي الدولي الذي فرض على العراق (1990-2003)،مسختا الثقافة العراقية التي كانت قائمة على التعايش في كنف "التعددية" . غير أنه مع  سقو ط نظام البعث، لم يستطع هذا التوازن الهش أن يصمد مع تزايد مطالب الأحزاب التي  فازت في انتخابات 2005 ، بإدارة العاصمة بغداد.

آنذاك تسارع الخطرمن الفتن المذهبية والطائفية في العراق ، وتزايد معه  هموم التقسيم "الواقعي" المتسارع في العراق، عبر "التطهير" لحسم المعركة على بغداد... في ظل صمت حلفاء إيران العراقيين الذين سارعوا مبكراً إلى إطلاق مشروع الأقاليم، تحت سقف الفيديرالية التي اتضح أنها تفخّخ العراق بالمذابح. و تتملك مشاعر الرعب سكان بغداد من احتمال قيام المسلحين بتحويل نهر دجلة إلى خط تقسيم بين الطائفتين الكبيرتين عبر تدمير جميع الجسور المقامة فوقه، البالغ عددها 12 جسرا ، والتي تربط الجانب الشرقي بالجانب الغربي كرمز للتنوع في بغداد.

 وتعيش أغلبية سنية على الضفة الغربية للنهر في حي الكرخ الذي يضم المنطقة الخضراء الخاضعة لحراسة مشددة والتي تؤوي المنشآت العسكرية والدبلوماسية الامريكية ومباني الحكومة العراقية وقصور صدام حسين. وعلى الضفة الشرقية للنهر في الرصافة تعيش أغلبية شيعية.علما  أن بغداد التي يقطنها سبعة ملايين نسمة هم مزيج من الطوائف الدينية منذ أن أسسها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور قبل 1200 سنة على ضفتي نهر دجلة. ومنذ فبراير/شباط 2006 أعادت موجة من العنف الطائفي تشكيل نسيج المدينة، ما أدى إلى خلق اقطاعيات مقسمة على أسس طائفية.

على الصعيد المالي، كان هول الهزيمة سحيقا. فهناك على الأقل 500 مليار دولارتطايروا كالدخان، لا سيما لمصلحة الشركات المقربة من إدارة  الرئيس جورج بوش: هاليبورتون ، باكتيل ، بلاك ووتر، و شركات أخرى. بيد أن هذه الشركات  التي أخذت على عاتقها إعادة إعمار البلاد، و أكدت أن البترول العراقي سيتدفق من جديد في أنابيب التصدير،  تبين أن مردودها من الناحية العملية  يقارب الصفر.ذلك أن البنيات التحتية لم يتم تحديثها،في حين أن استخراج النفط ظل أقل من المعدل الذي كان عليه في ظل النظام السابق.

ولأن انعدام الأمن ما انفك يتوسع ، ظلت إعادة الإعمار التي وعد بها كل من بوش  وبلير العراقيين في كل الخطب حبرا على ورق. و بصورة إجمالية،ازداد الشعب العراقي فقرا، وتضاعفت وفيات الأطفال، وبلغت البطالة مستويات قياسية ، من 40% إلى 60%، حسب المناطق. أما الجريمة المنظمة ، فهي تتقدم  في كل مدن العراق، مكونة عصابات من السارقين، والخطافين ، و القتلة المجرمين المستعدين لارتكاب كل الأعمال الشنيعة من أجل بضعة دولارات.واختفى بذلك  المجتمع المدني، أما أبطاله ورموزه فقد فروا من البلاد.

ويجمع معظم المحللين الغربيين ، من الناحية الجيو –ستراتيجية  السياسية والعسكرية، أن حجم الإخفاق للاحتلال كان كبيرا، و إن كان الاحتلال حقق إنجازا مهما ألا وهو زرع الفتنة ، و تهيئة التربة الخصبة لتقسيم العراق خدمة لمصالح الكيان الصهيوني . لقد وعدت واشنطن، بعد سقوط صدام حسين ، أن الدور سيكون للديكتاتوريات الأخرى في المنطقة.وسيكون  العمل على توطين الديمقراطية في البيئة العراقية، و إحلال  الليبرالية الاقتصادية و اقتصاد السوق في العراق ، مثل كرة الثلج التي ستتدحرج. إضافة إلى ذلك،ستعمل واشنطن على تقديم الدعم للمعارضين في وجه كل الأنظمة الشمولية، و ستفرض انتخابات حرة في كل المنطقة.و سيخرج الكيان الصهيوني الحليف الوحيد معززا.

اليوم ، الحليف يعيش إسقاطات حرب تموز المدمرة، و هو مهدد بسبب صعود قوة إيران الإقليمية..في حين أن لبنان يعيش الآن هاجس عودة شبح الحرب الأهلية. وفي العراق ، أفسح الاحتلال الأميركي لإقامة فرع من تنظيم القاعدة أكثر دموية وعنفا من القاعدة الأم، علاوة على تصاعد الإرهاب عربيا..
لقد أصبح العراق " الكلمة العربية لفيتنام ", هذا ما نقرؤه على التيشيرتات واللافتات في المظاهرات المناهضة للحرب في الولايات المتحدة . " العراق هي فيتنام جورج بوش", وهذا ما يردده السيناتور الديموقراطي ادوارد كينيدي، بفاصل زمني يمتد ثلاثين عاماً لا ينفك العراق وفيتنام يثيران الضجة. في الوقت الذي يجابه فيه رئيس الكونغرس الديموقراطي استراتيجية الانسحاب , هل ينير الصراع في فيتنام الطريقة التي يمكن أن تنتهي فيها الورطة الأميركية في العراق؟

على أرض الواقع , لا يوجد أي تشابه بين الصراعين. ولكن مبررات الحرب واحدة في الحالتين , تحقيق أمن الولايات المتحدة بدمقرطة بلد يعتبر بنظرهم مركزاً لتهديد أيديولوجي أكبر , في الأمس كانت الشيوعية واليوم هو الإسلام الأصولي . ومن الناحية العسكرية, يعتبر التورط الأمريكي في العراق مختصراً أكثر. لقد كان لدى الولايات المتحدة 580 ألف جندي في فيتنام مقابل 156 ألف جندي اليوم في العراق . كانوا يقصفون الأعداء. فرق آخر أساسي : الجندية الإلزامية. كان الجنود سابقاً من الشباب الذين يؤدون خدمتهم العسكرية, أما اليوم فهم متطوعون. وأخيراً، فإن عدد الضحايا, فيه لا مجال للمقارنة. 58ألف قتيل في فيتنام, في عشر أعوام, مقابل 3470 في العراق في أربع أعوام.

هل يوجد تماثل بين الحرب الأميركية في العراق المستمرة منذ أربع سنوات، و الحرب الأميركية في فيتنام المنتهية منذ أكثر من ثلاثين عاما؟معظم المحللين الغربيين ، و لا سيما الأميركيين منهم يعتبرون  أن العراق هي غلطة السياسة الخارجية الأكبر منذ الحرب الفييتنامية.

كانت الحرب الفييتنامية أطول الحروب في التاريخ الأميركي. ولقد ابتدأت بفصل يقارنه الكثيرون بقضية أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين : الهجوم على مدمّرة صغيرة أمريكية في خليج تونكين. وهذه استخدمت كذريعة أمام الكونغرس من قبل الرئيس ليندون جونسون, في آب 1964, لإطلاق يده في إرسال قوات مقاتلة. وبعد ذلك, اكتشف أن هجوماً آخر , استخدم كذريعة, لم يحدث مطلقاً. وحسب روبيرت بريغهام, صاحب كتاب " العراق, هل هو فيتنام جديدة؟", أنتج نفس السيناريو في تشرين الأول/ أكتوبر  2002, للسماح لبوش باستخدام القوة ضد العراق. لقد صوت الكونغرس مع, ثم بدأ الدعم يتآكل, وندم معظم البرلمانيين على تصويتهم.

وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في مقال كتبه لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"  الخميس الماضي ، قارن  بين العراق وفيتنام مؤكداً أن "التاريخ لا يعيد نفسه أبداً بالطريقة نفسها. العراق وفيتنام حربان مختلفتان في زمانين مختلفين"، إلا أنه أقر بوجود "تشابه مهم" بينهما. واعتبر أن هذا التشابه يكمن في أنه في الحالتين "وصل النقاش الداخلي الأميركي  إلى درجة من الحدة استبعدت النقاشات العقلانية والخيارات الصعبة". وشدد على أنه "يجب استخلاص استقرار سياسي انطلاقاً من الرؤى المتلاقية تارة والمتصارعة طوراً للأحزاب العراقية ولجيران العراق وغيرها من الدول المتأثرة (بما يجري في العراق) اعتماداً على القناعة بأن المرجل العراقي يمكنه إذا لم يتم ذلك أن يفيض ويغمر الجميع". وشدد على أن "الشرط الملزم الأساسي يكون بالحفاظ على القوة في المدى المنظور".

في الحقبة الفييتنامية, أخذ الرأي العام وقتاً طويلاً قبل أن ينقلب على الحرب, لوقت طويل, أصغى إلى دعوات الصبر, والخطابات حول " الإشارات المشجّعة" التي كانت تصل من أرض المعركة.في تشرين الثاني 1967 أعلن الجنرال ويليام ويستموركلان :" إننا نحرز تقدّماً حقيقياً". و استمر الرئيس بوش و لغاية بضعة أشهر مضت يكرر الجملة ذاتها "إننا سنكسب الحرب" في العراق.
في حال العراق, كان الانحسار في دعم الحرب ثابتاً لكنه تدريجي. الانتصار الديموقراطي في انتخابات تشرين الثاني, وما تبعه من تقرير لجنة بيكر- هاميلتون الذي أشار إلى وضع " خطير", أسرع في وتيرة أزمة الضمير. ومع أن الديموقراطيون لم يروّجوا في حملتهم الانتخابية للانسحاب, وإنما فقط ل" تغيير في الاستراتيجية", فلقد وجدوا أنفسهم وسط رأي عام يطالب في ثلثيه, بعودة القوات قبل عام 2008.

لم يفرض الكونغرس في تاريخه قرار إنهاء حرب مباشر. إنما تتلخص مهمة البرلمانيين في منع الرئيس من قيادة حرب لا عوائق أمامها. ولقد لخّص دافيد سيروتا, الناشط في سبيل دفع الحزب الديموقراطي لمعارضة السيد بوش ذلك بقوله:" الأغلبية الأميركية تعارض الحرب, والديموقراطيون هم أغلبية المجلس, ولكن أغلبية الكونغرس ليست ضد الحرب حتى الآن." بالمختصر, لم يمنع الديموقراطيون قرار السماح بالحرب عام 2002. ولم يمنعوا حتى التدخل أو غزو إيران.

الإدارة الأميركية الحالية وفقا لما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"السبت 26 أيار الماضي تدرس خفض عدد القوات الأميركية في العراق بنحو 50 في المئة منتصف العام المقبل ، إضافة إلى تغيير و تحديد المهمة الموكلة للجنود الأميركيين لتتركز على تدريب القوات العراقية  و قتال تنظيم القاعدة.و يرى المحللون أن عودة إدارة الرئيس بوش إحياء توصيات لجنة بيكر- هاملتون التي تتوافق مع الديمقراطيين ، كانت السبب في التنازل أو التراجع المفاجىء للديمقراطيين  أمام البيت الأبيض. فهذه التسوية مفيدة لكلا الطرفين  أمام الرأي العام  الأميركي ،و لاسيما أن الانتخابات الرئاسية على الأبواب.

لعب كل من وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس دورا أساسا في إقناع الرئيس بوش بتغيير موقفه من لجنة بيكر- هاملتون، بعدما توصلا إلى حقيقة إخفاق زيادة عدد القوات في تحقيق  تقدم سياسي  حقيقي في العراق... هذا الرأي طبعا يشاركهم فيه و منذ مدة طويلة جنرالات الميدان العراقي و على رأسهم قائد القوات الأميركية في العراق ديفيد بتريوس.

لا شك أن الحرب الكارثة في العراق أكدت على تراجع الولايات المتحدة الأميركية. ومن مظاهر هذا التراجع لأميركا مابعد أحداث 11 سبتمبر، سقوط  بول وولوفيتزمن رئاسة البنك الدولي بسبب فضيحة الفساد. فالرجل معروف عنه ، أنه كان من صقور المحافظين الجدد داخل الحكومة الأمريكية -(الذين يعتبرون   الفيلسو ف ليو شتراوس، مرجعهم الروحي  ،إذ تتعارض إيديولوجيته مع البراغماتية  الميكيافيلية،ويريد إعادة الأخلاق إلى السياسة )-و كان الرجل الثاني في البنتاغون ،ولعب دورا رئيسا  في مفهوم حرب  الخير الصليبية  ضد الشر، وكان له  تأثيره الحاسم في قرار المغامرة العسكرية الأمريكية في العراق,و دفع الرئيس جورج بوش إلى إعلان الحرب على العراق.وكان وولفوفيتز  في الماضي عضواً في الحزب الديمقراطي وهو مؤيد قوي لإسرائيل.

أسفرت نكسة الولايات المتحدة في العراق عن وضع الرئيس بوش في موضع الدفاع ، بعد أن تقوضت مكانته بسبب شبح الإخفاق في العراق، فضلا عن اضمحلال نفوذ صقور المحافظين الجدد الذين بدأوا يتساقطون كأوراق الخريف لمصلحة "الحمائم" الذين تولوا مقاليد الشؤون الخارجية في أميركا ، بعد إخفاق سياساتهم خاصة في العراق .و كان هؤلاء المحافظون الجدد الذين عقدوا العزم على تنفيذ استراتيجية تقوم على أساس استخدام قوة الولايات المتحدة الضخمة خلال حكم إدارة بوش "لإحداث ما يشبه الثورة في العالم من خلال العمل على تغيير  الأنظمة الدكتاتورية واستبدالها بأنظمة ديمقراطية"،إما أنهم تركوا الإدارة الأميركية الحالية  (بول وولفوفيتز، دوغلاس فيث) ،أو أنهم تخلوا عن خطابهم الإيديولوجي أمثال (فرانسيس فوكوياما).

من الشخصيات الأخرى المثيرة للجدل والاستهجان داخل تيار المحافظين الجدد جون بولتون الذي كان قد عمل مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية الأمريكية. وقام بوش بتعيينه بعد ذلك مندوباً لأميركا في الأمم المتحدة في نيويورك رغم اعتراض الكونجرس بشدة. واضطر إلى الاستقالة بعد سيطرة الحزب الديمقراطي على الكونجرس في الخريف الماضي. كما ضحى بوش  أيضا بوزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد عقب هزيمة الجمهوريين في الانتخابات النصفية في نوفمبر العام الماضي.أما نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ، الذي كان قويا في السابق، فقد أصبح مركزه ضعيفا الآن ، و لاسيما  بعد إدانة مدير ديوانه  لويس ليبي في شهر مارس/ آذار الماضي بالكذب أمام المحققين حول تصرفاته. وهو يواجه حكماً بالسجن لمدة سبعة أعوام وسيتم إصدار الحكم بالفعل في الشهر المقبل.

المراجعة الجارية في الولايات المتحدة الأميركية  حول مرتكزات الغزو للعراق  هي الأعنف حاليا منذ حرب فيتنام . و الحال هذه ليس غريبا أن تأخذ هذه المراجعة  في الصحافة الأميركية  من أجل إعادة تموضع الحقيقة فوق مصالح الحزب الجمهوري و إدارة الرئيس بوش ، و لكنها لمصلحة قيم الأمة الأميركية الليبرالية و الديمقراطية،  طابعا ثأريا  أحيانا بحق المتسببين الرئيسيين لهذه الحرب.
ف"السلطة الرابعة" التي أسقطت رتشارد نيكسون عام 1974، تم التلاعب بها  لمصلحة تبرير الحرب على العراق.وهكذا، فإن أجهزة الإعلام الأميركية التي أهينت ، تريد استعادة مصداقيتها أمام الرأي العام الأميركي و العالمي، من هنا تأتي حملتها على مجموعة المحافظين الجدد، وخططهم التي  وضعوها للرئيس بوش وذلك بعد خطابه الشهير في عام 2002 عن دول محور الشر، و التي أصبحت الآن في مهب الريح.

الآن أصبحت الدول الثلاث التي وصفها بوش بمحور الشر تمثل المزيد من التهديدات والأخطار. فالعراق أصبح بؤرة لنشاط تنظيم القاعدة، أما إيران فإنها تمضي قدماً في برنامجها النووي بينما أصبحت كوريا الشمالية دولة نووية معروفة.

*كاتب تونسي مقيم في سورية.
(المصدر: صحيفة " الحياة " (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 جوان 2007)

     
سرّ الحفاوة
 

لم يستقبل بوش في تاريخه بترحيب حار إلا في الكونغرس عندما كان الجمهوريون يسيطرون عليه.. وفي ألبانيا
سراييفو: عبد الباقي خليفة
لم يكن أحد يتوقع، بما في ذلك الرئيس الأميركي جورج بوش نفسه، أن يحظى بذلك الاستقبال الكرنفالي الكبير في تيرانا، رغم ما قيل عن فقده ساعة يده وهو يسلم على الجماهير التي اصطفت لاستقباله بحفاوة كبيرة. لا سيما أن أخبار المظاهرات الاحتجاجية في روما وصوفيا وغيرها، قد سبقت جولته الأخيرة. ورغم أن خبر ساعة اليد المفقودة أو المسروقة التي شغلت ركنا من صحف البلقان، بما فيها صحيفة «فيتشرني ليست» الكرواتية، واسعة الانتشار، قد زادت من خلافات الالبان والصرب حول هوية السارق، بين «صربي متسلل كما تسلل سلفه قاتل ولي العهد النمساوي في سراييفو سنة 1914»، وفق الرواية الالبانية أو «ألباني سال لعابه عند رؤية ساعة الرئيس، كما يسيل لعاب ألبان كوسوفو بخصوص الاستقلال» حسب تعليقات الصرب. رغم ذلك اندهش العالم للحفاوة البالغة، التي لقيها بوش حتى تصور البعض أن بوش تمنى لو كان شعبه، إن لم يكن العالم بأسره، ألبانا، فما سر تلك الحفاوة ؟ يعتقد الألبان أن الولايات المتحدة، وقفت إلى جانبهم في صراعهم التاريخي مع الصرب الذين استهدفوا خضراءهم جغرافيا وديمغرافيا منذ وصولهم إلى المنطقة في القرن السابع أو التاسع ـ على اختلاف المصادر ـ وتمددوا على حساب الارناؤوط والاليريين، وكادوا يبتلعون البلقان بأسره لولا تمكن العثمانيين من كسر شوكتهم في عام 1389 على أرض كوسوفو، ومن ثم تأخير المشروع التاريخي للصرب وهو ـ إقامة صربيا الكبرى ـ لمدة 5 قرون. ويعتقد الألبان وكثير من مثقفي البلقان أن الحرب التي شهدتها يوغسلافيا السابقة، والتي هدفت لتحقيق مشروع صربيا الكبرى ـ ويتفق معهم الكروات والمقدونيون والسلوفينيون والبوسنيون والكثير من الصرب المعارضين لسياسة الرئيس الصربي الاسبق سلوبودان ميلوسيفيتش ـ ساهمت في إخماد ذلك المشروع، ويعتبرون أن استقلال كوسوفو آخر مسمار في نعش تلك الخطة، حيث تمثل كوسوفو جسرا يربط صربيا بمشروع جيوسياسي ـ مفترض ـ يمتد باتجاه روسيا عبر مقدونيا واليونان ورومانيا وبلغاريا وغيرها. وبمنح كوسوفو الاستقلال، يتم القضاء نهائيا على ذلك المشروع الحالم، رغم أن الاوضاع الحالية لا تمسح بإقامته، لوجود عدد من الدول المذكورة في الشراكة الاوروأطلسية. لكن منظري المشروع يرون أن ذلك يساعد على إقامته من خلال تنظيم جناح أرثوذكسي داخل المؤسسات الاوروأطلسية نفسها. وهناك اجماع دولي على أن ضم أوروبا الشرقية بما في ذلك دول البلقان، وبالأخص جمهوريات يوغسلافيا السابقة إلى الاتحاد الاوروبي، وحلف شمال الأطلسي، من شأنه القضاء تماما على مختلف الصراعات في المنطقة، بعد تحجيم صربيا جغرافيا لمنعها من إحياء فكرة صربيا الكبرى التي ولدت مع وصول السلاف إلى البلقان قبل 11 قرنا. ولا شك أن الموقف الأميركي من استقلال كوسوفو، يأتي في مقدمة الأسباب التي دفعت الألبان ذوي المشاعر القومية العارمة، والتي تعلو على جميع الروابط الأخرى لديهم على استقبال الرئيس الاميركي جورج بوش، ذلك الاستقبال الرائع الذي لم يحظ به في أي دولة زارها من قبل، أو أي دولة سيزورها في المستقبل. وهذا الموقف لم يفرض على الألبان استقبال بوش بكل ترحاب ومشاعر حب حقيقية تجاه الولايات المتحدة الأميركية فحسب، بل برفع العلم الأميركي في كل المناسبات الألبانية. ويحتفظ كل ألباني في كوسوفو خاصة، بعلم الولايات المتحدة وبصورة للرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، وهناك مشروع لإقامة تمثال للرئيس كلينتون وعدد من الساسة في العالم، ممن أيدوا الحق الألباني في الاستقلال، من بينهم رئيس وزراء بريطانيا توني بلير. مع الاعلان على أن هناك ساسة آخرين ستبنى لهم تماثيل، بيد أنه لم يعلن عن أسمائهم، حتى قال بعض المعلقين بأن بوش يسعى للحاق بموكب التماثيل في بريشتينا وتيرانا، والحصول على تمثال يخلد ذكراه على بعد آلاف الأميال من الولايات المتحدة الأميركية، التي لن يبني له فيها أحد أو في أي مكان آخر من العالم، أي صورة جميلة، فضلا عن تمثال لإحياء ذكراه بعد مماته. الوضع الاقتصادي والتطلع للولايات المتحدة الاميركية لانتشال ألبانيا التي تعد أفقر دولة في أوروبا، من وهدة الفقر والتخلف الذي ورثته البلاد من سنين الشيوعية العجاف، أثناء حكم الديكتاتور أنور خوجا، يفسر جانبا من ذلك الاستقبال، فقد أظهرت الاحصاءات الصادرة عن البنك الوطني الالباني مؤخرا أن العجز التجاري في تزايد نتيجة لانخفاض مؤشر الصادرات. وقد بلغ حجم التجارة الالبانية بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (ايلول) العام الماضي 1.8 مليار يورو ، شكلت الواردات منها 1.4 مليار يورو . وارتفعت قيمة الواردات بنسبة 14.1 في المائة مقارنة بسنة 2005. كما انخفظت الصادرات بنسبة 10 في المائة، وارتفع اجمالي العجز التجاري بنسبة 14.7 في المائة. وعزا البنك الوطني الألباني هذا الارتفاع في حجم الواردات إلى عملية تقوية العملة المحلية مقابل العملات الاخرى، ولاسيما الدولار واليورو، وإلى زيادة الاستثمارات المحلية، إلى جانب عمليات الاقراض للعملاء من القطاع الخاص. وشكلت المواد الخام والبضائع المستهلكة حوالي 46 في المائة و31 في المائة على التوالي من اجمالي الواردات. وقد انخفض حجم الاستثمار الأجنبي بنحو 85 مليون يورو بسبب اتهامات بالارهاب وجهت لبعض المستمثرين العرب، وتحديدا رجل الأعمال المعروف ياسين القاضي. بينما بيعت كل المؤسسات الاقتصادية لرجال أعمال غربيين بأسعار زهيدة (140 مليون يورو)، أما إذاعات الدعاية الشيوعية فقد بيعت ـ ويا للمفارقة ـ للفاتيكان وبقية الكنائس في مجتمع يمثل المسلمون فيه أكثر من 70 في المائة من عدد السكان. وتعد المساعدات الدولية التي خصصت لألبانيا قليلة، مقارنة باحتياجات البلاد، ووضعها الاقتصادي المتدهور، حيث لم يخصص البنك الدولي سوى 196 مليون دولار فقط لمدة 4 أعوام من 2006 وحتى 2009، وذلك تحت ما يسمى في مفاهيم البنك الدولي «استراتيجية مساعدة دولة» وتهدف هذه المساعدة لتنمية القطاع الخاص، وتحسين أداء الخدمات العامة. لكن ارتفاع حالة البطالة التي تصل إلى مستويات قياسية، تقدرها بعض المصادر بـ36 في المائة، وانتشار الجريمة المنظمة، وبطء النمو الاقتصادي رغم عودة الاصلاحي الكبير صالح بيريشا للحكم، وضعف المساعدات الدولية، تحول من دون إحداث قفزة اقتصادية كبيرة في ألبانيا. وكان البنك الدولي قد ذكر في تقرير له عن ألبانيا أن أعطال الكهرباء اليومية والتي تمتد إلى نصف ساعة يوميا ربما تحول دون نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 6 في المائة المتوقعة، في الوقت الذي استمر فيه الجفاف في خفض منسوب المياه بالخزانات التي تستخدم في توليد الكهرباء. ولذلك يتطلع الالبان لمساعدات أميركية أكبر مما قدمه البنك الدولي، لتنمية بلادهم وتحقيق المعايير المطلوبة للانضمام للاتحاد الاوروبي في غضون السنوات العشر القادمة إلى جانب البوسنة وصربيا ومقدونيا، أما كرواتيا والجبل الاسود فيتوقع أن تنظما للاتحاد في 2009 أو 2010. إلى جانب كل ذلك، هناك مصالح مشتركة بين الالبان والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما على الاصعدة الأمنية والعسكرية، فالألبان لا يرون غضاضة في إقامة قواعد عسكرية أطلسية فوق أراضيهم، مع تململ شعوب أخرى من ذلك ولا سيما الايطاليين الذين يتظاهرون باستمرار وكرروا ذلك خلال زيارة بوش الأخيرة لبلادهم ضد توسيع قاعدة عسكرية أميركية فوق أراضيهم. ويتوقع أن يفعل الالمان والاتراك واليابانيون ذلك أيضا، وهو ما يدركه الاميركيون جيدا، ويعتبرون ألبانيا وكوسوفو أفضل البدائل بحكم موقعهما الاستراتيجي القريب من القارات الثلاثة، أوروبا وآسيا وافريقيا. وهناك قاعدتان أميركيتان في كل من البانيا، وكوسوفو حاليا. وتشارك ألبانيا بقوات عسكرية في كل من العراق وأفغانستان وهو ما يثير ثناء وتشجيع وإعجاب واشنطن، بالحليف الالباني، على كافة الاصعدة بما فيها ما يعرف بالحرب على الارهاب. وكان وزير خارجية ألبانيا، لولزيم باشا، قد ذكر في وقت سابق، ارتياح واشنطن لدور بلاده في محاربة الارهاب، بعد اعتقال عدد من المتهمين بمحاولة ضرب القاعدة العسكرية الاميركية فورت ديكسFort dix بنيو جرسي في مايو (آيار) الماضي، وقال إن بلاده «تعتبر نفسها سندا للولايات المتحدة في الحرب على الارهاب»، مقابل ذلك طلب من واشنطن دعم بلاده للانضمام لحلف شمال الأطلسي، ودعم مسيرة الديمقراطية، والتنمية الاقتصادية التي يتطلع إليهما شعب ألبانيا. وقد رد الرئيس الأميركي جورج بوش على بعض تلك المطالب أثناء زيارته الأخيرة لتيرانا، فقد أكد على حق ألبان كوسوفو في الاستقلال، وعلى دعم بلاده لانضمام ألبانيا لحلف شمال الأطلسي، وعلى حماية الديمقراطية في ألبانيا. إن ما يشجع الولايات المتحدة على الثقة في ألبانيا، وما يدفع بالألبان إلى التحالف مع الولايات المتحدة، هو أن ألبانيا بالنسبة لواشنطن بلد مستقر إلى حد كبير، ولا توجد به مشاكل سياسية تتعلق بمستقبل السلطة، بعد اعتماد الخيار الديمقراطي لحسم الخلافات بين الاحزاب والتيارات المختلفة. أو ما يطلق عليه «وضع ألبانيا على سكة الديمقراطية»، بعد عقود من الشمولية الشيوعية، كما لا توجد مشاكل عرقية كما هو الحال في صربيا ودول أخرى في العالم، والبعد القومي الألباني ليس متشددا ولا فاشيا، كما هو الحال في دول مجاورة، ورغم التعدد الديني للالبان، إلا أن ذلك لم يسبب أي شقاق داخل المجتمع مثلما يجري في مناطق أخرى من العالم والعلاقات الالبانية مع الجيران لا تشوبها أية خلافات حدودية أو مماحكات ايديولوجية أو تنافس على خدمة الحلفاء الدوليين والتأثير الاقليمي أو أي نوع من التنافس العبثي. ورغم وجود خلافات مع صربيا بسبب كوسوفو، إلا أن ذلك لم يصل إلى حد القطيعة فهناك علاقات دبلوماسية وتبادل تجاري وزيارات متبادلة. أما الألبان فيكفيهم أن الولايات المتحدة هي القوة الأكبر على وجه الأرض عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
* يبلغ عدد سكان ألبانيا 4،5 ملايين نسمة، ومعروفة بالسياحة وببعض المزروعات مثل المشمش والخوخ والخضراوات. فتح العثمانيون ألبانيا عام 1468. وشكلت منطقة البلقان جزءاً من الخلافة العثمانية للقرون الأربعة التالية. دخل معظم سكان البلاد الدين الاسلامي في هذه الفترة. وعندما خسر العثمانيون أراضيهم في المنطقة نتيجةً لحرب البلقان الأولى عام 1912/ 1913. نال الألبان استقلالهم عام 1917 ابان الحرب العالمية الأولى تحت الاحتلال الايطالي .وأُعلنت الجمهورية عام 1925 ثم الملكية عام 1928، ثم احتلتها ألمانيا عام 1943 بعد انهيار الأولى. وتمكنت المقاومة الألبانية والحلفاء من تحرير ألبانيا عام 1944. ولاحقا اعلن قيام الجمهورية الشعبية عام 1946، وبهذا أصبحت البلاد إحدى دول الكتلة الشيوعية في العقود الأربعة القادمة. لكن توترت العلاقات الألبانية ـ السوفياتية عام 1960 عندما انتقدت القيادة الالبانية السياسة السوفياتية، أدى ذلك في العام المقبل إلى قطع العلاقات بين البلدين وتوجه ألبانيا إلى الصين الشعبية.

(المصدر: موقع "الحوار.نت" (ألمانيا) بتاريخ 16جوان 2007)

غرائب الدهر

عبداللطيف الفراتي (*)

يقف المرء مشدوها أمام أحداث تترى أمامه، فيذهب به الاعتقاد أنه موجود في أحد أمرين لا ثالث لهما:

فهو إما أن ما تعلم خاصة من فلاسفة عصر النور لا يمثل شيئا وأنه بات غير متسق مع العصر، في بلداننا العربية التي وحدها باتت إلى حد ما استثنائية في سلوكاتها وتصرفاتها.

أو إن تلك الحقائق التي انحدرت إلينا من رحم الثورة الفرنسية ومن المفكرين الذين نظروا لها ولغيرها من التحولات العالمية التي غيرت وجه العالم وأعدت لمراحل الديمقراطية ولحقوق الإنسان والحريات الفردية والعالمية وضبطت لذلك نواميس ستبقى الملهم للسلوك الطبيعي للإنسانية، بوصفها تشكل المرجعية التي لا غنى لها عن تنظيم البلدان والأمم وهذه القرية الإنسانية التي اقتربت أطرافها.

يجرنا إلى هذا ليس ما يجري في لبنان ولكن ما يدور حول لبنان من كلام وتعاليق يقف أمامها المرء الذي يعتقد أن الفكر العقلي هو الذي ينبغي أن يقود الخطوات (LE RATIONNEL) ويحدد المواقف ويرسم المعالم على طريق عالم يعيش في قرنه الواحد والعشرين وليس في عصور أخرى.

وإلى حد علمي ـ وحتى الحكم السوري لا يستطيع أن يثبت غير ذلك رغم عدم تبادل السفراء منذ الاستقلال، ورغم عدم ترسيم الحدود، ورغم التدخل اليومي المتكرر ـ فإن لبنان هو دولة قائمة الذات، لها علمها وحدودها حتى ولو كانت غير مرسمة (وليس ذلك بإرادتها) ولها اعتراف دولي، وعضوية في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيرها عشرات من المنظمات الدولية، وهي موقعة ومعترفة بمعاهدة الدفاع العربي المشترك، هذه الخرقة وبكل بساطة التي لم تمنع دولة عربية من الاعتداء على دولة عربية أخرى واكتساحها، ومحاولة ضمها، ومن هنا وككل دولة فهي ومؤسساتها، حتى ولو كانت خلافات مستعصية قائمة بين جهاتها، تتمتع بمقومات الدولة بسكانها وإقليمها، الذي لا يقبل أحد لا من أهليها ولا من غير أهليها أن يخترق أو أن يصبح محل أي مساومة.

ولذلك كله فعندما تعرض الجيش اللبناني إلى اعتداء من جهة، هي بالزيادة غير لبنانية، وتنتمي إلى تنظيم غير لبناني، وقوامه قطاع طريق لا ينتمون للبنان وأبنائه، وعندما قتل منه العشرات في عملية غادرة جرت على أرضه، وعندما تمترس المتآمرون متخذين عشرات ألوف الفلسطينيين كدروع بشرية يحتمون بها ويعرضون حياة أفرادهم للخطر، كان من الطبيعي أن يقف هذا الجيش وقفة الرجال ليذود عن الوطن وحياضه، وليمنع من يعتدون على سيادة دولته، ومن ينالون من سلامتها الترابية، ومن يعرضون حياة الناس للخطر، ومن يقيمون ميليشيات، غير قوة الدولة الوحيدة التي ينبغي أن تحمل السلاح، لأنها عصارة من يمثل الشعب. وكان ذلك الجيش الرمز الوحيد الواقف الذي يستطيع اليوم أن يدعي وبحق أنه يمثل كل لبنان وكل اللبنانيين قويا في عزمه وإنسانيا في تحركه وقد وضع حسابا لكل شيء وكان يمكن في يوم وليلة أن يقضي على الدخلاء ولكن بكم من الضحايا المدنيين الأبرياء ولكنه أبى أن يتسم بما لا يتسم به اللبنانيون عموما من قسوة نشاهدها عند غيرهم.

أما غير الطبيعي والذي يجب الوقوف عنده بعد مرور الأسابيع على بدء هذه المغامرة، فهو هذه المواقف القليلة من حسن الحظ، والتي نشاهدها من حين لآخر في الصحافة العربية أو بعض الصحافة العربية خاصة، ولدى بعض التنظيمات العربية، وبعض الغمزات الحكومية.

وللمرء أن يتساءل، لو قامت عصابة من القاعدة أو من غير القاعدة، في أي دولة عربية غير لبنان، أو أي دولة في العالم، تقتل أفراد الجيش وتحتل الأرض، وتريد أن تفرض قانونها، ماذا يكون رد الفعل، هل تقع الدعوة للتفاوض معها، أم لتركها تفعل ما تفعل بدون عقاب، وعلى حساب كرامة ذلك الجيش والدولة التي ينتمي إليها.

ذلك بالضبط في اعتقادنا ما نادت إليه بعض الصحف، العربية طبعا في زمن غابت فيه القيم، وتلاشت المقاييس المعتمدة، والحريصون على لبنان،، لبنان الذي قدم للأمة العربية ومازال يقدم مظاهر العبقرية، البلد الصغير المتميز في إنتاجه الثقافي الفني الأدبي العلمي، الناجح في مسيرته رغم ما أحاط به ومازال يحيط به من محن، لبنان الذي أشع في الداخل وأشع عبر العالم ومنذ مئات السنين، لبنان هذا بتنوعه المبدع وبقدرته على التعايش لا يهون حتى يذهب ضحية جهات من المغامرين الوافدين من مختلف أقطار عربية وإسلامية يسعون لزرع بذور الفتنة ويتحدون الجمال والمحبة والوئام.

الذين يرون فيهم مكافحين منافحين، ما عليهم إلا أن يدعوهم إلى بلادهم يتركون لهم جيوشهم ضحية لأفعالهم، أما لبنان فليتركوه للبنانيين فهم الأولى به والأقدر على معرفة شؤونه، ومهما طال بهم الخصام فإنهم سيدركون يوما أنهم لابد أن يسيروا على طريق الوئام طريق التعدد السياسي والديني والمذهبي، فعبقرية لبنان واللبنانيين في أنهم يستطيعون العيش في هذا الظل المتنوع.

إن لبنان للبنانيين وكما تنتصر إرادة الشعوب دوما، فإن لبنان سيحصل على حرية قراره، المراد ارتهانه، وسيذهب الذين يسعون لتقتيل أبنائه بداية من الرجل الوطني الغيور رفيق الحريري إلى آخر النائب عيدو وابنه البريء لأن العصر ليس العصر، واستعباد الشعوب قد ولى وحق الناس في تقرير مصيرهم دون تدخل خارجي هو الوضع الطبيعي الذي لابد أن يفرض نفسه.

إني لا أريد لبلدي أن يكون ضحية جار ـ وقد حاولوا وفشلوا ـ وبالتالي لا أريد ذلك لأي بلد آخر، وخاصة للبنان الذي تجمعني به ومنذ قرون أواصر تقيم أوجه قرابة وعلقة وحب.

(*) كاتب من تونس

(المصدر: صحيفة "الشرق" (يومية – قطر) الصادرة يوم 17 جوان 2007)


دولة غزة الحمساوية ودولة الضفة الفتحاوية

بقلم: برهان بسيّس

 

يبدو ان حل الدولتين على ارض فلسطين: واحدة لاسرائيل وأخرى للفلسطينيين قد أصبح من مخلفات ماض منقطع عن خصائص الحاضر الجديد، هو حل قديم بال لم يعد يستجيب لطموحات شعوب جديدة نشأت بالمنطقة هذه المدة

وكوّنت لنفسها هوية وطنية محمولة بطموح التأسيس لدولة مستقلة ومستعدة في سبيل ذلك لتقديم قوافل الشهداء من رصيدها الحافل بنبض رهيب مقدس للموت وقيمه في سبيل تحقيق أهدافها «النبيلة».

شعبان ظهرا هذه الايام ـ وهي ظاهرة سوسيولوجية وديمغرافية نادرة ـ استحال معها مواصلة التعامل مع واقع الارض والتاريخ في فلسطين بنفس المقولات البائدة والحلول التقليدية المتهافتة التي لا يمكن ان ترتقي الى مستوى طموح الشعبين والامتين الناشئتين.

شعب حماس وشعب فتح، الامة الحمساوية والامة الفتحاوية كلاهما صاحب حق لا يمكن ان يشكك فيه الا مغرض متآمر في أن يكون لهما دولتهما المستقلة وكيانهما السيد على ارضه برموزه وأعلامه وراياته الخفاقة.

النصر الساحق الذي حققه شعب حماس في معركته الاخيرة من اجل الاستقلال الوطني واقامة دولته المستقلة على ارض غزة المحررة كان فعلا مكسبا وطنيا ونموذجا بطوليا لكل الشعوب التائقة للتحرر ولعل المهرجان العظيم الذي أقيم في غزة يوم الجمعة احتفالا بالنصر بالاهازيج والمسيرات المنطلقة من المساجد وزغاريد النسوة وتكبير الرجال يعكس بالفعل صورة النضج الراقي الذي بلغه العقل السياسي العربي المهلل لنصر التحرير الدموي الذي أرسل الى جهنم او الجنة ـ المسألة غير محسومة ميتافيزيقيا ـ ما لا يقل عن ستين قتيلا من السكان الاصليين السابقين للمنطقة الذين عرفوا عبر التاريخ باسم (الشعب الفلسطيني) ـ طبعا بين قوسين ـ.

الامة الفتحاوية لم تسكت طبعا وسارعت لاعلان قيام دولتها المستقلة على ارض الضفة الغربية المحررة وهو بالتأكيد ايضا نصر وفتح من طينة الفتوحات التاريخية للشعوب التائقة للاستقلال والحرية.

الرئيس السابق لما كان يعرف بسلطة فلسطينية اعلن حالة الطوارئ بمرسوم رئاسي ليحمي كيان دولته الناشئة والرئيس السابق لما كان يعرف بحكومة فلسطينية قدم وثيقة استقلال غزة قبل ان يخرج مع انصاره كعادته كل يوم جمعة متلحفا في جلبابه بعد ان ألقى خطبة الجمعة من على منبر مسجد الفاروق عارضا فيها اهم تطورات الاحداث وخطة مجموعته لمواجهتها.

لمّا كنا ندعو بعض الديموقراطيين العرب الى التريث قبل الاقبال العفوي على الاحتفاء والتهليل لتجارب الديموقراطيات الناشئة عربيا ومنها الديموقراطية الفلسطينية، ولما كنا نلفت الانتباه الى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار بأن صندوق الاقتراع لا يمكن ان يكون مهما بلغت به درجة الشفافية الشكلية محرارا للديموقراطية الحقيقية خاصة اذا انتصب في بيئة اقطاعية مختلة توازناتها لفائدة الفقر والجهل والاحتلال والمرض والعشائرية، ولما كنا نقول ان عملية الانتقال الديموقراطي ليست مهرجانا انتخابيا او استعراضا فولكلوريا بل هي استراتيجيا لتغيير مجتمع قبل تغيير شكل الدولة.

لما كنا نقول كل ذلك كان الكثيرون يتهموننا بالتحالف مع الاستبداد والتنظير لاطالة امده وتأجيل الانتقال الديموقراطي المطلوب.

ها ان معركة استقلال غزة واستقلال الضفة الغربية تعطي للتبسيطيين صدمة الدرس القاسي الثّاوي بين طيات السؤال الاكثر قسوة.

هل أننا كعرب نستحق فعلا الحرية؟!!

(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 17 جوان 2007)


إنتحار الشرق الأوسط

محمد الحدّاد (*)

أبراهام بورغ ليس مجرد مثقف يبدي رأيه بواسطة المقالات الصحافية، أنّه رئيس الكنيست الإسرائيلي من 1999 إلى 2003 والرئيس السابق للوكالة اليهودية وأحد مؤسسي حركة «السلام الآن». فرأي مثل هذا الرجل يحمل محمل الجدّ.

أبراهام بورغ أثار زوبعة من الجدل الصاخب منذ أيام بسبب تصريحات من العيار الثقيل ضدّ السياسة الإسرائيلية، وهو لم ينتقد وزيرا أو رئيس حكومة أو حزبا من الأحزاب السياسية، لكنه انتقد أحد الأسس التي قامت عليها دولة إسرائيل نفسها: «إن تعريف الدولة الإسرائيلية على أنّها الدولة العبريّة هو الذي سيؤدّي إلى خرابنا». هذه عبارة واحدة من عبارات قويّة وغير معهودة تلفظت بها شخصية مرموقة في المجتمع الإسرائيلي لتكون ناقوس خطر ينبّه إلى المسار الذي تتجه فيه الأحداث ويكاد يبدو دون رجعة.

تصريحات من هذا القبيل يمكن أن نقرأها قراءات متعدّدة، وما يبدو مثيرا للاهتمام بصفة خاصة هو قيامها شاهدا على أنّ الرأي العام الإسرائيلي خاصة، واليهودي عامة ليس لونا واحدا، وكان من الخطأ أن وقع التعامل معه دون تمييز منذ عسكرة الانتفاضة ومنذ أن استقرّ الظنّ بأن ما لم يؤخذ بالمفاوضة يمكن أن يؤخذ بالقوّة وحدها. وليست القضية أن نتجادل مجدّدا حول ما دعي بمسار السلام، أكان جديرا بالدعم أم غير جدير. ذلك أن الانفتاح على دعاة السلام من الإسرائيليين خاصة واليهود عامة هو خيار بدأ مع بداية القضية الفلسطينية وهو أقدم من أوسلو ومؤتمر مدريد، وكان ممكنا عندما كانت القضية في عهدة قيادات سياسية لا دينيّة. ومع استحواذ حماس وأخواتها على القيادة تغلبت الأيديولوجيا على الاعتبارات العملية ولم يعد ممكنا تصوّر مبادرات مهمة في هذا الاتجاه. وقد ساهم ذلك في ضمور «حركة السلام» المدنية المنبثقة من المجتمع الإسرائيلي نفسه، أو من الأوساط اليهودية الملتزمة في الغرب.

ما الذي يدفع أبراهام بورغ إلى تصريحات من هذا القبيل؟ ليس التعاطف مع الفلسطينيين في المقام الأوّل، هذا أكيد. لكن بورغ وأمثاله يدركون أن القوة وحدها لا يمكن أن تحسم الصراع وتتكفل بحماية مجتمعهم. هم يدركون أن ثمة خطأ جوهريا، لذلك يشدّد بورغ على ضرورة إلغاء ما يدعى بحقّ العودة الذي يسمح باستيطان أي يهودي في العالم دولة إسرائيل. ثمة جرأة كبرى في التقدّم بهذه المواقف خاصة في الأجواء الحالية المشحونة ولا يمكن أن تكون هذه المواقف مجرّد تمويه أو تقاسم أدوار. أجل، ثمة جدل داخلي قويّ وثمة أيضا ضغوط قويّة على من يجسر بالتغريد خارج السرب، وهذا معطى لا يجوز التغافل عن أهميته. لا يمكن للشرق الأوسط كله أن يواصل مسلك الهروب إلى الأمام والمراهنة على العنف ليحسم النزاعات، وقد لا يبرز المخرج من نتيجة النزاع، ولكن من المراجعات الداخلية التي تبادر بها أصوات شاذة من كلّ الأطراف. وهذا الشذوذ هو الذي سيمنع العنف من أن يأكل الأخضر واليابس فلا يبقي على شيء. فلا يمكن أن تتزحزح مآزق الشرق الأوسط جميعها بغير جرأة من نوع ما أقدم عليه بورغ، هو الذي ذهب إلى حدّ نعت الدولة العبرية بالغيتو الصهيوني.

التحدّي الحقيقي من جهة المجتمع المدني الفلسطيني ومثقفيه هو القدرة على استعادة تقليد قديم في القضية الفلسطينية وتشجيع المبادرة الجريئة. لقد سئمنا من اختزال القضية الفلسطينية في عراك شوارع بين فتح وحماس، فهذان فصيلان يحتكران السلاح الفلسطيني لكنهما لا يحتكران القضية الفلسطينية. المطلوب من المجتمع المدني الفلسطيني أن يثبت أنه ليس أقلّ جرأة من شخصيات مثل بورغ وهو مطالَب، بدوره، بمراجعات مؤلمة. وإذا كنّا قد تعوّدنا منذ عشرات السنين على عبارة «إن دقّة الظرف لا تسمح بذلك» فإنّ الجواب اليوم هو أنّ دقّة الظرف لا تسمح... بغير مراجعات عميقة يعبّر عنها بجرأة ومسؤولية.

لقد بدأ السأم يستفحل من عبثية النزاع الداخلي الفلسطيني ويخشى أنّ الأجيال القادمة من العرب فضلا عن غيرهم لن تشعر بارتباط كبير بقضيّة لم تعد واضحة المعالم. ومن الجانب الإسرائيلي أيضا تتبخّر آمال الكثيرين من اليهود وهم يرون العنف الإسرائيلي يخترق المحرمات والخطوط الحمر الأخلاقية والإنسانية. فإمّا أن تواصل الأمور انحدارها إلى وضع عنف يصبح واقعا عادياّ يكاد لا يستفزّ المشاعر، أو أن تنشأ مبادرات شجاعة من أجل تغيير مسار يقارب اليوم من أن يصبح نوعا من الانتحار الجماعي. الواقع الفلسطيني أصبح عنفا خالصا أما إسرائيل فلا يمكن أن تسلم من حمامات الدماء التي أضحت تعصف بالشرق الأوسط كله. وبين التمسك بالقناعات إلى حدّ الانتحار ومقايضتها في سوق الاستسلام، ثمة حدّ وسط هو المفروض أن يدعى سياسة، فإذا لم يبادر إليه الساسة فلا أقلّ من أن تبشّر به أصوات تائهة في البريّة.

(*) كاتب وجامعي من تونس

(المصدر: ملحق "تيارات" بصحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جوان 2007)


 

المفكر الفلسطيني يدعو فتح لعملية تطهير واسعة في صفوفها
بلال الحسن: إقصاء دحلان هو الحل

تقرير حمدي الحسيني (*)

 

رأى الكاتب والمفكر الفلسطيني المستقل بلال الحسن أن قيادي فتح محمد دحلان يتحمل المسئولية الكبرى عن الأزمة الفلسطينية الحالية، ودعا رئيس السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس لإقصاء دحلان تماما عن الساحة السياسية باعتباره "عصا الشيطان" الإسرائيلي.

وفي مقابلة خاصة مع "إسلام أون لاين.نت" عدّد الحسن ما قام به دحلان -بعد هيمنته على الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وبـ"دعم إسرائيلي-أمريكي"- من خطوات ومواقف بهدف عرقلة الشراكة السياسية بين فتح وحماس.

وعلى خلفية ما يشهده قطاع غزة من صراع عسكري بين فتح وحماس انتهى لصالح الأخيرة وبمؤشرات على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، توقع بلال الحسن عضو المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان المنفى) أن تشهد العلاقة بين الحركتين مزيدًا من التدهور قد يمهد للبدء في تنفيذ سيناريو أمريكي إسرائيلي يقضي بتجميد فكرة إقامة دولتين (فلسطينية وإسرائيلية) والعودة إلى إحياء مشروع الكونفيدرالية مع الأردن، وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة؛ وهو ما سيترتب عليه مخاطر جسيمة على طريق الكفاح الفلسطيني قد تهدد بضياع الحقوق الفلسطينية للأبد.

وفيما يلي نص الحوار:

* ما هي قراءتك للموقف الحالي في الضفة الغربية وقطاع غزة في ضوء التطورات الأخيرة المفصلية؟

- لا يمكن للمرء أن يتحدث عن المشهد الأخير الذي انتهى بسيطرة حماس الكاملة على قطاع غزة من دون العودة للوراء قليلا، وربما إلى مشهد انتصار حماس في الانتخابات التشريعية، وتشكيل حكومة إسماعيل هنية الأولى.. هذا الموقف لم تستوعبه حركة فتح وربما تعاملت معه باستخفاف، وقد بدا ذلك من أمرين:

الأول رفضها تلبية دعوة حماس للمشاركة في الحكومة، واختارت المقاطعة وسيلة لإسقاط الحكومة، ثم تحالفت مع القوى الخارجية -إسرائيل والولايات المتحدة- في حصار خانق لحكومة حماس أملا في إسقاطها، وعودة فتح بقوة إلى السيطرة على مقاليد الأمور.

والأمر الثاني أنه: عندما فشلت فتح لجأت إلى تكتيك آخر متمثل في الإضرابات الداخلية وما عرف بأزمة رواتب الموظفين؛ وهو ما أضر بصورة فتح كحركة نضالية خصوصا عندما التقت مصالحها مع المحتل في حصار حماس والتنسيق مع الولايات المتحدة الحليف الأول لقوة الاحتلال، هنا بدأت فتح تتكبد خسائر فادحة في سمعتها وتراجع دورها الوطني.

* هل ترى أن فتح كتلة موحدة في تطبيق هذه السياسة تجاه حماس؟

- فتح تاريخيا تضم تيارات متعددة بعضها متصارع وبعضها يحتاج إلى عملية ضبط مستمر، وكان أبو عمار (ياسر عرفات) رحمه الله هو القادر على ضبط هذه التناقضات بوسائل شخصية فردية، لكن بوصول الرئيس أبو مازن -وربما بحسن نية منه- ألغى كافة الطرق الفردية في التعامل مع الأزمات، خصوصا المالية، وطبق النظام المؤسسي الذي يجعل كل الأموال التي يتم صرفها تمر من قناة واحدة هي وزارة المالية، وهذا أمر ظاهره شفاف، لكن توابعه كانت مزيدًا من التشرذم داخل حركة فتح.. فمثلا تم بموجب هذا التغيير إلغاء الرواتب التي كانت تصرف لمتقاعدي كتائب شهداء الأقصى وعدد هؤلاء يزيد حسب التقديرات عن 5 آلاف شخص؛ فكان هناك نشطاء قد تعرضوا للإضعاف وتراجعت قوة الكتائب على الأرض، وترتب على وقف صرف رواتبهم حدوث فراغ مالي دخلت قوى خارجية لتشغله.

كما أدى هذا الفراغ إلى دخول دحلان بسلاح المال بقوة على الخط فبدأ يدفع رواتب أكثر من ألفي ضابط وجندي في الأجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة، هذه الرواتب كانت مدخله للسيطرة على هذه الأجهزة.

* هل الرئيس أبو مازن لم يدرك ذلك في حينه؟ وما دوره في دعم قوة دحلان على الأرض؟

- الرئيس أبو مازن أخطأ مرتين فيما يتعلق بالعلاقة مع دحلان: الأولى عندما عينه مستشارا للأمن القومي ومشرفا على الأجهزة الأمنية؛ فهذا المنصب التنفيذي يتناقض مع وضعه كعضو في المجلس التشريعي. والخطأ الثاني أنه اعتمد على نصائحه في انتهاج أسلوب مقاطعة وحصار حماس، فبدا لدى الشارع الفلسطيني أن ثمة تحالفا بين الاحتلال والسلطة الوطنية في حصار الشعب وعقابه لاختياره لحماس في الانتخابات التشريعية.

وهنا ظهرت بوضوح لأول مرة في تاريخ العمل الوطني الفلسطيني قوة محمد دحلان السياسية المرتبطة والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية حليفة إسرائيل الأولى.. هذه القوة أعلنت في أكثر من مناسبة أنها في تحد مع حماس وتسعى لإسقاطها.

* هل كان بوسع الرئيس عباس إيجاد بديل قوي لدحلان في قطاع غزة؟

- على العكس فقد ساهم الرئيس أبو مازن في إضعاف شخصيات قوية وتتمتع بنفوذ وشعبية داخل فتح وداخل القطاع لحساب دحلان، من هؤلاء على سبيل المثال الأخ هاني الحسن؛ فقد ظل يستعين به عرفات سنوات طويلة للسيطرة على تناقضات فتح الداخلية، إلى أن أبعده وهمشه مؤخرا أبو مازن؛ فكان دحلان جاهزا لملء الفراغ بعد إقناع الرئيس بقدرته على سحق حماس وإزاحتها عن السلطة.

* وكيف استعد دحلان من جانبه للدخول في مواجهة حاسمة مع حماس؟

كان الرئيس عباس رافضا لمثل هذه التوجهات منذ البداية لكن يبدو أنه وافق عليها في الفترة الأخيرة وراهن بقوة على أفكار وخطط دحلان التي كان أبرزها تأسيس قوة حرس الرئاسة وتسليحها بمعدات تحمست إسرائيل والولايات المتحدة لتقديمها عبر دول عربية -الأردن ومصر- وبالطبع كان ذلك خطأ جسيما؛ لأن الشعب الفلسطيني اعتبر هذه المساعدات العسكرية الخارجية تهدف إلى تقوية جبهة بعينها ضد حماس وبالتالي تضاعف حجم التعاطف الشعبي معها، على عكس ما أقنع به دحلان الرئيس أبو مازن وخطط له، خصوصا أن دحلان كان مكلفا شخصيا من قبل الرئيس بالإشراف على هذه القوة العسكرية الناشئة.

كما جاء قرار الكونجرس الأمريكي بتخصيص 68 مليون دولار مساعدات عاجلة لتزويد حرس الرئاسة بالسلاح ليضاعف من غضب الشعب ويساهم في تشويه صورة دحلان ومعها صورة فتح والسلطة.

 * كيف تعامل كل طرف مع اتفاق مكة.. وهل نجح أحد الأطراف في توظيفه لصالحه؟

- اتفاق مكة أكد أن العرب يؤيدون الشراكة الكاملة بين حماس وفتح والوحدة الفلسطينية وهذا إيجابي في حد ذاته، لكن هذا الاتفاق رفضته إسرائيل والولايات المتحدة، وتوقع دحلان أن لديه القدرة على الحسم فكانت النتيجة أن فتح تعاملت مع الاتفاق على أنه فرصة لمزيد من إضعاف حماس من خلال عدم التعاون في مجال الأمن؛ فكان طبيعيا أن تنعكس نوايا فتح تجاه اتفاق مكة في صورة تعقيدات وتناقضات واشتباكات دائمة في ظل انتشار المسلحين بالشوارع.

* برأيك من يتحمل مسئولية ما آلت إليه الأمور؟

- دحلان هو المتهم الأول، ثم من وفَّر له الغطاء السياسي فقد استحوذ على أدوار شخصيات فتحاوية أكثر شعبية وقوة داخل تنظيم فتح وفي الشارع الفلسطيني بشكل عام، كما أن الدعم السياسي الضخم الذي حصل عليه من مؤسسة الرئاسة كشف في الواقع عن أن قوته أكبر من حقيقته وورط الجميع، والآن يبدو في الأفق أن دحلان يسعى لنقل الصراع إلى الضفة ونشر التوتر في نابلس وبالتالي يفتح الباب للتفاوض مع حماس.

 

* بعد سيطرة حماس على الأوضاع في غزة، وقرار أبو مازن بحل حكومة الوحدة ماذا تتوقع؟

- قرار الرئيس أبو مازن بإقالة حكومة الوحدة بهذه الطريقة قرار انفعالي يفتقد الحكمة؛ لأنه يترتب عليه أمران: الأول: الدعوة لإجراء انتخابات جديدة بهدف تمكين فتح وإقصاء حماس، وبالطبع ليتحقق ذلك فلا بد من تطبيق مناهج تزوير الانتخابات التي تشتهر بها الدول العربية المجاورة، إلا أنه في هذه الحالة لن تستسلم حماس، ويمكن أن تنسف عددًا من المقار الانتخابية وتعطل الانتخابات.

أما الأمر الثاني فهو العمل على تعميق فكرة الانفصال بين غزة والضفة، وإقامة كيانين منفصلين، وهنا سبق أن دخل على هذا الخط مسئول أمريكي سابق -هو دينيس روس- ليسوق لمشروع الكونفيدرالية مع الأردن، بدعوى تفويت الفرصة على إقامة ما أسماه "حماسستان" في غزة، وهو بذلك يدعم التيار الإسرائيلي الرافض لإقامة دولة فلسطينية واحدة.

 

* ما هو إذن سيناريو الخروج من المأزق الحالي، وما هو المطلوب من كل طرف؟

- سواء جرت انتخابات جديدة أم تم إصلاح الأوضاع القائمة، فإن الأمر الذي أصبحت تدركه كافة الأطراف أنه لا يمكن لحماس السيطرة والعمل بدون فتح، ولن تتمكن فتح من البقاء في السلطة بدون التفاهم مع حماس، هذه الحقائق كانت غير معترف بها من فتح في السابق، إلا أن الأحداث الأخيرة خلقت واقعا جديدا على الأرض، وبالتالي إذا أراد الرئيس أبو مازن أن يسيطر على زمام الأمور ويكون قائدا لكل الشعب الفلسطيني فعليه أن يطبق الخطوات التالية:

 

أولا: تعيين وزير داخلية يتمتع بكل الصلاحيات وتخضع لإشرافه كافة أجهزة الأمن على أساس وطني وليس فصائليا.

ثانيا: تنحية دحلان وإبعاده عن الحياة السياسية تماما باعتباره صاحب أجندة غير وطنية ويستخدم كـ "عصا للشيطان الإسرائيلي" لتدمير الوحدة الفلسطينية، كما يجب تنحية رؤساء الأجهزة الأمنية الذين فقدوا ثقة الشارع الفلسطيني بهم حتى لو لم يكونوا متورطين أو مدانين في الأحداث الأخيرة.

ثالثا: العمل على بدء تطبيق الخطة الأمنية التي سبق الاتفاق عليها بين رئيس الوزراء إسماعيل هنية والرئيس أبو مازن.

كما أنه على حماس عدم الغرور بانتصارها على دحلان وأتباعه، بل عليها وضع خطة عمل لإدارة شئون الشعب الفلسطيني تشارك فيها كل القوى والفصائل بما فيها رجال الأعمال.

وأدعو فتح إلى أن تقوم بعملية تطهير واسعة تقوم من خلالها بتنظيم صفوفها وتحديد عضوية أتباعها وإجراء انتخابات قاعدية لتنقي سيرتها من دخلاء عملوا لحساب المستعمر وأساءوا لقضية بلادهم الوطنية.

(*) صحفي ومراسل إسلام أون لاين.نت في مصر

(المصدر: موقع "إسلام أونلابن.نت" (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 16 جوان 2007)

للاشتراك في أحد قائمتي المراسلة لتونس نيوز، يرجى إرسال رسالة فارغة إلى:

 tunisnews_arabic-subscribe@googlegroups.com القائمة العربية:  

 

القائمة الفرنسية (وبقية اللغات الأوروبية):  tunisnews_french-subscribe@googlegroups.com

Nuk ka komente: