أهلا وسهلا بكم في ملتقى الغرباء يشرفنا انضمامكم الينا..

e diel, 24 qershor 2007

Tunisnews_Arabic 24/06/2007

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس
Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie
Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

السنة الثامنة، العدد 2588 بتاريخ 24 جوان 2007


الموقع: www.tunisnews.net

للمراسلة: redaction@tunisnews.net


أنت مشترك بقائمة المراسلة لتونس نيوز باللغة العربية بواسطة هذا العنوان: infotunis1.newsar@blogger.com


لإيقاف اشتراكك يرجى إرسال رسالة فارغة إلى: unsubscribe_tunisnews_arabic@tunisnews.net


"الموت البطيء": شريط يوثق مأساة المساجين السياسيين بتونس


بمناسبة اليوم التضامنى مع السجين السياسى بتونس أصدرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين شريط تحت عنوان "الموت البطيء".
للمشاهدة اضغط على الرابط التالي:
http://www.nahdha.info/mcgallerypro/show.php?start=0&id=12&video=1
(المصدر: موقع نهضة إنفو – مارس 2007)

لا للصمت عن نفي عبد الله الزواري
برقية مساندة لمعلمي ونقابيي القصرين وتحية إكبار للمناضل خالد الدلهومي وإلى كل النقابيين المصابين
حزب العمال الشيوعي التونسي: بيــان حول الوضع على الساحة الفلسطينية
بيان :حول تطورات الوضع الفلسطيني
الحوار.نت: تقرير مختصر عن إجتماع هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بتونس المنعقد بباريس
إسلام أون لاين: تونس.. مصير عائدين من جوانتانامو يقلق الحقوقيين
الجزيرة.نت: المعارض التونسي العربي القاسمي: معارضة الداخل واجهة أمام الرأي العالمي
خــالد الطراولي: رسالة إلـى قرصان
عبد الله الـزواري:حصـاد الأسبـوع
لقاء صحفي مع الأستاذ محمد النوري
الأستاذة إيمان الطريقي: مع الأستاذ محمد النوري في جولته الانتخابية لعمادة المحامين

فتحي الشامخي: مساحة تونس: ليت شعري ما الصحيح ؟
د.محمد الهاشمي الحامدي:أسئلة أولية إلى إخوتي اللائكيين في تونس
الجزائر نيوز:حوار مع مدير صحيفة الوسط التونسية مرسل الكسيبي
مرسل الكسيبي: تونس : ماذا يعني أن تسكت الدولة على ملف عبدة الشياطين ؟!
محمد العروسي: الرسائل المفتوحة الموجهة إلى سيادة رئيس الدولة  لها مبرراتها و أسبابها
الموقف: من يحمي الموظف ؟
العميد السابق للمحامين الاستاذ منصور الشفي «للشعب»: هذه أسباب توتر العلاقة بين السلطة والمحامين
الشعب: للوفاء والذكرى:أحمد التليلي في الذكرى 40 لوفاته:المناضل الذي لن يُنسى ابدا...
د . الطاهر الهمّامي: هل توجد حداثة بلا هويّة ؟ وهل الهويّة مُعطى جامد؟
زهير الشرفي: إسرائيل وكونداليزة في الموعد كالمعتاد؟!
محمد بن نصر:حريتا التفكير والتعبير ..والهشاشة الفكرية
د. رجاء بن سلامة: فرويد والعرب : المتّهم الذي لن تثبت براءته
توفيق المديني :هل ينقذ "بنك الجنوب" أمريكا اللاتينية؟
أكرم البني: دفاعاً عن الخيار الديموقراطي
عمر مسقاوي: ولادة النهضة في فكر مالك بن نبي:  الأخلاق والجمال والمنطق العملي وتقنيات الانتاج
قصي الحسين: بن نبي في «مجالس دمشق»: زبدة أفكاره لشبابها المتنوّر

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 
لا للصمت عن نفي عبد الله الزواري
 
 
بمبادرة من الجمعية الدولية للصحفيين الأفارقة بالمنفى، الممثلة في الكاتب العام الطاهر العبيدي، واللجنة العربية لحقوق الإنسان، الممثلة في الناطق الرسمي الدكتور هيثم مناع، فإننا :
1 / نعبّر عن إستيائنا العميق تجاه الوضعية المأساوية لعبد الله الزواري، المناضل السياسي والصحفي التونسي السّابق بجريدة الفجر المصادرة، والمنفي منذ 5 سنوات بالجنوب التونسي بعيدا عن عائلته ب 600 كلم، بعد أن قضى في السّجن 11 سنة من أجل محاكمة سياسية ليغادره إلى المنفى داخل وطنه ويعاد تمديد هذا القرار المتعسّف الذي يتعارض مع القانون التونسي والمواثيق والعهود الدولية والإنسانية التي أمضت عليها الدولة التونسية.
2 / نتوجه مباشرة عبر هذا التحرّك الإعلامي والحقوقي إلى الرئيس زين العابدين بن علي لرفع هذه المظلمة الصارخة التي تمنع مواطن تونسي من العيش مع عائلته ومن التنقل بحرية طبقا لما يكفله له الدستور التونسي.
3 / نرجو من المنابر الإعلامية المساندة لهذا التحرك، أن تثبت هذا النداء على صفحاتها، ولا تزيحه حتى يرفع الحيف على الصحفي عبد الله الزواري.
كما نتمنى منهم أن يفتحوا ركنا خاصا للمواطن، لنشر آرائه وتفاعلاته حول هذه القضية الإنسانية، لخلق رأي عام شعبي وجماهيري ضاغطا، من أجل رفض العودة لممارسة النفي القسري وتمكين عبد الله الزواري من العيش مع أسرته.
4 / نذكر الجميع، إعلاميين وحقوقيين وسياسيين وشخصيات، أن وضعية عبد الله الزواري باتت مسيئة للجميع إنسانيا وأخلاقيا وسياسيا، ومن الواجب التّصدي والتّجند لإبطال هذا الجور.

 
-------------------------------
 المنسّـقون لهذا التحرك

 
*الطاهر العبيدي *د. هيثم مناع

--------------------------------
 اللجنة الإعلامية
فيصل جلول - حسن محمد الأمين- محمود الذوادي – زهير لطيف - سفيان الشورابي - سليم بوخذير - محمد فوراتي – لطفي حيدوري - محمد الحمروني – عبد الباقي خليفة - صفوة عيسى

--------------------------------
 اللجنة الحقوقية
منظمة غاندي لحقوق الإنسان - الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين- جمعية الحقيقة والعمل – 
 -------------------------------
لجنة الشخصيات الوطنية والعالمية

د. مهدي المنجرة - مختار اليحياوي – د. احمد القديدي- د، نصيف الجبوري- جوزيف غطاس كرم - نجيب حسني – د. شيماء الصراف- محمد النوري – منصف بوسحاقي - فتحي عبد الباقي - عبد الوهاب الهاني – نجيب بكوشي.

-------------------------------
اللجنة السياسية

مية الجريبي – د مصطفي بن جعفر

------------------------------
 المنابر المساندة

موقع صدى الدفاع عن الحقوق والحريات - موقع تونس نيوز – موقع تونس أونلاين
- موقع الحوار نت - موقع ليبيا المستقبل - موقع الحقيقة والعمل - موقع نواة – مدونة عبد الله الزواري التي أنجزها موقع نواة بعدة لغات منها الإنجليزية: (http://citizenzouari.wordpress.com)

------------------------------
 العنوان المعتمد للمراسلة

برقية مساندة لمعلمي ونقابيي القصرين وتحية إكبار للمناضل خالد الدلهومي وإلى كل النقابيين المصابين

-       قائمة ملحق عدد 2

نحن أعضاء النقابات والنقابيين الممضين أسفله، وعلى إثر مهاجمة دار الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين والإعتداء الهمجي الذي تعرض له المعلمون والنقابيون بالقصرين يومي 13 و 14 جوان 2007 من طرف قوات البوليس بمناسبة عقد تجمع نقابي للمعلمين وما نتج عن ذلك من سقوط عديد الجرحى في صفوف النقابيين والمعلمين ومن أضرار بدنية ومعنوية لحقت بهم وأمام الإصابة الخطيرة والبليغة للمناضل خالد الدلهومي عضو النقابة الجهوية للتعليم الأساسي وعضو الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين الذي استهدف من خلف على رأسه، فإننا:

1-    نعبر عن مساندتنا المطلقة لتحركاتكم المشروعة.

2-    نندد بشدة بالهجمة الشرسة الموجهة ضد النقابيين والمعلمين وعموم الشغالين وبكل أساليب القمع التي اعتمدتها السلطة وتعتمدها في التعاطي مع جميع الملفات.

3-    نعتبر أن هذه الإعتداءات هي استهداف لكل مناضلي الحركة النقابية وأن محاصرة تجمعات رجال التعليم والهجوم على المعلمين والنقابيين بالقصرين تمثل حلقة جديدة ضمن مخطط الهجمة التي تقوم بها السلطة على الحركة النقابية المناضلة  ومحاولة يائسة لتركيع العمال والنقابيين والنيل من الحق النقابي.

4-    ندعو كافة الشغالين  وكل القوى الوطنية والتقدمية للتجند واليقظة وتطوير أشكال التضامن والتصدي لهذه الهجمة الشرسة بكل الوسائل الممكنة.

5-    نجدد تمسكنا بخط النضال من أجل مطالب الشغالين وحقوقهم ونعلن عن وقوفنا المبدئي ضد كل المظالم والمحاكمات الهادفة لتكريس الإستغلال دون مقاومة أو تصدي قصد التضييق على ممارسة الحق النقابي وحق الإضراب والإعتصام وضرب حرية التنظم والتعبير  وحق التجمهر والتظاهر وكما نأكد على رفضنا لسياسة ضرب المكاسب ولكل السياسات المملاة من الدوائر الإمبريالية المعادية لطموحات جماهير شعبنا في التحرر والإنعتاق.

عاشت الوحدة العمالية المناضلة ضد القمع والإستغلال

الرقم

الإسم واللقب

الصفة

56

فتحي التليلي

نقابي بالتعليم الأساسيى بصفاقس

57

علي الزيتزني

نقابي وناشط حقوقي

58

علي بو علي

كاتب عام الإتحاد المحلي للشغل بالمحرص

59

الحبيب اليانقي

كاتب عام مساعد النقابة الأساسية للمياه بصفاقس المدينة

60

الحبيب لطيف

كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي ببئر علي

61

فوزي الفورتي

نقابي أستاذ تعليم ثانوي بصفاقس

62

محمد اليانقي

كاتب عام النقابة الأساسية لبلدية ساقية الدائر

63

العيادي بن غزيل

كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الثانوي ببئر علي

64

المنصف بنحامد

عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس

65

رافع نزار

عضو النقابة الأساسية بعقارب

66

فوزي العش

نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس

67

عبد المجيد غزية

نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس

68

محمد الطريقي

نقابي بالتعليم الثانوي ببئر علي

69

رياظ محفوظ

نقابي بالتعليم الثانوي يصفاقس

70

نبيل الحمروني

عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بصفاقس الغربية

71

عبد الرؤوف بن شعبان

نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس

72

عبد الجليل الفريحة

نقابي بالتعليم الثانوي بصفاقس

 


 
حول الوضع على الساحة الفلسطينية:
بيــان
 

شهدت الأراضي الفلسطينية في القطاع والضفة خلال الأيام الأخيرة تطورات على غاية من الخطورة. فبعد مدّة من الاحتراب الداخلي بين أهم فصيلين فلسطينيين، "حماس" و"فتح"، أدّى إلى سقوط العشرات من الضحايا وجرح المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، عدا الخسائر المادية، عمدت "حماس"، صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني المنبثق عن آخر انتخابات، إلى الهيمنة على قطاع غزّة والاستيلاء على أجهزة السلطة بها، بينما سارعت حركة "فتح" التي ينتمي إليها رئيس السلطة، محمود عباس، إلى الاستفراد بالضفة، وحلّ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية وتعويضها بحكومة طوارئ. ولا ينفكّ الطرفان يوجّهان الاتهامات إلى بعضهما البعض، فكل منهما يتهم الآخر بـ«الانقلابية» و«خدمة العدوّ الصهيوني». وقد سارعت حكومتا واشنطن والكيان الصهيوني بإعلان دعمهما لمحمود عباس وحكومة الطوارئ.
إن حزب العمال الشيوعي التونسي يعتبر أن الخاسر الوحيد من هذا الوضع هو الشعب الفلسطيني وقضيّته الوطنية العادلة، بينما الرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني والقوى الإمبريالية الخارجية التي تدعمه وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، اللذان عملا بكل الوسائل على الدفع إلى مثل هذا الوضع، عن طريق الحصار الاقتصادي والقتل والاغتيال من جهة، ومؤازرة طرف على الآخر ومدّه بالمال والسلاح وتحريضه على التمرّد على نتائج الانتخابات وتعطيل عمل الحكومة المنبثقة عنها لإثارة المواطنين ضدّها.
وما من شكّ أنّ لكلّ من "فتح" و"حماس" مسؤولية في ذلك. فالأولى لم تقبل «عقاب» الناخبين لها على فساد سلطتها وتفريطها في الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وسعت بكل الوسائل إلى الحفاظ على تلك السلطة من خلال مؤسّسة الرئاسة والمؤسّسة الأمنية. وبدا واضحا أنّ بعض أطرافها المتعاملين مع الإمبرياليين الأمريكيين والصهاينة قد عملوا على تقويض كلّ جهد لبناء وحدة وطنية. أمّا "حماس"، فإنها لم تفهم منذ اليوم الأوّل أنّ مواجهة الكيان الصهيوني على أرضية رفض اتفاقيات أوسلو والتمسّك بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، تقتضي تكتيل كل القوى الوطنية، واجتناب السقوط في فخّ ما يسمّى بـ«الشرعية الدولية» و«الشرعية العربية» التين تهدفان إلى استدراجها إلى الاستراتيجية الأمريكية-الصهيونية والرجعية العربية، ومواصلة المقاومة. ولكنّ "حماس" وقعت في الانعزالية وأصبحت تبحث عن التشبّث بسلطة واقعة تحت الاحتلال وانجرّت إلى الاحتراب الداخلي وأعطت نفسها حقّ السيطرة على غزّة وممارسة القتل.
إنّ ما يحصل اليوم من اقتتال داخلي بين "فتح" و"حماس" إنّما يشوّه القضية الفلسطينية ولا يخدم إلاّ مصالح الكيان الصهيوني والامبريالية الأمريكية، لأنه يغيّر وجهة الصراع، فعوض أن يُوَجَّهَ السلاح إلى العدوّ، أصبح يُوَجَّهُ إلى الفلسطينيين أنفسهم، ولأنه يعزل غزّة عن الضفة ويضعف مقاومة الشعب الفلسطيني ويعرّضه إلى مزيد من الإرهاق والتدمير والقتل على أيدي الصهاينة، ويتيح لهم توسيع المستوطنات وحصر الفلسطينيين في كانتونات غير قابلة للحياة.
إن حزب العمال الشيوعي التونسي يدين الاقتتال الداخلي ويحمّل مسؤوليته على حدّ السّواء إلى حركتي "فتح" و"حماس" وخصوصا إلى غلاة التطرّف في صفوفهما، ويعتبر أنّ التمسّك بـ«سلطة» تحت الاحتلال والاقتتال حولها إنّما هو تعبير عن التفريط في الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
إنّ المطروح بكل إلحاح هو معالجة الخلافات الداخلية عن طريق الحوار الديمقراطي الهادف إلى توحيد كلّ القوى الوطنية الفلسطينية وكافة فئات الشعب الفلسطيني في جبهة وطنية واحدة وحول هدف وطني واحد، هو تحرير فلسطين، وفي جيش تحرير تحت امرة واحدة وتصعيد المقاومة ضدّ المحتل الغاصب.
حزب العمال الشيوعي التونسي
تونس، في 24 جوان 2007
 
المصدر: البديـل عاجل (قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي) يوم 24 جوان 2007)
 بيان
حول تطورات الوضع الفلسطيني

بكل الأسى، وبكل الشعور بالخطر الذي بات يهدد القضية الفلسطينية برمتها، نتابع تطورات الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يجري التقاتل على سلطة في ظل الاحتلال، استناداً الى شرعية لا تمتلكها إلا قوى المقاومة، وبالتالي لا تعبّر عنها أية سلطة للقوى المتقاتلة.
فقد أعطى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة الأغلبية لحركة حماس لأنه كان يعتبر أنها قوة مقاومة، وتسعى الى تحرير فلسطين. وهمّش حركة فتح نتيجة سياساتها وفساد أجهزتها. لكن ذلك لا يعطي الحق لحماس بأن تمارس القتل دفاعاً عن سلطتها، ولا أن تهيمن على قطاع غزة، رغم كل الفساد والفوضى التي تمارسها أجهزة السلطة الفتحاوية، لأن الوضع أخطر من أن يعالج بهذا الشكل الجنوني.
لقد كان واضحاً بأن نجاح حماس في الانتخابات التشريعية قد أوجد إزدواجية كان لا يجب أن تنشأ وأن تستمر لأنها تقود حتماً الى الاحتراب والاقتتال، ما دام كل طرف يتمسك بسلطته، ويحاول أن يفرض منطقه. لقد تحولت المسألة الى مسألة سلطة وخرجت عن كونها تعبّر عن مشروع وطني، لأن السلطة ذاتها كانت منذ البدء قد تخلت عن أن تكون مشروعاً وطنياً.
كان أمام حماس إما الغاء اتفاقات أوسلو وبالتالي حل السلطة وتشكيل قيادة وطنية للمقاومة ما دامت ترفض تلك الاتفاقات، أو البقاء في موقع المعارضة، ليس لأن المطلوب أن تبقى حركة فتح هي السلطة، بل لأن أي خيار آخر كان سيفضي حتماً الى ما نشهده اليوم، وبالتالي الانجرار الى حرب أهلية مستمرة، يستثمرها الكيان الصهيوني من أجل زيادة الحصار على قطاع غزة بما يزيد من إرهاق الشعب، وزيادة هجماته العسكرية من أجل تدمير البنى التحتية وتصعيد القتل لاضعاف طرف لمصلحة آخر، ليس لمصلحة حركة فتح فقط، بل لمصلحة إستمرار الاقتتال والقتل، والغرق في حرب مستمرة تدمّر القضية الفلسطينية برمتها، وتغطي على كل الممارسات الصهيونية في الضفة الغربية، والهادفة الى إكمال الجدار العازل وتوسيع المستوطنات وحصر الفلسطينيين في كانتونات غير قابلة للحياة لإفتقارها أبسط المقومات الاقتصادية والمعيشية.
الأمور لن تقف عند سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وسيطرة حركة فتح على الضفة الغربية، بل أن ذلك سوف يؤجج الاقتتال في قطاع غزة، وسوف يلعب الكيان الصهيوني دوراً فعلياً في التدخل والعدوان تحت ذريعة سيطرة حماس على القطاع، لكنها تهدف الى ضمان استمرار الاقتتال.
ندين الاقتتال، وندين سياسات التمسك بسلطة إدارة ذاتية في ظل الاحتلال، ليس لديها ما تقدمه للشعب الفلسطيني. وندعو الى العودة الى المقاومة عبر تأسيس قيادة موحدة تنسق النشاط المقاوم، وتدير شؤون الشعب كما فعلت قيادات الانتفاضة الأولى، وتركز على أن هزيمة المشروع الصهيوني هو الهدف الموحِّد لكل المناضلين الفلسطينيين، ولكل قوى التحرر، ولكل المواطنين في العالم العربي.
إستمرار الاقتتال، وإستمرار الصراع على السلطة يخدمان المشروع الصهيوني، ويصبان فيما يهدف إليه: دمار قطاع غزة، وإكمال السيطرة على الضفة الغربية، وتشويه القضية الفلسطينية، لكي لا تكون رمز التحرر والنضال ضد الامبريالية.
وبالتالي فإننا نرى ضرورة أن توحد القوى الفلسطينية المقاومة جهودها لتصعيد المقاومة ضد العدو الصهيوني، وتشكيل مرجعية قيادية للشعب الفلسطيني غير ما هو قائم الآن، على أسس ديمقراطية وسياسة جوهرها مقاومة الاحتلال.
الشعب الفلسطيني اليوم أحوج من أي وقت مضى الى تعزيز الوحدة الوطنية، ورفض الانقسام والاقتتال، لتوحيد الوطن والشعب، والتمسك بالأهداف الوطنية والحقوق التاريخية في إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية.
20/6/2007

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
حزب العمل الشيوعي في سوريا
لجنة التنسيق لأعضاء الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي-
حزب العمل الوطني الديمقراطي في تونس
حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي (المغرب)
حزب النهج الديمقراطي في المغرب
هيئة الشيوعيين السوريين
حزب الشعب الاشتراكي المصري
حزب العمال الشيوعي التونسي
سلامة كيلة
 
المصدر: البديـل عاجل (قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي) يوم 24 جوان 2007)

تقرير مختصر عن إجتماع هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بتونس المنعقد بباريس.

الحوار نت
بمناسبة الذكرى 50 لإعلان النظام الجمهوري في تونس نظمت هيئة18 أكتوبر للحقوق والحريات – باريس- إجتماعا عامّا بمدينة باريس يوم الأربعاء 19/6/2007 وذلك بمشاركة اعضاء من هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بتونس - الهيئة الوطنية - وهم السادة:

* أحمد نجيب الشابي: مفوّض الشّؤون السّياسية والدّولية بالحزب الديمقراطي التقدمي.

* حمّه الهمامي: الناطق الرّسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي .

* لطفي الحجّي : عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحرّيات.
* العياشي الهمامي: محام ومناضل حقوقي وعضو بالهيئة.

أدار الحوار السيد كمال الجندوبي.

بعد الترحيب بالضيوف لخّص السّيد كمال الجندوبي المشهد السياسي والأجواء التي تنعقد فيها هذه الندوة بما يلي:

* سجون لم تفرغ من سجناء الرأي.
* قمع لكل مكوّنات المجتمع المدني.
* استعدادات لترشيح بن علي لولاية خامسة.
* الجمهورية عند الإعلان عنها عام 1957 كان شعارها:"حرية ـ نظام ـ عدالة".

طرح التساؤل التالي : ما ذا بقي من تلك المبادئ؟

مداخلة السيد أحمد نجيب الشابي :

بعد هذه المقدمة أحيلت الكلمة - وبحسب الترتيب الأبجدي - الى السيد احمد نجيب الشابي. وممّا جاء في مداخلته:

* مرّت على هذا النظام 50 سنة والمؤسسات الموجودة وقع إرساؤها منذ فجر هذه المرحلة.
*إثر الإعلان على الجمهورية أوكلت للمجلس التأسيسي ـ مجلس مكون 100% من الدستوريين والموالين للحزب الدستوري ـ مهمة وضع دستور يجعل كل السلط بيد رئيس الجمهورية . فالنظام السياسي كان رئاسيا ، الرّئيس فيه له صلوحيات غير محدودة ، إذ يجمع بين يديه عمليا كلّ السلط بما في ذلك حلّ البرلمان . نظام رئاسي لا يمكن مقارنته بالنظام الرئاسي الأمريكي الذي يخضع فيه الرئيس لرقابة الكونغرس.

* منذ بداية العهد الجمهوري كانت هناك محاكم استثنائية لتصفية المعارضين.
* أما حرية الصحافة التي كانت موجودة باحتشام كبير غابت نهائيا منذ سنة 1962.
* أما القضاء فلم يعرف استقلالا أبدا . والمحاكم الإستثناية ومحاكمات الرأي كانت حاضرة خلال كل تلك المدة ـ نصف قرن كامل ـ.

وبالنظر الى القواعد الأساسية للجمهورية:

1 – الحرية: الحريات الأساسية غير معترف بها.
2 – سلطة القانون: لا وجود لدولة القانون.
3 – الفصل بين السلط : لا وجود لأي فصل بين السلط ...

ندرك بكل يسر انه ليس لنا في تونس من الجمهورية إلاّ الإسم.

خمسون سنة من المعاناة عاشها المجتمع التونسي تحت وطأة نظام شمولي بديكور جمهوري. وبعد نصف قرن من المعاناة نجد سجناء رأي لم يثبت ما يمكن أن يدينهم قانونيا ، لا زالوا وراء القضبان منذ 16 سنة، ومنفيين في المهجر منذ 30 سنة. إن القمع الذي سـُلط على الشعب التونسي لم يستثن أي فصيل سياسي.
ومن موقعنا كمعارضة فإننا لا نرضى بجمهورية لا تـُحترم فيها الحريات ولا يسود فيها القانون ولا يكون فيها فصل فعلي بين السلطات ونطالب بجمهورية تتحلـّى بالقيم المتعارف عليها في الأنظمة الجمهورية السوية.
هذه نظرتنا للأوضاع كما بيناها سابقا آنفا. أما عن عملنا فمنذ إضراب الجوع الذي خضناه في 18 أكتوبر 2005 ونحن نطالب بـ:

1. عفو تشريعي عام.
2. الحرية الإعلامية.
3. حرية التنظم.

نحن نواجه صعوبات جمّة ، فبعد 50 سنة من القمع الممنهج والمنظم صار المواطن لا يتجرّأ على الإهتمام بالشأن العام والإلتحام بالمعارضة . ورغم هذه الصعوبات ، هناك ما يشجّع من مثل استفاقة المجتمع المدني ، إستفاقة شملت القضاء كذلك إلاّ أن السلطة فعلت كل شيء من أجل اجهاض ما يمكن أن يتولد عن هذه الإستفاقة من مثل ما حصل ضد القضاة والمحامين والصحافيين الى جانب الحصار اليومي والتضييق المستمر ضد هيئات المجتمع المدني. ولعل الإستفاقة الأهم هي التي تشهدها نقابات العمال.

بصفة عامة فإن الظروف التي تتحرك فيها المعارضة صعبة ، إلاّ أن الديكتاتورية في ضعف متواصل يوما بعد يوم.

مداخلة السيد لطفي الحجي :

بعد السيد أحمد نجيب الشابي أحيلت الكلمة الى السيد لطفي الحجي الذي ركز مداخلته على قضيتين:

1ـ الجمهورية والمسألة الدينية.
2ـ الجمهورية والمصالحة مع هيئات المجتمع.

وحسب السيد لطفي الحجي فإن الجمهورية فشلت في هذين المجالين فشلا ذريعا.

ـ "دولنة الدين":

لا زال الدين مسألة نزاع بين من يمثل هذه الجمهورية وبقية الشعب والسبب ينطلق من الرؤية التي تبنتها الدولة منذ البداية وزادها حدّة تمشي السلطة ما بعد سنة 1987.
منذ تأسيس الجمهورية يري بورقيبة نفسه أنه بإمكانه أن يكون رئيسا للجمهورية ومفتيا لشعبها.
التداخل بين المهام السياسية والدينية على أشده كان بورقيبة يرى نفسه زعيما يقود شعبا ، وإماما للمسلمين بإمكانه اعتماد الدين في دعم مشروعه التنموي.
في أيام بورقيبة وقعت "دولنة الدين" أي أن الدين صار حكرا على الدولة قولا( أي فهما للنص ، وتأويلا واجتهادا في الأحكام ) وتسييرا أي بالمعنى الإداري ( تعيين المفتي والإئمة والسيطرة على المساجد...).
فبورقيبة المعروف بعلمانيته أقام علمانية معكوسة أي "دولن" الدين عوضا عن تنظيم الفضاء الديني واعطاء هامش من الحرية لمن يريد تدينا أو نشاطا دينيا.
باختصار لم تستطع الدولة ايجاد حلّ لهذه المشكلة : " تنازع المسألة الدينية بين الدولة والمجتمع" كما فعلت الجمهوريات في الغرب.

ـ" أمننة" و " بلقنة" الإسلام:

ـ " الأمننة":

في مرحلة ما بعد بورقيبة أي منذ 1987 وبعد " دولنة الدّين" عرفت تونس ما يمكن ان نطلق عليه " أمننة الدين" أي جعل المسألة الدينية بيد الأمن.
فإلى جانب الديكور الديني : الأذان في وسائل الإعلام ، وزارة للشؤون الدينية بدلا عن إدارة الشعائر الدينية الخ.. يعود الأمر في كل ما له علاقة بالدين إلى الأجهزة الأمنية.

ـ "بلقنة الإسلام ":

* وقع تشجيع مجموعة من التيارات الدينية التي لم يكن لها سابقا أي وجود وإن وجدت فلم يكن لها هذا الحجم أبدا.
* تشجيع للطّرق الصّوفية بكل أنواعها ودعم للزوايا.
* تشجيع الشعوذة باسم الّدين ـ إنتشار كبير لعيادات ما يعرف بالأطباء الروحانيين.
* دعم وتشجيع للتيارات السلفية بتركها تتمدد ليتمّ إختراقها أمنيا.

الإستنتاج : الجمهورية في مرحلتها البورقيبة والحالية عجزت عن حلّ المسألة الدينية وتوضيح مكانة الدين في الجمهورية. ونحن كتونسيين نريد أن نتحاور في هذه المسألة :
مكانة الدين في الجمهورية ، ما هو موقع الاحزاب التي تستلهم برامجها من الاسلام.

القضية الثانية : المصالحة.

نعني بالمصالحة مصالحة الدولة مع هيئات المجتمع.
عند تناول هذا الموضوع لابد من التذكير بشيء أساسي : أن المصالحة تكون بين قطبين: الدولة من جهة والمجتمع المدني من جهة ثانية. في بلادنا السلطة التي تصغي الى شعبها غير موجودة.والمثال القريب لفهم هذه الوضعية : طريقة تفاعل السلطة مع مطالب وتحركات هيئة 18 أكتوبر.
فالمسائل التي طرحتها الهيئة لم تجب عليها السلطة والحاضر الوحيد دائما أمامك على السّاحة هو الأمن. وتتساءل أين رموز السلطة؟ أين مسؤوليها؟ أين السياسي؟ فلا تجد أمامك إلاّ الأمن والأمن فقط ؛ ينفـّذ تعليمات فلا يسمع ولا يفهم بل ينفذ تعليمات.
والذي يطرح المصالحة بالشكل الذي تابعناه على مواقع الانترنت لم ينتقل في وعيه من "السياسة السلطانية" الى السياسة المؤسساتية.

السياسة السلطانية هي: الحياة في ظل سلطان بيده كل شيء ، يفعل ما يشاء ولا راد لأمره. وليس عليه واجبات ولا للناس أمامه حقوق إلا ما يمنّ هو به عليهم.فمثل هذا الطرح لا يمكن أن يسمى سياسة، وما يستجدى من السلطان ليس مصالحة وإنما هو ذل وإلغاء للناس من المشهد السياسي.
إن مطالب هيئة 18 اكتوبر الثلاث (أنظر أعلاه)هي الحدّ الأدنى الذي لايمكن التنازل عنه. فمن نكد الدنيا أن هذه المطالب هي مطالب أجدادنا وآبائنا،ونحن لازلنا نراوح مكانهم. ولايمكن الحديث عن المصالحة مع الإبقاء على الحزب الواحد - المهيمن على كل شيئ- فضلاعن دعمه بالمسرحين من أحزاب المعارضة التي يراد حلـّها ، ألا يكفيه مليونان من المنخرطين ؟؟!!

مداخلة السيد حمه الهمامي :

بعد السيّد لطفي الحاجّي أحيلت الكلمة للسيّد حمّة الهمامي و مما جاء في كلمته : ليس لنا في تونس من الجمهوريّة إلاّ الإسم بل هي دكتاتوريّة و هذا النظام يتمتّع بكلّ ما يميّز الدكتاتوريّات من إعلام ملجّم وخنق للحريات ، الحزب الواحد "معارضة ديكور" ،الحضور الدائم للبوليس و خاصة البوليس السياسي الذي صار مهيمنا على كلّ المؤسسات و الدواليب،بل هناك الآن عمليّة تسييس لكلّ مصالح البوليس.
ـ من المستفيد من هذه الدكتاتوريّة ؟ في تونس الدكتاتوريّة هي إطار لأنشطة "مفيوزيّة" فبخصخصة الشركات القوميّة صار الإقتصاد شيئا فشيئا اقتصادا "عائليا" اقتصاد عائلة الرئيس و أصهاره و الدكتاتوريّة تحميهم.

ـ إلى جانب هذه العائلات فإن الجهة الثانية المستفيدة من عمليّة التفويت في الشركات القوميّة هي الشركات الأجنبيّة. و يكفي النظر في عدد الشركات و القطاعات التي وقع التفويت فيها للشركات الأجنبيّة منذ سنة 90 حتى نعرف خطورة الوضع و حتى نفهم لماذا يجد بن علي هذا الدعم الدولي و التكتّم على ما يحصل في تونس.

ـ هل هذه الدكتاتوريّة قابلة للإصلاح؟

* في كلّ مرّة حاول النظام التظهار بالقيام بعمليات إصلاحيّة تراجع عنها بسرعة. ففي سنة 1970 لم يدم طويلا حديث بورقيبة عن الإنفتاح حتى كانت محاكمات الطلبة في سنة 1972 ووصل الإنفتاح أوجه مع نقابات العمال سنة 1978 و في سنة 1980 مرّة أخرى كان الحديث عن الإنقتاح حتى كانت أزمة 1984. و مرحلة ما بعد سنة 1987 ليست أفضل مما قبلها فالنظام الحالي غير قابل للإصلاح فهو خصم لكلّ عمليّة إصلاح.

* أمّا عن المصالحة فلا يمكن التصالح مع دكتاتوريّة.الدكتاتوريّة تُقاوَمُ و لا يُتصالح معها.
* المصالحة تكون بين مكوّنات المجتمع المدني لتجاوز أخطاء قام بها طرف تجاه طرف آخر ،أو تقصير من طرف في حق الآخر.أما الدكتاتوريّة كما في كلّ تجارب الشعوب فتقع مطاردتها و لا يقع التصالح معها.
* هذا من حيث المبدأ امّا من حيث الواقع فكما قال السيّد لطفي الحجّي ،هذا النظام لم يستمع و لا يريد الإستماع للمجتمع المدني و لا يريد التصالح معه لآنّه يخرّب كلّ نواة للمجتمع المدني.
* المرحلة الإنتقاليّة La transition أي ما بعد الدكتاتوريّة ،هل نحن بحاجة إلى دستور جديد ؟ إنّ حجم التحويرات و التعديلات التي عرفها الدستور التونسي جعلته غير صالح لأن يكون دستورا. نستطيع أن نقول أنّه لم يعد عندنا دستور. فالبلاد في حاجة إلى مجلس تأسيسي ليضع لنا دستورا. الصعوبات التي يعيشها المجتمع المدني (و التي ذكرت في المداخلات السابقة) لا يمكن تجاوزها إلاّ بمعارضة موحدّة.

* هناك استفاقة في الحركة النقابيّة ،كيف يكون لهذا المجال دور في دفاع المجتمع عن نفسه ضدّ الدكتاوتريّة ؟ كيف تكون العلاقة بين الحركة الإجتماعيّة (النقابيّة) و الحركة السياسيّة؟ كيف يقع تثبيت هذه العلاقة؟.

كلمة السيّد العياشي الهمامي:

أقدّر أنّ من سبقني من المتدخلين قد أتوا على كلّ النقاط المهمّة في الموضوع.أنا أمام متدخلين مناضلين لهم خبرتهم و هم متابعون لكلّ ما يجري في البلاد.
و أقترح في القضايا التفصيليّة و تتناول خلافاتنا محاولين علاجها:

* الوجوه الحاضرة أمامي في القاعة هي نفسها التي رأيتها المرات الماضية و هو شيئ غير مرضي ،نحن الآن بعض العشرات في هذه القاعة.بينما التونسيون في باريس و ضواحيها يعدّون بمئات الألاف. صحيح أنّ للقمع دور في إبتعاد الناس عن المعارضة لكن يجب أن نعترف أيضا بفشل 50 سنة من المعارضة.

الجزء الأخير من الندوة :

بعد السيّد العياشي الهمامي كانت الكلمة لعدد من المتدخلين في القاعة ثمّ جاء التعقيب عليها كما يلي:

ـ الشابي: المعارضة ضعيفة و أدائها ضعيف و لكن أليس لحجم القمع المسلّط على المواطن في هذا دور كبير؟
* البوليس مسيطر على كلّ شيء و يخنق المعارضة و لا يجعلها تتنفّس إلى درجة أنّنا في لجنة 18 أكتوبر تحوّلنا إلى العمل السرّي للقيام ببعض اللقاءات و مناقشة بعض القضايا.
* يوم 7.07 سننظم اجتماعا يضمّ حوالي 300 مناضل في محاولة لبعث نفس جديد في هيئة 18 أكتوبر سيكون شعارنا في المرحلة القادمة لا للرئاسة مدى الحياة و سنعمل على فرض بعض الإصلاحات الديمقراطيّة و نحن مستعدون لدفع الثمن حتى تتحقق هذه الإصلاحات.

عند الحديث عن ضعف المعارضة وضعف أدائها لا يمكننا أن نغفل عن حجم العسكرة التي تعيشها البلاد مما يجعل المواطن لا يستطيع الإنخراط بسهولة في أي نشاط كان.

* الحديث عن معارضة متفرقة يحتاج الى شيء من التصحيح ، نحن نبذل جهودا ونتقدم خطوات في بناء معارضة موحـّدة ، وليس لنا خيارات أخرى أمام نظام غير قابل للإصلاح. الأكيد أن النظام سيقوم بمناورات لمنع مواصلة بناء المعارضة وتوحيدها ، ويجب أن ننتبه الى ذلك حتى لا تمنعنا مناوراته من مواصلة هذا المسار.
ثم ختم الإجتماع.
تقرير: خاص بموقع: www.alhiwar.net

(المصدر: موقع "الحوار.نت" (ألمانيا) بتاريخ 23جوان 2007)


 

تونس.. مصير عائدين من جوانتانامو يقلق الحقوقيين
 
 
عبد الرحمن أبو رومي - محمد الحمروني

عواصم- أبدت منظمة حقوقية تخوفها من تعرض تونسيين اثنين -عادا لبلادهما من معتقل جوانتانامو الأمريكي- إلى التعذيب وسوء المعاملة على يد السلطات التونسية التي تسلمتهما من الولايات المتحدة مؤخرا.
وتأتي تلك المخاوف وسط تساؤلات مماثلة بشأن مصير معتقلين جزائريين في جوانتانامو من المقرر أن تتسلمهم السلطات الجزائرية خلال وقت قريب، بحسب تصريحات رسمية.
وشجبت "ريبريف" -وهي منظمة حقوقية مقرها لندن- ترحيل اثنين من معتقلي جوانتانامو إلى تونس، أحدهما -هو السيد عبد الله بن عمر- أدين غيابيا من قبل السلطات التونسية، وحكم عليه بالسجن عشرين عاما في إطار حملة شنتها السلطات في تسعينيات القرن الماضي بهدف مواجهة تنامي التيار الإسلامي ممثلا في حركة "النهضة" المعارضة، فيما لم تشر المنظمة لاسم المعتقل الآخر.

وقال المستشار الأول لمنظمة ريبريف -زاكري كاتسنيلسون- المعنية بتحقيق العدالة للأشخاص الذين يواجهون عقوبات قصوى -منهم معتقلو جوانتانامو- في تصريحات تلقت إسلام أون لاين.نت نسخة منها: "الولايات المتحدة الأمريكية أطلقت سراح المعتقلين بعد 5 سنوات من الاعتقال دون الاعتذار لهما عن فترة اعتقالهما خاصة بعدما اتضح لها أنهما لا يشكّلان أي خطر ولا يملكان أي معلومات تتعلق بالإرهاب ولا صلة لهما بالمجموعات التي تسميها الولايات المتحدة إرهابية".

وشدد كاتسنيلسون في تصريحه على أن "الولايات المتحدة تجد نفسها في وضع حرج بسبب المطالبات الدولية المتكررة لترحيل سجناء جوانتانامو، وهي مستعدة في هذا الإطار لتجاهل سجل بعض البلدان المرعب في مجال حقوق الإنسان".

وتابع يقول: "لهذا فإن نظر العالم  يجب أن يتجه الآن صوب تونس التي تقف الآن أمام خيار بسيط: إما أن تقوم بعمل ما هو صحيح وتظهر للعالم أنها تدعم حقوق الإنسان؟ وإما أن تؤكد للعالم الصورة التي تكاد تصبح نمطية عنها كبلد لا يعير أيّ اهتمام لتلك الحقوق".

 تصاعد المخاوف

ومع عودة السلطات التونسية لشن حملة في صفوف شباب المساجد في الآونة الأخيرة، مترافقة مع جملة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فقد تزايدت مخاوف المنظمات الحقوقية من أن يلقى الّمعتقلين اللذَيْنِ أُعيدا إلى تونس من جوانتانامو معاملة سيئة، كما لم تستبعد منظمات أخرى أن يعاد اعتقالهما في تونس لأجل غير مسمى.
ويدعم تلك المخاوف لزوم السلطات التونسية الصمت بشأن ما نسبته مواقع إلكترونية تونسية معارضة من تصريحات للسجين السياسي رمزي بلطيبي نهاية الأسبوع المنقضي في رسالة له قال فيها إنه "نقل في نهاية إبريل الماضي إلى معتقل يوجد على بعد ربع ساعة تقريبا من السجن المدني ببنزرت (60 كم شمال العاصمة)، وكانت المفاجأة مذهلة -كما ذكر- إذ وجد نفسه في معتقل سري للمخابرات الأمريكية".
وأضاف بلطيبي في رسالة سربها من سجنه -بحسب هذه المواقع- أن أمريكيًّا يجيد اللغة الفرنسية حقق معه في هذا المعتقل عن علاقته بالجماعات الجهادية في العراق.

 تساؤلات الجزائر

ومقابل تلك المخاوف التونسية أثيرت في الجزائر تساؤلات بشأن مصير المعتقلين الجزائريين الـ26 الموجودين حاليا بقاعدة جوانتانامو، والذين من المنتظر أن تستقبلهم بلادهم قريبا بعدما قررت واشنطن ترحيلهم، بحسب تصريحات أدلى بها مؤخرا وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي.

ففي حين تتحدث العديد من الأوساط القانونية عن الإفراج عنهم بمجرد دخولهم التراب الجزائري باعتبار أنهم لم يتورطوا في أية أنشطة تمس بسلامة وأمن الدولة  الجزائرية، يتبنى بعض الحقوقيين رأيا مخالفا لهذا التوجه يتمثل في إمكانية تقديم المفرج عنهم للعدالة الجزائرية بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط خارج التراب الجزائري، طبقا لقوانين جزائرية تم اعتمادها منذ دخول البلاد دوامة العنف عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية في يناير 1992.

وكانت الوزير مدلسي قد أدلى بتصريحات للصحافة الجزائرية لم يستبعد فيها إطلاق سراح الجزائريين المعتقلين في الجزيرة الكوبية قريبا وترحيلهم لبلادهم، مضيفا في الشأن ذاته أن الجزائر ستتلقى معلومات دقيقة بهذا الخصوص في أقرب الآجال.
وفسرت تلك التصريحات بأن المباحثات الأمريكية الجزائرية المتعلقة بشأن هؤلاء المعتقلين ومدى تورطهم في أعمال إرهابية قد بلغت مرحلة النتائج بعد جولات من التفاوض تبدو عسيرة، وهو ما عكسه امتداد فترة تواجد الوفد الأمني الأمريكي الذي يزور الجزائر منذ مدة لحسم هذه القضية الشائكة، بحسب مراسل إسلام أون لاين.

البيت الأبيض ينفي

من جهة أخرى نفى البيت الأبيض معلومات تداولتها وسائل الإعلام الأمريكية أمس الجمعة بأنه على وشك اتخاذ قرار بإغلاق معتقل جوانتانامو.وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو للصحفيين: "أي قرار حول مستقبل جوانتانامو ليس وشيكا ولم يعقد اجتماع في البيت الأبيض" أمس حول هذا الشأن.وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت عن ''عدة مسئولين'' أمريكيين قولهم: إن مسئولين كبارا في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش يتحدثون عن إمكانية قرب إغلاق المعتقل. وتواجه الولايات المتحدة انتقادات دولية مستمرة بخصوص أوضاع المعتقلين في جوانتانامو الذين يقدر عددهم حاليا بـ375 معتقلا، بعضهم موجود منذ أكثر من 5 سنوات دون توجيه أي تهمة إليهم.

 (المصدر: موقع إسلام أون لاين" بتاريخ 24جوان 2007)

المعارض التونسي العربي القاسمي: معارضة الداخل واجهة أمام الرأي العالمي

ثامر أبو العينين-جنيف

وصف العربي القاسمي رئيس جمعية الزيتونة السويسرية المعنية بأوضاع حقوق الإنسان في تونس المعارضة التونسية في الداخل بأنها "صورية ولا تؤدي واجبها الوطني، بل واجهة يستخدمها النظام أمام الرأي العام العالمي".

وقال القاسمي إن المعارضة "تبقى بلا تأثير أو صوت مسموع في الشارع السياسي التونسي"، وإن الحظر عليها لا يقتصر على التيارات الإسلامية، وهذا منبع الخطر -حسب رأيه– بل "يقضى على أية بارقة أمل في إصلاحات سياسية تنعكس على البلاد بشكل إيجابي".

وأشار القاسمي -متحدثا في مظاهرة بجنيف تحت شعار "أوقفوا التعذيب في تونس" أمام المقر الأوروبي للأمم المتحدة قبيل اليوم العالمي لمناهضة التعذيب- إلى أن محاولات المعارضة "الجادة" في الخارج للتفاهم مع النظام لإنقاذ الوطن الذي يتم تدميره -حسب رأيه– وصلت إلى طريق مسدود "بسبب تعنت النظام الحاكم".

صمت دولي

القاسمي: الممارسات الوحشية تسببت في قتل العديد من المعتقلين (الجزيرة نت)

وانتقدت جمعية الزيتونة صمت المجتمع الدولي تجاه أوضاع حقوق الإنسان في تونس، وقالت إنهم لا يفعلون شيئا بل يكرمون الحكومة التونسية، حتى أنه وقع عليها الاختيار لتكون عضوا في مجلس حقوق الإنسان وهو ما يدعو إلى السخرية، حسب قوله.

وقال القاسمي للجزيرة نت "إن الممارسات الوحشية التي تمارسها السلطات التونسية في حق المعتقلين السياسيين تسببت في قتل العديد منهم والإضرار الجسيم بالآخرين، شأن المعتقل السياسي وليد لعيوني الذي اختلت مداركه العقلية جراء التعذيب الوحشي، وأصبح في حالة يرثى لها".

وانتقد سياسة العفو التي أعلنت عنها تونس لمعارضيها في الخارج لأنها مرتبطة بضرورة إبداء ما وصفته الحكومة بالندم، لتكون العودة مصحوبة بالحرمان من ممارسة الحياة السياسية والتضييق في فرص العمل والتنقل.

ويطالب القاسمي الجمعيات والمنظمات الدولية المعنية بشأن حقوق الإنسان بزيارة المعتقلات التونسية والتأكد من حالة سجناء الرأي والتعرف على أسباب ودوافع بقائهم في غياهب السجون والبحث في السجلات بشأن ملابسات من قضوا تحت التعذيب، والمطالبة بتقصي الحقائق.

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 24 جوان 2007)


 العثور على حبة بطاطس في شكل بقرة في تونس
 
تونس (رويترز) - عثر مزارع في تونس على حبة من البطاطا (البطاطس) اتخذت شكل بقرة جالسة وكانها لوحة لاحد الرسامين.ونشرت صحيفة الانوار التونسية يوم السبت صورة لحبة البطاطس التي عثر عليه احد المزارعين في تونس وكان شكل البطاطس يوحي بانها بقرة مطأطأة الرأس.وعبرت الصحيفة بسخرية عن الخوف من ان يرتفع سعر الكيلوجرام من البطاطس الى سعر الكيلوجرام من اللحم البقري في ظل ارتفاع اسعار الخضروات.
 

 

رسالة إلـى قرصان

خــالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

لست أدري لماذا لما أردت مراسلتك وأنا لا أعرف من شخصك سوى آثار أفعالك، أن زحفت على مخيلتي صورة القرصان التي عرفتها في طفولتي، حيث ظهرتَ لي أعور بعين واحدة والأخرى مخفية وراء قطعة من جلد أسود، و أعرج على رجل واحدة والأخرى من خشب، وبرزتَ لي بيد واحدة والأخرى في طرفها قطعة حديد معكوفة، لكم قطعتَ بها رقاب الرجال.. كانت هذه صورتك المخيفة التي أزعجت صباي بما حملته من كوابيس وسواد، تعود لي اليوم في كهولتي من ثقب باب البيت، متسوّرة الجدران و متسلقة الأسوار بعنف وغلظة وتهور تحت جنح الظلام...

قرصان الأمس كان شريرا يختفي في الشواطئ المنعزلة لا يغادرها، إلا إذا جاع وأحس باقتراب فريسته من مغارته، فتراه يعبر البحار بحثا وتتبعا لخطاها حتى إذا اقترب من مسارها رفع رايته المخفية وانقض عليها دون رحمة أو شفقة وفتك بأصحابها وباعهم عبيدا للتجار... هؤلاء هم أجدادك، غير أنك اختلفت عنهم في قلة جرأتك وعدم شجاعتك، فاختفيت وراء الجدران السميكة وفي الدهاليز المظلمة التي ينبعث منها دخان العداوة ورائحة العدوان! اختلفت عنهم أنهم كانوا فرادى وعزل، وأصبحت مؤسسة تقاد بالملايين على حساب لقمات المستضعفين والفقراء، اختلفت عنهم أنهم كانوا مشردين في الجزائر النائية والكهوف والبحار، وأصبحت لك أرضك وسماؤك وحاشيتك وأعوانك وبواخرك وطائراتك وجزرك وبحارك، أصبحت قويا عتيدا يشار إليك بالبنان.. ولكنك ظلت خائفا حائرا لا تستأمن أحدا على عرجتك ولا على جلدة عينك ولا على حديدة يدك، تخاف من ظلك والشمس مفقودة في ديارك، تهاب الناس والقوم قد غادروا شواطئك، تشعر بالوحشة والعزلة، ولا يخلو مجلسك من الطبل والمزمار و"البندير" الصاخب، ترى في كل صيحة أو زفرة أو تنهيدة أو صدى، عليك نازلة، فتسعى للتوقي منها بإخمادها قبل أن ترى النور، فلا أصوات ولا سرائر ولا مشاعر ولا نوايا في حضرة مولانا...

هنيئا لك فقد فقت أجدادك من القراصنة، وهذا يحسب لك ولا عليك، فكم من وضيع تنكر لأهله وآبائه ونسي مودتهم وقربهم، وكنت خير الحفيد في القرصنة والنهب والإتلاف والتهشيم والعدوان، هنيئا لك مجددا على السهر المضني، وفقدان الطمأنينة والسكينة، والعيش على التوجس والشك وسوء الظن وعدم الثقة، هنيئا لك بحياة القرصنة والعدوان.

حتى لا أنسى أود تذكيرك إن كنت ناسيا أو مستغفلا أو جاهلا، بأن أجدادك قد أنهوا حياتهم على غير عاداتنا، فمنهم من مات متأرجحا في حبل ممدود، أو من وراء مقصلة، ومنهم من كان وليمة للحيتان، ومنهم من قضى نحبه مشردا منفيا في جزر الواق واق... لم يسعفهم التاريخ إلا باللعنة أو التجاهل والنسيان.

أهمس لك مجددا وهذه بيني وبينك وأرجو أن لا تطلع عليها أحدا حتى الأقربين من حاشيتك لأن فيها كثير من الضرر إليك، فتهون عندهم وتصبح من السوقة والرعاع، وتزول هيبتك فيتجرؤون عليك وعلى أهل بيتك الكرام... أهمس إليك بهدوء... أنك تدخل معركة خاسرة لأن حالي معك كحال الذي يحفر حفرة في الماء، فلا هو مقدّر حماقة فعله وسذاجة رأيه، ولا الحفرة تثبت بين الأمواج...لأن البقاء دائما للأمواج.. " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " [الرعد 17].

المصدر: ركن "خواطر" موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي http://www.liqaa.net/

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم
حصـاد الأسبـوع
للصحفي المنفي في وطنه ظلما وعدوانا عبد الله الزواري


 

علمت:
1 – مثل يوم الخميس 21 جوان 2007 السيد الأسعد الجوهري أمام محكمة ناحية منوبة – تونس بدعوى قيامه بمخالفة مرورية تتمثل في عدم الوقوف عندما أشار إليه عون المرور بذلك، و قد وقع التعرف على سائق السيارة بالرجوع إلى مصلحة النقل البري حيث أن العون بادر بتسجيل الرقم المنجمي للسيارة عندما رفض سائقها - أي ألأسعد- لالمتثال لإشارته... و فات العون – و بالأحرى – من دبر هذه المكيدة أن السيارة مسجلة باسم زوجة الأسعد الجوهري...
(ملاحظة: تذكروا تاريخ محضر الأستاذ محمد عبو 31 سبتمبر...)
2 - بعد المناداة على الأسعد في قاعة المحكمة طلب القاضي من " المتهم " الاستظهار ببطاقة هويته، فأعلمه أن ليس لديه بطاقة تعريف، فطلب القاضي الاستظهار بجواز السفر... فثنى بنفس الجواب...و كان هذا مثار عجب القاضي: مواطن ليس له بطاقة هوية... و فاته أن الأسعد الماثل أمامه في اسفل درجات المواطنة في "دولة القانون و الموسسات" بحيث لا حق – أي حق- له على بلاده...
3 – أجلت القضية ليوم 5 جويلية 2007
4 – بعد ثلاث ليال بيضاء قضاها الأسعد يحرس سيارته بعد أن حاول السيد كريم الجبالي رئيس مركز الأمن الوطني بالدندان مع ثلة من مرؤوسيه، إخراجها من المأوى الخاص بواسطة شاحنة جر تابعة لبلدية المكان، استطاع صاحبنا أن ينام مطمئن البال إذ انه التجأ إلى ترك سيارته بعيدا عن المأوى المعتاد... كان السيد كريم في الليلة الثالثة يقود سيارة بيجو بارتنر بيضاء اللون تحمل الرقم المنجمي التالي: 127تونس 1251...
 

2) تدبرت:
__________
ذُكِر لبقراط أن رجلا من أهل النقص يحبهفاغتم لذلك وقال :
ما أحبني إلا وقد وافقته في بعض أخلاقه...
 

3) سمعت:

و عاد " كركب" إلى مركز إيقافه...تفيد المعلومات الأولية أن " كركب" وصل الحدود التونسية الليبية إلا أنه أبى غلآ أن يعود إلى المنزل الذي قبض عليه فيه منذ ما يقارب الشهر و كان في انتظاره عناصر أمنية يقال إنهم قدموا خصيصا من العاصمة لمتابعة هذه المسألة... وهي المرة الثانية على الأقل التي يقع استقدام عناصر أمنية من العاصمة من أجل مسألة تحدث في جرجيس...لماذا؟؟ و كانت الأولى مع مستثمر في النزل و السياحة...
 

4) رأيت:

من المستحيل أن تركب أن تركب وسيلة نقل عمومي أو تتحول في المدينة دون أن تسمع من الألفاظ النابية و الخادشة للحياء ما تكره حتى أصبح الكثيرون من الأولياء يتحاشون مرافقة بناتهن أو زوجاتهم أو أخواتهم لقضاء شؤونهم...و هذا التلوث الشفوي أحد أوجه التلوث الذي غزا ديارنا...أما الشاطئ فيكفينا الحديث عن قوارير الخمور المختلفة الملقاة في كل مكان تقريبا... و كذلك قوارير و علب الجعة,... على الشاطئ، قريبا من المصطافين... نعم تجد أعوان أمن ( سواء شرطة الشواطئ أو الشرطة العادية في دورياتهم ) يقتفون أثر صبية صغار اتخذوا من عرض بعض السلع على السائحين و السائحات مورد رزق لهم و لعائلاتهم.. لكن هؤلاء الذين اتخذوا الشاطئ مكانا مفضلا لمعاقرة الخمر فلا أحد يجرأ على أمرهم أو نهيهم... و لكم أن تتصوروا بقية المشاهد... انظر الصور المصاحبة...

5): قرأت
1 - كشفت الحكومة النرويجية عن التصميم النهائي لقبو "القيامة" الذيسيأوي عينات من كل أنواع البذور.
وسيتم بناء القبو الذي أطلق عليه اسم "سفالبارد انترناشيونل سيدفولت" بمعنى القبو الدولي للبذور في منطقة سفالبارد الجبلية الواقعة في جزيرة نائيةبالقرب من القطب الشمالي.
ويهدف بناء القبو إلى حماية البذور الزراعية من الكوارث المحتملوقوعها في المستقبل، مثل الحروب النووية، أو النيازك، والتغير المناخي.
وسيبدأ بناء القبو في مارس/ آذار المقبل، فيما سيشرع بنك البذور فيالعمل بحلول 2008.
وستدفع الحكومة النرويجية 5 ملايين دولار أمريكي إزاء تكاليف بناءالقبو الذي سيتسع لإيواء ثلاثة ملايين عينة من البذور.
وتتولى مجموعة زراعية تعرف باسم (جلوبل كروب دايفارسيتي تراست) مهمة جمع وصيانة العينات لـ "حفظ تنوع البذور للأبد".
عن مجموعة كريزي كريزي

2 - عنوان الكتاب:"فرصة ثانية: ثلاثة رؤساء وأزمة القوة العظمى الأمريكية "
Second Chance: Three Presidents and the Crisis of American
Superpower
الكاتب: زبغنيو برجينسكي Zbigniew Brzenski
دار النشر: Basic Books
تاريخ النشر: مارس 2007
عدد الصفحات: 234­

مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر والمفكر الاستراتيجي زبغنيو برجينسكي Zbigniew Brzenski كان من الشخصيات القليلة من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية التي حذرت إدارة بوش صراحة من غزو العراق. وينقل عنه في فبراير 2003 وقبل حرب العراق بأسابيع قوله إنه إذا قررت الولايات المتحدة المضي قدما في خططها الخاصة بالعراق، فسوف تجد نفسها بمفردها لتتحمل تكلفة تبعات الحرب، فضلا عن ازدياد مشاعر العداء والكراهية الناتجة عن تلك الحرب. في كتابه الجديد " فرصة ثانية" يوجه سهام نقده اللاذعة إلى السياسة الخارجية الأمريكية في عهد كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن، ويعتقد أن الولايات المتحدة خلال حكم هؤلاء الثلاثة قد فرطت وأهدرت فرصتها الأولى لقيادة العالم عندما سنحت هذه الفرصة مع انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي. ورغم ضياع الفرصة الأولى في ظل أداء ضعيف يفتقر الرؤية الإستراتيجية لكل من الرؤساء الثلاثة، فإن برجينسكي يرى ن الولايات المتحدة ما تزال لديها فرصة ثانية. ويؤكد برجينسكي على أهمية الشهور العشرين القادمة في حسم اضطلاع الولايات المتحدة بقيادة العالم محذرا من أن ازدياد سوء الوضع في العراق أو توسيع دائرة الحرب في الشرق الأوسط بمهاجمة إيران ربما يؤديان إلى أن تذكر كتب التاريخ أن عمر الولايات المتحدة كقائدة للعالم كان قصيرا جدا.

الفاشلون الثلاثة
على طريقة تقييم أداء الطلاب بمنحهم علامات دراسية، قام برجينسكي بتقييم أداء الرؤساء الثلاثة في مجال السياسة الخارجية ووضع الولايات المتحدة في موقع قيادة العالم، حيث منح بوش الأب الدرجة الأعلى وهي B ، بينما حل كلينتون ثانيا بمنحه C ، وأخيرا جورج بوش الابن الذي منحه علامة F ، وهي تعني الرسوب في الامتحان. فكل من الرؤساء الثلاثة منذ انتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة، صار أهم لاعب على الساحة الدولية في أكثر قضايا العالم أهمية، ومع ذلك لم يكن هناك رؤية إستراتيجية واحدة ، فأصبح كل منهم يلعب طبقا لطريقته الخاصة بغض النظر عن أصول اللعبة. ورغم أن جورج بوش الأب كان أول قائد أحادي للعالم، وكان ذا خبرة ومهارة دبلوماسية عالية، فلم يكن يحركه رؤية واضحة تدرك وتلاءم تاريخية المرحلة والفرصة. أما الرئيس كلينتون القائد الثاني للعالم والذي يصفه برجينسكي بالأذكى والأكثر استشرافا للمستقبل، فقد افتقر أداؤه إلى الثبات والاستمرارية في استخدام قوة وقدرات الولايات المتحدة في ترسيخ قيادة العالم. أما القائد العولمي الثالث وهو جورج بوش الابن، فيقول عنه برجينسكي إنه يتسم بالشجاعة ورباطة الجأش ولكنه يفتقد فهم ومعرفة تعقيدات السياسة الخارجية، فضلا على أن سيطرة الأفكار العقائدية على طريقة تفكيره.

التحولات العالمية التي لم تستطع أمريكا الاستفادة منها
يحدد برجينسكي في كتابه الجديد عشرة تحولات رئيسية شهدها العالم منذ عام 1990 خلال انحسار التنافس الدولي، والتي لم تستطع السياسة الخارجية الأمريكية الاستفادة منها والتفاعل معها على النحو الأفضل، بل إن الأداء الضعيف للرؤساء الثلاثة في التفاعل مع تلك التحولات قد أوقع الولايات المتحدة في أزمات أساءت إلى صورتها وقللت من احتمال قيادته للعالم. وتلك التحولات العشر طبقا لبرجينسكي هي:
1. انحسار نفوذ الاتحاد السوفيتي في أوربا الشرقية، ومن ثم سقوطه لتنفرد الولايات المتحدة بقيادة الساحة الدولية.
2. نصر الولايات المتحدة العسكري في حرب الخليج عام 1991 تم التفريط فيه سياسيا. كما لم تهتم الولايات المتحدة باستئناف محادثات سلام الشرق الأوسط. كذلك بدأت مشاعر العداء والكراهية ضد الولايات المتحدة في العالم الإسلامي تتزايد.
3. اتساع حلف الناتو والاتحاد الأوربي شرقا بانضمام المزيد من دول أوربا الشرقية ليصبح حلف الأطلنطي أكثر التجمعات الدولية تأثيرا ونفوذا على الساحة العالمية.
4. دخلت فكرة العولمة حيز التطبيق والمؤسسية من خلال تأسيس منظمة التجارة العالمية WTO وتعاظم الدور الذي يقوم به صندوق النقد الدولي IMF . فضلا عن تنامي الأجندة المناهضة للفساد في البنك الدولي.
5. الأزمات المالية الأسيوية التي شهدتها النمور الأسيوية في التسعينات أدت إلى نشوء مجتمع اقتصادي جديد في شرق أسيا أهم ملامحه سيطرة الاقتصاد الصيني أو التنافس الصيني الياباني على السيطرة عليه. كما أدى انضمام الصين إلى منظمة الجارة العالمية إلى تعاظم دور ونفوذ الصين التجاري والسياسي في العالم.
6. حربان في الشيشان وصراع الناتو في كوسوفو ومنطقة البلقان وانتخاب فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا، ساهمت هذه العوامل السابقة في تصاعد الفاشية والقومية الروسية. وبدأت روسيا في استغلال مواردها من الغاز والنفط لكي تصبح قوة عظمى في مجال الطاقة.
7. غض الطرف من قبل الولايات المتحدة وغيرها عن الأنشطة النووية الهندية والباكستانية، تحدت الدولتان المتنازعتان الرأي العام الدولي وأعلنتا عن كونهما قوتين نوويتين. كما واصلت كل من كوريا الشمالية وإيران سعيهما لامتلاك قدرات نووية في ظل أداء ضعيف من الولايات المتحدة.
8. هجمات 11 سبتمبر صدمت الأمريكيين، وحولت الولايات المتحدة إلى دولة خوف. وقررت أن تنهج سياسة وقرارات أحادية، وأعلنت الحرب على الإرهاب.
9. انقسام مجتمع حلف الأطلنطي إزاء الحرب في العراق، وفشل الاتحاد الأوربي في تطوير هويته السياسية ونفوذه.
10. الانطباع الذي ساد العالم في مرحلة التسعينات بالتفوق العسكري الأمريكي وأوهام واشنطن تفوقها العسكري واتساع نفوذها قد تحطمت على صخور الفشل في العراق. ومن ثم اعترفت الولايات المتحدة بحاجتها إلى التعاون مع قوى أخرى في قضايا الأمن العالمي في مقدمتهم دول الاتحاد الأوربي والصين واليابان وروسيا.

وفي ختام هذه التحولات الرئيسية يذكر المؤلف أن الشرق الأوسط قد أصبح في الوقت الراهن وسوف يظل مقياس نجاح أو فشل قيادة الولايات المتحدة للعالم.
عن يحيى عبدالمبدئ
"تقرير واشنطن"

6) نقلت:

الأولى في استهلاك البترول
الولايات المتحدة تستهلك إلى حدود 20,7 مليون برميل من البترول يوميا و هو ما يساوي ما تستهلكه الصين و اليابان و ألمانيا و روسيا و الهند مجتمعة...

الأولى في انبغاث أوكسيد الكربون:
يلقي كل ملوثي الأرض سنويا 24126416000 طن من غاز الكربون (ىىى)في الفضاء، و ينبعث من الولايات المتحدة و أراضيها 5,8 مليار طن بعيدا عن الصين (3,3 مليار) و روسيا (1,4مليار) و الهند (1,2 مليار)..

الأولى من حيث الدين الخارجي:
الولايات المتحدة تراكم دينا خارجيا بمقدار 10040 مليار دولار و هو ما يمثل ربع مجموع الدين العالمي ( 44000 مليار)..

الأولى في النفقات العسكرية:
تحصل البيت الأبيض على 481 مليار دولار بعنوان ميزانية وزارة الدفاع لسنة 2008، و هذا الرقم الخيالي يبقى أقل من مجموع النفقات العسكرية المخصصة لسنة القادمة.. لكن لتكوين فكرة على المقادير المخصصة لوزارة الدفاع يجب إدراج ثمن الحرب الكونية على الإرهاب و زيادة أو تجديد أو صيانة الأسطول النووي الأمريكي، و كثير من المصاريف الأخرى.. و قد قام محلل الجيش، ونسلو ويلر، حديثا بالحسابات التالية:" أضيفول 142 مليار دولار لتغطية مصاريف الحرب في العراق و افغانستان، و أضيفوا 17 مليار دولار مصاريف تخصصها وزارة الطاقة للأسلحة النووية، أضيفوا 5 مليارات كمصاريف إضافية للمصالح الأخرى في مادة الدفاع... لتحصلوا في النهاية على مجموع يناهز 647 مليار دولار لسنة 2008...
...................................
إن الولايات المتحدة وحدها تخصص للنفقات العسكرية ما تخصصه بقية دول العالم كلها...
..............................................
الأولى في بيع الأسلحة:
منذ سنة 2001 كانت المبيعات الأمريكية من العتاد العسكرية يتراوح ثمنها عادة بين 10 و 13 مليار دولار ، و هو ما يمثل كما هائلا من الأسلحة، و لكن في السنة المالية 2006 استطاعت وزارة الدفاع أن تتجاوز رقمها القياسي السابق بجملة مداخيل عقود بيع بلغت 21 مليار دولار.. وهو رقم يتجاوز و من بعيد مبيعات أي دولة في العالم... و هذه الميدالية الرفيعة تعطينا اليقين بأن كل ما يحدث فرقعة في أواسط الليل إنما هو من صناعتنا و من سلعنا المشهورة...لا أحد في العالم ينتج أكثر منا و لا أحد في العالم يبيع أكثر منا... و على العكس من ذلك عندما يكون الحديث عن السلع المصنعة للاستعمال المدني حيث يجب لأن نكون الأوائل فإن ذلك يصبح نادرا...و من أمثلة ذلك:
- لسنا الأوائل في مبيعات السيارات: فقد مر زمن طويل عن ذلك العهد الذي كانت فيه " كريزلر" و " جنرال موتورز" و " فورد" تهيمن على الأسواق الداخلية و الخارجية... ففي سنة 2006 استوردت الولايات المتحدة بما قيمته 150 مليار دولار زائدا عن صادراتها من السيارات و قطع الغيار..
..............
لسنا الأوائل في القيمة الجملية للصادرات:
نشرت وزارة التجارة منذ قليل المقدار الجملي للصادرات الأمريكية و يبلغ 126,2 مليار دولار. أما الواردات فكانت 190,1 مليار دولار و هو ما يعني عجزا بحوالي 63,9 مليار دولار....
..........
أن الأسلحة هي ميداليتنا الذهبية المضمونة بامتياز..
نحن الأوائل في بيع الصواريخ أرض-جو
ما بين سنتي 2001 و 2005 سلمت الولايات المتحدة 2099 صاروخا من هذا النوع إلى دول العالم الثالث، وهذا يفوق ما تسلمه روسيا ب 20 ٪ وهي المزود العالمي الثاني في هذا الميدان..
كما أننا الأوائل في بيع السفن الحربية، إذ بعنا "حوالي" عشرة قطع كبيرة من مثل
حاملات طائرات و مدمرات.. و لم يسلم في هذه الفترة المصنعون الأربع الأروبيون مجتمعين إلا 13 قطعة.. و نحن الأوائل في التزويد بالصواريخ بحر- بحر التي تستعمل على هذه السفن إذ بعنا ما يقارب ضعف ما باعته روسيا و هي المصنع الثاني في العالم...
...............
نحن الأوائل في ميدان الميليشيات الخاصة:
حسب جيريمي سكاهل فإن أكثر من 126الفا مرتزق يعملون إلى جانب القوات الأمريكية في العراق لوحده... و من ضمن أكبر 60 شركة في هذا الميدان فإن 40 منها موجودة في الولايات المتحدة..

عنwww.michelcollon.info
 

7) دعــــــــــاء
"اللهم هذا مشروع أولياء الشيطان قد أخذ زخرفه و ازيّن و ظن أهله أنهم قادرون عليه فانصر يا ربنا عبادك على عبيدك و اجعلنا ممن صدقوا ما عاهدوك عليه و زدنا إيمانا و تسليما"

عبد الله الـزواري
22/06/2007


 

 لقاء صحفي مع الأستاذ محمد النوري

قررت مجلة "حقائق" إجراء لقاء صحفي مع عدد من المرشحين لعمادة المحامين و حضر الأستاذ محمد النوري في الموعد الأول الذي وقع تأخيره لعدم حضور بعض زملائه و تم اللقاء بحضور البعض و غياب البعض الآخر و وقع استجواب الأستاذ محمد النوري حول بعض المواضيع على أمل الحاق أجوبته ببقية الأجوبة لكنه وقع إشعاره أمس بأنه تعذر ذلك لغلق تحرير المجلة.
في ما يلي رأي الأستاذ محمد النوري بالنسبة للمواضيع التي تم استجوابه عنها.

السؤال الأول : الجواب على هذا السؤال يستغرق لوحده كامل الصفحات المخصصة لهذا اللقاء وباختصار شديد أقول :

الجواب : نعم هنالك أزمة ويمكن  أن نقول أنها أزمة مستفحلة يستعصي حلها حسب تقديرات البعض فهنالك من يرجع الأزمة لأسباب سياسية وهنالك من يرجعها لأسباب اقتصادية وهنالك من يرجعها لأسباب مهنية وهنالك من يقول أن أسبابها أخلاقية وآخر يجزم بأن أسبابها تشريعية لجنة وآخرون يرجعونها لأسباب جبائية وأنا أقول أنها نتيجة حتمية لجميع تلك الأسباب.

وللجواب على سؤالك وإذا ما تركنا الأسباب السياسية جانبا فأنا أقول أن أسباب الأزمة تبقى كثيرة .

وفي ظاهرها تبدو هذه الأزمة مادية ونحن إذا ما أخذنا هذا السبب بالتحليل نلاحظ مستوى عيش المحامي أصبح يتدهور باطراد من سنة لأخرى في حين أن مستوى عيش من يحيطون بالمهنة من عدول تنفيذ وخبراء وغيرهم من المتعاونين مع القضاء يتحسن ونحن لا نحسدهم على ذلك بل بالعكس نطالب بتحسين ظروفنا المادية مثلهم وإذا ما أخذنا هذا السبب أي السبب المادي بالتحليل نجد أن انخفاض مستوى العيش بالنسبة للمحامي كان نتيجة لعوامل كثيرة أولها تدني أجور المحامين وهذا يرجع في جزء كبير منه إلى فقه القضاء فالقضاء يقدر أجور الخبراء بمئات وربما بآلاف الدنانير بينما يحدد أتعاب الدفاع وأجرة المحاماة بمبالغ لا تتعدى في أغلب الأحيان بمائتين أو ثلاثمائة دينار في حين أن ما تحكم به لا يكاد يكفي لتسديد التكاليف من أجور الكتبة وماء وكهرباء وصيانة المعدات ولقائل أن يقول أن ذلك لا يهم كثيرا مادامت الأجرة تحدد باتفاق بينه وبين حريفه في حين أن ذلك وإن كان في ظاهره صحيحا فإنه في الحقيقة غير ذلك لأن المحامي لا يشارك حريفه في أمواله ولأن الحريف إما أن يكون طالبا أو بمعنى آخر يكون مهضوم الجانب ومتضررا في أغلب الأحيان فإنه لا يعقل إثقال كاهله بمبالغ لا يمكنه القضاء من استرجاعها كاملة وإما أن يكون مدعى عليه وفي أغلب الحالات يشكو من حالات العسر التي كانت سببا في عدم وفائه بالتزاماته تجاه المدعي ولا يمكنه أن يدفع أجرة المحامي كاملة إلا في بعض الحالات.

وأجرة المحامي التي كانت في الماضي تحدد في العقود بنسبة تفوق الواحد بالمائة من قيمة ما وقع التعاقد بشأنه نجد فيها مزاحمة أقرها القانون الذي حددها يمبالغ زهيدة بالنسبة لمن يتولون تحريرها من أعوان إدارة الملكية العقارية بينما يقع تقدير أجور المحامين من طرف القضاء الأجنبي بما يكفي وزيادة لتوفير مدخول محترم للمحامي يمكنه من سداد نفقات المكتب وخلاص الأداءات وتغطية حاجياته مع المحافظة على مستوى عيش مرتفع نسبيا بالنسبة للطبقات الشعبية المتوسطة ثانيهما إذا كانت الأجور متدنية فهذا يجعل المحامي يبحث عن مضاعفة عدد القضايا التي يقع تكليفه بها وإذا لم يتحقق له ذلك فربما يلجأ إلى السماسرة أو إلى قبول أجور متدنية تعرضها عليها بعض الشركات ويدخل آنذاك في مزاحمة غير شريفة مع زملائه ويرهق نفسه بعدد كبير من القضايا لا تدر عليه كثيرا من الربح ظنا منه أن الكم يعوض عن الكيف فهنالك محامين يقع تكليفهم بتحرير عقود بأجور متدنية للغاية على أساس أن كثرة تلك العقود تحقق لهم في نهاية كل شهر الربح المنشود لخلاص الكتبة ودفع معينات الكراء وهم لا يعلمون أن الإدارة الجبائية في انتظارهم في منعطف الطريق لتلتهم الأخضر واليابس.

هذا من جهة ومن أخرى نلاحظ أن انخفاض عدد القضايا يرجع للقوانين التي صدرت في السنوات الأخيرة والتي أدت إلى تقليص مجال تدخل المحامي وهذا له سبب تشريعي .

وبالنسبة لعدد كبير من المحامين فإن انخفاض عدد القضايا التي يسند لهم حق الدفاع فيها يرجع لعدم تمتيعهم بنصيب من قضايا الدولة والمؤسسات العمومية والشركات القومية التي لا توزع القضايا على المحامين حسب الكفاءات وإنما توزعها حسب الولاءات وهو ما قسم المحامين بين موالين ومحرومين والمحامون يساهمون جميعهم في تنمية مداخيل الدولة بواسطة الجباية وتبعا لذلك ينبغي التعامل معهم بالعدل في توزيع القضايا عليهم أو على الأقل حسب الكفاءات .

هذا بخصوص الأسباب المادية اللازمة .

السؤال الثاني : هل المحاماة مستهدفة ؟

الجواب  : هذا السؤال يستبطن أو يخفي جوابا سياسيا ربما يراد استدراجنا إليه فالمحاماة تشارك في إقامة العدل و دورها هو البحث عن الحقيقة التي لا تخلو لكثيرين و من أجل ذلك تقع معاداتها و ربما و ربما استهدافها من طرف القوى المعادية للحق  والعدل.

أما إذا كان الهدف من السؤال هو معرفة ما إذا كانت المحاماة مستهدفة من طرف السلطة الحاكمة فينبغي توجيه هذا السؤال إليها و أنا أقول أنه لا مصلحة للسلطة في معاداة المحاماة أو في تجويع المحامين لأن ذلك من شأنه أن يؤجج الغضب في صفوفهم و يؤدي إلى توتير الجو العام.

و إذا كانت الظروف قد أوصلتنا إلى هذه الحالة من التوتر فينبغي التفكير من الآن في تنقية الأجواء و ذلك بدراسة أسباب التوتر و العمل على إزالتها و هذا بالإمكان الوصول إليه.

السؤال الثالث : هل ستترشح لفترة واحدة ؟

الجواب : نعم , سوف لن أعيد ترشحي مرة أخرى لأني سأعمل في صورة انتخابي عميدا طول الوقت و سأحضر اجتماعات اللجان التي هي بصدد التكوين و سأدرس جميع المشاكل و العمل على فضها و تحديد الطلبات و دعمها بدراسات جدية و سأتنقل إلى جميع الجهات لأكون باتصال مع جميع المحامين التونسيين أينما كانوا و حيث أن ذلك الجهد المتواصل ليلا و نهارا دون عطل سيؤدي إلى إرهاق محقق في نهاية الفترة الانتخابية و هو ما يجعل إعادة الترشح من باب المجازفة بمصالح المحاماة إنه من المفيد بعث سنة التداول على المسؤولية ، فقضاء ثلاث سنوات من العمل الجدي على كرسي العمادة تسبقها ستة أشهر مضنية في إعداد البرنامج الانتخابي والقيام بالحملة الانتخابية يجعل العميد منهكا متعبا في نهاية الفترة الانتخابية الأولى وهو ما يبرر تعويضه بغيره . هذا من جهة ومن أخرى نلاحظ ان العمادة تسند لمن له كفاءة وقدرة على فض مشاكل المحامين والدفاع عنهم والنهوض بالمهنة إلى المستوى المأمول وفي هذا المضمار ينبغي فسح المجال أمام أكبر عدد ممكن من المحامين لتقديم مساهماتهم في النهوض بالمهنة وتشجيعهم على الترشح إذا كانت هنالك فائدة من ترشيحهم .

والمحاماة التونسية تزخر بالكفاءات وحتى يستفيد الجميع من خدمات عدد كبير من زملائهم المتميزين الذين لا يفكرون في الظروف الراهنة مجرد التفكير في الترشح للعمادة تحاشيا للزج بأنفسهم في أتون حرب شعواء لا طائل من ورائها أمام الآلة الانتخابية الرهيبة التي أعدتها بعض التيارات السياسية والتي بدأت تترسخ في أذهان الكثيرين مع مرور الزمان وهذه الآلة الانتخابية كثيرا ما يلجأ أصحابها إلى الدس والمناورات لاستبعاد ذوي الكفاءات . والعميد الذي يقع انتخابه مرة أولى لا يألو جهدا للإعداد لنيابة ثانية ولم لا ثالثة ورابعة مهملا من أجل ذلك نشاطه العادي كعميد ومخصصا وقته للتفرغ للإنتخابات المقبلة دعاية واستعدادا وهي انتخابات كثيرا ما يستبعد فيها ذووا الكفاءات وتكون نتائجها محصورة في تيارات فكرية معروفة بقدرتها على المناورة ومع ذلك وإذا ما حرصنا على التداول على المسؤولية وبذلنا كل جهدنا لاقناع المترشحين بوجوب اتباع تلك السنة فإن الذين يصلون إلى كرسي العمادة من بين ستة آلاف محامي لا تتجاوز نسبتهم إثنين في الألف من بين المحامين ولا ندري إذا كان من يقع انتخابهم مؤهلين للاصطلاع بتلك المسؤولية ومخصصين لها كامل وقتهم ولا يعيقهم ذلك في التفكير أو الاستعداد أو التحضير لدورات انتخابية أخرى .

أما إذا ابتعدنا عن تلك السنة فسوف تحرم المحاماة من كفاءات حقيقية وسوف نضطر لإعادة انتخاب عمداء لاهم  لهم الا البقاء بكرسي العمادة على حساب مصلحة المحاماة بوسائل انتخابية أصبحوا يتقنونها ويستفيدون من ممارستهم تلك المسؤولية لتكريسها .

السؤال الرابع : المتعلق بالتكوين

الجواب : التكوين هو أهم موضوع أتناوله في برنامجي الانتخابي إذ أن النهوض بالمحاماة و إخراجها من أزمتها الراهنة يتطلب تحقيق إصلاح جذري في تونسة التمرين.

و أنا أؤمن بأنه لا مستقبل لمهنة المحاماة إلا بتكوين المحامين في طريقة العمل الجديدة السائدة في العالم المنظور إذ بذلك فقط ترتقي المحاماة التونسية إلى المستوى العالمي و يضمن للمحامين التونسيين العمل مع الشركات و المؤسسات الدولية و يزاحم المحامون التونسيون غيرهم في جميع أنحاء العالم .

بالنسبة للمعهد الأعلى للمحاماة , إن ما يطالب به المحامون هو تسيير المعهد الأًعلي للمحاماة من طرف هيئة المحامين التي يكون لها وحدها حق الانتداب وحق الترسيم في الجدول الإضافي وعدم التنازل عن ذلك الحق الذي هو أساس لاستقلالية المهنة حتى لا يفد على المحاماة أشخاص لا يؤمنون بوحدتها وباستقلاليتها وبالمبادئ والقيم التي تسودها وسوف أعمل على تكوين ورشات عمل تشرف عليها الهيئة ، وعلى تنظيم وإدارة الندوات واللقاءات والاجتماعات التي تحصل من جرائها فائدة للمحامين في إطار التكوين . وينبغي فتح باب التفاوض من الآن مع الإدارة لإقناعها بأن المحامين متمسكون باستقلاليتهم وحريتهم مهما كانت الظروف والأسباب ، فالمحاماة بطبيعتها حرة وينبغي أن تبقى كذلك وان لا تكون تابعة أو خاضعة للإدارة. والتجارب خارج تونس عديدة بخصوص تكوين وتأطير المحامين في معاهد يشرف عليها المحامون أنفسهم علما بأن المحاماة تزخر بالطاقات الكفأة وانه بإمكان الإدارة أن تسهم في الاتفاق على المعهد الأعلى للمحاماة بحكم المسؤولية الملقاة على عاتقها في مجال التعليم والتكوين ويكون ذلك مشاركة منها في رفع المستوى الثقافي والتحديثي لمهنة تشارك القضاء في مهمة نشر العدل دون أن تؤدي تلك المساهمة إلى تسيير المعهد من طرف الإدارة .

وينبغي تكوين هيئة قارة يشرف عليها العميد و تكون مفتوحة لجميع المحامين يكون من بين مهامها اعداد وتطوير البرامج التكوينية للمعهد واقتراح تغيير البرامج التي لا فائدة منها إذا اقتضت الضرورة ذلك حتى تلحق بلادنا بركب المحاماة العالمية وما تضطلع به من مهام دعما لرسالة القضاء العادل .   

السؤال الخامس : كيف ستتعاملون مع موضوع التقاعد و الحيطة الاجتماعية ؟

الجواب : ينبغي التذكير قبل كل شيء أن للمحامين صندوق للتقاعد و الحيطة الاجتماعية وقع إنشاؤه بموجب القانون المنظم للمهنة و قد كان المتقاضون هم الذين يمولون هذا الصندوق في الماضي بدفعهم معلوما عن كل قضية يسمى معلوم المرافعة و هو معلوم يقع استخلاصه لفائدة المحامين من طرف القباضات المالية و يقع تسليم محصول ذلك المعلوم للهيئة الوطنية للمحامين التي تشرف على الصندوق أمّا الآن فإن تمويل الصندوق يتم من طرف المحامين أنفسهم و من أموالهم الخاصة و ذلك بدفعهم معلوم تامبر بخمسة دنانير عن كل قضية.

و تبعا لذلك يمكن القول بأن هناك ثلاث صناديق للتقاعد و الحيطة الاجتماعية وقع إنشاؤها بموجب القانون لفائدة العمال و الموظفين و المحامين.

و قد تمّ أخيرا أخيرا إنشاء صندوق للتأمين ضد المرض و حدد القانون النسبة المئوية التي يدفعها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية للموظفين منخرطي الصندوقين المذكورين بذلك التأمين لكن ذلك القانون تجاهل وجود صندوق ثالث تمّ إنشاؤه بموجب القانون يهم تقاعد المحامين.

فالمشكلة المطروحة بالنسبة للمحامين تتعلق بالتأمين ضد المرض و مصاريف التداوي و العلاج و العمليات الجراحية و قد اقترحت في برنامجي الانتخابي خمس حلول محتملة بناء على دراسات موثقة ينبغي فقط تعميقها و اختيار أحد تلك الحلول و أنا سأدعو في صورة انتخابي عميدا إلى انعقاد جلسة عامة للمحامين لاختيار الحل الأمثل بعد توزيع الدراسات التي نحن بصدد إعدادها من طرف لجان مفتوحة لجميع المحامين و سيقع التفاوض مع الادارات المعنية أو شركات التأمين بالأمر بخصوص ذلك الموضوع بناء على الدراسات التي سيتم إعدادها.

و أنا أعتبر أن الموضوع هام و متأكد و ينبغي أن تقع دراسته بتمعّن و تشريك عدد كبير من المحامين في إبداء الرأي بشأنه.  


مع الأستاذ محمد النوري

في جولته الانتخابية لعمادة المحامين

في إطار جولته الانتخابية عبر تراب الجمهورية حل ركب الأستاذ محمد النوري بمدينة سيدي بوزيد وكان مصحوبا بمجموعة من زملائه أعضاء لجنة المساندة , واستقبله المحامون المنتصبون بسيدي بوزيد بحفاوة بالغة وعبروا له عن تقديرهم لشخصه خاصة وقد بلتغهم عنه أخبار اللقاءات التي تمت في مدن أخرى من الجمهورية.

 ولم يكن برنامج الأستاذ محمد النوري يحتمل بقاءه بسيدي بوزيد أكثر من نصف يوم لأنه كان ينوي الرجوع إلى تونس في مساء نفس اليوم لقضاء مآرب هامة كانت تنتظره بالعاصمة وقام كعادته  بزيارة رئيس المحكمة ووكيل الجمهورية اللذين طلب منهما تمكينه من وقت متسع أثناء الاستراحة التي تتخلل الجلسات لتمكينه من التوجه إلى زملائه المحامين بكلمة موجزة ولتعريفهم ببرنامجه الانتخابي والتعرف على أحوالهم ومشاكلهم وقد سبق له أن  قام بزيارات مجاملة لمن أمكنه زيارتهم من المحامين بمكاتبهم القريبة من المحكمة .

وأثناء ترقبه بالمكتبة وبعد ما وزع مرافقوه على المحامين نسخا من برنامجه الانتخابي المكتوب ونسخا من المقالات التي صدرت ببعض الصحف عن ترشحه للعمادة اغتنم الأستاذ محمد النوري فرصة لقائه بشاعر تونس الكبير الأستاذ محمد الجلالي الذي شنف أسماعهم بقصائد ملتزمة تصور الوضع المأساوي في البلاد العربية أعجب بها السامعون أيما إعجاب وحصلت دردشة عن شعر الحطيئة وهجائه للزبرقان وعن استفسار الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن القصد من قول الحطيئة للزبرقان "دع المكام لا ترحل لبغيتها  واقعد فأنت الطاعم الكاسي" هل الغرض من ذلك أهو المدح أم الهجاء؟ وكيف تثبت الفاروق من المعنى الحقيقي لذلك البيت من الشعر قبل إصدار حكمه على الحطيئة وكيف استعطف الحطيئة الخليفة عمر في طلب العفو.

وتلى شاعر تونس الكبير على الحاضرين عدة قصائد من بينها:

" و الشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون* و أنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و ذكروا الله كثيرا و انتصروا من بعد ما ظلموا .."

سأتلو قصائد الرب في كل واد                      

أنا المستثنى من الهائمين في كل واد

كم تبع المؤمنون خطاي                            

و كم حير المرجفين عنادي

يشكل الوجع القديم قصائدي                        

و أوراقي من لهب الحروف رماد

و الحبر بعض من صهيل جيادي

إن لم ير النور شعري

فكم بعد اليوم و بعدي ردد هذا الشعر أحفادي

 للبلاد عليكم ديون

و كم ديون بغير سداد                  

وبعد ذلك أخذ الأستاذ محمد النوري في جمع كريم من زملائه المحامين بجهة سيدي بوزيد بعد ما وقع تقديمه لهم من طرفه زميله الأستاذ الهاشمي قوادرية ممثل الهيئة الوطنية بسيدي بوزيد الذي أشاد بوطنيته وبنشاطه النقابي والحقوقي والمهني.

وقد أبدى الأستاذ محمد النوري من كلمته التي ألقاها على زملائه اهتمامه بجهة سيدي بوزيد التي اعتبرها قلعة من قلاع النضال الوطني فقال لهم :"يطيب لي ويشرفني أن ألتقي بكم بسيدي بوزيد التي هي بحق قلعة للنضال الوطني من أجل الاستقلال وبناء الدولة الوطنية العصرية .

وإني أخاطب فيكم قيم الشهامة والكرم والتعلق بالحق والعدل التي نلتقي فيها خصال شعينا الأبي في هذه الجهة المناضلة مع المبادئ السامية لرسالة المحاماة في سعيها اليومي الدؤوب للمشاركة الفعالة لإقامة العدل وترسيخ دولة القانون والمؤسسات."

ثم تطرق الأستاذ محمد النوري إلى تحليل أهم المواضيع التي تناولها بالدرس في برنامجه الانتخابي .

وكانت كلمة الأستاذ محمد النوري موجزة هذه المرة نظرا لضيق الوقت لكنها كانت مؤثرة وحتى يترك لزملائه الوقت الكافي لإلقاء الأسئلة التي تمحورت خاصة حول التزامه بالتفرغ لمهمة العمادة   و بعدم ترشحه مرة ثانية و بخصوص التغطية الاجتماعية , فبخصوص التفرغ لمهمة العمادة التزم الأستاذ محمد النوري بالتخفيض من نشاطه المهني في صورة انتخابه عميدا و الاكتفاء بإدارة الملفات التي بقيت مفتوحة بمكتبه مع متابعتهخا إلى حين غلقها و عدم قبول قضايا جديدة إلا ما هو متعلق منها بالملفات القديمة و التزم بتجميد نشاطه الحقوقي و الجمعياتي أثناء فترة العمادة و كانت نبرته تنم عن الصدق و لم يحاول أي واحد من الحاضرين التشكيك في صحة أقواله.

أما بخصوص التداول على العمادة فقد التزم الأستاذ محمد النوري بعدم ترشحه لهذا المنصب مرة ثانية و قال إنني "أؤمن بسنة التداول على المسؤولية فقضاء ثلاث سنوات من العمل الجدي على كرسي العمادة تسبقها ستة أشهر مضنية في إعداد البرنامج الانتخابي والقيام بالحملة الانتخابية يجعل العميد منهكا متعبا في نهاية الفترة الانتخابية الأولى وهو ما يبرر تعويضه بغيره . هذا من جهة ومن أخرى نلاحظ ان العمادة تسند لمن له كفاءة وقدرة على فض مشاكل المحامين والدفاع عنهم والنهوض بالمهنة إلى المستوى المأمول وفي هذا المضمار ينبغي فسح المجال أمام أكبر عدد ممكن من المحامين لتقديم مساهماتهم في النهوض بالمهنة وتشجيعهم على الترشح إذا كانت هنالك فائدة من ترشيحهم .

والمحاماة التونسية تزخر بالكفاءات وحتى يستفيد الجميع من خدمات عدد كبير من زملائهم المتميزين الذين لا يفكرون في الظروف الراهنة مجرد التفكير في الترشح للعمادة تحاشيا للزج بأنفسهم في أتون حرب شعواء لا طائل من ورائها أمام الآلة الانتخابية الرهيبة التي أعدتها بعض التيارات السياسية والتي بدأت تترسخ في أذهان الكثيرين مع مرور الزمان وهذه الآلة الانتخابية كثيرا ما يلجأ أصحابها إلى الدس والمناورات لاستبعاد ذوي الكفاءات . والعميد الذي يقع انتخابه مرة أولى لا يألو جهدا للإعداد لنيابة ثانية ولم لا ثالثة ورابعة مهملا من أجل ذلك نشاطه العادي كعميد ومخصصا وقته للتفرغ للإنتخابات المقبلة دعاية واستعدادا وهي انتخابات كثيرا ما يستبعد فيها ذووا الكفاءات وتكون نتائجها محصورة في تيارات فكرية معروفة بقدرتها على المناورة ومع ذلك وإذا ما حرصنا على التداول على المسؤولية وبذلنا كل جهدنا لاقناع المترشحين بوجوب اتباع تلك السنة فإن الذين يصلون إلى كرسي العمادة من بين ستة آلاف محامي لا تتجاوز نسبتهم إثنين في الألف من بين المحامين ولا ندري إذا كان من يقع انتخابهم مؤهلين للاصطلاع بتلك المسؤولية ومخصصين لها كامل وقتهم ولا يعيقهم ذلك في التفكير أو الاستعداد أو التحضير لدورات انتخابية أخرى .

اما إذا ابتعدنا عن تلك السنة فسوف تحرم المحاماة من كفاءات حقيقية وسوف نضطر لإعادة انتخاب عمداء لاهم  لهم الا البقاء بكرسي العمادة على حساب مصلحة المحاماة بوسائل انتخابية أصبحوا يتقنونها ويستفيدون من ممارستهم تلك المسؤولية لتكريسها .

و بخصوص المشاكل التي يتعرض لها المحامون بسيدي بوزيد أعاد الأستاذ محمد النوري ما سبق له أن صرح به أمام زملائه في مدنين و صفاقس من كونه سيتنقل في صورة نجاحه في الانتخابات إلى جميع الجهات للتعرف عن كثب على مشاكل زملائه و إيجاد الحلول لها في وقتها و سيكون الحوار هو الطريقة المثلى لفض تلك المشاكل فالعميد سيكون على ذمة جميع المحامين و قريبا منهم.

الأستاذة إيمان الطريقي

المحامية بتونس


مساحة تونس: ليت شعري ما الصحيح ؟
 
فتحي الشامخي
تعدّ مساحة بلد ما، ركنا أساسيّا من أركان السّيادة الوطنيّة ونفوذ الدّولة العصريّة، كما أن معرفة المساحة الجغرافيّة مسألة على غاية من الأهميّة في ميادين عديدة أخرى كالتحكم في المجال الوطني وتهيئة وتنميته.
ولقد صار من السهل اليوم تحديد هذه المساحة بدقة كبيرة، نظرا لما يتوفّر في العالم، كما في تونس، من كفاءات علميّة ووسائل تكنولوجيّة متطوّرة (صور أقمار صناعيّة، ومنظومات معلومات جغرافيّة، وبرمجيّات رسم الخرائط، الخ. لذلك نسأل : ما هي مساحة البلاد التونسيّة ؟
ولمعرفة الجواب طرحت السؤال، بادئ ذي بدء، على الدّوائر الرسميّة التّونسيّة، التي من المطلوب منها مدّنا بالجواب الدقيق والرّسمي. لكن طبيعة الأجوبة التي حصلت عليها دفعتني إلى مزيد البحث لدى دوائر عديدة أخرى لها اهتمام بالموضوع، فكانت النتيجة كالآتي :
مواقع على الانترنيت
مساحة تونس (كلم2)العنوانالمصدر
162.155http://www.carthage.tn/ar/index.phpموقع رئاسة الجمهوريّة التونسيّة
162.155http://www.tunisie.com/basicfr.htmlموقع تونس الرسمي
164.150http://www.tunisie.com/economie/agriculture.htmlموقع تونس الرسمي (صفحة أخرى على نفس الموقع السّابق)
162.155http://www.ins.nat.tn/indexar.phpموقع المعهد الوطني للإحصاء
164.418http://fr.ca.encarta.msn.com/encyclopedia_761568505_1/Tunisie.htmlموقع موسوعة Encarta
163.610http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3موقع موسوعة ويكيبيديا الالكترونية

مصادر أخرى
مساحة تونس (كلم2)المصدر
154.857وزارة التنمية والتعاون الدولي
المعهد الوطني للإحصاء
نتائج التعداد العامّ للسكان والسكنى لسنة 2004
155.830Larousse في 3 مجلدات
164.000منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة
162.155صندوق النقد الدولي

يبرز من خلال الجدولين المرافقين أن الأجوبة مختلفة حسب اختلاف المصدر، وبالتالي تتراوح المساحة الجمليّة للبلاد التونسيّة حسب هذه النتائج من 154,857 كلم2 إلى 164,418 كلم2. أي بفارق يساوي حوالي 9561 كلم2. مما يعني أنّ هامش الشك يفوق 6% من المساحة الجمليّة للبلاد، أو ما يزيد عن مساحة ولايات إقليم تونس الأربع (تونس، أريانة، منوبة وبن عروس) وولايتي نابل والمهدية مجمّعة. أو ما يعادل %92 من مساحة لبنان.
قد نختلف في تحديد نسبة البطالة، أو نسبة الفقر أو مؤمّل الحياة أو في تقييمنا لمدى تحقيق التونسيين لأحلامهم، لكن ما لا يجوز أن نختلف فيه هو مساحة البلاد. فماذا يعنى هذا الاضطراب ؟ كيف يجب أن نفهم مثلا أن يذكر "موقع تونس الرّسمي" على الانترنيت في صفحته الأولى أن مساحة تونس تساوي 162.155 كلم2 ثم يعلن، مباشرة على صفحة موالية، على مساحة أخرى هي 164.150 كلم2 ؟ ثم لماذا نقرأ للمعهد الوطني للإحصاء أنّ مساحة البلاد هي 162 ألف كلم2، لنقرأ له في نفس الوقت رقما آخر مغايرا كليّا: عندما يذكر أن الكثافة السكانيّة بلغت سنة 2004 ما يعادل 64 ساكن في الكلم2، وهو ما يعطينا مساحة لا تتجاوز 155 ألف كلم2 ؟ ربّما أراد المعهد أن يعمل بالقاعدة العلميّة التي تقول أن الحاصل أكبر من مجموع الأجزاء !
فقط نريد منكم أيّها السادّة أن تتفقوا فيما بينكم وتعطوننا مساحة واحدة تضع حدّا لهذه البلبلة التي لا تليق بتونس. لسنا نريد دقة بمقياس الشبر، وإنّما رقما ثابتا لا يتأرجح على مدى يمتدّ على آلاف الكلمترات المربعة.
 
المصدر: الطريق الجديد عدد 61 - جوان 2007

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أسئلة أولية إلى إخوتي اللائكيين في تونس

 

د.محمد الهاشمي الحامدي

إلى الأخوات والإخوة الأعزاء بني وطني مؤسسي الجمعية الثقافية التونسية للدفاع عن اللائكية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت البيان الذي أصدرتموه، والذي يتضمن رغبتكم في تأسيس الجمعية الثقافية التونسية للدفاع عن اللائكية، ويوضح أهدافها ومبادئها. ويسرني أن أعلن منذ البداية تأييدي لحقكم في تكوين جمعيتكم والدفاع عن أفكاركم في إطار القانون وتحت ضوء الشمس. 

المنطق والمصلحة الوطنية ومبادئ حقوق الإنسان تفرض أن يكون لكم الحق الكامل في تأسيس جمعيتكم والدعوة لأفكاركم، وأن يكون حق تكوين الجمعيات الفكرية والثقافية متاحا لكم ولغيركم من التونسيين.

بالإضافة إلى ذلك، فإنني مقتنع أن أفضل من يحمي الدين هي قلوب المتدينين. وقد مرت على المسلمين في القرون الماضية حكومات مستبدة، واستعمرت بلدانهم عقودا من الزمن، ومع ذلك لم يفقد الإسلام بريقه أبدا، لجاذبيته الأصيلة المستمدة من كونه من عند الله عز وجل، وأيضا لأنه كان في مكان أمين جدا طول الوقت، وهذا المكان هو قلوب المسلمين.

أعظم ما في الإسلام أنه خيار طوعي حر للمسلم. ويجزم القرآن الكريم بصحة هذا المبدأ: "لا إكراه في الدين". وويشترط في قبول الإسلام والطاعات من الإنسان أن يكون مسلما عن إرادة حرة، فإذا انعدمت الحرية لم يكن لذلك التدين أي اعتبار شرعي.

الخلاصة أن المسلمين هم الذين يحمون الإسلام لأنهم يجدون فيه السعادة الروحية والطمأنينة النفسية والنجاح الحقيقي الملموس في حياتهم اليومية. وفي الأجواء الديمقراطية الحرة، تعبر الدولة عن توجهات مواطنيها أو الأغلبية الساحقة منهم.

بعد بيان هذه الأفكار الأساسية، أود أن أطرح عليكم بعض الأسئلة الرئيسية التي آمل أن تساعد كل المهتمين بجمعيتكم وبمبادئها على فهم مبادرتكم بشكل أفضل. كما أنني آمل أن تسمح أجوبتكم بتعميق النقاش حول موقع جمعيتكم ضمن السجال الثقافي والسياسي في بلادنا العزيزة.

هذه هي أسئلتي:

1 ـ ينص الفصل الأول من الدستور التونسي على أن تونس دولة حرة ، مستقلة ، ذات سيادة ، الإسلام دينها ، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.

ما موقفكم من هذا الفصل، وهل من أهدافكم السعي لحذف عبارة "الإسلام دينها" من الدستور؟

2 ـ في النموذج اللائكي الذي تدعون إليه، من يتولى مسؤولية رعاية المساجد والإنفاق عليها وعلى العاملين فيها؟

3 ـ في النموذج اللائكي الذي تدعون إليه، من يتولى مسؤولية التعليم الديني بشكل عام، الذي يشمل تحفيظ القرآن الكريم للناشئة، وتدريس الطلاب الراغبين في التخصص في دراسة العلوم الشرعية الإسلامية؟

4 ـ هل تقبلون أن يكون بوسع التونسيين تأسيس أوقاف للإنفاق على المساجد والتعليم الديني، مثل ما هو شائع في الغرب من تأسيس وقفيات للإنفاق على التعليم الديني والعام والعمل الخيري؟

5 ـ تشرف الكنيسة في بريطانيا على آلاف المدارس الكنسية، وهي مدارس تدرس المنتسبين إليها البرامج الدراسية المقررة من وزارة التربية، وتضيف إليها برامج دينية متخصصة. هل تقبلون أن تقوم مدارس إسلامية مماثلة في تونس؟

6 ـ يعتبر المسلمون في كل أنحاء العالم الزكاة فريضة دينية مهمة للغاية، وركنا من الأركان الخمسة للإسلام. هل تقبلون بتأسيس ديوان للزكاة يسهل أداء هذا الركن وتوظيف أمواله للإنفاق على الفقراء؟

7 ـ في بريطانيا، تعتبر الملكة هي رئيسة الكنيسة. هل ترون مثل هذه الصيغة متوافقة مع نظرتكم للعلمانية أم لا؟

8 ـ يخصص التلفزيون البريطاني ما يتراوح بين 15 و20 بالمائة من برامجه للبرامج الدينية، وينفق الكثير من الأموال على إنتاجها. هل توافقون على أن يخصص التلفزيون التونسي نسبة 15 إلى 20 بالمائة من برامجه للبرامج الدينية التي تتوافق مع معتقدات الأغلبية الساحقة من المواطنين؟

9 ـ اعتبرتم الدفاع عن حقوق النساء من أهم أهداف جمعيتكم. هل يدخل ضمن اهتماماتكم مؤازرة النساء المتدينات، الراغبات في ارتداء الخمار، وفي تأسيس المدارس الدينية، وفي المشاركة في الأعمال الخيرية؟ وهل تعتبرون الدفاع عن حقوق النساء في سياق الإحتكاك مع المرجعية الدينية بديلا عن الدفاع عن حقوق النساء السياسية والديمقراطية؟ وهل تؤيدون حق تأسيس جمعيات نسوية تعارض اللائكية في تونس؟

عندما تصل أجوبتكم، وآمل ألا يتأخر ذلك كثيرا، سيكون بوسع كثير من التونسيين أن يناقشوا مشروعكم بشكل أفضل، وأن يعرفوا إن كانت جمعيتكم مكسبا للديمقاطية في تونس أم أداة جديدة للتضييق على الديمقراطية والإنتكاس بحياتنا الفكرية الثقافية إلى ضيق الإيديولوجيات المتطرفة المتعصبة.

مع التحية والتقدير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 

مدير صحيفة الوسط التونسية مرسل الكسيبي لـ الجزائر نيوز:

* أسجل بارتياح كبير ما أقدمت عليه الجزائر من خطوات تصالحية في عهد الرئيس بوتفليقة، وما وصلت إليه من محاصرة العنف وتوسيع دائرة السلم والوئام منجزات هامة ينبغي تثمينها جزائريا ومغاربيا وعربيا.

* حل معضلة الارهاب سياسي بالاقدام على خطوات إصلاحية جريئة، وأمني من خلال معالجة أمنية و قضائية لمن شذ واتخذ سبيلا عنفيا في تخريب مكتسبات الدولة والمجتمع.

* تونس تشهد حالة من الجمود السياسي جراء تعامل السلطة بأسلوب أمني خشن وقاسي مع المعارضة بوجه عام ولاسيما حركة النهضة، وهو ماجعل خيار المصالحة الوطنية خيارا مستبعدا في الظروف السابقة أو الراهنة.

* الاسلاميون التونسيون عبروا عن رغبة صادقة في طي صفحة الماضي والنسج على منوال أشقاءهم في الجزائر والمغرب الذين اختاروا نهج المشاركة والتصالح غير أن السلطة لم تكن جادة وراهنت على تمزيق الصف المعارض.

* تجربتنا الاعلامية شكلت محاولة لفرض واقع جديد يتخلص من ثنائية المقص والرقيب التي غدت تقليدا عربيا بامتياز، وموضوع الرقابة على الاعلام زمن الفضائيات والانترنت والجيل الثالث أو الرابع من الهواتف المحمولة لم يعد موضوعا ذي جدوى وفعالية.

تحاول "الجزائر نيوز" من خلال هذا الحوار الذي أجرته مع الاعلامي والمحلل السياسي التونسي المقيم في ألمانيا مرسل الكسيبي، تسليط الضوء على جملة من القضايا العربية والمغاربية، لتقف في مواضع بارزة من الحوار على آخر التطورات في الساحة التونسية، مستطلعة رأيه بصفته  إعلاميا نشطا ومتابعا بارزا لشؤون الحركة الاسلامية حول جملة من القضايا والملفات المطروحة اليوم على مكونات الفضاء العام لبلدان المغرب العربي.

وفيما يلي نص الحوار:

 حاوره من ألمانيا: محمد مصدق يوسفي ـ mmyousfi@hotmail.com   

* مرحبا بكم أستاذ مرسل معنا في هذا الحوار، ونرجو منكم رحابة الصدر عند الاجابة على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بقضايا وشؤون الساعة؟

ـ مرحبا بالاخوان الأفاضل في الجزائر الشقيقة وبالزملاء الاعلاميين في صحيفة "الجزائر نيوز" وبالأخ الفاضل والكريم محمد مصدق يوسفي، هذا وأرحب قطعا بمختلف ما ستطرحونه من قضايا واشكالات. 

* دعنا بداية ننطلق من الحديث عن رؤيتكم لتطورات الوضع السياسي في الجارة الجزائر وعما اذا كانت لديكم تعليقات على المسار العام الذي تمر به الآن؟

ـ أسجل بارتياح كبير ماأقدمت عليه الدولة الجزائرية من خطوات إصلاحية وتصالحية في فترة حكم سيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأعتبر أن ما توصلت إليه البلاد من محاصرة لمسار العنف السياسي وتوسيع لدائرة السلم والوئام المدني من قبيل المنجزات الهامة التي ينبغي تثمينها جزائريا ومغاربيا وعربيا ولاسيما في ظل ماتعرفه البلاد من تراجع هام للمديونية واتساع لمشاريع البنية الأساسية والاعمار، وغير ذلك من منجزات يمكن للجزائريين أن يحكموا عليها بانصاف وأمانة مقارنة بماعرفته البلاد من تدهور أمني وسياسي واقتصادي خطير بعيد إلغاء الانتخابات العامة بداية التسعينات. 

غير أن هذا لايعني أن ليس أمام الدولة الجزائرية مجموعة من الاكراهات والتحديات القائمة نتيجة إعادة تشكل تيار العنف وتهديده للوسط السياسي الرسمي واتساع أجندته في اطار إقليمي ودولي بشكل يهدد وحدة واستقرار وسيادة بلدان المنطقة، هذا علاوة على متطلبات توسيع المشاركة السياسية وتخليص الجزائر من بقايا حالة الاحتقان التي صاحبت الشعب والبلاد أثناء حقبة الصراع الدموي المسلح. 

القاعدة في المغرب الاسلامي

* ذكرتم في حديثكم موضوعة تهديد سيادة بلدان المنطقة من قبل تيارات العنف المسلح، فماذا تقصدون تحديدا، هل تشيرون إلى ما يسمى بـ "تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي"؟

ـ المقصود هو أن مايسمى بتيار "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" يمكن أن يكون سببا في زعزعة الأمن والاستقرار في بلدان المغرب العربي بالشكل الذي يوفر هدية ثمينة ومبررا سياسيا خطيرا للقوى النافذة على الساحة العالمية من أجل تعميق التدخل العسكري والسياسي المباشر في الشؤون السيادية لبلدان المنطقة المغاربية.

* ولكن ألا تعتقدون بأن هذا التدخل الخارجي في الشأن السيادي العربي أو المغاربي هو من قبيل الأمر الحاصل والواقع منذ مدة ؟

ـ بلى هو حاصل ولكن بأقدار متفاوتة بين بلد وآخر ومنطقة جغرافية ومنطقة أخرى، ولكن ليس من العقل والدين والحكمة والسياسة وحسن التدبير ايجاد مزيد من المبررات من أجل تحويل وجهة هذا التدخل من الاطار السياسي الضاغط أو الاقتصادي النافذ إلى وجهة التدخل العسكري المباشر الذي له مخاطر أكبر على مصائر بلدان وشعوب المنطقة

الارهاب في الجزائر تونس والمغرب

* هل ترون أن ثمة حلا سياسيا لمعضلة الارهاب التي ضربت الجزائر السنوات الماضية وتونس قبل أشهر والمغرب الأقصى قبل أسابيع معدودة ؟

ـ الحل يكمن قطعا في إقامة العدل واجتناب الظلم وتوسيع دائرة المشاركة في الحياة العامة والاقدام على خطوات جريئة في مجال الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي، بما ينعكس إيجابا على الأمن والاستقرار وبما يعزز الثقة في الحكومات القائمة ويقطع السبيل على المشككين في شرعية وجودها أو صلاحيتها للقيادة والتسيير، هذا ولاننفي قطعا ضرورة وجود معالجة أمنية أو قضائية لمن شذ عن قواعد السلم المدني واتخذ سبيلا عنفيا في تخريب مكتسبات الدولة والمجتمع، ولكن مثل هذا المسلك ينبغي أن يبقى ضمن دائرة احترام القانون وضمان عدم التعدي على حقوق الانسان المكفولة بروح الشرائع الأرضية والسماوية وبقواعد كليات ومقاصد الشريعة الاسلامية التي وقع تهميش فهمها بصورة مهزوزة لا تنصف موروثا ثريا وعظيما لأمة لايمكن التنكر لعمادها الحضاري أو التصادم معه من منطلقات مايسمى بدواعي التعصير والتحديث. 

* في هذا السياق، كيف ترون الصدام الحاصل بين النخبة التونسية الحاكمة والنخب الاسلامية الصاعدة في ظل مايسمى بمعركة الحداثة القسرية؟

ـ نعم غير أن هذا لايعني أن اشكال التحديث ليس مطروحا على دول الجوار العربي أو المغاربي، إلا أن الفارق بين النموذج التونسي في الحداثة والنموذج الجزائري أو المغربي أو المصري على سبيل المثال يظل كبيرا، حيث عمد النموذج التونسي إلى القطيعة التامة مع التطور الطبيعي للمجتمع  ليفرض بذلك نموذجا "تحديثيا" قسريا لم يأخذ بعين الاعتبار ضرورة احترام ثقافة الشعب وعدم جواز اهانتها، هذا علاوة على احترام كرامة المواطنين وحقوقهم الأساسية، وهو ماترتب عنه عملية تقليد للآخر في بعض المظاهر القشرية دون التأمل في جوهر التجربة الغربية القائمة على احترام حرية المعتقد وكرامة الانسان وحقه في التعبير والاجتماع والتنظم والمشاركة السياسي. 

الوضع التونسي

* هذا يقودنا للحديث عن تطورات الوضع السياسي العام في تونس، فكيف تقيمون عموما أوضاع البلاد وهل ترون مخرجا للأزمة الحقوقية والسياسية عبر أسلوب المصالحة الوطنية ؟

ـ الأوضاع  العامة كما تعرفونها أستاذ محمد مصدق، لم يطرأ عليها تغيير بارز، إذ تشهد البلاد حالة من الجمود السياسي جراء تعامل السلطة بأسلوب أمني خشن وقاسي مع المعارضة بوجه عام ولاسيما المعارضة الاسلامية منها وبالأساس حركة النهضة، حيث مازال المئات من المعارضين والنشطاء أو المشتبه فيهم ضمن تطبيقات قوانين استثنائية يقبعون وراء القضبان وفي ظروف شهد العالم الحر والمنظمات الحقوقية الدولية على ردائتها ولاانسانيتها مما جعل تونس تتهم بأنها واحدة من أكثر البلدان ذات الرصيد الحقوقي السيء ومن أكثر البلدان التي يشار إليها بالبنان في موضوعات الانغلاق السياسي، هذه الأوضاع الحقوقية العالقة منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ترتب عليها وضع سياسي منغلق يخشى القائمون فيه على مقاليد الحكم من خوض غمار تجربة الاصلاح أو الانفتاح، وهو ماجعل خيار المصالحة الوطنية خيارا مستبعدا في الظروف السابقة أو الراهنة أمام هيمنة هواجس سياسية واعتبارات مصلحية وايديولوجية تعتبر مزيجا خاصا لتركيبة النخب الحاكمة في تونس .

الاسلاميون والسلطة 

* لكن ثمة من يحمل المعارضة ولاسيما الاسلامية منها مسؤولية تواصل الأزمة، وبالتالي الاعراض عن خيار المصالحة الوطنية ؟ 

ـ بالنسبة للمسؤولية السياسية الكبرى عن تواصل الأزمة بعد مرور حوالي عقد ونصف على أبرز المحاكمات السياسية التي عرفتها تونس أوائل التسعينات، فان جميع العقلاء يعتقدون بأن مقاليد التصحيح والتعديل في الخيارات الرسمية لابد أن تأتي من الجهات الحاكمة وليس من الأطراف المضطهدة التي مورست عليها أشكال فظيعة من القمع والاخصاء ...، ولو أن حقيقة المعطيات أكدت في أكثر من مناسبة أن الاسلاميين التونسيين عبروا عن رغبة صادقة في طي صفحة الماضي والنسج على منوال أشقاء لهم في بلدان الجوار اختاروا نهج المشاركة والتصالح على نهج الصراع والمغالبة , غير أن السلطة لم تكن جادة في مصافحة هذه الأيادي الممدودة  بالخير , بل انها راهنت من خلال اثارة مثل هذه الشبهات والموضوعات على تمزيق الصف الوطني المعارض وعلى دق اسفين في الجسم الوسطي الاسلامي الذي كان عرضة للنصيب الأكبر من التنكيل والاضطهاد

* مالحل حينئذ في نظركم ؟

ـ الحل يكمن في التنسيق المشترك بين قوى المعارضة الوطنية والاسلامية المعتدلة على أرضية السقف الأدنى الجامع الذي ارتضته التيارات الداعمة لحركة 18 أكتوبر حين تأسيسها، ومن ثمة اعادة بناء العمل الوطني المعارض على أرضية الضغط المحسوب الذي يجبر الدولة على الانفتاح والاصغاء لمطالب النخبة والمجتمع،  ومن ثمة عقد مصالحة وطنية عادلة تعترف بشرعية النظام السياسي القائم ولكن مع اذعان الدولة لأهم مطالب المجتمع متمثلة في العفو  التشريعي العام وضمان حرية الاجتماع والتنظم وتحرير الاعلام من هيمنة وسلطة الرقيب.

الاعلام والرقيب

* حديثكم هذا يقودنا فعليا للحديث عن تجربة مرسل الكسيبي الاعلامية، وتأسيسكم لصحيفة الوسط التونسية، فهل وفقتم من خلال هذا في الافلات من سلطة الرقيب الرسمي في تونس كما تقولون، وكيف تقيمون عموما أوضاع الاعلام في منطقتنا العربية؟

ـ تجربتنا في العمل الاعلامي شكلت محاولة أو اجتهادا مستمرا من أجل فرض واقع إعلامي جديد يتخلص من ثنائية المقص والرقيب التي غدت تقليدا عربيا بامتياز منذ أن ظهرت الصحافة العربية إلى الوجود مع بدايات وأواسط القرن الثامن عشر، لقد حاولنا أن نرفع الرقيب والمقص من أذهاننا منذ أن دخلنا مضمار الكتابة الاعلامية، غير أن الواقع السياسي المفروض علينا في تونس حتم علينا الانخراط بفعالية في الاعلام الالكتروني بصفته وسيلة للتواصل مع جمهور تونسي وعربي وعالمي واسع لايمكن للمقص التونسي أن يمتد إليه إلا داخل الرقعة الجغرافية التونسية - بأقدار طبعا - وذلك لوجود منافذ فنية وتقنية تكسر سلطة الرقابة على حرية تدفق المعلومات زمن العولمة المكتسحة لمناحي ودقائق الأمور في قريتنا الكونية، من هذا المنطلق فإن موضوع الرقابة على الاعلام زمن الفضائيات والانترنت والجيل الثالث أو الرابع من الهواتف المحمولة لم يعد موضوعا ذي جدوى وفعالية، وهو مايحتم على الأنظمة السياسية العربية ولاسيما على النظام السياسي في تونس تطوير آدائه الاعلامي ليواكب روح العصر من حيث الشكل والمضمون وليس فقط من جوانب شكلية حاولت مسايرة التقنية مع تعطيل لروح العقل والاضافة والابداع ومصادرة مطلقة للرأي الآخر إذا اتسم بالنقدية. تجربتنا الاعلامية كانت بتوفيق وفضل من الله جد ناجحة، إذ استطعنا من خلال تجربة صحيفة "الوسط التونسية" وتجارب إعلامية شريكة أن نتواصل مع جمهور عربي وتونسي واسع ومواكب ليس فقط للشأن التونسي وإنما للشأن العربي والدولي من منطلقات إيجابية تبني وتضيف وتنظر للتجارب الانسانية من خلال عدسة نقدية تنشد الخيرية والسلمية والتطوير والتلاقح بين الأمم والشعوب والحضارات، وهو ماجعلنا نخرج من الاطار القطري في تناول القصص الاخبارية إلى إطار إنساني أرحب يتفاعل مع العالمية من خلال أدوات التعليق والتحليل والربط والتفكيك المنهجي بين حلقات  ظاهرها لايزيد عن الاخبار وباطنها نظر وتحقيق.

* أستاذ مرسل الكسيبي كلمة أخيرة؟ 

ـ تحيتنا عبركم أستاذ محمد مصدق يوسفي وعبر الغراء "الجزائر نيوز" إلى كل أبناء وأبطال الشعب الجزائري، هذا ونرجو من الله تعالى لكم ولكل أحباء الجزائر المناضلة وأحباء المغرب العربي الكبير مزيدا من الأمن والرخاء والعزة والسؤدد والرقي. 

أنظر الرابط:

http://www.djazairnews.info/hiwar.htm


 
 تونس : ماذا يعني أن تسكت الدولة على ملف عبدة الشياطين ؟!
 
 
مرسل الكسيبي*-صحف عربية وشبكات اخبارية:

خروج مجموعات عبادة الشيطان في تونس من السرية الى العلنية مظهر اخر من مظاهر الانحراف الاجتماعي والأخلاقي الذي تشهده تونس في ظل عدم صرامة أجهزة الدولة مع مظاهر الجرائم الأخلاقية التي تتوفر فيها الأركان القانونية وفي ظل عدم الحزم مع الجرائم الأخرى ذات العلاقة المباشرة بالاعتداء على الممتلكات والأنفس في وضح النهار ...

140 ألف شرطي في غيبوبة عن مجموعات دموية تعشق القتل والاغتصاب !

140 ألف شرطي في تونس المحروسة مزودين باليات وتقنيات أمنية حديثة تظاهي ماهو متاح للأجهزة الأمنية في البلدان الغربية ...,يعجزون عن وضع حد لعصابات الجريمة المنظمة وجماعات عبدة الشيطان الذين باتوا يتنقلون في العاصمة تونس بشعاراتهم الرسمية على اليد اليمنى وبقبعاتهم السوداء الحاملة لشعارات الجماجم والعظام ...!

140 ألف شرطي في بلد تعداده السكاني لايتجاوز العشرة ملايين لايغفلون عن أي تحرك سياسي أو حقوقي !, بل تجدهم له بالمرصاد قبل أسابيع وأيام وساعات من انطلاق أشغاله في تونسنا المحروسة...

140 ألف شرطي يعجزون عن الكشف عن عناصر تتحرك بأكسسوارات وحقائب تحمل رموز شيطانية وبلونين مميزين وسهلي الرصد هما الأسود والأحمر ...!

140 ألف شرطي في غفلة عن تجنيد فتاة عمرها 14 سنة ضمن واحدة من شبكات عبدة الشيطان بالعاصمة تونس , وهو ماقد يعني السكوت عن تقديم هذه الفتاة مراقة الدم ومزهقة الروح وفي أقرب فرصة الى المذبح الشيطاني ضمن تعاليم فاسدة ومنحرفة تحمل تسمية "القداس الأسود"...

تساؤلات حائرة وعديدة تطرح حول مغازي سكوت الأجهزة الأمنية والسياسية في تونس على موضوع الظهور العلني والمنظم لمجموعات خطيرة ومنحرفة ومهددة للأمن العام وأمن المواطن وهي مجموعات عبدة الشيطان , غير أن هذه التساؤلات تزداد عمقا وحيرة حين نعلم بأن الأجهزة الأمنية في كل بلاد العالم لاتتساهل مع هذه المجموعات , بل تقوم برصدها واختراقها قصد حماية المجتمع من جرائمها الأخلاقية واللادينية والموغلة في الوحشية والشذوذ.

فمن الولايات المتحدة الأمريكية مرورا بالبرازيل في أمريكا اللاتينية , وألمانيا الفيديرالية في قلب أوربا الموحدة , وصولا الى المنطقة العربية -البحرين ,المغرب ,لبنان , مصر ..., تتخصص أجهزة وفرق ووحدات في رصد هذه المجموعات من أجل الحيلولة دون انتشارها الواسع وسط المجتمع كما الحيلولة دون تنفيذها لجرائم القداس الأسود أو القداس الأحمر , حيث يقوم أعضاؤها بجرائم قتل بشرية عبر الطعن أو الذبح بالسكاكين , هذا الم نتحدث عن اغتصاب الأطفال والرضع وقطع أعضائهم التناسلية كما حدث مع احدي شبكاتهم قبل بضع سنوات بالبرازيل...!!!

حادثة أولى في ألمانيا  :عبادة الشيطان أو المذبحة المدرسية :

من خلال هذه الجريمة الحقيقية التي وقعت قبل أشهر بجمهورية ألمانيا الاتحادية , نكشف للقارئ العربي والقارئ التونسي ولصانع القرار عن خطورة السكوت على هذه الظاهرة التي كانت سببا في انحراف مالايقل عن 32 ألف شخص في ألمانيا بحسب احصاءات قديمة نشرت على الصحف الكبرى بداية التسعينات .

الأخطر في الموضوع هو ليس مثل هذا العدد الكبير الذي تلاحقه أجهزة الشرطة الألمانية في المقابر وفي بعض الأمكان السرية من أجل الحيلولة دون ارتكابه لجرائم القتل أو الاغتصاب المتوحش , بل ان الأخطر هو ماترتب عن منهجهم الاجرامي والمنحرف من مجزرة في حق الاطار التربوي بألمانيا حيث انطلقت التحقيقات في جريمة بشعة وقعت بمدينة ارفورت -قبل أشهر فقط-.

اذ تحقق الشرطة الألمانية فيما اذا كانت كلمات أغنية ذات ايقاعات صاخبة باسم «حروب المدارس» قد حرضت الطالب روبرت شتاينهاوزر على قتل 13 معلماً في أسوأ مذبحة مدرسية شهدتها ألمانيا قبل أشهر.

وفي الوقت الذي لاتزال فيه مدينة ايرفورت تحاول التكيف مع هذه المأساة اعترفت الشرطة ان الأدلة التي عثرت عليها قليلة لكنهم يحاولون اتباع بعض الخيوط اعتمادا على ما هو متوفر بين أيديهم من أدلة.

ومن أهم الادلة التي بحوزة الشرطة قرص مدمج تم العثور عليه في غرفة نوم شتاينهاوزر، وأغنية حروب المدارس تحتوي على مقطع يقول: «اطلق الرصاص على معلميك الأشرار ببندقية الضخ».

وشتاينهاوزر البالغ من العمر 19 عاما كان يحمل معه أحيانا بندقية من هذا النوع لكنه استعمل مسدسا في هجومه الذي أودى بحياة 13 معلما ورجل شرطة وطفلين قبل ان يقتل نفسه.

وفي غرفة الدردشة على الكمبيوتر كان شتاينهاوزر يوقع تحت مسى ابن الشيطان رغم انه كان يستخدم مسميات أخرى.

وبعد أن دخل المدرسة مع الطلبة الذين يستعدون لاداء امتحانات المرحلة النهائية اتجه شتاينهاوزر الى دورة المياه حيث بدل ملابسه وارتدى زياً أسود وهي الازياء المفضلة لدى أعضاء جماعة عبدة الشيطان.

يذكر ان حوالي 15 طفلا ومراهقاً قتلوا أنفسهم في طقوس عبادة الشيطان في ألمانيا الشرقية والعديد منهم انتحر برمي نفسه من فوق الجسور، الأمر الذي شجع بعض المجرمين على تبني هذا الأسلوب من جرائم القتل.

حادثة ثانية في ألمانيا : 66 طعنة في طقوس شيطانية:

قبل خمس سنوات حكم في ألمانيا على رجل وزوجته بالسجن بتهمة قتل رجل بطعنه 66 مرة في طقوس شيطانية، وذلك في ختام محاكمة جذبت إليها الكثيرين من المهتمين.
ولم ينف دانييل ومانويلا رودا التهمة عنهما، ولكنهما قالا ان ما فعلاه لم يكن جريمة قتل لانهما كانا يعملان بأوامر من الشيطان.

وقضت المحكمة باحتجازهما 15 سنة للرجل و13 سنة للمرأة في جناح متخصص في معالجة الأمراض النفسية في السجن.

وقد عثر على جثة المجني عليه في شقة المجرمين في شهر يوليو من سنة 2001 وقد رسم عليها علامة الشيطان.

وقبض على الرجل وزوجته بعد ذلك بأسبوع.

وقال القاضي انه لا بد من حبس المتهمين في مشفى للأمراض العقلية كيلا يقوما بارتكاب جريمة أخرى في المستقبل. 

ولم يعبر المجرمان عن الشعور بالندم، ووقفا في تحد أمام المصورين.

وقالت الأنباء إن شقة المجرمين كانت مليئة بالجماجم والأضواء الخافتة. وكانت مانويلا تنام في تابوت.

وقالت مانويلا (23سنة) أمام المحكمة ان الشيطان جندها عندما كانت في الرابعة عشرة.

وقال دانييل ومانويلا انهما حاولا الانتحار عندما كانا هاربين بعد قتل الضحية.

وقال دانييل انه اشترى منشارا كهربائيا لانه كان يريد أن يكون مستعدا عندما يستدعيه الشيطان.

تفجير وتخريب للكنائس بالولايات المتحدة الأمريكية:

قبل سبع سنوات اعترف رجل من عبدة الشيطان أنه قام بإضرام النار في ست وعشرين كنيسة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية .

ويواجه الرجل، وهو جَي سكوت بالينجر، البالغ ستة وعشرين عاما من العمر، حكما بالسجن لمدة اثنين وأربعين عاما، على جرائمه التي اعترف بها .

ويقول المسؤولون الأمريكيون بأن بالينجر تنقل بين الناس مدعيا أنه رسول الشيطان، وقام ليلا بإضرام النار في الكناس النائية كجزء من حملته ضد معالم الدين المسيحي ومؤسساته

فقد تعرض تسعمئة مكان للعبادة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة للإحراق منذ إعلان الرئيس كلنتون بتشكيل فريق للتحقيق في حوادث تخريب الكنائس عام 1996

-حلف مع الشيطان :

وبالرغم من اعتقال أكثر من ثلاثمئة شخص بخصوص أعمال التفجير والتخريب التي بلغت حوالي مئتي عملية بين عام 1995 وأكتوبر /تشرين الأول عام 2000، فإن بالينجر قام بأكبر عدد من أعمال التخريب ضد الكنائس حتى اعتقاله في فبراير/شباط من العام الماضي، الذي اعتبر تقدما كبيرا في مهمة فريق التحقيق .

وتقول وزارة العدل الأمريكية إن بالينجر يستخدم أساليب الشعوذة مع الناس الذين يلتقي بهم مثل توقّيع عقود لهم مع الشيطان .

-حروق شديدة :

واعترف بالينجر عند اعتقاله بمحاولة إضرام النار في خمسين كنيسة في إحدى عشرة ولاية أمريكية، لكنه نجح في ست وعشرين فقط .

ولا يزال بالينجر يواجه تهما بإضرام النار في خمس كنائس أخرى عامي 1998 و1999 .

واعترفت صديقته، البالغة من العمر أربعة وعشرين عاما، والمتهمة هي الأخرى بالقيام بأحد الحرائق، بأنها قامت برسم رموز الشيطان على الكنائس قبل أن يقوم بالينجر بإحراقها .

وقد بدأت صديقته السفر معه عام 1993 وعملت كراقصة في النوادي الليلية كي تتمكن من دفع مصاريفهما الحياتية .

وأفادت التقارير أن بالينجر أصيب بحروق خطيرة في حوالي أربعين بالمئة من جسمه في إحدى الحرائق في فبراير/شباط الماضي، وقد أجريت له العديد من العمليات لمداواة حروقه الجلدية .

عبدة الشيطان في البرازيل :قتل للأطفال وقطع لأعضائهم التناسلية :

قبل خمس سنوات وفي مدينة بيلم البرازيلية وقعت محاكمة خمسة من اعضاء طائفة من عبدة الشيطان بتهمة قطع الاعضاء الجنسية وقتل مجموعة من أطفال مدينة التاميرا الواقعة في حوض الامازون.

وترتبط الاتهامات بعمليات خطف تسعة عشر طفلا فقيرا في الفترة ما بين عامي 1989 و1992.

وتمكن بعض الاطفال من الهرب من خاطفيهم، غير انه عثر على جثث ستة اطفال تم انتزاع اعضائهم التناسلية، ولم يعرف مصير خمسة آخرين.

ويعتقد انه هذه الطائفة من عبدة الشيطان انتزعت الاعضاء التناسلية للاطفال لاستخدامها في السحر الاسود !.

ماذا بقي على السلطات التونسية أن تفعل ؟

بعد ماذكرناه من نماذج حقيقية تتبعناها عبر رصد التاريخ الحديث والمعاصر والقريب لهذه المجموعات المنحرفة والشاذة والخطيرة في أكثر من دولة وحاضرة غربية , أوروبية أو أمريكية , فاننا نطرح التساؤل على الرأي العام عن سر السكوت الأمني والسياسي والاعلامي التونسي الرسمي تجاه هذه المجموعات ...

ولعله لايساورنا شك ومن خلال الواقع والأحداث في أن السلطات التونسية لم تكن لتتوانى في تجريم مجموعات شبابية متدينة حامت حولها بعض الشبهات أو تعلقت بها وشاية كاذبة من بعض الجهات الحزبية أو الأمنية أو السياسية المتسلقة , اذ أن حريات التونسيين وحرماتهم تغدو بعدها سهلة المصادرة والافتكاك لمجرد أن هذه الموضوعة قد تكون جسرا لتمتين العلاقات مع هذه العاصمة الغربية أو تلك بدعوى التساوق مع منظومة دولية من السهل دغدغة عواطفها الفكرية والسياسية بالدندنة على ملف وموضوع مكافحة الارهاب ...

مثل هذا السكوت على شبكات خطيرة ومدمرة تستبيح القتل والتمثيل بالأعضاء البشرية والاغتصاب والمخدرات والشذوذ والسحر الأسود وشرب الدماء البشرية والحيوانية ..., وهو الشأن الحاصل مع شبكة عباد الشياطين بالعاصمة تونس أو غيرها من المدن الكبرى , والذين لم تتكشف بعد كل أفعالهم الخطيرة بحق أمن المواطن والمجتمع ..., مثل هذا السكوت لن يفهم الا على أساس أنه الوجه الاخر والقبيح من خطة سياسية فاسدة حملت تسمية تجفيف الينابيع , والتي هدفت الى اشاعة أجواء من الفساد الأخلاقي والثقافي الرامي الى اضعاف بنية المجتمع وحصانته الفكرية والسياسية .

مثل هذا السكوت على عبدة الشيطان هو خروج وانحراف واضح عن دولة القانون والمؤسسات , وهو بلاشك مؤشر اخر على الرغبة في الهروب الى الأمام وتعميق الأزمة بأبعادها الأخلاقية والسياسية , في توقيت حرج يتوق فيه التونسيون الى رؤية بلدهم على طريق الخطوات الأولى لمسيرة الاصلاح .

نأمل في النهاية ومن خلال ماقدمناه من معطيات هامة وحقيقية حول تشعب وخطورة هذه الظاهرة أن نكون قد حذرنا النخبة وشرائح المثقفين والسياسيين والمربين من مخاطر السكوت على تهاون الدولة بحق هذه الجماعات المدمرة , وهو مايشكل في تقديرنا جوهر مهمة السلطة الرابعة التي تحملنا مسؤولية أخلاقية ووطنية وثقافية وسياسية لابد أن نضطلع بها .

حرر بتاريخ 24 جوان 2007-9 جمادى الثانية 1428 ه .

*كاتب واعلامي تونسي-رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : reporteur2005@yahoo.de
 
المصدر:صحيفة الوسط التونسية (ألمانيا) يوم 24 جوان 2007)

 
بسم الله الرحمان الرحيم            
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
          
الرسالة رقم 251       
الرسائل المفتوحة الموجهة إلى سيادة رئيس الدولة  لها مبرراتها و أسبابها
 
 
محمد العروسي الهاني مناضل دستوري
تونس في 19/06/2007                                                        
 
نحمد الله تعالى على التوفيق و العون و الرعاية الالهية و الهداية إلى طريق الخير . فقد كنت طيلة سنتي 2003 و 2004  في حيرة كبيرة بعد غلق أبواب الصحافة المحلية و غلق أبواب الحوار و قلت في نفسي ربي يفرجها و يفتح الأبواب أمامنا لمواصلة مشوار الجهاد و النضال و الأصداع بالكلمة و الرأي الحر و التعبير الهادف الذي أصبح ملازما لحياتنا اليومية و جرى في عروقنا مجرى الدم في الجسم بفضل العقيدة و الإيمان و نور الإسلام و الهداية و التوفيق من الله تعالى و قد فتحنا عيوننا على فعل الخير و البناء و كان لحزبنا العتيد الفضل في دعم هذه الثوابت و الحمد لله كانت حياتنا مليئة بالسعادة و قلوبنا مليئة بحب الأخرين و مساعدتهم طبقا لما  جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي أوصانا بمساعدة بعضنا و قال من فرج كربة على أخيه فرج الله عليه كربتة يوم القيامة .و قائدنا و زعيمنا الحبيب بورقيبة نذر حياته لخدمة شعبه و جعل حزبه حزب التحرير، حزب العمل و جسرفعل الخير و خدمة الشعب و التضحية من أجله تلك الثوابت الخالدة التي بقت راسخة في اذهاننا منذ أكثر من نصف قرن و كل المناضلين القدامى تربوا على هذه الروح العالية للتطوع و التفاني و ان الزعيم الطيب المهيري جعل مسكنه مأوى للمناضلين و الوطنيين للإصغاء إليهم و قضاء حاجتهم و هو وزير الداخلية ، و الزعيم المنجي سليم رحمه الله كان في خدمة الشعب متواضعا مع إخوانه و كثيرا من الزعماء تربوا في المدرسة الوطنية التي أسسها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة. و للتاريخ أذكر مناضل من جهة الوطن القبلي يدعى جبريل جبريل والد السيد نوفل الزيادي الذي أصبح كاتبا عاما لاتحاد الطلبة . هذا المناضل الكبير كان يتردد على العاصمة يوميا و معه عدد من المناضلين لمساعدتهم و قضاء حاجتهم و هو يشعر بالسعادة و هو معروف عند كل المسؤولين الكبار في الحزب و الحكومة و يقدرونه و يحبونه حبا كبيرا لأنه يعمل لفائدة أخوانه و فعلا في زيارة عمل لبلدته تاكلسه عام 1961 من طرف السيد حسان بلخوجة وزير الفلاحة أنذاك . قال للمناضل جبريل هذه سويسرا لا تاكلسه أبار عميقة و فلاحة عصرية و محركات تدوي أجابه جبريل تلك هي سعادتي .هكذا كان القدامى يفكرون و يعملون و يسعون و يجدون الأذان الصاغية و الاحترام و التقدير ...، ونرجوا اليوم بعد 53 سنة من النضال مزيد تفتح القلوب و العقول للمواطنين الذين يرغبون في إجراء مقابلات رسمية مع السادة أعضاء الحكومة و السادة كتاب الدولة و السادة الولاة . و غيرهم و إذا اعتبرنا أن عدد الوزراء و كتاب الدولة يفوق اليوم 45 مسؤولا . و إذا بادر كل مسؤول بتخصيص يوم في الأسبوع لمقابلة المواطنين لمدة 5 ساعات . أعتقد أن كل مسؤول يصغي إلى 10 مواطنين بمعدل نصف ساعة لكل مواطن يفرغ مزودوا و يلقى الإجابة و الابتسامة و العناية و نصف المواطنين حوارهم عام و عندهم زاد و معلومات و معطيات لا تجدها في التقارير الإدارية و الأمنية و هي معطيات فرشكة طاهرة صادقة و نقية ... تخدم مصالحهم و مصلحة البلاد و العباد و الوطن و نصفها يخص المشاغل اليومية و هموم الناس و طموحاتهم و حاجتهم و هم أصحاب حق . لماذا لم نفتح الأبواب و المكاتب لهم لمقابلة السيد الوزير و السيد كاتب الدولة و السيد الوالي و السيد المدير العام الذي يعيش في برجه العالي . و الأبواب موصدة حتى في شركات الخدمات العامة و النقل و الشؤون الاجتماعية و الشؤون الاقتصادية و حتى الشؤون الدينية ... ، لا بد من فتح الأبواب الموصدة و المغلقة في وجه المواطن التونسي و حان الوقت للمساعدة  . و كما يقال الرئيس ليس شمس تضيئ على المشرق و المغرب . و الرئيس له مساعدين و وزراء و كتاب دولة و ولاة و مسؤولين في الجهات و رؤوساء بلديات . أين دورهم يا ترى تجد شخصا مسؤولا في أعلى المناصب لمساعدة الوزير يعدك وعدا صريحا بتحقيق طلبك . ولكن تمر الأشهر و الملف مازال على مكتبه ماكثا . هل كل شيئ يجب إعلام رئيس الدولة به حتى يعالج معالجة سريعة و نافذة و بسرعة . أعتقد أن الأمر يحتاج إلى مزيد الوعي الوطني و إدراك الأمانة و مراعاة وجه الله و احترام الثقة التي وضعها رئيس الدولة بن علي في كل مسؤول حتى يرعى مصالح الشعب و يعمل على تنفيذ تعليمات رمز البلاد و يستجيب لبلاده دوما بالإنصات للشعب و خلجاته و همومه  نعود للحديث عن حيرتي عام 2003 عندما أغلقت أبواب الصحافة التي من المفروض تحمل رسالة إعلامية وطنية هامة لكن فتح الله علينا بباب أوسع  موقع تونس نيوز الذي كان رحمة و منبر إعلامي هام كسر و حطم الحواجز و رفع الحرج   . و اليوم و الحمد لله 250 مقال ينشر بكل ديمقراطية و شفافية و لا مقص حاد و لا رقابة ذاتية في مستوى النشر. أما الرقابة الأخرى فهي تلاحق المقالات حتى في فراش النوم . وربما مراقب الانترنات  مرتبه يفوق الخيال أو يفوق امتيازات الوزير الأول في بعض الدول .لماذا...؟
و أشرت في عنوان المقال الرسائل المفتوحة الموجهة لسيادة الرئيس لها مبرراتها و أسبابها خاصة مشاغل المواطنين التي أشرت إليها في الرسالة المفتوحة المؤرخة يوم 24 /05/2007 لسيادة الرئيس المحترم.
و قلت الرسائل أصبحت لا تصل وهناك حواجز . ليس أدري لماذا...، بينما نعرف الحس المرهف لرئيسنا وعطفه و قلبه الرحيم على الشعب . و أشرت في الرسالة المفتوحة إلى الرسائل التي كانت تصل إلى مكتب سيادة الرئيس قبل عام 2000 ، و نتائجها الفاعلة و الواضحة و اليوم من 2001 كتبت 13 رسالة شخصية على طريق الفاكس و البريد لرئيس الدولة و لم المس نتيجة . و عدد 15 رسالة مفتوحة في ظرف عامين 2005 إلى 2007 على موقع الأنترنات  تونس نيوز  ، لماذا إخفاء الرسائل على رئيسنا الذي جربناه صاحب قلب واسع و حس مرهف  و أذكر أن 87 أسرة بمنطقة الحجارة لحد الآن بدون إيصال الماء لمنازلهم و الماء وصل عام 2000 بإذن من سيادة الرئيس . و لماذا الطريق معطبة منذ عامين التي انجزها صندوق 26/26 ، و شبان بالإجازة و عاطلين عن العمل رغم وعد وزارة التربية و التكوين في 2 أفريل 2007 و المدرسة الإعدادية طالبنا بها و لكن ليس هناك رد و لا إيجابة و لا تحرك من مسؤول وطني او جهوي فأين المسؤولين الذين وضع فيهم سيادة الرئيس الثقة لخدمة الشعب أين السادة الوزراء ، أين السادة الولاة ، أين السادة المديرين العامين لشركة المياه والتجهيز و إدارة التعليم بصفاقس هل لهم حس مرهف مثل حس السيد الرئيس ...
أم المثل يقول مثل النعامة تضع رأسها في التراب و لا يهمها ...، بماذا تفسرون 26 رسالة مفتوحة للسادة الوزراء عبر هذا الموقع الإعلامي لم يقع الرد عليها و الاهتمام بها بماذا تفسرون رسائل عديدة وصلت إلى الولاية و لم يقع الرد عليها بماذا تفسرون مقابلات تمت مع مسؤولين في الولاية حول مشاغل منطقة الحجارة ولم تأتي بنتيجة بل إن أحدهم أراد استعراض قوته لكن وجد مناضلا صامدا لا يخاف سياسة الترهيب و الترغيب سامح الله هذا المسؤول الذي غادر الجهة و المسؤولية و بدون تعليق .
بماذا تفسرون عدد 25 بالمائة من سكان المنطقة بدون ماء منذ عام 2000 و أصبحت أتحرج من تكرار الطلبات و طرح المشاغل و لو بلغت إلى مكتب سيادة الرئيس لتحققت في ربع ساعة لهذه الأسباب و المبررات التي جعلتني أراسل باستمرار رئيسنا عسى أن تظفر رسالة بالوصول بين يديه و إن شاء الله نظفر بابن حلال يخاف الله ويحب الوطن و يحترم الرئيس ان يبلغ رئيسنا هذه الرسالة
أو بنت حلال لها كلمتها المسموعة وتحب الشعب عسى تبلغ مشاغلنا بأمانة و لنا في التاريخ كم من امرأة وطنية لعبت دور هام و مفيد و ساعدت الكثير على ابلاغ المشاغل و كما يقولون إن وراء كل رجل عظيم إمرأة وفية و هذا ما قلته في الرسالة المؤرخة يوم24 ماي 2007 رقم 237 ليس بعد هذا التوضيح توضيح أخر و التاريخ لا يرحم و الرسائل 16 سيذكرها التاريخ جيل بعد جيل و سيكون لها تأثيرها الايجابي  .
قال الله تعال: إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أنة يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا صدق اله العظيم.
 

من يحمي الموظف ؟

عبد الرزاق داعي - قفصة

تعددت أحداث التعنيف المادّي والّلفظي المسلّط على الموظفين أثناء تأديتهم لعملهم في المدّة القليلة الماضية:

** ففي المدرسة الأساسية عمر بن سليمان بحي المولّى قفصة بينما كان الجو هادئا والدروس تسير كعادتها دخلت امرأة هائجة مائجة متجهة نحو مكتب مدير المدرسة مطالبة إياه بالاقتصاص حالا ومعاقبة التلميذ الذي  اعتدى بالضرب على ابنها ، فحاول المدير تهدئتها واعدا إياها أنه سيبحث في هذا الموضوع لاحقا حفاظا على جو سير الدروس وهدوء المدرسة فما هاله الا أن رمته بوابل من الشتائم والسّب والعار وعند هذا الحدّ استنجد المدير هاتفيا بالأمن من اجل التدخل لحل هذه المشكلة ، لكنه تعذر عليهم ذلك لعدم توفر سيارات الإدارة وقتها بسبب تواجدهم في مراكز امتحانات الباكالوريا حسب ردّهم .

وفي تلك الأثناء فشّت تلك السيدة غليلها وغادرت المدرسة وبعد دقائق أرست سيارة تابعة للأمن الوطني أمام المدرسة ونزل منها عوني أمن فاطمئن السيد المدير واعتبر ذلك استجابة لمطلبه لكن المفاجأة كانت أكبر عندما فهم أن أحد الأعوان هو ولي التلميذ  ً المُعنّف ً وأنه جاء بنفس أسلوب زوجته مهددا متوعدا،  فتعقدت الأمور واستعصت المشكلة مما دعا كل المدرسين المتواجدين بالمدرسة مغادرة قاعاتهم لمؤازرة ومساندة زميلهم المدير ووضع حدّ لمثل هذه التجاوزات.

** وفي حادثة مماثلة في المستشفى الجهوي بقفصة تعرض السيد محمد الهنشيري المسؤول عن قسم الأشعة للتعنيف من طرف مواطن وذلك أثناء أداءه لواجبه المهني مما سبب له في غيبوبة ألزمته مراقبة طبية في المستشفى وراحة لمدة شهر وعند إطلاق سراح المُعتدي شن أعوان إطارات طبية وشبه طبية إضراب عن العمل لمدة ساعة في اليوم الأول وساعتين في اليوم الثاني مساندة لزميلهم واحتجاج على مثل هذه الممارسات .

** وكل هذا يجرنا للحديث عن ما تعرض له الأستاذ الذي حاول منع تلميذ من الغش أثناء امتحانات  الباكالوريا  الأخيرة في مدينة سيدي بوزيد فكان رد فعل ولي هذا التلميذ حين أعلمه ابنه بما حدث إلا أن يذهب للأستاذ في مقهى وسط المدينة ليشبعه ضربا وشتما لأنه تدخل فيما لا يعنيه وحرم الابن من الارتقاء إلى صفوف الجامعة التونسية خاصة وأن الأب مسؤول في الحزب الحاكم وبالتحديد عضو اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي فهل يعقل هذا ؟

(المصدر: صحيفة "الموقف" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 411 بتاريخ 22 جوان 2007)

رابط العدد 411: http://www.pdp.org.tn/mawqif/411.pdf


العميد السابق للمحامين الاستاذ منصور الشفي «للشعب»:

هذه أسباب توتر العلاقة بين السلطة والمحامين

اجرى الحوار الحبيب الشابي

لا شك ان تجربة العميد منصور الشفي داخل هياكل المهنة وخاصة على صعيد العمادة التي تحمل مسؤولياتها على مدار أربع نيابات، قد تركت اثارا عميقة في تاريخها المعاصر، بحيث غدا الرجل أحد مراجع المحاماة تسييرا وإدارة ومواقف كما ارتبطت مسيرته المهنية بدفاعه عن قضايا الرأي والحريات التي اتت في مقدمتها الازمات النقابية وما تبعها من محاكمات ولان أزمة المحاماة لا تزال تلقي بظلالها عبر الفترات الاخيرة فقد قرر العميد الترشح مرة أخرى لمنصب العمادة.

الشعب التقته في حوار مثير حول تشخيص حالة الأزمة وتقديم التصورات البديلة فكان هذا الحوار.

 الأكيد أن من دوافع ترشحكم مجددا لعمادة المحامين، اطلاعكم الواسع على راهن  المهنة فكيف تشخصونه؟

إن المحاماة منذ تسع سنوات، بدأت تمر بأزمة تتفاقم يوما بعد يوم وتتمثل في المظهر التالي:

إن المحامين لا يتمتعون بتغطية اجتماعية كافية، فإنه إن   كان للمحامين صندوق تقاعد إلا أن هذا الصندوق قد أصبح مهددا في موارده المتأتية من معلوم تانبر  المحاماة.

وقد يصبح في يوم من الايام لا يفي بالحاجة حيث  أن دخل هذا التانبر حسب معدلات السنوات الاخيرة لم يتجاوز المليارين بحيث  أن هذا المقدار يكفي فقط عدد المتقاعدين الآن وأرامل المحامين.

أما بالنسبة لمن يرغب في التقاعد، فإن هذا الصندوق لا يلبي إلا مطالب قليلة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليدين.

فلو أن عدد المتقاعدين قد زاد نوعا ما فان هذا الصندوق لن يلبي هذه الرغبة وهذا قد يخلق شيئا من الخوف لدى المتقاعدين من انهم مهددون في استمرارية منحة للمتقاعدين والمقبلين على التقاعد يجدون شبه صدّ من الهيئات التي تحاول تأخير تقديم مطالبهم للتقاعد.

ولذلك أصبح التفكير متجها إما لتنمية  موارد هذا الصندوق أو الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي.

ومنذ تسع سنوات بدأت المفاوضات في عمادة الاستاذ بوراوي والاستاذ الصيد والاستاذين بن موسى مع صندوق الضمان الاجتماعي لايجاد صيغة لانخراط المحامين بالصندوق وكانت السلطة تميل الى هذا الحل بينما نجد بعض المحامين يرون في الابقاء على صندوقهم الخاص ضمانة لاستقلاليتهم ولا شك أن هذه الحجة غير مقبولة لان  الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي مثلما حصل بالنسبة للاطباء والصيادلة ولكن المشكلة تبقى هي الحلّ الافضل.

وحسب المفاوضات كان موقف الصندوق واضحا «أنه لا يستطيع أن يقبل إلا انخراط المحامين المباشرين الذين لم يبلغ سنهم 55 سنة، أما الفئة  التي تفوق هذا السن فئة  المتقاعدين وفئة  الأرامل، فإن الصندوق رأى أنه من الناحية القانونية الصرف لا يمكن قبولهم نظرا لان القانون لا يمكن المنخرط من منحة إلا إذا ما مرت على فترة انخراطه  عشر سنوات وقال الصندوق أنه لو افترضنا ان المحامين يتقاعدون في  سن 65 واحتسبنا 10 سنوات قبلها، فإن السن الأقصى لقبول المحامين هو 55 سنة.

وهنا ظهرت صعوبة الانخراط بالصندوق، إذا استثنينا الفئات  الثلاث المذكورة، فإنه لا يمكن لأي هيئة كانت أن تقبل هؤلاء في  منحة تقاعد تؤمن لهم حياة كريمة ولا تعرضهم للجوع والخصاصة.

هذه المسألة أوليتها أهمية قصوى في برنامجي الانتخابي، وعندما انتقلت الى المدن الكبرى وتونس لعرض هذا البرنامج شرحت لزملائي وجهة نظري المتمثلة فيما  يلي:

أن الحل الآن هو بيد السلطة فهي التي يمكن لها وحدها  أن تمكنا من الانخراط بالصندوق ولو لمن فات سنه 55  سنة أو لأرملة أو لمتقاعد. وطالبت بأن يقع استثناء هذه الفئة  وتتدخل السلطة لمنحها جراية التقاعد، وهذا الاستثناء قد وقع سابقا إذ تدخل السيد الرئيس منذ سنوات وعمّم منحة التقاعد على الكتّاب والفنانين والمبدعين مهما كانت سنهم. فلا شيء يمنع من تعميم هذا الامر على  الفئات  سالفة الذكر  من المحامين خاصة أنه تبين من المفاوضات التي جرت مع الصندوق ان المحامين سالفي الذكر لهم امكانية أن تشتري لهم هيئة المحامين عدة سنوات للتقاعد وكذلك الأمر بالنسبة للمتقاعدين والأرامل، ولكن تكلفة ذلك تتراوح بين 80 مليارا  و150 مليارا  وهو أمر تعجز عنه هيئة المحامين بينما لو تدخلت السلطة فإن هذا الاشكال سوف يزول لان الصندوق لا يكون مطالبا بدفع 150مليارا بل يكون مطالبا بدفع جريات النواة الاولى التي لا تتجاوز 3 مليارات في السنة.

واذا قبلت السلطة ذلك فإن الذين سينخرطون بالصندوق وعددهم  الآن 5 آلاف محامي سيدفعون انخراطهم السنوي (ربما باستثناء المتمرنين ) أي أن مقدار 3 مليارات  التي سيدفعها الصندوق هي التي سيدفعها المحامون في السنة الاولى.

وأرى أن هذا الحل هو الأمثل وهو بيد السلطة، وإذا ما وقع انتخابي فإني سأعمل علي تنفيذ ذلك، لان مصلحة المحامين تمكن في الانخراط بالصندوق اما اذا  لم تتوفر هذه الصيغة وأصبح المحامون عاجزين عن  الانخراط فإنه لم يبق لنا غير حل واحد وهو صندوق تقاعد المحامين رغم ضعف موارده ولا بد من توفير موارد أخرى مثل فرض معلوم سنوي أو الترفيع في معلوم التانبر بحيث تقع مراجعته أو بارجاع معلوم المرافعة الذي رفع بحجة ان القضاء في تونس هو قضاء مجاني . لكن في الواقع، فان القضاء في العالم لا يمكن ان يكون مجانيا 100  وهو ما يدل عليه  الحال في تونس .

هذا الموضوع استغرق مني جانبا في عرض البرنامج ، لانه الموضوع الحيوي الذي يتعلق به المحامون وثانيا لان بقاءهم بدون حل خلال السنوات الاخيرة، قد ساهم في تعميق الأزمة داخل المحاماة وربما في تأزيم العلاقة بين المحاماة والسلطة.

وأعتقد ان الفترة المقبلة هي محورية  إذا لم نجد  حلاّ لهذه المشاغل وان يتم السعي الى إرساء هذه الحلول بواسطة الحوار الذي تخلص فيه النوايا  سواء من طرف المحامين المنتمين للسلطة أو من قبل المحامين الذين لا ينتمون اليها وبكل صدق عند عرض هذا البرنامج وجدت تفهما كاملا من قبل المحامين لحل هذه الأزمة الدائمة فالدولة يمكن أن تفي بها.

واني استغل تصريحي بجريدتكم لوضع هذه  المشاكل في مستوى عرض على الرأي العام، لنقول ان المحامين ليسوا في حاجة الى إبقاء هذه المشاكل قائمة ولا يمكن ان تكون مصدر تعفن بين السلطة والمحاماة خاصة وانا شخصيا عند ما نقدمت للترشح، فذلك ايمانا مني (وهذا أقمت  عليه الدليل في المرات السابقة التي كنت فيها عميدا) لا بد من تصحيح الوضع، لأن المحامين هم أكثر الفئات  تسيسا، وهم ايضا قاعدة الفكر السياسي في العالم أجمع سواء بالنسبة للأفراد  التي وصلت الى السلطة أو للافراد في المعارضة، ولا أدل على ذلك مؤخرا وصول ساركوزي المحامي الى السلطة وقبله بيل كلينتون الى الرئاسة في أمريكا.

* وكيف تنظرون في تأثير العامل السياسي في العامل المهني داخل قطاع المحاماة؟

أنا أعتقد أن العمل السياسي بالنسبة للمحامي هو حق من حقوقه ، اما بالنسبة لمجلس  الهيئة، فإن قناعتي يجب ان تبقى مستقلة عن جميع التيارات السياسية وليتعامل معها بنفس  المعايير لكي لايطغى  تيار سياسي  على آخر وحتى لا يصبح مجلس الهيئة نهبا للتيار السياسي الذي يريد أن يسيطر عليه.

وهذا ما تحقق في الواقع في العالم المتحضر مثل فرنسا أو ايطاليا أذ ليس هناك مجالس هيئات مسيسة ، بل هي هيئات مهنية خالصة مثل الصيادلة والاطباء المعتمدين ودورها هو  مراعاة مصلحة المهنة وتحقيق مكاسب لها.

 * لكن ألا ترون أن هذا الأمر ينسحب على واقع الهيئات والعمادات والنقابات في العالم العربي بأسره؟

اريد أن اتحدث حديث الصراحة عند ما كنت عميدا سابقا وزرت فيها المغرب كنت أدهش لشيء  وهو ان هيئات المحامين مقسمة بين أحزاب كبرى تتعاظم  فيها قيادات الاحزاب قبل تفاهم المحامين، فإذا كان الحزب  قد حصل على نقابة دار البيضاء، فإن حزب الاستقلال تكون له قيادة هيئة الرباط وخلال السنوات الأخيرة أصبحت كل الهيئات مستقلة عن كل الاحزاب أعطتها قوة خدمت بها مصلحة المحاماة والعناية بمصالح منخرطيها لا مصلحة الاحزاب والاطراف السياسية  .

 * ألا تعتقدون ان مفهوم الاستقلالية بدوره قد اصبح مفهوما مخاتلا وماكرا؟

بالنسبة لتونس أصبح في السنوات الاخيرة هذا المفهوم ضبابيا لان هناك فكرة خاطئة قد تسربت  مفادها ان المحامي المستقبل هو من كان مستقلا عن السلطة أما غيره من المنتمين للاحزاب فيعتبر  مستقلا لكن انتماءه الحزبي  قد يجعله متعصبا لحزبه ويسعى لان تصبح المحاماة في تياره السياسي وهو ما نأت عليه تونس في الماضي.

فالعميد الشاذلي الخلادي هذا المنتمي حزبيا بل كان من قيادة الحزب القديم لكن لما اصبح عميدا كان عميدا مستقلا بعدها فرضت الدولة على المحاماة الاستاذ عبد الرحمان عبد النبى منصبا، وبالتالي اعتبر المحاماة يجب أن يباشرها إلا من كان وطنيا وفي نظره فأن الوطنية تتجسد في الحزب الجديد.

وهذا ما خلق جفوة بينه وبين المحامين واضطرت الدولة الى عزله عن  المحامين وانتخاب البحري قيقة الذي كان يتمتع بالكثير من الاستقلالية خاصة انه كان يؤمن بأن عمل الهيئة هو مهني قبل كل شيء.

 * بهذه المعايير، هل ان المراحل السابقة قد برهنت على استقلالية العمداء؟

كل العمداء الذين وصلوا الى هيئة المحامين، كانوا متشبثين بهذه الأفكار لكن هذا التصور لم يبق هو المسيطر  خلال المدة الاخيرة وأنا لست بصدد تقويم أداء زملائي لان ذلك من خصائص الجلسات العامة، لكن النتيجة الملموسة كذلك ان شرخا بين المحامين قد حصل في جلساتهم العامة مبعثة الخلاف السياسي فقط ورأينا جلسات عامة يصل فيها المدى الى استعمال العنف  بين المحامين.

ولذلك، في نظري وجب السعي الى ان يوجد خطاب تجميعي موحد لا يمكن ان يكون إلا على اساس مهني فقط  وجود التضامن بين أهل المهنة، وان هذا الخطاب الذي يجمع بين القواسم المشتركة بين المحامين، هو وحده الذي يمكن ان يحلّ ازمة المحاماة وعلى هذا الاساس تقدمت الى العمادة على أن يسود التعقل بين الأطراف  المختلفة للمحامين المسيسين حتى ننظر فقط الى المصلحة العليا للمحاماة.

 * لكن شعور المحامين «بالغبن» في ظل غياب صيغة للتغطية الاجتماعية لا تقل عن شعورهم  بالخوف من مستقبل التقاعد في قطاعهم ؟

المحامون يشعرون بانعدام  تغطية اجتماعية ثانية ، فهم لا يتمتعون بتأمين علي المرض، فقد جربنا سابقا عدة عقود مع شركات التأمين والتي لم يكتب لها الاستمرار والآن، فقد عرضت أن الحل يكمن  بالانخراط في الصندوق الوطني للتأمين على المرض لكن بالنسبة للمحامين لا ليمكن الحصول عليه ماديا وموضوعيا لانه مرتبط بوجوب تغيير نصوص قانونية ، لان التأمين بالصندوق الوطني (C N A M) لا يمكن إلا بالنسبة للمضمونين إجتماعيا،وبما أن المحامين غير منخرطين فبالتالي غير مضمونين إجتماعيا ولا يمكن لهم الانخراط بالصندوق. لكن يمكن في حالتين :

1) أن يصدر تنص خاص عن السلطة يمكن المحامين من الانخراط بالصندوق الوطني للتأمين على المرض.

2)  أن يصبح المحامون منخرطون بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعية  وبالتالي يصبحون آليا مضمونين اجتماعيا.

وهذا المطلب ملح، لان بعض الزملاء الذين تعرضو الى  حالات مرضية عويصة ومزمنة وجدوا أنفسهم أمام صدقات، وهو أمر لا يليق بمن تعرض الى هذا النوع من الأمراض.

واعتقد أن هذا لأمر لن يكلف السلطة أمرا شاقا أو تكلفة مالية كبيرة ، بل الموضوع يتعلق باتخاذ  قرار تشريعي فقط.

 * من أسباب الخلاف القائم بين وزارة العدل والهيئة الوطنية للمحامين مسألة المعهد الأعلى للمحاماة، كيف تنظرون الى هذا المشروع ؟

انه الموضوع الثاني العام فهو سبب من أسباب الخلاف الواقع بين الهيئة الحالية ووزارة العدل ويتعلق ببعث المعهد الأعلى للمحاماة.

وأمام ضغط المقبلين على مهنة المحاماة والذي أصبح في ظرف سنوات وجيزة يعد بالآلاف ، كانت النتيجة الحتمية  لذلك هو اغراق المحاماة وبالتالي تدني المستوى المادي للمحامين، ولذلك كان التفكير واجبا في الحد من هذه الظاهرة ومنذ سنوات طويلة طالب المحامون بما اسموه بتوحيد المدخل، أي أن تصبح شهادة الكفاءة هي المدخل الوحيد للانتماء الى المهنة وشهادة الكفاءة يُعين فيها سنويا عدد الذين يمكن لهم اجتياز مناظرة الدخول الى المحاماة، لكن حصل أمر أحسن من ذلك وهو ان هيئة المحامين بقيادة الاستاذ بوراوي وبعث المعهد الأعلى للمحاماة هي طريقة تتم بها مراقبة عدد الوافدين آي ما يمكن استيعابهم فقط سنويا في المهنة، والى جانب ذلك تكون مهمة هذا المعهد تكوين المقبلين لمدة سنتين كاملتين بعد الحصول على الإجازة أو شهادة التعمق، هو ما من شأنه أن يحقق نوعية من المحامين تستطيع ان تتكيف مع الظروف الدولية الجديدة وتشابك المصالح الدولية التي يجب أن يكون للمحامي مكانة خاصة في عهد الشراكة التونسية الاوروبية وهذا المعهد مع وجود الارادة الصادقة يستطيع أن يكوّن محامين يستجيبون لهذه المواصفات ويقدرون على المنافسة عالميا.

كذلك، في اعتقادي كان على المحامين أن يعتبروا  حصول هذا الأمر بمثابة مكسب من المكاسب التي وقعت فيها الاستجابة لطلب استمر عدة سنوات، لكن انا شخصيا فوجئت باندلاع  خلاف بين الهيئة الوطنية ووزارة العدل حول صنف المعهد.

 * السيد العميد، على ما اعلم أن وجه الخلاف تعلق بطرق التسيير بنسبة التمثيلية وليس برفض المشروع من أساسه؟

فيما يتعلق بالتسيير فالهيئة الوطنية طالبت بأن يكون لها هذا الجانب، واستمر هذا الامر طويلا الى أن صدر الامر التشريعي ببعث هذا المعهد وذلك في شهر ماي 2006 وتبين منه أن التسيير هو في واقع  الامر لن يكون لوزارة العدل أو لوزارة التعليم العالي ، بل أن هذا التسيير للمجلس العلمي للمعهد.

ثم اضاف وزير العدل في احد تصريحاته بأنه يلتزم بأن يكون المدير العام للمعهد هو محام مرسم لدى التعقيب وهذا يعني ان ذلك سيتم بالتفاهم بين الهيئة الوطنية بين  وزارة العدل وانا عند ما عرضت برنامجي، اعتبرت ذلك كافيا لتصبح التمثيلية داخل هذا المجلس العلمي للمحامين فالنص القانوني الذي اسس المعهد اقتضى ان المجلس العلمي يتركب من ثلاثة أطراف 4  من محامين و4 من الاساتذة ، 4 من القضاة واضاف النص بالنسبة للمحامين، اثنان منهم يتم تعيينهما من قبل مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، وانا اقترحت مؤخرا  انه لضمان مستوى تمثيلي أكبر للمحامين ان يقع تعيين ممثلي الهيئة في المجلس هما العميد السابق للمحامين والعميد المباشر أما بالنسبة للأثنين  الآخرين، فان النص القانوني قد اقتضى  بأن يتم انتخابهما من بين هيئة التدريس التي تعينها هيئة المحامين اذ أنه  إذا كان الامر كما هو معمول به الآن بالمجلس الأعلى للقضاء فإن المدرسين  لا يقل عددهم عن 60 مدرسا.

وإذ كانت هيئة المحامين ستعين 4 منهم فإن المدرسين الآن بكليات الحقوق الخمس (تونس I وII وسوسة صفاقس وجندوبة) هو اغلبهم من المحامين وهذا يعني  ان ممثلي المدرسين سيكونون من المحامين يعني ان عدد المحامين بالمجلس العلمي للمعهد سيكون في حدود ثمانية وهو ما يؤكد الاغلبية للمحامين داخل تركيبة هذا المجلس.

وبالطبع بالنسبة للقضاة، فاني اتمنى ان يقع تعيينهم من ذوي الكفاءات العالية حتى يصبح معهد المحامين مثله مثل المعهد الاعلى القضاء الذي اقول بكل فخر سيكون مفخرة  من مفاخر تونس اذ لا وجود لمثيل له في العالم العربي لانه سيمكن تونس من الحصول على مستوى رفيع.هذا المجلس هو الذي يقرر عدد الذين يمكن قبولهم عن طريق المناظرة وهو الذي يقرر سواء التدريس أو عدد المدرسين بحيث لا جدال في ان التسيير سيكون لهذا المجلس لا للإدارة وهو مجلس يجمع بين التركيبة الثلاثية تتخذ فيه القرارات بالاغلبية ولذلك انا اساير من يرى ان هذا المعهد سيمس استقلالية المهنة.

وقد أوليت هذا الموضوع اهمية كبرى لان الازمة القائمة بين الهيئة ووزارة العدل كان من أسبابها هذا الموضوع.

وكان بالتفاهم الوصول الى حل خاصة بعد ان سلم السيد وزير العدل بان المدير العام سيكون من ضمن المحامين المرسمين بالتعقيب.

* كنتم ضمن اللجنة التي اعدت مشروع القانون الاساسي للمحاماة والذي لم يتم التصويت  عليه فما هي وجهة نظركم في مضمون هذا المشروع؟

ـ التحوير الذي يجب ان يدخل على قانون المحاماة لان القانون الحالي يعود الي سنة  1989وقد وضع لادارة المحاماة عندما كان العدد في حدود 1200 والان يكاد يبلغ العدد 6 آلاف.

ولذلك بينت انني سأتقدم الى السلطة بطلب تنقيحات كاملة في حدود اكتوبر ونوفمبر المقبل وذلك بوضع آليات تتعلق ببعث فروع لمحاكم الاستئناف والبالغ عددها 12 وذلك لتقريب الخدمات للمحامين اما الاصلاح الثاني، فإنّ الهيئة الوطنية تتركب من العميد و7 أعضاء وهذا العدد قد يكون كافيا سنة 1989 اما الان فيجب الترفيع فيه على ما لا يقل عن الضعف.

* هذه المقترحات او الاصلاحات ترتبط اشد الارتباط بالمدى المتوسط، لكن ماذا تطرحون على الصعيد الاستراتيجي؟

ـ على مستوى المدى البعيد، فإنه لابد من اعادة التفكير في صلاحيات رئيس الفرع وصلاحيات بقية اعضاء الفرع لأنه حاليا لا وجود الا لرئيس الفرع وهو ما ادى احيانا الى شيء من التعسف وبعيدا عن التسيير الديمقراطي.

واعادة التفكير في صلاحيات التأديب و الاحالة والذي هو من خصائص رئيس الفرع لانه ادى بدوره الى كثير من التعسف.

فإن مقترحي ان يكون لرئيس الفرع الحق فيالاحالة وتجتمع هيئة الفرع لتقرر هل هناك مبررات لذلك.

كما ان موضوع الاحالة على عدم المباشرة لا يمكن ان يكون من صلاحيات مجلس الفرع لان مجلس الهيئة هو الذي يقرر ذلك.

* هناك قضية هامة تشد اهتمام المحامين تتعلق بالحصانة فما هي مقاربتكم لهذ المبدإ؟

ـ هذا الموضوع (الحصانة) فإن صياغة الفصل 46 من القانون الاساسي للمحاماة يجب ان يتغير.

وان لم تحدث مشاكل طيلة السنوات الماضية ولم تحدث الا مع الاستاذ فوزي بن مراد وما حصل له يجعلنا مجبرين على اعادة النظر في هذا النص.

لان الاستاذ بن مراد صرح بعبارة لا تدخل في الجرائم التي عددها الفصل 46 ورغم ذلك فانه اوقف حالا وترك من منتصف النهار الى الرابعة بعد الظهر لتستقدم زوجته ليعلمها بان زوجها بحالة إيقاف ثم ليودع بعد ذلك السجن دون ان يعلم عميد المحامين ودون ان تتوفر للمحامي اي ضمانات والمؤسف ان الفصل 46 على حالته الان يسمح بمثل هذه الاجراءات فلابد ان تعاد صياغة هذا الفصل بان المحامي الذي يرتكب جريمة مجلسية لا يوقف ؟؟؟ وانما يحال امره وهو بحالة سراح على التحقيق ويشعر عميد المحامين بذلك وتوفّر له الضمانات الكافية ولا يصبح إدخاله للسجن ممكنا الا عندما يصبح الحكم نهائيا في حقه اي بعد استفراغ كل وسائل الطعن.

وأنا لا اقول ان المحامي فوق القانون ولكن  وهو رجل الدفاع يجب ان تتوفر له كل الضمانات حتى لا تعاد مثل قضية الاستاذ بن مراد.

* وهل تنوي الاستئنس بالافكار والمشاريع السابقة في قطاع المحاماة خاصة وان البرامج الانتخابية متعددة ومتنوعة!!

 لن ابني على فراغ وسوف اخذ بكل ما تم من دراسات ومطالبات من الهيئات السابقة لنتبيّن  منها ماهو صالح للتطبق وماهو في مصلحة المهنة لنبني عليه.

* كنا نتوقع ان يتم التصويت على مشروع القانون الداخلي للمحاماة والذي شاركت مع العديد من المحامين والعمداء في صياغته لكن حصل العكس فكيف تقاربون هذه العملية؟

ـ القانون الداخلي للمحاماة منذ 1961 لم يصدر قانون داخلي لان ذلك القانون قد تجاوزه الزمن ولان الحاجة ملحة لاصداره، كنا نتوقع ان يتم التصويت عليه بعد ان اعده العميد بن موسى واللجان التي بعثها اعدادا جيدا، لكن عدم التصويت عليه بتعلة ان هذا القانون قد لا يكون ملائما في هذه الفترة.

واذا ما تم انتخابي فاني سأعيد طرحه على مناقشة والتصويت واعتقد ان مثل هذا البرنامج لمهني يمكن ان يصبح من شأن المحاماة ويعيد بها اشعاعها واحترامها ومكانتها.

(المصدر: جريدة "الشعب" (نقابية أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 23 جوان 2007)


 

للوفاء والذكرى:

أحمد التليلي في الذكرى 40 لوفاته:المناضل الذي لن يُنسى ابدا...

تنمية لمعارف الاجيال النقابية الصاعدة وتوثيقا للصلة بينهم وبين تاريخ حركتنا النقابية وتعريفا بروادها ورموزها نورد في ما يلي في اطار إحياء الذكرى الاربعين لوفاة المناضل الوطني والنقابي المرحوم احمد التليلي مقتطفات من القصة الكاملة لحياته والتي كنا نشرناها في ذكرى وفاته الخامسة والثلاثين.

كان والد احمد التليلي فلاحا كادحا معيلا لاسرة كبيرة تتركب من زوجتين وثلاث بنات وخمسة اولاد اصغرهم أحمد.

 

* حرص على تربيتهم تربية اسلامية محافظة وقد سلم اولاده الذكور الى مؤدبين بالقرية وخص من بينهم أحمد بارتياد المدرسة الابتدائية الفرنسية.

* توفي الوالد وترك ابنه احمد صغيرا حيث شغف بدروس التاريخ والحساب وكانت عيناه متفتحة على مظاهر الاستعمار والطغيان وعلى مظاهر الرفاه التي توفرها شركة فسفاط قفصة لابناء الفرنسيين بالحي الاوروبي في حين يلاحظ فقدان قريته لابسط المرافق الضرورية وكان يحدث أترابه عن هذا الحيف والقهر ويحاول ان يثير سخطهم على هذا الظلم الصارخ وكان يتزعم اصحابه ويقصد الحي  الاوروبي لاستفزاز ابناء وبنات الفرنسيين.

* وشغف احمد التليلي في ذلك الوقت بالمجالس الادبية التي تنظم ببطحاء باب السور وقد وصل الى نهاية تعليمه الابتدائي وفي جرابه زاد وفير من المعرفة والثقافة اهله لاجتياز امتحان الشهادة الابتدائية والحصول عليها في جوان  .

* واختارت عائلته ان يواصل تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي بتونس ونجح احمد في الانتماء الى هذا المعهد وهناك التقى بكوكبة من الطلبة جمعت بينهم مقاعد الدراسة والحس الوطني فكونوا مجموعة عمل داخل جمعية الشبيبة المدرسية القائمة آنذاك بنشاط ظاهره ثقافي وباطنه وطني ووجد أحمد التليلي في مجالها ضالته المنشودة.

* وقوي عود أحمد التليلي بمزيد الالتحام بالمناضلين من الحزب والطلبة وانخرط سنة  بخلية سرية شبابية للمقاومة ومن جراء ذلك اطرد من المعهد في السنة الدراسية  ـ  ورجع الى بلدته والتحق بفريق الشبيبة الدستورية وكون خلية للعمل والمقاومة السرية اطلق عليها اسم «اليد السوداء» وتفطنت السلط الاستعمارية الى نشاط هذه الخلية فالقت القبض على أحد عناصرها فيما ربط أحمد علاقات بالعديد من الشبان والقياديين فكان له دور في الكفاح الوطني.

* لكنه ابتعد عن كل نشاط وفكر في الشغل ولم يجد لذلك سبيلا فقرر الاغتراب والهجرة فسافر الى الجزائر في جانفي  فآواه هناك احد اقاربه وادخله شريكا في تجارته ثم تعاطى خطة كاتب عمومي وكان في نفس الوقت يزاول دروسا ليلية. وتعرف هناك على عدة شخصيات وطنية وانضم الى حزب الشعب واهتم بالاطلاع على تاريخ الثورات الشعبية وبالخصوص ثورة عبد القادر الجزائري ضد الحكم الفرنسي.

* في خريف سنة  عاد الى العاصمة لمواصلة دراسته بالمعهد الصادقي بتدخل شخصي من أحد أعيان  البلاد وتعرف بحي باب سويقة على زعماء الحركة الدستورية وشاركهم في كل  المحطات النضالية ضد المستعمر الغاشم الى ان حصل على شهادة المؤهل وعاد الى بلدته حيث شغل سنة  خطة معلم نائب ثم معلما ببلدة القطار وحصل خلاف بينه وبين مدير المدرسة الفرنسي فتم اعفاؤه وظل عاطلا عن العمل وتزوج فتاة من قريته لكن أوزار الحرب العالمية الثانية وتنكيل الاستعمار بالاهالي جعلت احمد التليلي ينضم الى عدد من الاهالي الذين قاموا بدور الهلال الاحمر للاسعاف والانقاذ فجمعوا الملابس القديمة والمؤن والادوية وكانت هذه الحرب حافزا للاستنهاض والانصراف الى تكوين جمعيات.

ومن هنا كانت لاحمد التليلي مواعيد مع التاريخ ومع العمل التحريري والكفاح ضد المستعمر.

الديمقراطية والتنمية في فكر أحمد التليلي

تواصلا مع المنهج المعرفي الذي اختارته المنظمة الشغيلة وجدنا في المكتبة النقابية اصدارا عنوانه الديمقراطية والتنمية في فكر أحمد التليلي وقد كان قدم هذا الاصدار من طرف الزميل ابراهيم خصومة في العدد 820 لشهر جوان .2005

وفي ما يلي اهم الخطوط التي ارتكز عليها هذا الاصدار الموظب من قبل قسم الدراسات والتوثيق .

تعززت المكتبة النقابية في الايام الاخيرة باصدار جديد بعنوان الديمقراطية والتنمية في فكر احمد التليلي الفه نجل فقيد الحركة النقابية التونسية الاستاذ رضا التليلي.

هذا الاصدار الجديد الذي توزع على 335 صفحة وجاء في سلسلة رؤى عمالية لمنشورات قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي  للشغل يتدرج في سياق ما دأب عليه القسم في السنوات الاخيرةمن جهد متميز قصد احياء الذاكرة الوطنية والوقوف عند المحطات التي ميزت الظاهرة النقابية ببلادنا كما انه يتنزل ايضا في اطار استحضار رواد حركتنا النقابية الوطنية وأعلامها الذين نذروا انفسهم للنضالين الوطني والاجتماعي وبذلك يكون قسم الدراسات والتكوين قدحقق اهدافه العامة والتي من اولها توثيق اعمال الرواد ومقارباتهم وهو جهد يظل دائما في حاجة متأكدة لدعم الدارسين والباحثين والمهتمين بذاكرة الاتحاد العام التونسي للشغل والحركة الوطنية.

الكتاب المرجع

في توطئة كتابه «الديمقراطية والتنمية في فكر احمد التليلي» يقول الاستاذ رضا التليلي.. ويمثل هذا الكتاب مجموعة مداخل لاثراء مرجعيات الذاكرة الوطنية حيث لا نريد منه قراءة ذاتية لتلك الفترة او لتلك الشخصية بل سعينا من خلال هذا الكتاب الى ان نتفاعل مع نفس المنهجية التي توخاها أحمد التليلي في معالجة قضية الديمقراطية والحريات ببلادنا في تلك الفترة... هذا الكلام يحيلنا طبعا الى  منهجية العمل التي اختارها المؤلف الذي حاول قدر الامكان التخلي عن ذاتية التعامل مع ارث خاص جانحا ببحثه الى اقصى ما يمكن من الموضوعية رغم ان المحاولة تظل في هذا الامر من العسر بمكان خصوصا حينما نعلم حجم الحملات التشويهية التي طالت فقيد الحركة النقابية الوطنية من خارج اطر المنظمة النقابية سنوات قليلة قبل وفاته.

ومهن هنا تكمن اهمية هذا الاصدار الذي جاء شاملا لمسيرة نضالية حافلة بالمحطات المضيئة لزعيم نقابي بحجم المرحوم احمد التليلي ولعلنا لا نغالي حينما نؤكد ان اقدام قسم الدراسات والتوثيق على اصدار هذا الكتاب وبما احتوى عليه  من اقسام اربعة اهتمت بنشأة وبدايات احمد التليلي، وأحمد التليلي مناضلا سياسيا ونقابيا ناشطا في الحركة المسلحة، وتجربة احمد التليلي من بناء الدولة الوطنية الى بداية تبلور المشروع الديمقراطي والمسألة الديمقراطي لدى احمد التليلي وما تضمنه هذا الكتاب ايضا من وثائق هامة يظل بوابة اخرى لمزيد درس شخصية وفكر هذا المناضل الوطني.

من مواقفه

تحدّث إلى بورقيبة في رسالة ظلّت مرجعا في الشجاعة وفي حرية الرأي والتعبير وفي الممارسة المسؤولة، نورد منها الفقرة الآتية:

«لولا الاعانة الأجنبية لعرفت البلاد المجاعة بالاضافة إلى البطالة التي تنتشر باستمرار وفي نفس الوقت تتكوّن طبقة جديدة تثرى على حساب الشعب الذي يغرق في الفقر والبؤس والرّشوة... إنّه السباق نحو تجميع الثروات ببناء القصور الحقيقية وامتلاك الضيعات وبالنسبة للحذرين، تهريب الأموال إلى الخارج، كل هذا ورئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يعتقد أنّ كل شيء يسير على أحسن مايرام في البلاد وأنّ تسيير الأمور سليم وأنّ البلاد تتقدّم في كل المجالات.

وبدون رغبة في التهويل بات من الثابت أنّ النّظام اليوم في عزلة في الدّاخل والخارج.

من رسالة إلى بورقيبة سنة 1965

** تواريخ في حياته

* ولد أحمد التليلي يوم 10 أكتوبر 1916 بقصر قفصة.

* توصّل بمعيّة الزعيم فرحات حشاد إلى تكوين اتحاد النقابات المستقلّة سنة .1941

* انتخب سنة 1946 عضوا بالهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل.

* سهر على إيفاد متطوّعين إلى فلسطين سنة .1948

* حضر سنة 1951 أشغال المؤتمر الثاني للنقابات الحرّة بمدينة ميلانو.

* تمّ إيداعه السّجن في فيفري .1952

* أُفرج عنه سنة 1954 وانتخب أمينا عاما مساعدا للاتحاد العام التونسي للشغل.

* انتخب نائبا لرئيس السيزل سنة 1956 واستمرّ في هذه المسؤولية إلى حدود سنة .1964

* تمّ اقصاؤه من الحزب سنة .1965

(المصدر: جريدة "الشعب" (نقابية أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 23 جوان 2007)

 


 

(من ذيول النقاش حول حرب لبنان)

هل توجد حداثة بلا هويّة ؟ وهل الهويّة مُعطى جامد؟

د . الطاهر الهمّامي (*)

وقع بين يديّ مؤخّرا نصّان مثيران للجدل، أحدهما يمجّد العلمانية ويَحمل على الهويّة، والآخر يحمل على العلمانية ويُجلّ الهويّة، وكلاهما في المغالاة والأحادية ونكران الواقع والوقائع سواء. نصّ حوار أجرته الأسبوعية «مواطنون» مع د.رجاء بن سلامة تحت عنوان «العلمانية هي الأرضية الوحيدة التي تضمن المساواة والكرامة والحرية» ( ماي ) ونصّ مقال ردّ به د.أبو يعرب المرزوقي على من سمّاهم «بعض أدعياء العلمانية وأعداء الإسلام» ونشرته «القدس العربي» ( ماي ).

ولقد سبق لي أن ناقشت الطرح الذي طرحته السيدة بن سلامة في خصوص الحرب اللبنانية والموقف من «حزب اللّه» والمقاومة، وخالفتها حين استخفّت بالمقاومة وأبطالها الذين خضدوا شوكة العدوانية الصهيونية، وبِقِيَم مثل التضحية والاستبسال، وحين لم ترَ في «حزب اللّه» سوى جماعة إرهابية أو ميليشيا دينية عاملة لحساب أطراف خارجية، وحين حدبت على قتلى صواريخ المقاومة من الإسرائيليين حدْبا يفوق حدبها على ضحايا القصف البرّي والبحري والجوّي الإسرائيلي من اللبنانيين أصحاب الحقّ. خالفتها ذلك واستنكرت موقفها من المثقفين والإعلاميين والأُناس ـ عربا وأجانب ـ الذين وقفوا ضدّ الجرائم الصهيونية وطالبوا بخروج المحتلّ من لبنان وفلسطين والعراق، وحيّوا المقاومة الوطنية وصمودها وقدرات قيادتها في إدارة معركة غير متكافئة.

ومرّة أخرى تعود السيدة رجاء بن سلامة لتعزف العزف نفسه في هذه القضية وفي غيرها من القضايا التي تهمّ راهن المجتمعات العربية والإسلامية وخاصّة ما تعلّق بقضايا الحرية، والهويّة، والنهضة. ولم يخل كلامها من ردّ (ساخر) على الردود التي عقبت تصريحها الأوّل المنشور على موقع إلكتروني قبل أن تُعيد نشره بعض الصحف.

و مرة أخرى أسجّل أن مدار الخلاف معها و مع المثقفين العازفين عزفها هو على قراءة المرحلة وطبيعتها و بالتالي على طبيعة الصراع الدائر، و التناقضات القائمة، وبالتالي على الموقف من المسألتين المطروحتين اليوم في جدول أعمال بلداننا ومجتمعاتنا: المسألة الوطنية والمسألة الديمقراطية. والرّأي عندي أنّ عديد المثقّفين العرب، وهم في المهبّ، تعذّر عليهم أن يروا وجه الحلّ حين ركبوا خطاب الوطنية والهويّة وأهملوا نداء الحرية والديمقراطية التي من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة الغزو، وإعطاء الهويّة مضمونا تقدّميّا قادرا على مواجهة المحو. وكذلك أخطأوا حين ركبوا خطاب الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحداثة، والعلمانية،  بمعزل عن الهويّة الوطنية والقومية، وبمنأى عن الإرث الحضاري الخصوصي.

ولقد قدّمت الأحداث الجارية في العراق وغير العراق مثالا ساطعا ودليلاً قاطعا جديدا على التوظيف الاستعماري الماكر لتلك الشعارات والمطالب المدنيّة المشروعة حين حملها الغزاة جوّا وفي شكل معلّبات وأتوا بها على الأخضر واليابس، ومن ضمن الأخضر وحدة العراق واستقلاله وعروبته وحمولته الرّمزية. ولقد كان هؤلاء ومازالوا يرومون فرض عالم على صورتهم، وحداثة بـ «هويتهم» وعلمانية على قدر مصالحهم، وحرّية تفرّق ولا تجمع، وديمقراطية تفتح الباب للطائفية ومُحاصصاتها، ومُضارباتها، ومواجهاتها، ولتفتيت البلد وإبقائه تحت «رحمة» المخابرات المركزية والموساد، وإنهاء دوره في بناء النهضة العربية المنشودة.

وقدّمت مشاريع التنمية الفاشلة والتحديث المزعوم في بلدان «العالم الثالث» التي ركبت موجة الخيار «الاشتراكي» أو التي نهجت نهج «الانفتاح» و «اللّبْرَلَة» أدلّة قاطعة أخرى عن مآل الاستخفاف بالهويّة القوميّة والخصوصية الحضاريّة، وأفضى ذلك كما هو مشهود إلى إفراز نتائج عكسيّة، بدائل أصوليّة وأجوبة ظلاميّة متلفّعة بالأصالة والهويّة، مستغلّة الفراغ الذي خلّفه الاغتراب وحفَرتْه التبعيّة.

إنّ تجربة الاحتكاك بالشباب، في مختلف مراحل التدريس، طيلة  عاما من حياتي المهنيّة، بيّنت لي كيف أفلح الخطاب الأصولي، الراكب موجة الهويّة التي اختزلها في الدّين والتديّن، وهو يخاطب تلاميذ وطلبة العلوم والتّقنيات، ولم يُفلح كثيرا وهو يخاطب غيرهم، لأنّ هؤلاء يُلقّنون هذه المعارف، عندنا، بمعزل عن التّفكير في تاريخها، وعن ربطها بالتاريخ العام وبغيرها من المعارف، وعن البيئة التي أنجبتها، وعن تجاوز استهلاكها إلى إنتاجها. ولا يبقى أمام الشباب في هذه المرحلة العُمريّة والذهنيّة الدقيقة سوى اللّوذ بدرس «التربية الدينيّة» يَرْوي منه غُلّته ويعثر على أجوبة لأسئلة الهويّة، سَوِيّة أو غير سويّة. وأسئلة الهويّة من أسئلة المسألة الوطنيّة، التي عادت لتُطرح اليوم بحدّة، في ظل «النظام العالمي الجديد» وعودة الاستعمار المكشوف، والغزو السافر، وفي ظل عولمة المحو والتصفية الثقافية والحضاريّة، وتعميم «هويّة» كونيّة هي هويّة الغالب والمنتصر والأقوى، هويّة «وحيد القرن» و «عقرب السّاعة».

وحين تتساءل زميلتي «كيف يمكن لمثـقّف يعتبر نفسه تقدّميّا أن يدافع عن نصر اللّه في الصيف وأن يطالب بالمساواة بين الجنسين في الشتاء» فذلك يؤكّد مرّة أخرى أنّها لم تدرك ـ أو لا تريد أن تدرك أو هي تدرك وتتعمّد عدم الإدراك ـ طبيعة المرحلة، والمعركة، وطبيعة التناقضات التي تحرّك الواقع وسبل حلّها لصالح الطرف الضحيّة، وبالتالي فالمعطى الأساسي الذي فرض المسألة الوطنية أولويّة عراقية وفلسطينية ولبنانية وسوريّة والمتمثّل في واقع الاحتلال والحصار والعدوان وخلع الأنظمة الوطنية وتنصيب العملاء بالقوّة وتأجيج الفتن الطائفيّة واستهداف الوجود العربي ورموزه ظلّ غائبا من نظرتها وأحكامها، فعسّر عليها أن تستوعب اللّحظة ومقتضياتها، وحال جمود النظرة وتجريدها دون فهم مغزى أن تلتقي «حزب الله» صيفا ولا تلتقيه شتاء، بل مغزى أن تلتقيه ولا تلتقيه صيفا أو شتاء، تلتقيه في خندق المقاومة ولا تلتقيه في خلفيته العقَديّة أو في برنامجه الاجتماعي ورؤيته المجتمعية.

فلقد بات من ثوابت الأدب السياسي ونظريّة التحرير أنّ الوطن حين يتعرّض للخطر الخارجي يفرض على كافة الفرقاء داخله أن يُخضعوا تناقضاتهم للتّناقض الرئيسي مع الخطر الدّاهم. ولقد كان لبنان وقتها، في تلك الصائفة، تحت نار العدوان الصهيوني الغاشم وكان لابدّ من صفّ وطني عريض قدر الإمكان جسّدته المقاومة ميدانيّا، ومِن فرز يَكشف وجوه العملاء العاملين على وضع لبنان تحت الوصاية الاستعمارية الجديدة والتضحية بشعبه ومقاومته وعروبته.

وكان «حزب الله» (الذي لا أرتضي خلفيته العَقَديّة ورؤاه الاجتماعية...) أبرز فصائل المقاومة الوطنية. فهل تَحُول خلافات الغد حول نمط المجتمع والحكم دون اتّفاقات اليوم حول التصدّي للعدوان ومقاومة الاحتلال ورفع الإذلال؟ إنّ الديمقراطي أو العلماني أو الحداثي الذي يتخلّف عن معركة التحرّر الوطني أو يشكّك فيها وفي عدالتها يفقد مصداقيته ولا يجد من يصغي إلى خطابه الديمقراطي أو العلماني أو الحداثي، وأولى به أن ينسحب داخل قوقعته وينتظر أيّامًا سعيدة خالية من العنف مادام لا يريد معالجة ظاهرة العنف بما هي نتاج مجتمع الاستغلال والاضطهاد، ومادام لا يريد التمييز بين عنف الظالم وعنف المظلوم ولا يرى من حلّ سوى «الفعل الإيجابي» (؟؟!) والاحتكام إلى «الشرعية الدولية» و «المنتظم الأممي» و «المطالبة بالحقّ» (!!!)

وحين يستوعب المرء طبيعة المرحلة والمعركة والتناقضات ويستخلص الدروس ويستوي عنده ميزان التفكير فإنّه لن يجرؤ على الاستخفاف بـ «مثقّفي الهويّة» أو على الأقل لن يضعهم في كيس واحد، ولن يتحدّث عن الحداثة والعلمانية والحرية حديثا مجرّدا، كما لو أنّ هذه مفاهيم نازلة من السماء ولم يكن لها تاريخ وصلة بالواقع وحراكه وتناقضاته.

فالحداثة التي نقف اليوم على فشل ما تناهى منها إلى مجتمعاتنا لم تفشل، فيما نرى، إلاّ لكونها لم تنبت في التربة الوطنية ولم تنشأ عن ضرورة داخلية بل كان إسقاطها عن طريق الحَقْن الخارجي (العنف الاستعماري والإلحاق) فمسّت القشرة والجلد وما مسّت العقل، والروح، فظلّت حداثة أزياء وأثواب وأشكال مبطّنة بِخلطة من هويّتين متنابذتين: هويّة قويّة غالبة منتجة وهويّة ضعيفة مستضعفة مستهلكة وجدت في الدّين والقناع التديّني حصنها الأخير، ويبدو لنا بقاؤها وتعافيها مرتهنا بإقبال أهلها على التّفكير الجدّي في شروط نهضتهم التي لا تبدأ من التخلّي عن هويتهم بل من إعادة النّظر في مفهومها ومحتواها بما هي معطى حيّ يتشكّل عبر التاريخ والتناقض ويضمّ إلى عناصره القديمة عناصر جديدة ويحوي، عدا عناصره المحافظة عناصر تحرّريّة، والدّين بما هو عقيدة لا نراه يشكّل أحد تلك العناصر (لأنّ المعتقد شأن خاصّ وأمر شخصي) بل نراه يُسهم في تشكيلها بما هو حضارة شيّدها إبداع معتنقيه من مختلف الأقوام والطوائف. وهذه الفكرة تضع المقال على عتبة النّقاش الذي يثيره ردّ الدكتور أبو يعرب المرزوقي، والذي نزمع إجراءه لاحقًا.

(*) كاتب وشاعر تونسي

(المصدر: جريدة "الشعب" (نقابية أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 2 جوان 2007)


 

إسرائيل وكونداليزة في الموعد كالمعتاد؟!

 

   يروج الإعلام الدولي الأسود كالعادة أكاذيب الإدارتين الصهيونية والأمريكية: يروج حديث إسرائيل عن تخوفها الكاذب من انتقال الاقتتال الفلسطيني من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، ويروج ادعاءات كونداليزة بوقوفها إلى جانب حركة فتح على حساب حركة حماس...

   أنا أعتقد بالعكس أن الإدارة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية الأم بذلتا كل ما في وسعهما لحصول الاقتتال الفلسطيني المدمر منذ عقود. وها هما يقطفان الثمار بما انطلق في قطاع غزة من التدمير المتبادل بين فتح وحماس أو التدمير المخطط لمنظمة التحرير الفلسطينية ووعي التحرير والنهضة للشعب الفلسطيني.

   لعل القارئ الكريم لم ينسى، حين كانت حماس ترفض المفاوضات وترفض الهدنة مع إسرائيل وترفض قيام السلطة الفلسطينية أصلا وحين كان بوسع السلطة ضبط تصرفات حماس وغيرها وإجبارها على احترام اتفاقات الهدنة، لعله لم ينسى نداءات ياسر عرفات حينذاك بإقامة قوات دولية للفصل ومواصلة المفاوضات وانسحاب القوات الإسرائيلية؛ لعله لم ينسى ما كان يحصل من رفض حماس للهدنة وما كان يحصل من " الصدف " الغريبة كلما كانت صواريخ حماس وعملياتها العسكرية ضد إسرائيل تنطلق ليلة مواصلة المفاوضات فتبادر إسرائيل باكرا برفض مواصلة المفاوضات ورفض الانسحاب وترسل قواتها للقتل والاعتقال وتهديم المنازل في الأراضي المحتلة؛ لعل القارئ الكريم لم ينسى أن الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية هما اللتان رفضتا إقامة القوات الدولية للفصل  ، لعله يتذكر أنه عوضا عن قوات الفصل أقامت إسرائيل جدارا للفصل بمعاييرها الخاصة فكان جدار سجن حقيقي قد يكتسي مرارة مضافة بما  قد يحصل داخله من الاقتتال الطائفي والانحدار الحضاري على الشاكلة الأفغانية أو العراقية.

   اليوم يفنى الأمل في مواصلة المفاوضات ويُنسى الجدار الفاصل ويقوم الاقتتال حسب الخطة التي  رسمتها الإدارتان. معذرة منهما على حديثي حول هذه الخطة الخفية فرفضهما لنداءات ياسر عرفات لا تعني سوى ذلك ولم تحقق سواه.

   لعل القارئ الكريم لم ينسى الطلب الملح الذي قدمته الإدارتان للسلطة الفلسطينية بالقيام بتلك الانتخابات الفلسطينية التي أوصلت حركة حماس للبرلمان والحكم. لعله يعتقد مثلي بأن الإدارتين لا تريدان الديمقراطية ولا الحضارة ولا التحرر للشعب الفلسطيني وإنما نادتا بالانتخابات الفلسطينية في ذلك الظرف المحدد لحسابات سياسية معادية للشعب الفلسطيني: هي تلك الحسابات البينة اليوم والتي تتمثل في انتصار حماس وانتصار الفكر السلفي وقيام الاقتتال الفلسطيني كمقدمة للقضاء على مقاومته الأصلية ووعيه الحضاري. وها هي إسرائيل بعدما كانت تقاوم ياسر عرفات بغصن الزيتون على بندقيته فلا يقبل عدوانها أحد قد صارت تقاوم حركة، تصرح بقتل من لم يدخل الإسلام وباستعباد زوجته وأطفاله، فيصفق لها الكثيرون..

   كم تمنيت، بعد انتصار حماس في الانتخابات التشريعية، أن تترك فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية كل مؤسسات السلطة. كنت ومازلت أرى من الأصلح أن تعود منظمة التحرير إلى الجبال وأن تغادر قياداتها ميدان السلطة فتترك المجال واسعا وكاملا لحركة حماس لكي نشاهد ما الذي ستفعله. سيربح الشعب الفلسطيني في كل الحالات: فإن دمرت حماس دولةَ إسرائيل فإنه الكسب العظيم، وإن تغلبت إسرائيل فسنفهم ما في خطاب حماس من الطفولية أو المغالطة وهذا كسب أيضا بما يعنيه من إصلاح للوعي والمسار، أما إذا تساهلت (أو انهزمت حسب الخطاب الآخر) إسرائيل فتركت المجال لحماس لإقامة الدولة الفلسطينية وتساهلت حماس فاكتفت بمطلب الدولة الفلسطينية حسب المواثيق الدولية، فإننا سنبدأ في مشاهدة "التعايش البناء" بين العدوين الإلهيين وسنقتنع وقتها بأن الإدارتين الإسرائيلية والأمريكية خططتا حقا لإقامة دولة فلسطينية حسب المقاييس الشرق أوسطية : دولة على شاكلة قطر أو السعودية أو إيران في أحسن الحالات؛ وإن انفضاح مثل هذا الأمر سيكون كسبا لجميع العرب والمسلمين.

   فليتفحص القارئ الكريم بحكمة وتبصر ما تسارعت الإدارتان الأمريكية والصهيونية بنشره عبر إعلامها الدولي الأسود: هل هي حقا تدعم حركة فتح كما تدعي علنا أو مسرحا ومغالطة أم هي مع حماس بواسطة حماس ڤيت من نوع إيران ڤيت؟

   فتش أيها القارئ تحت الطاولة وفي أسرار السياسة الأمريكو- صهيونية وحاول أن تجيب على السؤال : لماذا حين طلب ياسر عرفات قوات دولية للفصل رفضوا طلبه وكلما تخاصمت فتح مع حماس يلتقي بطلا التمثيل في المسرح الإعلامي الأسود في الموعد ليتظاهرا بمساندة فتح على حساب حماس؟ ألا تكون غايتهما إعطاء شهادة المقاومة والمعادات لأمريكا وإسرائيل إلى حركة حماس وإرسال الانطباع بصفة الخيانة والعمالة في حق حركة فتح ومنظمة التحرير؟ ألا يكون مثل هذا الدعم السياسي لحماس أخطر وأكثر فاعلية من الدعم المالي لحركة فتح الذي تعلنه أمريكا ليلا ونهارا في كل أبواق الإعلام الدولي الأسود؟

   

  لا بد في الختام أن أعتذر للشعب الفلسطيني على ما حصل مني من تدخل في شؤونه وللمناضلين الصادقين في حركة حماس على ما قد يستشعرونه في كلماتي من حدة النقد فلست أحمل في زوايا القصد سوى الاحترام كله لكل المقاومين الصادقين في حركة حماس كما في حركة فتح... عسى أن ينتهي الاقتتال الفلسطيني وتتوضح السبيل للخلاص.

 

زهير الشرفي- تونس.        15-6-2007

 


 

حريتا التفكير والتعبير ..والهشاشة الفكرية

محمد بن نصر              birali@hotmail.com

 كم هي عديدة المناسبات والمنابر الفكرية وغير الفكرية التي استمعت فيها لكلمات التمجيد والاحترام بل و الالتزام بالدفاع عن حرية التفكير وحرية التعبير عنه وفي كل مرة يشفع الكلام الجميل ب "ولكن"، تأتي مدوية لتنسف كل ما تقدم، تأتي لتقول إن حرية التفكير لها حدود يقررها العقل والدين والقانون وتتسع هذه الحدود عند التطبيق لتصبح فرعا ممتدا ومتسعا أفقيا وعموديا وأكثر اتساعا من الأصل ويقع الخلط عمدا بين آداب التعبير عن الرأي و بين ضوابط التعبير عنه . و تصبح الضوابط قيودا صارمة وتختنق الحرية في مضايق الولاء حتى يخيّل إليك أنه في المحصلة النهائية ليس هناك فرقا يذكر بين المدافعين عنها وبين المتحفظين عليها. لازلت أذكر الشعار الذي كان يرفع في أروقة الجامعة التونسية "لا حرية لأعداء الحرية" ولازلت أذكر أن بعضا ممن كانوا يوصفون بأنهم من أعداء الحرية فكروا في ممارسة الأسلوب نفسه مع من كانوا يصفونهم بأعداء الحرية وأذكر أنني كنت أردد مع من آمنوا بأن الحرية حق لا يقبل القسمة أو التحيز. إن الفكرة الفاسدة يحييها القمع وتقتلها الحرية لأن فضاء الحرية يجعلها تحت المجهر العقلي أما القمع فيعطيها فرصة النمو في الغموض واكتساب الكثير من التعاطف والقليل من النظر. ولو سمحنا لأنفسنا بتوسيع دائرة النظر وتساءلنا، ألا يعتبر إبليس الذي يلعنه المؤمنون زعيم الرأي الآخر والوسواس الأكبر لما يعتبره البعض أفكارا هدامة، لقد بدأ بمعصية الله قبل أن يولّي نفسه مسؤولية الإفساد في الأرض والدعوة إليه؟ ألم يكن الله عز و جل وعلا قادرا أن ينهي وجوده أصلا ولكن سبحانه شاء أن يعطي لإبليس عهد الأمان إلى يوم القيامة بعد أن حاوره فأطلق له اليد واللسان: قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿14﴾قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ ﴿15﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿16﴾ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شمائلهم وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿17﴾.

 إنه لأمر عجيب أن ترى البلاد الإسلامية تمنع التبشير بالأديان الأخرى في حين تطالب بحرية التعبير في البلاد الليبرالية ذات الغالبية المسيحية، بل طالب البعض وهو يظن أنه بذلك يحل مشكلة الصراع الطائفي والمذهبي داخل الملة الواحدة بامتناع أتباع كل مذهب عن الدعوة إلى مذهبهم وإقناع الناس به ، فعوض أن نطور أساليب الحوار نجتث الحوار من أساسه ونحول العالم الإسلام إلى غيتوهات ثقافية فينغلق كل مذهب على نفسه مختزلا الحقيقة فيما يعتقد فيشتد الاحتقان الطائفي حتى إذا انفجر يأتي على الأخضر و اليابس. هذا المنطق الذي حكمته قاعدة سد الذرائع بدعوى التحصين السالب للأمة يقوم على فكرة المنع ثم استحكمت فيها حالة الانطواء على النفس والخوف من التعدد والتنوع بالدعوة إلى قتل المرتد. منطق، فضلا على فساده لم يعد يجدي نفعا في زمن انفتح فيه كل شئ على كل شئ. إن الذين يخافون على الأمة أن تتأثر بالأفكار المنحرفة عليهم أن يسألوا أنفسهم عن أسباب هذه الهشاشة الفكرية التي ألمت بالأمة ؟  و عن هذه القابلية لتقبل ما تفه من أفكار الآخرين، أليسوا هم المسئولون عن جزء منها على الأقل؟

 الإجابة عن هذه الأسئلة هي الخطوة الأولى للتحصين الإيجابي. والقفز عنها و اللجوء إلى التكفيرالذي يعكس في عمقه العجز عن التفكير، وقد غاب عن أولئك الذين يلجأ ون إلى إشهار التكفير سلاحا في وجه مخالفيهم أنهم يقدمون لهم خدمة مجانية فعوض أن يتم التعامل مع فكرهم بموضوعية يتعامل معهم على أساس أنهم ضحايا الاستبداد الديني. ويلجأ آخرون إلى صناعة الاجتهاد في الدين وهم يؤمنون قي قناعة أنفسهم بتاريخية و بشرية النصوص المؤسسة له وقد ألجأهم الخوف إلى التستر و عدم الإفصاح عن قناعاتهم خوفا من بطش الذين جعلوا من أنفسهم ناطقين رسميين باسم الدين. مجتمعاتنا في حاجة إلى ملحد مؤمن حق الإيمان بإلحاده، يملك من الشجاعة و الاحترام لنفسه ما يملك إبليس ومؤمن واثق من صحة ما يعتقد و قادر على الدفاع عنه بقوة الحجة لا بقوة العضلات. أسوأ ما تصاب به أمة من الأمم علماني يختزل مهمته في الوجود على استئصال المؤمنين و مؤمن لا هم له إلا النظر في عقائد الآخرين و إلصاق تهمة الكفر بهم. الأول يتخلى عن ليبراليته ليتحالف مع أنظمة فاقدة لكل أنواع الشرعية و الثاني يتخلى عن سماحة دينه ليستأسد وهو الضعيف بالفتاوى الإستئصالية. ورحم الله الشيخ ابن تيمية فقد كان ذا نباهة ثاقبة حين قال: "أكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم ونصف متفقه ونصف متطبب ونصف نحوي، هذا يفسد الأديان وهذا يفسد البلدان وهذا يفسد الأبدان وهذا يفسد اللسان" ويمكن أن نضيف إلى ما قال: نصف ليبرالي يفسد الليبرالية ونصف متحرر يفسد الحرية، ونصف موحد يفسد التوحيد، كلاهما تحكمه مجموعة من القطعيات والثنائيات المتقابلة وهذا ما أفقد الواقع الإسلامي الحراك الإيجابي ونما فيه الحراك التآكلي الذي يحكمه منطق أنا أو الدمار. مأساتنا تتلخص في انّه من حقنا أن نفكر بحرية تامة ولكن قبل أن نتكلم أو نكتب. فإذا قررنا أن نكتب أو أن نتكلم علينا أن نستحضر الضرورات الثلاث: لا نثير حفيظة أصحاب الشوكة ولا نخالف أصحاب الرأسمال الرمزي ولا نضع رزق عيالنا على ظهر كف عفريت. و يلوذ بعضنا بالصمت ونسي أن الصمت لم يعد مقبولا عند الذين لا يفهمون لغة الإشارة فقد قال لهم خدمتهم من أصحاب القلم أن الصمت لغة. و لأن الصمت موقف يصبح أخطر من الكلام فتأويل الكلام يبقى في النهاية خاضع لجملة من الاعتبارات ولكن تأويل الصمت ليس له مقاييس معينة. هل يمكن بعد ذلك أن يكون المفكر مبدعا مع هذه الكوكبة من الكوابح الذاتية والموضوعية؟ ومع ذلك لا يمكن أن نحلم بغد أفضل طالما أن المستبد حين يطل من باب قصره يرى طوابيرا من المثقفين المستعدين لتقديم خدماتهم.

(المصدر: صحيفة "الشرق الأوسط " (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 جوان 2007)

 


 

فرويد والعرب : المتّهم الذي لن تثبت براءته   
 


د. رجاء بن سلامة

تناقلت بعض الصّحف والمواقع العربيّة سنة 2003 رسالة لفرويد أبدى فيها تحفّظه على المشروع الصّهيونيّ، وظلّت نتيجة لذلك محجوبة عن الأنظار طيلة سبعين عاما ونيّفا. كتب فرويد هذه الرّسالة سنة 1930 مخاطبا بها حاييم كوفلر، عضو "مؤسّسة إعادة توطين اليهود في فلسطين"، ليعتذر له عن عدم توقيعه النّداء الذي وجّهه إليه من أجل دعم القضيّة الصهيونية في فلسطين ومساندة حقّ اليهود في إقامة شعائرهم بحائط المبكى.

إليكم نصّ هذه الرّسالة، وقد اجتهدت في ترجمته من الفرنسيّة، مستفيدة من ترجمة سابقة يبدو أنّها من الإيطاليّة، آملة أن تصدر ترجمة أخرى لها من لغتها الأصليّة، تكون أكثر دقّة واقترابا من ألفاظ فرويد وتعابيره :
"لا يمكنني النزول عند رغبتكم. لا يمكنني أن أقاوم تحفّظي على لفت انتباه الجمهور إلى شخصي، لا سيّما أنّ الظّروف الحرجة الحاليّة لا تشجّعني على ذلك. من يريد التّأثير في الجموع عليه أن يقول لهم شيئا مدوّيا وباعثا على الحماسة، وهذا ما لا يسمح لي به رأيي المتحفّظ على الصّهيونيّة. إنّني بلا ريب أتعاطف مع كلّ الجهود التي تبذل من تلقاء النّفس، كما أنني فخور بجامعتنا في أورشليم، وأبتهج عند رؤية الازدهار الذي تشهده منشآت مستوطنينا. لكنّني من ناحية أخرى، لا أظنّ أنّ فلسطين يمكن أن تصبح يوما ما دولة يهوديّة، ولا أظنّ أنّ العالمين المسيحيّ والإسلاميّ على حدّ سواء سيبديان في يوم ما استعدادا لجعل أماكنهم المقدّسة في عهدة يهود. كان من الأجدى، فيما يبدو لي، بناء وطن يهوديّ على أرض غير مشحونة تاريخيّا. لكنّني أعرف أنّ فكرة عقلانيّة من هذا القبيل لا يمكن أن تستدرّ حماسة الجموع ولا معونة الأثرياء. وأقرّ أيضا، وبكلّ أسف، أنّ تعصّب مواطنينا غير الواقعيّ يتحمّل نصيبه من المسؤولية في إثارة الارتياب لدى العرب. لا يمكن لي أن أبدي أيّ تعاطف ممكن مع تديّن مؤوّل بطريقة خاطئة، يحوّل جزءا من حائط هيرودوت إلى شيء عتيق مقدّس، ويتحدّى بسبب هذا الشّيء مشاعر سكّان البلد. ولكم النّظر فيما إذا كنت بمثل هذا الموقف النقديّ، الشّخص المؤهل لمواساة شعب يزعزعه أمل لا مبرّر له."
ورغم أنّ هذه الرّسالة لم تسرّ الصّهيونيّين من معاصري فرويد إبّان كتابتها، واتّخذها بعضهم بعد صدورها دليلا على خطإ تشكيك فرويد في إمكان قيام دولة يهوديّة على "أرض الميعاد"، فإنّها لم تسرّ العرب إلاّ من حيث هي وثيقة إدانة للصّهيونيّة. يقول مقدّم الرّسالة في نصّ غير مُمضى تناقلته مواقع عديدة: "وحكاية هذه الرسالة يمكن اعتبارها حدثاً ليس بسبب مضمونها فحسب، والذي من شأنه أن يبلبل خواطر أوساط يهودية كانت تجيز لنفسها إشراك مؤسس التحليل النفسي في عملية الكفاح من أجل إقامة دولة إسرائيل والذود عن حياضها، بل كذلك وخصوصاً بسبب حجبها واحتجازها الطويلين كما لو أنها تنطوي على أسرار تطاول المصلحة العليا والقصوى لدولة أو لمشروع دولة. "
لا شكّ أنّ في مصادرة الرّسالة مظهرا من مظاهر الجهاز السّلطويّ الذي ضغطت وتضغط به الحركة الصّهيونيّة على كلّ من يشكّك في المشروع الصّهيونيّ، بمن في ذلك المفّكرون اليهود أو من ذوي الأصول اليهوديّة. ولكنّ الإشكال الأوّل يكمن في ضيق الرّؤية التي وَضعت أفكار الرّسالة وما تنطوي عليه من مواقف إيطيقيّة بين قوسين، واكتفت باعتبارها وثيقة إدانة للصّهيونيّة أو محاكمة فجّة لفرويد. والمطّلع على سياقات إيراد هذه الرّسالة والتّعاليق التي كتبت عليها في مواقع الإنترنت يفاجأ بأنّ هذه الوثيقة لم تبرّئ ساحة فرويد من الصّهيونيّة التي يتّهمه بها العرب، بل حملت المزيد من الإدانة. فكأنّ العرب في تعاملهم مع هذه الوثيقة أرادوا أن يعرفوا ما يعرفون، ويزدادوا إدانة لما يدينون، وارتيابا في من يرتابون فيه من المفكّرين ذوي الأصول اليهوديّة. حجب الصّهيونيّون الرّسالة لمدّة سبعين عاما. وعندما ظهرت الرّسالة، أخضعها العرب إلى المحاكمة، ليحجبوا مضمونها على نحو من الأنحاء.
من منطلق المحاكمة هذا، لم يتأمّل المعلّقون العرب موقف فرويد النّقديّ من فكرة إقامة دولة يهوديّة على الأراضي الفلسطينيّة، ولم يتدبّروا معاني صونه نفسه عن الإثارة الجماهيريّة، وعدم توظيفه علمه ومركزه العلميّ لخدمة الإيديولوجيا، وعدم تقمّصه دور الضّحيّة المطاردة المضطهدة، رغم أنّه اضطهد فعليّا بسبب أصله وحرم طويلا من بعض المناصب العلميّة قبل أن تحرق كتبه ويضطرّ إلى الهجرة إلى بريطانيا. ولم يكن بوسع قرّاء الرّسالة وهم أسرى لنرجسيّاتهم القوميّة والدّينيّة أن يقرؤوا فيها نقد فرويد للنّرجسيّة الجماعيّة التي استسلم إليها الكثير من اليهود، ورفضه لمجاراة الانغلاق على الهويّة ورفضه للأوهام التي تتبنّاها الجموع، وللتّعصّب غير الواقعيّ، وللأمل "الذي لا مبرّر له".
لم يقرأ المعلّقون هذه المعاني، ولم يتحمّسوا أيضا لها، لأنّهم ربّما كانوا يتمنّون لو لم يكتف فرويد بإبداء تحفّظه إزاء الصّهيونيّة، ولم يبد تعاطفه مع اليهود الذين استوطنوا فلسطين في زمنه. كان عليه أن يتنبّأ أو يكون فوق التّاريخ من أجل إرضاء العرب. كان عليه أن لا يتملّص من الصّهيونيّة فحسب، بل ومن كلّ اليهود، وأن يناصر القضيّة الفلسطينيّة بالطّريقة نفسها التي يناصر بها العرب اليوم القضيّة الفلسطيّنيّة. فعندما كتب إدوارد سعيد منتصفا لفرويد، وعندما ذكّر بالبديهيّات، قائلا إنّ الرّجل: "لم تكن لديه أية فكرة على الإطلاق عما كان يمكن أن يحدث بعد عام 1948"، كتب أحدهم مشكّكا: "هل صحيح أنه لم تكن لديه أية فكرة على الإطلاق عما كان يمكن أن يحدث بعد عام 1948 كما يذهب ادوارد سعيد في محاضرته المذكورة أعلاه (...)؟ تلك أسئلة يصعب أن نتكتمها على الرغم من محبتنا الكبيرة لفقيد الفكر الإنساني ادوارد سعيد."
هكذا توجّه صاحب المقال باللاّئمة على إدوارد سعيد، واعتبر ما كتبه عن فرويد من باب "كبوة الجواد"، لأنّه حسب رأيه ارتكب خطأ الدّفاع عمّن لا يمكن الدّفاع عنه.
توفّي فرويد سنة 1939، ولكنّ العرب يطلبون منه إدانة ما حصل سنة 1948. لم يكن فرويد مناصرا للفكرة الصّهيونيّة، ولم يكن مؤمنا بالعقيدة اليهوديّة، وكان أكثر ما يزعجه اعتبار التّحليل النّفسيّ علما يهوديّا وخاصّة بعد ترويج النّازيّين لهذه الفكرة، وكان يناهض النّسبويّة الثّقافيّة التي اتّجه إليها خصمه يونغ... ومع ذلك، فكلّ هذا لا يكفي. لأنّ على فرويد لكي يحظى بثقة العرب أن يعلن تملّصه التّامّ من اليهود واليهوديّة، أو أن يتنبّأ بمصير القضيّة الفلسطينيّة ويتبنّاها كما تبنّاها العرب بعد موته بعدّة عقود. يضع هؤلاء العرب فرويد على الميزان، ولكنّ الميزان هو ميزانهم الخاصّ، والمنظار منظارهم الخاصّ، ولا يريدون أن يروا شيئا من خارجه.
ويقول أحد المعلّقين المتحيّرين على الرسالة وقد نشرت في أحد منتديات الإنترنت: فرويد "كان يعتبر نفسه منعتقاً من الأديان جميعاً ولكنه في أماكن أخرى كان يعتزّ بجذوره اليهودية ، من وجهة نظر خاصة لم يفصح عنها . كيف سنوفّق بين القولين؟ لا أعلم وحده الله
من يعلم" .
وهنا أيضا تتواصل عمليّة القراءة بالمنظار الخاصّ جدّا: لا يعرف المعلّق كيف يمكن التّوفيق بين الإلحاد والاعتزاز بالجذور، لأنّه يُسقط على العالم عجز المسلمين الحاليّين عن التّمييز بين الانتماء إلى الإسلام باعتباره دينا، والانتماء إليه باعتباره حضارة أو ثقافة أو ذاكرة. فلا يوجد في العربيّة مقابل لمفهوم الانتماء الثّقافيّ لليهوديّة والنّصرانيّة، أي لما يعبّر عنه في الفرنسيّة بـjudéité وchrétienté، وهما لفظتان تعنيان طريقة الإنسان في أن يكون يهوديّا أو نصرانيّا بقطع النّظر عن عقيدته وعلاقتها بالمعتقد المكرّس. إنّها خانة فارغة في ثقافتنا ولغتنا لسبب بسيط هو أنّ الدّين الإسلاميّ لم يتعرّض إلى حركة الإصلاح التي تسمح للمسلم بأن يكون له انتماء ما إلى ثقافة الإسلام وأن يكون في الوقت نفسه ملحدا أو لاأدريّا، في حين أنّ هذه النّقلة حصلت في الدّيانتين الأخريين. المسلم عندنا يولد مسلما وإذا لم يعد مؤمنا بعقيدة الإسلام، فإنّ له وضعا واحدا يواصل الوصاة على الدّين فرضه، هو وضع المرتدّ الذي يجب أن يقتل. المسلم إمّا أن يكون مسلما أو مرتدّا أو في حكم المرتدّ الذي نجا من القتل نتيجة تعطيل حدود اللّه، ولا يمكن له أن يعتزّ بجذوره الإسلاميّة أو يبدي تعاطفا مع المسلمين وهو غير مؤمن بعقيدة الإسلام. و
لا مكان في الإسلام الحاليّ لمن يولد مسلما ويصبح ملحدا، ولكنّه يبقى على صلة ما بثقافة الإسلام وحضارته، ويظلّ قارئا لبعض نصوصه ومسائلا إيّاها.
وعندما أردت البحث عن ترجمة عربيّة لهذه الرّسالة، وأنا أعدّ دراسة مطوّلة عن تقبّل العرب للتّحليل النّفسيّ، عثرت على مقالات وتعليقات هالتني من فرط ما تنبني عليه من كره لمؤسّس التّحليل النّفسيّ، وجهل بأبسط ما كتب، وحقد على اليهود لمجرّد أنّهم يهود. فقد نسب الكتّاب والمعلّقون العرب لفرويد الدّعوة إلى انتهاك تحريم نكاح الأقارب، ونسبوا إليه التّآمر على العرب والرّغبة في إثبات حقّ اليهود في الاستيطان بمصر، نتيجة فرضيّته الجريئة عن الأصل المصريّ للنّبيّ موسى.
وأنا متأكّدة أن هذا الكمّ من تشويه فرويد ومن الجهل بحياته وكتاباته لا نجده في أيّ لغة وأيّ ثقافة من الثّقافات.
لم يغتفر الكثيرون لفرويد اكتشافه لأهمّيّة الدّفع الجنسيّ، وللحياة الجنسيّة بالمعنى الواسع للأطفال، ولم يغتفروا له اكتشافه للاشعور في علاقته بالكبت، أمّا نحن فلم نغتفر له كلّ هذا، رغم أنّنا لم نكد نترجمه ولم نكد نقرأه، ولم نغتفر له أمرا آخر على غاية البساطة هو أنّه يهوديّ الولادة والمنشأ. فنقدنا إيّاه يقع في دائرة ما قبل العلم وما قبل الأخلاق وما قبل كلّ شيء... فاليهوديّ مهما كان موقفه من الصّهيونيّة ومن دولة إسرائيل، ومهما كان دوره في بناء المعارف والقيم الكونيّة يظلّ غريب الوجه واليد واللّسان في عالم العرب المسلمين.
مرّة أخرى يثبت العرب أنّهم لا يرون أبعد من قيد أنملة، ولا ينظرون إلى العالم إلاّ باعتبارهم ضحايا مطلقين وجرحى نازفين، ويثبتون أنّهم أقدر على المحاكمة والإدانة منهم على التّفكير والاحتكام إلى القيم الإنسانيّة، وأقدر على البحث عن النّوايا منهم على تحليل الأفكار. ثقافة "فلان في الميزان" أو "تحت المجهر"، أو "أمام المنظار" أو "هذا على الحساب قبل قراءة الكتاب"... ما زالت متواصلة، والميزان الذي وضعوا فيه فرويد ليس ميزان التّفكير في النّفس البشريّة، وليس ميزان المعرفة التي تهتمّ بالألم البشريّ، بل ميزان القضيّة الفلسطينيّة وقد تمّ مزجها بشيء من الإسلام وشيء من العروبة، وشيء من العنصريّة، وكثير من الجهل.

(المصدر: موقع الأوان تصفح يوم 24 جوان 2007)

عنوان الموقع: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=848&Itemid=10

 


 

هل ينقذ "بنك الجنوب" أمريكا اللاتينية؟


توفيق المديني
سوف تشهد قمة دول الماركوسور (السوق المشتركة لبلدان أمريكا الجنوبية) التي ستعقد في أسونسيون عاصمة الباراغواي الإعلان رسميا عن إنشاء بنك الجنوب، وهو عبارة عن مؤسسة مالية جديدة متعددة الأطراف، مخصصة للتنمية في أمريكا اللاتينية.
وكانت  ست دول من أميركا اللاتينية( الأرجنتين بوليفيا، البرازيل الإكوادور،البراغواي، و فنزويلا ) أعلنت في مدينة كييتو  يوم 3 مايو الماضي عن نيتها  إنشاء بنك في الجنوب في شهر يونيو ، بهدف تمويل مشاريع للتنمية في المدى المنظور، و خلق صندوق مالي للإستقرار متخصص في استباق وامتصاص الأزمات النقدية  على غرار الأزمة  النقدية التي عصفت بالأرجنتين في عام 2001.
ويتساءل الخبراء، هل أن مثل هذه المشاريع التي تريد أن تشكل بديلا للشروط المفروضة من قبل المؤسستين الماليتين الدوليتين :البنك الدولي و صندوق النقد الدولي، قابلة للتحقق؟
إلى حد الآن ، لا يزال حجم رأس المال و العدد النهائي للمشاركين –هذه الدول الست التي طالبت دول جنوب القارة الأميركية بالالتحاق بها- غير معروف بشأن تأسيس بنك الجنوب هذا.و لا سيما أنه من غير المعروف  أيضا ، إن كان سيتبع إنشاء هذا البنك النموذج الكلاسيكي للمؤسسات المالية، التي تحصل على ركيزة كمبيالة بدءا من تخصيصها الرأسمال اللازم من قبل  الدول الأعضاء عبر الاقتراض من الأسواق المالية العالمية – أو أنه سيكتفي بإعادة توزيع الأسهم على  أعضائه.
في الحالة الأخيرة،المشروع لن يذهب بعيدا ، حتى و إن كانت بعض الدول مثل البرازيل و فنزويلا  ، تمتلكان احتياطات  مالية مهمة من العملة الصعبة  بفضل ارتفاع حجم صادراتها، و أسعار النفط.
أما في الحالة الأولى ، فإن هذا البنك سيحظى بصدقية قوية جدا  تضاهي صدقية المؤسسات المالية الدولية القائمة ، لدى الأسواق المالية العالمية.الأمر يتعلق بنمط الحاكمية الذي سيتبعه البنك ، وبقدرته على إدارة المخاطر بشكل صحيح،و بالتالي على  إنشاء مشاريع نوعية ، و الحصول على  نسخ  سجالات  تجارية مالية   محلية.
و الحال هذه، سيتعرض البنك، كما كل المقرضين ، لضعف أدوات الإدارة التي هي في حوزة المجموعات الإقليمية في جنوب القارة الأميركية ، التي أصبحت مع ذلك فواعلا لا غنى عنها بسبب اللامركزية  المطبقة في معظم البلدان.
و أخيرا، فإن هذه المصداقية  في مواجهة الأسواق تتعلق أيضا  بتوافق الدول المشاركة،بينما هي كلها لا  تتبع السياسات الاقتصادية عينها،فمن جهة هناك فنزويلا و بو ليفيا المناهضتان للليرالية، و من جهة أخرى هناك تشيلي و كولومبيا، المؤيدتان لاقتصاد السوق،لم تعلنا رسميا مشاركتهما في هذا البنك.
في الواقع ، يتوافق إنشاء هذا البنك مع  مقتضيات التنمية  ، إذ توجد حاجيات ضخمة للإستثمار في أميركا اللاتينية ، و لاسيما في مجال البنيات التحتية :لقد خلق العودة إلى النمو مضائق من الاختناقات .و هذا ما جعل كل من البرازيل و فنزويلا تشكلان في آن معا، احتياطات من العملة الصعبة.
بيد أنه يوجد مع ذلك ، مؤسسات  إقليمية متخصصة في تمويل هذا النمط من الاستثمارات:كوربوريشن أندين للتمويل ،التي تضم 17 بلدا،و بنك ما بين الأميركيتين للتنمية. وهناك أيضا الصندوق الأميركي – اللاتيني للإحتياط، الذي يتدخل في مجال تثبيت الاستقرارالنقدي.
و يرى الخبراء أن تدخل هذه المؤسسات لم يكن في المستوى المطلوب، إما بسبب عدم تجهيزها كفاية برؤوس الأموال ، مثل - كوربوريشن أندين للتمويل التي  ضاعفت مع ذلك حجم تدخلاتها، أو بسبب إجراءاتها البيروقراطية  البطيئةجدا:فالبنك ما بين الأميركيتين للتنمية ، الذي يسطير عليه الأميركيون الشماليون في معظمه، لم يقرض سوى 6،4 مليار دولار في عام 2006،و هذا يساوي قطرة ماء أمام الحاجيات الملحة.
من هنا ، يمكن القول  أن أي تدفق لرؤوس الأموال هو مرحب به. بيد أنه سيكون من المنطقي جدا تعزيز المؤسسات القائمة، التي تحظى بمصداقية مهمة لدى الأسواق العالمية  .
في سؤال  جامع يطرحه  الخبراء، هل أن إنشاء بنك في الجنوب من قبل بلدان أميركا اللاتينية، للتحرر من التبعية للمؤسسات المالية الدولية ، يعتبرفكرة جيدة؟
المؤيدون لهذا المشروع ، يرون  أنه توجد في الظروف الراهنة شروط تاريخية مشجعة يجب استغلالها: بفضل ارتفاع أسعار المواد الأولية و زيادة الطلب الصيني على المواد الأولية ، أصبحت الاحتياطات  الكبيرة من هذه المواد التي تمتلكها بلدان أميركا اللاتينية مطلوبة جدا. و هذا الوضع سيستمر.و زد على ذلك يوجد طلب متزايد لهذه البلدان لدى المؤسسات المالية الدولية: هناك حاجيات حيوية للبنيات التحتية تم تحديدها، إضافة إلى أن الجواب للأزمات المالية يجب أن يتحسن ، كما أظهرت ذلك الإدارة السيئة لأزمة الأرجنتين في عام 2001.
أما لماذا لم تلب المؤسسات المالية الكلاسيكية : صندوق النقد الدولي و البنك الدولي ، هذه المطالب،فلأسباب تكاد تكون متماثلة للمرحلة التي سبقت إنشاء المؤسسات الإقليمية  في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي ، في كل من إفريقيا، و آسيا ، و أميركا الجنوبية.فهي تمتلك قابلية كبيرة للإستجابة، و سريعة بشكل جيد في الإحاطة بحاجيات بلدان معينة، و أكثر انتظارية لطلبات الدول الصغيرة- و لا سيما تلك الدول التي تجد صعوبة  في الوصول إلى الأسواق المالية العالمية ، و أخيرا  إنها تطور شعورا بالتضامن و بالتعاون بين البلدان .
على صعيد التدابير الاستباقية و معالجة الأزمات المالية ، على سبيل المثال  أكدت الأزمات المالية الروسية، و البرازيلية، و الأرجنتينية، ما بين 1997 و 2001، بشكل واضح أن واقع التمويلات  الدورية من قبل الأسواق  نشرت العدوى ، و أن المعالجات بوساطة التقشف التي اقترحها صندوق النقد الدولي كانت لها تأثيرات  ارتدادية على كل البلدان المجاورة للبلد"للمريض".
 
(المصدر: صحيفة "الخليج"  الصادرة يوم 24 جوان 2007)

 


 

دفاعاً عن الخيار الديموقراطي


أكرم البني  
«لا شيء يشجع على الديموقراطية»، عبارة صارت تتكرر كثيراً في الحوارات الدائرة اليوم حول الأوضاع العربية الراهنة وسبل معالجة أزماتها، ليس بسبب غياب نموذج ديموقراطي أو مثلاً يحتذي، وهو غياب قائم على أية حال، بل رداً على ما يجري في العراق وفلسطين أو ما يحتمل أن تذهب إليه الأوضاع في لبنان. فما يحصل حقيقة أن المناخ السياسي المحموم بالتوتر والعنف فرض نفسه بقوة على الخيار الديموقراطي، ودفع إلى مرتبة متأخرة مفردات الإصلاح والتغيير التي كانت تنظم اللغة السياسية لسنوات عديدة أمام تنامي الرغبة في الحفاظ على الأمن الاستقرار وتجنيب المنطقة مزيداً من الفوضى والقتل والاضطراب!
ولعل فشل المساعي الغربية في نشر الديموقراطية وانحسار مشروعها عن الشرق الأوسط الكبير أو الموسع، ربطاً بتفاقم الأوضاع في العراق وإخفاق إدارة البيت الأبيض في تسويق نموذج العراق الآمن والديموقراطي كنموذج للتغيير في المنطقة ثم ما ذهبت إليه التجربة الفلسطيـنية وبخاصة بعد أحداث غزة، وما يشهده لبنان من احتقانات خطيرة وخلافات تبدو عصية على الحل والتوافق، وإذا أضفنا تنامي التحسب الغربي والقلق من نتائج الانتخابات البرلمانية في غير بلد عربي، حيث حصدت التيارات الإسلامية حصة مهمة في البحرين والكويت واليمن، ناهيكم عن الغلة الوفيرة التي جنتها جماعة الأخوان المسلمين في مصر وفوز حركة حماس في فلسطين بغالبية مقاعد المجلس التشريعي! . نقف أمام أهم العوامل التي أفضت الى ظهور آراء ومواقف لدبلوماسيين وأكاديميين غربيين تجد في السياسة العاملة على نشر الديموقراطية دون التحسب من احتمالات الاضطراب والفوضى، عملاً مكلفاً ومضراً، الأمر الذي أدى إلى تثبيط الهمم وانكماش الحماسة الغربية القديمة للتغيير وبالمقابل تقدم تصريحات جديدة على لسان غير مسؤول أوروبي وأمريكي بضرورة تغليب «الاستقرار بديلاً للديموقراطية».
من جهة ثانية منحت هذه المستجدات العديد من الأنظمة فرصة غالية لم تضّيعها، وقد تخلصت من عبء الضغط المتواتر من أجل التغيير واحترام حقوق الإنسان، فسارعت إلى الطعن بأهلية مجتمعانا لتقبل الديموقراطية وإلى تشويه سمعة مشاريع الإصلاح السياسي واستعمال الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتضليل الجماهير ونشر ثقافة الخوف من أي تغيير أو تحول ما دام قد يستجر الفوضى والتفكك والاحتراب الداخلي. الأمر الذي مكنها من العودة لأساليبها الأمنية بأقل ردود أفعال وفرض سيطرة شبه مطلقة على حركة المجتمع وأنشطته المتنوعة، وتشديد القبضة على القوى السياسية المعارضة، لم يقتصر الأمر على ما يسمى المنظمات الإسلامية المتطرفة، التي هدر دمها منذ حين مع إعلان الحرب ضد الإرهاب، وإنما امتد أيضا ليطاول دعاة حقوق الإنسان وبعض رموز المعارضة الديموقراطية والعديد من المفكرين والمثقفين، وليشهد غير مجتمع «جرأة متناهية» ما كانت لتظهر لولا الظروف الجديدة في السخرية من أية انتقادات توجه إليها حول استبدادها وتسلطها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان!
وإذا وضعنا جانباً لغة المصالح والمنافع، وإذا نحينا الشامتين الذين بدأوا يفركون أياديهم فرحاً مما يعتبرونه خيانة غربية لمبادىء الحرية وتنصل من الوعود بالمساعدة على نصرة الديموقراطية وتنميتها في منطقتنا، ربما هو أمر مبرر أن يستنتج البعض بسطحية وبعفوية أنه لا شيء يشجع على الديموقراطية عندما يراها تقود أكثر من بلد إلى حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار وتضعه على شفير حرب أهلية لن تبقي أو تذر، أو عندما يخلص إلى نتيجة ترفض الإصلاح السياسي، مقنعاً نفسه أن التطبيق الناجح للتعددية والحريات يحتاج إلى درجة من النضج السياسي والثقافي غير متوفرة في مجتمعاتنا، بينما السائد شعبياً هو إدراك سلبي للديموقراطية ومحاولة توظيفها لإثارة الفتن والانقسامات واستحضار الخصوصيات الفئوية والحزبية وأساليب العنف، وتالياً إستجرار الاضطراب وظواهر التشرذم والتذرر!.
ونتساءل: هل فكر أصحاب هذا الرأي للحظة كم سيكون مكلفاً لنا وللأجيال القادمة الحفاظ على الركود والاستنقاع القائم، أو كيف يتوفر النضج السياسي المزعوم، إذا كان مفقوداً حقاً، ما دام ثمة استمرار في إقصاء البشر وعزلهم عن إدارة شؤونهم العامة، أو كيف تكسب الناس الأهلية المنشودة للتمتع بحقوقها وحرياتها والدفاع عنهم ما دامت هناك رغبة في إبقاء المجتمع معزولاً عن التجربة السياسية والتدرب على المشاركة واحترام الآخر المختلف.
إذا كانت بعض الآراء تكتفي برصد التحول الديموقراطي عبر تناول نتائجه السطحية والمباشرة لمعايرة جدواه فإن المطلوب أبعد من ذلك وأعمق، وهو ربط هذه المسألة مع حقيقة ما تعانيه مجتمعاتنا من أمراض وأزمات وتحديد السبيل الأنجع لمعالجتها. فقضية الديموقراطية لا يصح اختزالها بجديد الموقف الغربي منها، وهي لا تتعلق فقط بمدى نضج المجتمع لتقبلها، بل بموازين القوى القائمة على الأرض وبقدرة الإصلاحيين ودعاة الحرية والتعددية على إنتاج فعل مؤثر وخلق الشروط التحتية لضمان نجاحها واستقرارها، والأهم هو الإيمان بأن الإصلاح السياسي وإطلاق دور البشر في الحياة هو ضرورة موضوعية لا بد منها لمواجهة ما نعانيه من أزمات، وأن التراجع عنها يؤدي إلى ما هو أكثر سوءاً وأشد وطأة.
أفلم تقل أحوالنا الراهنة التي تثير الشفقة كلمة الحسم في هذه المسألة؟! أولا تكفينا دورة الآلام التي عشناها طيلة عقود تحت سيف الاستبداد والقهر كي نقتنع بأن تغيير هذا الواقع بات سبيلاً إجبارية لا غنى عنها؟! وأيضاً ألا يكفينا هذا الفشل الذريع في تحقيق الأهداف التي وعدت النخب الحاكمة الناس بها، وكيف صارت الرموز الوطنية والشعارات القومية غطاءاً لمراتع الفساد والامتيازات الفئوية ولتشديد القمع والاضطهاد ضد الشرفاء والقوى الحية؟!.
ويبقى أن ما تعانيه المجتمعات الآيلة للتحول الديموقراطي اليوم من صعوبات وإرباكات هو لحظة عابرة صوب أمل ووعد بمجتمع صحي معافى. ومثل هذه الصعوبات، هي صعوبات مفسرة واختبارات مفهومة لمجتمعات حطمها القمع وجعلها تدمن السلبية والاتكال، فالسلطات وسياساتها الاقصائية هي المسؤول الرئيس عما نعيشه الآن، ومظاهر الانحطاط وأساليب العنف والتدهور الأخلاقي هي منعكس طبيعي للقهر والتمييز وثقافتهما المدمرة.
ثمة كارثة حقيقية تنتظرمجتمعاتنا في حال أحجمت عن الانتقال من عالم الاستبداد إلى الديموقراطية، وليس أمراً بعيد الحصول أن يفضي تأجيل هذا الاستحقاق إلى انفجار الأزمات المتراكمة بصورة مريعة وأن تسفر حالة الممانعة عن التغيير إلى انهيارات واسعة وتفكك الدولة وتشرذمها. وفي المقابل هناك حقيقة يجب التمسك بها بالأسنان والأظافر تقول إن الانفتاح والإصلاح السياسي هو الذي يعجل في إنضاج المجتمعات وبناها الأساسية وهو ما يرتقي بدرجة تقبلها للحريات والتعددية، ليصح القول أن نضج الناس وتوفر شروط أهليتهم للديموقراطية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال ممارسة الديموقراطية ذاتها. مثلما يصح القول أيضاً إن انتصار الخيار الديموقراطي ليس أمراً سهلاً في مجتمعنا، بل يقف على نتائج معركة فكرية وسياسية لا بد أن تخاض بكل جدية وحزم، ويخضع في تقدمه وتراجعه لما تتمتع به القوى المتنطحة لقيادة التغيير من وعي وخبرة ودقة في الخطاب السياسي والممارسة. فالديموقراطية لا تولد من تلقاء نفسها أو بصورة عفوية، ولا تفرضها حتمية النضج الاجتماعي على أهميته، بل هي بذرة قائمة بذاتها لا تنتش أو تترعرع إلا بقدر ما ترعاها القوى المؤمنة بها، وتتمكن من تفهم طبيعة الصعوبات والمعوقات التي تعترضها، وتعمل على إزالتها. والديموقراطية لن تصبح أمراً واقعاً إلا بقدر النجاح في جعل المجتمع يعمل من أجلها، ويبدى أعلى الاستعداد للتضحية على أجل تنميتها وحمايتها، ما يضع في المقام الأول هدف تحويل شعار التغيير الديموقراطي الى مطلب شعبي قوي وإقناع الناس بضرورته كمخرج وحيد من الأزمات التي نعانيها.
وبعد، فلنسأل الشامتين، ألم يكن الخيار الديموقراطي حاجة عتيقة ودواء قديم قدم ما نعانيه من أمراض فساد وتخلف وقهر، أولم يكن مطلباً مطروحاً قبل أن يطرح الغرب مشاريعه عن التنمية السياسية والإصلاح، وإنه كان عند الكثيرين هدفاً وطنياً في حد ذاته لتعزيز قدرات المجتمع على مواجهة التحديات والمخاطر الخارجية. ثم ما دامت السياسات الغربية قد بدأت تتنصل من دعم الديموقراطية وافتضحت قوة مصالحها وازدواجية معاييرها، وأنها تحت ذريعة الحفاظ على الاستقرار تعود إلى سياستها القديمة في دعم الأنظمة ضد شعوبها، نسأل عن دور أصحاب فكرة النضال الديموقراطي بدلالة الداخل، ألا تعتبر اللحظة الراهنة، هي اللحظة المناسبة أو لنقل المحك الحقيقي كي يثبتوا مصداقيتهم في مقارعة الاستبداد وتقديم التضحيات لنصرة الديموقراطية وحقوق الإنسان!
 
(المصدر: صحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جوان 2007)

 

 


 

ولادة النهضة في فكر مالك بن نبي:

الأخلاق والجمال والمنطق العملي وتقنيات الانتاج

عمر مسقاوي (*)

أطلت أوروبا في مسار القرن التاسع عشر وفلسفته بمفهومين أساسيين هما مفهوم الثقافة ومفهوم الحضارة. فمنذ عام 1718 بدأت فرنسا تدخل كلمة Culture من خارج معناها اللغوي كتوصيف مضاف الى شيء آخر كالأدب والفن وليس كمضمون مستقل. ثم استقل مع التطور كمفهوم Conception ليدل على التأهيل والتربية والتأديب مع نشوء مصطلح آخر هو Renaissance استعمل مع بداية القرن التاسع عشر حين ورد من ايطاليا كمصطلح عمّ أوروبا ليسير الى حركة تجديد واسعة شملت الفنون والعلوم إحياءً لتراث الاغريق والرومان.

مع هذه التطورات في تنظيم تطور أوروبا انتقل مفهوم الثقافة الى اطار أكثر تخصصاً وتجريداً في بناء العلوم الاجتماعية والنفسية ونظرية التطور مع Taylor البريطاني وبدأ مصطلح Renaissance يشير الى بعث وقيامة جديدة استقرت مع آلية عصر الأنوار لتمسك بمفهوم التقدم انطلاقاً من المعطيات المضمرة للثقافة الغربية التي ارتبطت بالأرض والنزعة الكمية مع أوغست كمت والمادية الوثنية.

البداية

 

هذه الخلفية الثقافية لعصر الحداثة والاستعمار أطل عليها وعي مالك بن نبي في الجزائر وتحديداً عام 1925 حين بدأت مكونات رؤيته للمشكلة تنمو في مدينته قسطنطينة مع نشوء حركة الاصلاح بقيادة ابن باديس من ناحية ومن ناحية أخرى تكوينه في مناخ مدرسة قسطنطينة حيث انتقل اليها منذ العام 1920 ليتابع تحصيله العلمي. في هذه المرحلة أتيح للطالب بن نبي أن يطلع على حركة العصر الذي سمي العصر الجميل بعد الحرب العالمية الأولى، لذلك كان يتابع الصحف الفرنسية وخصوصاً جريدة humanite كما يطالع أنباء الحركة التجديدية في مصر عبر جريدة «المنار» والسيد رشيد رضا حين غدت مرجعاً لحركة الاصلاح بقيادة بن باديس. كانت هذه صورة التحولات التي ترابطت من خلالها فاعلية أوروبا في العالم عبر الاستعمار وهكذا غدا مفهوم الثقافة هو الصورة والتعبير عن تلك الولادة الجديدة في أوروبا التي تحققت فعلاً والتي اتخذت مصطلح Renaissance فارتبط بعث أوروبا من جديد كنموذج في ذهن المثقفين العرب والمسلمين وغدا هذا النموذج المعيار في التحدي المزدوج نحو الانفتاح الكلي على النموذج خارج التراث العربي الاسلامي كحقيقة اجتماعية قائمة أو الانكفاء الكلي نحو الذاكرة التاريخية لنموذج الحضارة الاسلامية.

شروط النهضة

كان كتاب شروط النهضة الذي صدر عام 1949 يأتي ثانياً بعد كتابه «الظاهرة القرآنية» الذي كان الجواب على التحدي الأول، إذ لاحظ بن نبي أن الطلاب الذين جاءوا الى أوروبا وخصوصاً فرنسا يتمثلون أفكار المستشرقين ودراساتهم، خصوصاً في ما يتعلق بعقائدهم بسرعة لافتة. فما إن وضع مرغليون نظريته في نفي وجود الشعر الجاهلي وأنه من صنع العهد الاسلامي من أجل الادعاء باعجاز القرآن للعرب، عام 1925، حتى أصدر طه حسين كتابه «الشعر الجاهلي» عام 1926. لذا كان كتاب «الظاهرة القرآنية» أول دراسة قامت بإثبات انفصال الوحي وآيات القرآن الكريم عن الذات المحمدية وقد طبق في هذا كله المنهج العقلاني الغربي. وحين صدر كتاب «الظاهرة القرآنية» عام 1946 اعتبره بعض المحللين المحايدين أول دراسة عقلانية يقوم بها مثقف من البلاد المستعمرة. وحين كانت أفكار ماركس ونقده للرأسمالية شائعة على أثر الحرب العالمية الثانية وقد اعتبرت منطلق نقد لحركة عصر الأنوار المادية اعتبر البعض أن كتاب «الظاهرة القرآنية» هو منطلق نقد للعقلانية المادية التي حاولت تعسفاً تفسير ظاهرة الوحي القرآني في اطار دراسات علم النفس وليس دراسات الظاهر في مفهومها الغيبي.

لذا كان كتاب «شروط النهضة» الذي صدر عام 1949 خلاصة انعكاس هذا الواقع على رؤية بن نبي، ويبدو لنا ذلك واضحاً في عنوان الكتاب الأساسي «شروط النهضة الجزائرية». فهذا العنوان في حد ذاته يطرح المنطلقات الرئيسة لسلسلة كتبه جميعاً «مشكلات الحضارة». فبن نبي انطلق من معيار عملي يختلف أساساً عن كل مقاربات المفكرين والكتاب الذين تكلموا على النهضة في هذا الاتجاه أو ذاك.

فنسبة شروط النهضة الى الجزائر ليست عملية تركيبية تضيف مظاهر العصر الحديث الى مظاهر الحياة الجزائرية في ظل الاستعمار، بل هو عنوان تحليلي شرطي كما يتضح من فصول الكتاب. فالجزائر هي مساحة التحليل التي انتهت الى مفهوم القابلية للاستعمار كواقع نفسي يحدد مرحلة معينة من واقع الخلفية التي رسختها الحضارة الاسلامية في عمق الجزائر، وهي مرحلة الأفول والانسحاب من التاريخ. فالقابلية للاستعمار هي في النهاية قضية تتعلق بالافكار في مرحلة الشلل الفكري يعبر عنه واقع الجزائر. لكن الجزائر ليست سوى نموذج من العالم الاسلامي كله الذي يشكل مجال دراسة لتماثل الإعراض في عالم الأفكار.

من هنا بدأت الشروط التي وضعها بن نبي تنطلق من استراتيجية أساسية مماثلة لاستراتيجية ولادة أوروبا من جديد في اطار مفهوم Renaissance الاوروبي، أي اعادة النظر في التراث القديم بعد تصفيته من سائر مؤثرات الحضارة الاسلامية في لحظة أفولها بعد سقوط الأندلس كما يقول بن نبي.

وهكذا انتهج بن نبي آلية المسار نفسه انطلاقاً من التراث الاسلامي من دون الدخول في تفاصيله. فتحدث عن الشروط السابقة للحمل من أجل ولادة جديدة. لذا تختلف مرحلتنا عن مرحلة أوروبا لأن المصطلح الأوروبي تحدث عن الوليد الجديد في ما يسمى عصر النهضة في ايطاليا. لذا عمد بن نبي الى تحديد جديد لمفهوم الولادة من جديد Renaissance. هذه الولادة الجديدة لا بد من أن تخرج من رحم «القابلية للاستعمار» حين تصفي سلبيات الأفكار السائدة، وهذه تحتاج الى لحظة مخاض تاريخية مملوءة بالبواعث كتلك اللحظة التي نشأت فيها ولادة الاسلام عبر الوحي في مكة. فتعبير الولادة من جديد هو ترجمة تعبير Renaissance والعنوان باللغة الفرنسية للكتاب هو الأكثر وفاء لمنطلقات بن نبي. فكلمة النهضة أو الولادة naissance تقود الذهن الى النموذج الغربي، وهذا ما أشار اليه المفكر المغربي الجابري حين قال إن مصطلح Renaissance يدل على ولادة فعلية هي الغرب بكل معناه، بينما فكرة النهضة في المشروع العربي والاسلامي اتجهت الى المستقبل خروجاً من الواقع العام. وهذا يدل على أن وعي العرب في رؤيتهم لنهضة أوروبا يقوم أساساً على الاحساس الفارق بين واقع التخلف وواقع نهضة أوروبا، لذا فهم يفكرون بالنهضة التي يرون نماذجها.

الثقافة في اطار الولادة الجديدة

لقد شرع بن نبي يعطي في كتابه «شروط النهضة» صورة الاستعمار في الجزائر كمعطل لكل ارتباط بين دور الانسان الجزائري والبيئة من حوله. لذا لا بد من أن تنطلق الولادة من جديد خارج الدائرة التي رسمها الاستعمار، أي خارج مفهوم القابلية للاستعمار. وهكذا طرح المشكلة في اطارها الحضاري الذي يتصل بمستقبل الانسانية على هذا الكوكب.

فمن العودة الى العهد الأول نرى أن الاطراد التاريخي لفاعلية الفكرة الاسلامية انطلق من عاملين: الفكرة الاسلامية التي هي أصل الاطراء، والمسلم الذي هو السند المحسوس لهذه الفكرة.

فنشوء الدورة الحضارية يرتبط صعوداً وهبوطاً بالفرد الذي يمثل فكرة الاسلام باعتباره سندها المحسوس. ففكرة الاسلام كوحي مُنزل تمثل الأصالة العينية والحقيقة المطلقة. وهذا من عند الله ويبقى الذي من عند أنفسكم بمعنى أن محور الحضارة هو الانسان المسلم الذي هو سند الفكرة المحسوس في مسيرة التاريخ.

وبقدر مسوغات الفكرة في بناء الارادة وفاعلية حضورها يكتب التاريخ مراحل صعود الحضارة وهبوطها.

من هنا يأتي تداول الأيام ومن هنا يبدأ دور الانسان في بناء عالم محيط حوله تتحدد في اطاره قيم الأخلاق ومدى ارتباطها بالمثل والجمال ومدى التعبير به طبقاً لهذه المثل والفاعلية ومدى ارتباطها بالمنطق العملي في تفعيل الوسائل ذات الارتباط الوثيق بالقيم الاخلاقية والجمالية عبر التاريخ.

فالعناصر الأربعة: المبدأ الاخلاقي والمبدأ الجمالي والمنطق العملي ثم الجانب التقني في الانتاج هي العناصر التي تتكون منها ثقافة المجتمع حينما تصبح تاريخاً. فالثقافة هي الأساس التربوي الذي يحدد معيار الصعود والهبوط بقدر تضامن هذه العناصر في بيئة الفرد، ذلك السند الأساسي لمسار الحضارة في اتصاله بالثروة عبر الزمن التاريخي الذي يحدد مراحل الحضارة. فالحضارة هي القدر النهائي للثقافة التاريخية وهي مركب الصعود الى الحضارة في مداها العالمي ومركب الهبوط في سحيق التخلف.

إن هذا المنهج، يقول بن نبي، يرتبط بمفهوم كوني كسنّة من سنن الله الأزلية. من هنا فالاقتباس من أوروبا يتطلب من القابلية للاستعمار التي هي الوجه الآخر لصورة الاستعمار أن تنظر (هذه القابلية) الى الظواهر الغربية الأوروبية على أنها مسألة نسبية لا تعبر عن الحقيقة المطلقة ومن خلال ذلك يستطيع العالم العربي والاسلامي أن يعرف وجوه النقص في الحضارة الغربية كما سيتعرف على عظمتها الحقيقية. وبهذا تصبح الصلات والمبادلات مع هذا العالم أعظم (كما فعلت اليابان).

من هنا يتضح لنا أن الفكرة ليست مصدراً للثقافة من حيث هي فكرة عينية، بل هي الفاعلية المحيطة بها باعتبارها ذات علاقة بوظيفة الثقافة التي هي مجموع الشروط النفسية الزمنية التي ينطبع بها مستوى الحضارة في المجتمع. وهو مستوى تتغير فيه الأفكار بطريقتين:

أ – الطريقة الأولى في ظل ارتفاع مستوى الحضارة، إذ كان الأوروبي ينظر الى التقدم العلمي كميزة يمتاز بها عقله والى الحضارة على أنها فطرته والى الاستعمار على أنه امتداد لحضارته خارج أوروبا. وكانت هذه الأشياء تحقق الاجماع في الداخل في حدود أوروبا والاعجاب في الخارج خارج حدود أوروبا.

ب – الطريقة الثانية في مرحلة هبوط الحضارة. فعندما يهبط مستوى الحضارة تنقطع الصلة بالأفكار المؤسسة للوسط الاجتماعي والتي جاءت من منابع خلفية وعقلانية صدرت عنها أساساً. وهكذا تكسب هذه الأفكار وجوداً صناعياً غير تاريخي. وبذلك تفقد كل معنى اجتماعي كما تفقد قدرتها على إبداع الأشياء. بل إن الشيء نفسه يفقد أيضاً مقدرته على انتاج الأفكار. فقد ارتبطت تفاحة نيوتن بمرحلة نفسانية وعقلية أدت الى اكتشاف الجاذبية هي ثقافة الغرب في بداية حيويته التي تطرح السؤال دائماً. لكن لو سقطت أمام جده لأكلها لأن المرحلة لم تكن قد وضعت الأفكار والأشياء في مستوى الشروط النفسية لعالم الأفكار والأشياء في إطار عالم الأفكار.

(*) محامٍ، نائب ووزير سابق، نائب رئيس المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى في لبنان

(المصدر: ملحق "تراث" بصحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 جوان 2007)


 

بن نبي في «مجالس دمشق»: زبدة أفكاره لشبابها المتنوّر

قصي الحسين (*)

«إن يكن للمصادفات شأن في حياة الكتب، فهذا الكتاب ابن المصادفة» (مالك بن نبي: مجالس دمشق، دار الفكر، دمشق – 2006 مراجعة وتدقيق الوزير اللبناني السابق عمر مسقاوي).

بهذه الكلمات البسيطة قدم مالك بن نبي (1905 – 1973) لكتابه «مجالس دمشق»، وهو الأخير في سلسلة مشكلات الحضارة التي بدأها بباريس ثم تتابعت حلقاتها في مصر فالجزائر، والتي سبق ان صدر منها زهاء سبعة عشر كتاباً مثل: «بين الرشاد والتيه» و «الصراع الفكري في البلاد المستعمرة» و «الفكرة الافريقية - الآسيوية» و «فكرة كمنولث إسلامي» و «مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي» و «وجهة العالم الإسلامي».

وقد أمعن مالك بن نبي في جميع كتبه الثمانية عشر التي أصدرتها له دار الفكر في دمشق، في الحفر حول مشكلات التخلف المزمنة، متجاوزاً الظواهر الطافية على السطوح، الى الجذور المتغلغلة في الأعماق، وباحثاً عن السنن والقواعد والقوانين التي تكفل للشعوب ان تتحول عن الكلالة والعجز الى القدرة والفاعلية. وبذلك يكون مالك بن نبي قد تجاوز مشكلة الاستعمار ليعالج مشكلة «القابلية للاستعمار»، ومشكلة التكديس الى البناء والحق الى الواجب، وعالم الأشياء والأشخاص الى عالم الأفكار، مؤكداً (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (سورة الرعد، الآية 11)، وأن مفاتيح الحل عند الذات لا عند الآخر.

 

زار مالك بن نبي دمشق عام 1972، كما يظهر من مقدمة الكتاب. وذلك بعد الحج وبعد رحلة الى السعودية استغرقت شهراً ونصفاً. وعندما وصل الى بيروت في طريق العودة الى الجزائر، وهو بصحبة كل من زوجته وابنته «رحمة» صغرى بناته، راودته نفسه ان يطلع «رحمة» على بعض معالم الحضارة الإسلامية بدمشق، فقرر السفر إليها ليقضي فيها يومين أو ثلاثة. وإذا به يقضي في مجالسها زهاء ثلاثة أشهر، قضاها في حوار مستمر مع شباب دمشق المسلم، الذين سارعوا الى تسجيل مجالسه على مسجلاتهم. ثم كانوا ينقلونها كتابة ثم يبيضونها، «حتى صيروها هذا الكتاب» كما يقول بن نبي نفسه، والذي أرّخ للمقدمة التي وضعها لهذه المجالس في بيروت 13/8/1972.

 

ويبدو لنا من المقدمة الثانية للكتاب والتي كتبها الوزير اللبناني السابق الأستاذ عمر مسقاوي ان كتاب «مجالس دمشق» كان قد ورد في قائمة الكتب التي كتبها مالك بن نبي والتي أصدرها بناء على وصية بن نبي نفسه. غير ان الأستاذ عمر مسقاوي ذكر ان مخطوط «مجالس دمشق» لم يصل الى يده إذ كان بن نبي جمعه وهو في دمشق ونقحه، ثم تعاقد مع دار الشروق لكي تنشره كتاباً وهذا ما يفسر سر توقيعه في بيروت لا في دمشق. وقد ضم الكتاب في صدر صفحاته الأولى صور الوثائق التي خولت مسقاوي الإشراف والتدقيق والنشر لكتاب «مجالس دمشق»، كما لسائر كتب بن نبي السابقة.

 

تضم «مجالس دمشق» ست محاضرات في مشكلات الحضارة المعاصرة ودور المسلمين فيها. وقد تحدث بن نبي في المحاضرة الأولى، والتي كانت عبارة عن لقاء مفتوح مع الأخوات في مسجد صلاح الدين في 16 نيسان (ابريل) 1972م، عن مفهومي (القابلية للاستعمار والحضارة – الإسلام). وفي هذه المحاضرة اشار مالك بن نبي الى ان سبب تأخر المجتمع الشرقي هو تعطيل الفكر لا وجود الاستعمار. وسنعود لمناقشة هذه المسألة، حين ننتهي من عرض موضوعات الكتاب، نظراً لجديد هذه الفكرة وجديتها وحداثتها معاً في آن. اما في المحاضرة الثانية التي ألقيت في الجامعة السورية بدعوة من كلية الشريعة في آذار (مارس) 1972، فقد كانت بعنوان: «الثقافة والأزمة الثقافية»، والتي بناها على فرضيتين: 

1- سوء إدراك مفهوم الثقافة، و2- خلل التطبيق. فبين وضع الثقافة في المجتمع المسلم، وأثر المجتمع في ثقافة الفرد، بما هي ثقافة حياة لا ثقافة موت. وفي المحاضرة الثالثة التي ألقاها في مسجد المرابط 1972، تحدث عن الحقوق والواجبات وتلتها مناقشة وحوار مع الحاضرات من السيدات. وبيّن مالك بن نبي أثر فهم المجتمع لها في نمائه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وشرح لهن ان المجتمع الآخذ في الارتقاء، يقدم الواجبات على الحقوق.

 في المحاضرة الرابعة: «المرأة والرجل أمام واجبات واحدة» والتي ألقاها في مسجد المرابط بدمشق 1972، تحدث بن نبي عن أوضاع المجتمع المسلم ومتطلبات النهوض به وإنقاذه. اما في المحاضرة الخامسة وهي بعنوان: دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين والتي ألقيت في رابطة الحقوقيين في آذار 1972، وفي المحاضرة السادسة: «رسالة المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين» فقد مهّد بن نبي بالحديث عن اهمية احداث القرن المشار إليه، وما يتصف به من التغيرات العميقة، وما حدث فيه من مخاطر مزقت الشباب وأدت الى إفلاس الحضارة الحالية والأديان القائمة وانهيار الأخلاق والقداسات وافتقاد الروحانيات. ومن هنا يبرز واجب المسلم الذي يحمل رسالة إنقاذ نفسه وإنقاذ العالم من الضياع. كذلك فرّق اخيراً بين الدين والرسالة. وفي سبيل الرسالة نفسها طالب بن نبي الرجل المسلم بأن يعرف نفسه، ويعرف الآخرين، وأن يُعرّفها للآخرين. وأن يرتفع الى مستوى الحضارة، التي هي فوق مستوى الحضارة الحالية. أي الى مستوى ثقافة الحياة التي هي أعلى بكثير من ثقافة الحياة التي تنتجها الحضارة الغربية، كما هي بالتالي نقيض ثقافة الموت أو ثقافة فقه الموت التي تنتجها الحضارة الأخرى من خلال ولاية الفقيه، أو من خلال إمارة الشخصية النمطية التي عممها بن لادن في 11 أيلول (ديسمبر) 2001، وكأنه كان ينبه الى الظاهرة المثيرة التي ستظهر في ما بعد في مطلع الألفية الثالثة والتي تفرزها المدن الإسلامية بقوة في شوارعها أو ضواحيها الفقيرة أو في الأرياف التي هي أكثر فقراً أو التي تمثل مظاهر عدة للعنف الحضري مثل السرقة بالإكراه والمخدرات والاغتصاب والدعارة، فضلاً عن الهجرة غير المأمونة التي يسميها المغاربة «الحريق» لأن المهاجرين غير الشرعيين على متن القوارب الصغيرة يحرقون انفسهم ويحرقون المسافات. إذ لا بد لهذه الظاهرة المثيرة والتي تتجسد في العنف الحضري ان تستغل على يد جلاوزة الإنسانية لجعلها تنخرط في ما يُعرف بفقه الموت أي العمليات الانتحارية.

 وفي رأينا ان الأستاذ عمر مسقاوي الذي وقف أكثر من أي باحث آخر على تراث بن نبي الفكري والديني، وفق بالوصول الى النتائج التالية: إن هناك محنة تخلف نمر بها، وأن ما أورثنا إياه هذا التخلف هو من صنع ايدينا، لأنه حصاد أمراض اجتماعية. فكثرة التعبد والدعاء لا تغني عن القيام بالواجبات، لمواجهة هذه الأمراض. وهذه مسؤوليات تتطلب رؤية في مساحة العالم كله ودورنا فيه. ومعطيات العمل الإنقاذي إنما يرتكز على امن المجتمع، وهذا يتطلب انخراط ابنائه في انتظام ثقافي وحضاري معاً على حد سواء. كذلك فإن رؤيتنا يجب ان تكون في حجم العالم كله، وعدم الركون مطلقاً الى ذاكرة متعالية عن مشكلات الواقع، لأن نهر التاريخ وصل الى مصبه في مسيرة الثلث الأخير من القرن. أما صلاحية الإسلام لمستقبل العالم، فهي بمقدار ما تقدم للعالم من حضور وإسهام، وهو امر مستقل عن صحة الإسلام حقيقة إلهية، غير انه يفقد صلاحيته في العالم إذا أغفل المسلمون طريقة استعماله اداة حضارة وعمل وبنيان على مستوى العالم أجمع.

 القابلية للاستعمار

 ويحذّر مالك بن نبي في «مجالس دمشق» من أن نعمل من دون ان ندري – على عودة الاستعمار إلينا مجدداً بعدما أضعنا قرناً في معالجة هذا المرض/ الاستعمار. وفي رأيه ان الاستعمار لم يكن من خارج استعدادنا لاستقباله. وهو بعد ان غادر أوطاننا، نشعر بأن الأوضاع الاجتماعية أو الخلقية أو الثقافية أو الدينية أو الإنسانية لم تتغير بطريقة جوهرية، بحيث تمنع عودته إلينا، بل تمهّد له في بلادنا، كما حدث في العراق وفي لبنان وربما في أوطان أخرى، كما نراه يستشرف ذلك في آفاق رؤيته لمدى مساهمتنا في القابلية للاستعمار.

 

فالمجتمع المغولي في القرن السابع للهجرة دام سبعين سنة، وانتهى دوره في التاريخ، لأنه ليس بمجتمع متحضر، لقد دمر الطاغية العالم، خصوصاً العالم الإسلامي، غير انه تقوّض حتى ابتلعته المجتمعات المتحضرة. لأن مصير الشعوب يرتبط بالمجتمع المتحضر لا بالمجتمع البدائي المغولي أو الصفوي. ويرى مالك بن نبي ان المسلمين معرضون للتلف إذا لم يدخلوا المعركة الاجتماعية الحضارية، بسبب تفجر وسطهم الاجتماعي ومحيطهم الاجتماعي العام الطبيعي، فمجتمعهم نفسه سيتمرد عليهم لاحقاً، بسبب القيادة الدينية التي لا تعمل على رفع المسلم الى مستوى الحضارة بحيث يسلك جوهر الحضارة.

(*) أستاذ في الجامعة اللبنانية

(المصدر: ملحق "تراث" بصحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 جوان 2007)

 

للاشتراك في أحد قائمتي المراسلة لتونس نيوز، يرجى إرسال رسالة فارغة إلى:

 tunisnews_arabic-subscribe@googlegroups.com القائمة العربية:  

 

القائمة الفرنسية (وبقية اللغات الأوروبية):  tunisnews_french-subscribe@googlegroups.com

Nuk ka komente: