أهلا وسهلا بكم في ملتقى الغرباء يشرفنا انضمامكم الينا..

e shtunë, 23 qershor 2007

Tunisnews_Arabic 23/06/2007

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس
Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie
Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

السنة الثامنة، العدد 2587 بتاريخ 23 جوان 2007


الموقع: www.tunisnews.net

للمراسلة: redaction@tunisnews.net


أنت مشترك بقائمة المراسلة لتونس نيوز باللغة العربية بواسطة هذا العنوان: infotunis1.newsar@blogger.com


لإيقاف اشتراكك يرجى إرسال رسالة فارغة إلى: unsubscribe_tunisnews_arabic@tunisnews.net


"الموت البطيء": شريط يوثق مأساة المساجين السياسيين بتونس


بمناسبة اليوم التضامنى مع السجين السياسى بتونس أصدرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين شريط تحت عنوان "الموت البطيء".
للمشاهدة اضغط على الرابط التالي:
http://www.nahdha.info/mcgallerypro/show.php?start=0&id=12&video=1
(المصدر: موقع نهضة إنفو – مارس 2007)
 
المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة:لا للتعذيب، نعم، للحرية والكرامة لكل التونسيين
المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة:بـيان حـقـوقـي:عـذبـوه حتـى الـجـنـون
اللقــاء الإصلاحي الديمقراطي:شكــر ومصافحـة وعــودة
اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد:  بــــلاغ
برقية مساندة لمعلمي ونقابيي القصرين وتحية إكبار للمناضل خالد الدلهومي وإلى كل النقابيين المصابين
طلبة تونس: أخبار الجامعة
كلمة: عاملات و عمال شركة (ستيب) يعانون مأساة اجتماعية
موقع الحزب الديمقراطي التقدمي:الشرطة وكوادر الحزب الحاكم يجمعون "الموقف" من الأكشاك
جريدة "الشعب":مـاذا جـرى في القصرين؟
صحيفة "الموقف":إضراب الأطباء والصيادلة الجامعيين
"البديـل عاجل": تسريح العمّال بالجملة: الشركة التونسيّة لصناعة الإطارات المطّاطيّة بمساكن مثالا
أحمد الخميسي :تعذيب العقل
محمد النوري :الوضع الاقتصادي بتونس: أدوات للفهم!
هندة العرفاوي:الهجرة السرية:أوروبا توصد أبوابها والأفارقة لا ييأسون من العبور إليها رغم آلام الطريق
د. محمد الهاشمي الحامدي:إضاءات حول بعض أحكام المرأة في الإسلام
د. مراد هوفمان:متساوو الحقوق أم سواسية؟
نبيل شبيب: ثورة كاتبة ألمانية على النسويّـة الغربية!
عيد بن مسعود الجهنية:القادة الفلسطينيون... أهذا هو تحرير الأوطان؟
مراقب من الداخل:عـــجيب (1) و(2)
محمد العروسي الهاني:الذكرى الخمسين لتونسة الادارة الجهوية :سلك الولاة والمعتمدين
الحياة:مجموعات عربية وأجنبية مهتمة بتخصيص الهاتف الأرضي ... شركات ألمانية وفرنسية تنقل مصانعها إلى تونس

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 
المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة
بـــيــان حــقـوقــي
عــذبـوه حـتـى الــجـنـون
 

"دخولي في إضراب عن الطعام سببه يأسي من لفت النظر إلى وضعية ابني من خلال الوسائل القانونية والإعلامية والإدارية الممكنة". (فطيمة بوراوي)
    تمربنا هذه الأيام ذكرى اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب وما يزال الإعلام الرسمي التونسي يروج لمقولة احترام حقوق الإنسان وينفي ما تمارسه السلطات الأمنية في صمت تام وتعتيم إعلامي كامل من أنواع التعذيب الجسدي والنفسي على العديد من شرائح المجتمع التونسي : صحفيين ومحامين وأساتذة ومعلمين  وتلاميذ وطلبة …  والى حد كتابة هذا البيان مازال المهندس وليد العيوني الذي تعرض إلى تعذيب وحشي يقبع داخل السجون التونسية بعد أن افقده التعذيب الشديد  مداركه العقلية إلى درجة لم يتعرف فيها على والدته وزوجته  وقد استنفذت والدته كل الوسائل القانونية والإعلامية والإدارية الممكنة ودخلت في إضراب الجوع من أجل اطلاق سراحه.
ان المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة يرى أن هذه عينة من عدة حالات تمارس فيها انتهاكات حقوق الإنسان في بلدنا تونس و يعلن عن تضامنه مع كل ضحايا التعذيب وعائلاتهم وخاصة الأمهات وكل الأصوات المناهضة لهذه الظاهرة الخطيرة. 
ويطالب المكتب ب :
1- إطلاق سراح السجين السياسي وليد العيوني وكافة سجناء الرأي في تونس.
2- وقف كل أشكال التعذيب التي يمتهنها النظام التونسي ضد المواطنين الأبرياء.
3- رفع الحصار عن منظمات المجتمع المدني وتمكينها من ممارسة نشاطها بكل حرية.
4-عدم مضايقة المناضلين من حقوقيين وإعلاميين والكف عن انتهاك حرماتهم المعنوية و المادية. 
 
عن المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة
                     
سويسرا في 22. 06. 2007
 


لا للتعذيب، نعم، للحرية والكرامة لكل التونسيين
 
تحت شعار "أوقفوا التعذيب في تونس"، نظم المكتب الحقوقي لجمعية الزيتونة بسويسرا تجمعا احتجاجيا أمام مقر الأمم المتحدة بمدينة جينيف، اليوم الجمعة 22 جوان 2007، إحياء لذكرى اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب.
 حيث اغتنمت الجمعية هذه الفرصة للتذكير بمأساة ضحايا التعذيب بتونس، كما عرضت صورا ومجسمات لبعض أساليب وأنواع هذا المارد الرهيب الجاثم على رقاب وأجساد مساجين الرأي وموقوفي معتقلات ومخافر وزارة الداخلية.
ورفع الحضور شعارات تندّد بالتعذيب والقمع من مثل" أوقفوا التعذيب بتونس"، " لا، لا للتعذيب في تونس"، " الحرية والكرامة لكل التونسيين". وطالبوا الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها إزاء الاعتداءات والانتهاكات المتواصلة من طرف دولة مصادقة على اتفاقية وقف التعذيب  في حق مواطنيها و الجمعيات المدنية والحقوقية.
و أكدوا على أن الحرية والكرامة حق لكل أبناء تونس على السواء وإن اختلفت آراؤهم ومواقفهم.
وقد شدّت انتباه المارة صور الإعتداءات التي طالت رموز المجتمع المدني التونسي، مثل الأستاذ عبد الوهاب معطر(محامي لدى محكمة التعقيب ) والأستاذة راضية النصراوي والمناضل الحقوقي لسعد الجوهري..
ومع نهاية الإحتجاج قدم رئيس جمعية الزيتونة المهندس العربي القاسمي إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ملفا حقوقيا حول أوضاع الحريات بتونس، شمل عريضة مساندة لضحايا التعذيب مرفقة بقوائم الإمضاءات و بيان المكتب الحقوقي الإعلامي وجملة من الوثائق والشهادات حول ممارسة التعذيب في تونس.
ويغتنم المكتب هذه الفرصة لشكر من ساهم وساعد على إنجاز هذا التحرك و ساند القابعين في سجونهم ،المقهورين في أغلالهم  من أبناء وطننا الحبيب تونس.

عن المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة
www.tuniswiss.ch

أوقفوا التعذيب في تونس

 

         يشجب المكتب الحقوقي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا الاعتداءات المتكررة التي تمارسها السلطات التونسية على المواطنين الأبرياء ومؤسسات المجتمع المدني. و يدين بشدة كل أساليب التعذيب

 و الممارسات اللاانسانية في حق المعتقلين والمناضلين،حيث تسببت في قتل العديد والاضرار بالباقي ، شأن المعتقل السياسي وليد العويني الذي اختلت مداركه العقلية جراء التعذيب الوحشي.

أمام هذا الوضع الحقوقي المتدهورفي تونس فان المكتب يطالب السلطات بوضع حد لهذه اللانتهاكات ويساند كل المبادرات الداعية لوقف سياسة التعذيب والهرسلة وعمليات الاختطاف التي ضلعت فيها المؤسسة الأمنية التونسية. وبمناسبة احياء ذكرى اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب بتاريخ 27 جوان 2007  والذي يتزامن مع اليوم الدولي للمطالبة بالعفو التشريعي العام في تونس فان المكتب يضع بين أيديكم هذه العريضة لجمع الامضاءات و تسليمها للأمم المتحدة يوم الجمعة 22 جوان 2007 حيث سينظم   تجمع في ساحة مقرها في جينيف

    نؤكد مطالبتنا بـ:

1- اطلاق سراح السجين السياسي وليد العويني وكافة سجناء الرأي في تونس.

2-  وقف كل أشكال التعذيب التي يمتهنها النظام التونسي ضد المواطنين الأبرياء.

3- عدم مضايقة المناضلين من حقوقيين واعلاميين والكف عن انتهاك حرماتهم المعنوية و المادية.

( ملاحظة :الرجاء ارسال الامضاءات على العنوان الالكتروني للمكتب: z_militants@yahoo.fr  )

 

 

القائمة الأولية للممضين على  عريضة المساندة

 

 

 

1.     محمد طنيش - ألمانيا

2.     ادارة موقع تونس أون لاين/www.tunis-online.net

3.     عبدالناصرآيت لمام AVTT  Genève

4.     زهير تريمش - سويسرا

5.     مرسل الكسيبي : كاتب وصحفي تونسي (رئيس ) تحريرموقع الوسط التونسية:   www.tunisalwasat.com

6.     رضا قادري (ايطاليا)

7.     حسين الدويري( المكتب الحقوقي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا)

8.     اميرة الدويري - سويسرا

9.     سمية همامي    - سويسرا     

10.لسعد بن علي الزيتوني ( لاجئ سياسي، باريس)

11.جمال السلامي - سويسرا

12.فائزة السلامي - سويسرا

13.سمية البدوي الكوت - سويسرا

14.فـتحي الحاج بالقاسم- سويسرا

15.المحامي عبد الوهاب معطر (محكمة الاستئناف، صفاقس، تونس)

16.شكري يعقوب - سويسرا

17.عبد الباقي خليفة (صحافي،فرنسا)

18.طاهر قلعي- سويسرا

19.شامخ بن شامخ- سويسرا

20.محسن شريف

21.العربي القاسمي ( رئيس جمعية الزيتونة- سويسرا)

22.حسن الدريدي - سويسرا

23. ابراهيم نوارٍ( سجين سياسي سابق )

24.محمد حجاج- سويسرا

25.محمد المنصف قارة ( زوريخ - سويسرا)

26.عبد الهادي التيمومي ( ميونيخ- ألمانيا)

27. نبيل محمد - سويسرا

28.انور مديمغ - سويسرا

29.عبد الرحمان  الحامدي - سويسرا

30.بوكثير بن عمر- سويسرا

31.قيس دغري- باريس    

32.لزهر مقداد- سويسرا

33. محسن شنيتر- سويسرا

34.بشير بوشيبة- سويسرا

35.حمزة الشادلي- سويسرا

36.ادارة موقع الحوار.نت (www.alhiwar.net) للاتصال (info@alhiwar.net)

37.   محسن جندوبي- RIESENGEBIRGS STR.6 (53119.BONN)

38.اسماعيل الكوت ( المكتب الحقوقي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا)

39.عبد الرحمان الخلادي- سجين سياسي سابق وأحد ضحايا التعذيب في تونس

40.عايدة جونيت

41.نبيل السعداوي/ ألمانيا

42.لسعد الحامي/ ألمانيا

43.عبد الستار ونيس/ ألمانيا

44.محمد علي بلقاسم- ألمانيا

45.القادري زروقي/ ألمانيا

46.نصر الدين سويلمي/ ألمانيا

47.عمر بوعزة/ ألمانيا

48.نور الدين العبيدي/ ألمانيا

49.الهاشمي بن حامد/ ألمانيا

50.الهادي بريك/ ألمانيا

51.لويزة توسكان ( فرنسا)

52.كمال العيفي ( فرنسا)

53.رياض الحجلاوي (دكتور في الفيزياء، فرنسا )

54.محمد الحجلاوي ( فرنسا )

55.عبد الحميد العداسي (الدنمارك )

56.محسن الذهيبي

57.فخر الدين مالوش

58.مليكة بوعلاقي

59.محسن الذهيبي

60.عصام الهمامي

61.كريم مسعودي

62.الطاهر العبيدي ( صحافي، فرنسا)

63.زياد الشادلي - سويسرا

64.توفيق النفزي - سويسرا

65.لمياء الطويل  - سويسرا

66.طاهر بوصفة

67.منصف مقدود

68.عبد الله نوري- ألمانيا

69.آمنة عبدالرحيم - ألمانيا

70.محمد قاسم – كردي سوري

71.محمد الصالح محفوظ

72.عمار هداجي - سويسرا

73.رضا الشادلي - سويسرا

74.ابراهيم الشادلي - سويسرا

75.بشير بن مسعود - سويسرا

76.صادق الكبسي - سويسرا

77.بو بكر مصدق - سويسرا

78.جلال مسروحي - سويسرا

79.محمد علي عمدوني - سويسرا

80.عبد العزيز بوسنينة- سويسرا

81.علي فلفول - سويسرا

82.مصطفى اليحياوي - سويسرا

83.الهاشمي الطاهر - سويسرا

84.عبد المنعم بالطيفة - سويسرا

85.رضا الضحاك - سويسرا

86. عبد الحميد الفياش - سويسرا

87.نجاة نفيسي  - سويسرا

88.فرج منصور- سويسرا

89. لزهر قريرة - سويسرا

90.عمر القايدي - سويسرا

91.نورالدين الفرجاني - سويسرا

92.محمد علي البدوي - ) -ASPP سويسرا(

93.رضا الرجيبي – فرنسا   

94.عبد الباسط المسمعي/ سويسرا

95.سمير الدريدي – فرنسا

96.عادل الحمزاوي – فرنسا

97.فتحي الفرخ – فرنسا

98.ساسي الحميدي – فرنسا

99.  رياض بالطيب – فرنسا

100.    محمد بن سالم  – فرنسا

101.  الطاهر بوبحري – فرنسا

102.  جمال دلالي – بريطانيا 

103.  محمد الطرابلسي / فرنسا  

104.  وليد البناني/ بلجيكا    

105.  محمد شمام – السويد

106.  رشيدة النفزي -ألمانيا

107.  علي سعيد - النرويج

108.   لطفي مخلوف

109.  جلال الماطري / سويسرا

110.  جمال جدي – سويسرا

111.  طارق السوسي/ بنزرت- تونس

112.  عمار فرجاني (لاجئ سياسي، ايطاليا)  

113.  أنورعزالدين (فرنسا)

114.  نجيب سليتي (سويسرا)

115.  زينب مرايدي (سويسرا)

116.  فريق موقع تونس نيوز:(www.tuinsnews.net)

117.    أحمد الورغمي (باريس)

118.  فتحي نصري  (محامي وحقوقي)

119.   جمال الدين أحمد الفرحاوي (شاعر تونسي مقيم في هولندا)

120.  حمدة بن عثمان   -هولندا  

121.  عبد الحميد الحمدي ـ الدانمارك  

122.  خَمِيس بن علي الماجري(باريس)  : المشرف العام على موقع تونس المسلمة www.tuinsalmoslima.com

123.  فريق منتدى تونس سويس(www.tuniswiss.ch)

124.  رجاء حمزاوي (فرنسا)

125.  عمر الغيلوفي (سويسرا)  

126.سيف النوري (ألمانيا) 

127.  عبدالله بريك (ألمانيا)

128.   مهدي حارس(سويسرا)  

129.  علي بن مسعود(سويسرا)  

130.  سليمان بن يحمد(سويسرا)  

131.  محمود المرزوقي(سويسرا)  

132.  محمد الشربطي(سويسرا)  

133.  محمد الجليدي (سويسرا)  

134.  حسّان الجوهري

135.  لسعد الجوهري ( الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

136.  عطاء الله الجوهري

137.   أمان الله الجوهري

138.  علي الجوهري

139.  تسنيم الجوهري

140.  سلسبيل الجوهري

141.  محمد الصالح محفوظ- المانيا

142.  عبد الغني الزغوانى  ألمانيا    

 

ملاحظة : يشكر المكتب الحقوقي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا كل من تفاعل ايجابيا مع هذا المجهود المتواضع في التعريف بمأساة اخواننا ورفاق درب الحرية والكرامة في وطننا تونس، كما يهيب بالبقية أن يدعموا كل جهد يسهم في اشراق فجر جديد.

 

بسم الله الرحمان الرحيم
اللقــاء الإصلاحي الديمقراطي
شكــر ومصافحـة وعــودة
 
بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها موقع " اللقــاء " من تخريب وإتلاف، يسرنا مجددا إعلام القراء الأعزاء أن الموقع قد عاد إلى الظهور مجددا آملين منهم التفهم لما أصابنا ولهذا الانقطاع المكره.
لقد مرت علينا بعض اللحظات التي حملت معها كثيرا من الأتعاب والهموم، ولكن المؤازرة والمساندة والاستنكار لهذا الفعل المشين قد يسر علينا وشد من إزرنا وزاد من عزيمتنا وقوّى إرادتنا، لقد كانت الرسائل الافتراضية والهواتف المسترسلة واللقاءات المباشرة، تأكيدا لهذه العلاقة المتينة التي تجعلنا لا نيأس، ولا نحبط، ونحلم بالأنوار، ونعتقد بوجود هذا الرباط غير المعلن بين كل من تعلق بأشواق الحرية مهما تعددت المشارب والألوان.
تحية مجددة ومصافحة وشكر إلى كل هؤلاء، أفرادا وجماعات ومؤسسات ومواقع، ووعد منا إليهم جميعا أننا على العهد سائرون وللميثاق محافظون ومن أجل تونس الخير والرفاه عاملون وعازمون، مهما كان الطريق محملا بالآلام والأشواك، وتقف على أطرافه كوابيس الظلام...
إننا نتأكد مع الأيام بسلامة هذا التوجه الذي اتخذناه رغم وعورته، وهذا المشروع الذي نسعى بكل جهد إلى بناءه واستكمال زواياه رغم خفافيش الظلام، مستشعرين كل عظمة هذا التحدي، ولكنها العزيمة والإرادة والأمل.، وتلك الأيام نداولها بين النــاس!
مرحبا بكم مجددا على موقعنا ودمتم في حفظ الله ورعايته.
www.liqaa.net
للمراسلة : liqa2005@yahoo.fr

باريس / الجمعة 22 جوان 2007 / 7 جمادى الثانية 1427

بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها موقع اللقاء
نعلن نحن إدارة منتدى تونيسويس عن مساندتنا
ووقوفنا مع الموقع المخترق كما نستنكر هذه المحاولات الجبانة من أعداء الحرية.
ونحن مؤمنون أن إدارة موقع اللقاء لن ترضخ
لهذه العصابة الفاسدة
 
WWW.TUNISWISS.CH  
 

اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد 
تونس في 18/06/2007
بـــــــــــــلاغ
 

عقدت اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد اجتماعا اليوم الاثنين 18/06/2007 بحضور كل من:

v عز الدين زعتور
v شاكر العواضي
v حفناوي بن عثمان
v علي الفلاح
v عدنان النعيمي
v  سمير الفراتي 

وقد تناولت في جدول أعمالها النقاط التالية:
1. الإعلام
2. لاستعداد للنشاط الصيفي

و إصرارا على تشريك منخر طي و مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس في كل ما يهم أوضاع المنظمة، قررت اللجنة الوطنية :
· تنظيم تجمع عام يوم السبت 23 جوان 2007 بالمقر المركزي للاتحاد العام لطلبة تونس تتشكل على إثره "لجنة الإعداد للندوة الوطنية  للاتحاد العام لطلبة تونس"
· تنظيم لقاء مع  قدماء الاتحاد لطلبة تونس للاطلاع على تجاربهم النضالية صلب الاتحاد والاستفادة من خبرتهم وذلك يوم السبت 30 جوان 2007 بالمقر المركزي للاتحاد
· تحديد يومي السبت   07 والأحد 08 جويلية 2007 تاريخا لعقد ندوة وطنية تحت شعار:

"الوحدة النقابية  صلب الاتحاد العام لطلبة تونس ضرورة من أجل النهوض بدور الإتحاد في الجامعة و البلاد"

ختاما تهيب اللجنة الوطنية بكل منخر طي الاتحاد العام لطلبة تونس وأنصاره لإنجاح هذا التمشي التوحيدي والتصدي إلى كل محاولات تأبيد أزمة الاتحاد.
  
عن الناطق الرسمي 
عز الدين زعتور

 
 

برقية مساندة لمعلمي ونقابيي القصرين وتحية إكبار للمناضل خالد الدلهومي وإلى كل النقابيين المصابين

-       قائمة ملحق عدد 1 - 

نحن أعضاء النقابات والنقابيين الممضين أسفله، وعلى إثر مهاجمة دار الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين والإعتداء الهمجي الذي تعرض له المعلمون والنقابيون بالقصرين يومي 13 و 14 جوان 2007 من طرف قوات البوليس بمناسبة عقد تجمع نقابي للمعلمين وما نتج عن ذلك من سقوط عديد الجرحى في صفوف النقابيين والمعلمين ومن أضرار بدنية ومعنوية لحقت بهم وأمام الإصابة الخطيرة والبليغة للمناضل خالد الدلهومي عضو النقابة الجهوية للتعليم الأساسي وعضو الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين الذي استهدف من خلف على رأسه، فإننا:

1-    نعبر عن مساندتنا المطلقة لتحركاتكم المشروعة.

2-    نندد بشدة بالهجمة الشرسة الموجهة ضد النقابيين والمعلمين وعموم الشغالين وبكل أساليب القمع التي اعتمدتها السلطة وتعتمدها في التعاطي مع جميع الملفات.

3-    نعتبر أن هذه الإعتداءات هي استهداف لكل مناضلي الحركة النقابية وأن محاصرة تجمعات رجال التعليم والهجوم على المعلمين والنقابيين بالقصرين تمثل حلقة جديدة ضمن مخطط الهجمة التي تقوم بها السلطة على الحركة النقابية المناضلة  ومحاولة يائسة لتركيع العمال والنقابيين والنيل من الحق النقابي.

4-    ندعو كافة الشغالين  وكل القوى الوطنية والتقدمية للتجند واليقظة وتطوير أشكال التضامن والتصدي لهذه الهجمة الشرسة بكل الوسائل الممكنة.

5-    نجدد تمسكنا بخط النضال من أجل مطالب الشغالين وحقوقهم ونعلن عن وقوفنا المبدئي ضد كل المظالم والمحاكمات الهادفة لتكريس الإستغلال دون مقاومة أو تصدي قصد التضييق على ممارسة الحق النقابي وحق الإضراب والإعتصام وضرب حرية التنظم والتعبير  وحق التجمهر والتظاهر وكما نأكد على رفضنا لسياسة ضرب المكاسب ولكل السياسات المملاة من الدوائر الإمبريالية المعادية لطموحات جماهير شعبنا في التحرر والإنعتاق.

عاشت الوحدة العمالية المناضلة ضد القمع والإستغلال

الرقم

الإسم واللقب

الصفة

32

عبد العزيز الغنودي

كاتب عام النقابة الأساسية للتأطير والإرشاد ببئر علي

33

خليفة بن فجرية

كاتب عام مساعد الفرع الجامعي للتأطير والإرشاد بصفاقس

34

رفيق الحاجي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

35

لطفي قوبعة

كاتب عام مساعد للفرع الجامعي للمعادن بصفاقس

36

عبد اللطيف بلحاج

تعليم أساسي

37

مصطفى مقديش

كاتب عام النقابة الجهوية للتكوين المهني بصفاقس

38

منجي الحمروني

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

39

المنجي الناصري

نقابي

40

محمد المعالج

تعليم أساسي

41

رمضان حسني

كاتب عام الإتحاد المحلي بجبنيانة

42

محمد حمادة

عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس

43

محمد الحبيب

كاتب عام الإتحاد المحلي بساقية الدائر

44

محمد بن ساسي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

45

نور الدين مصدق

كاتب عام النقابة الأساسية للمياه بصفاقس المدينة

46

مرشد خليل

عضو النقابة الجهوية للمياه بصفاقس

47

محمد الجموسي

كاتب عام نقابة الأطباء العموميين بصفاقس

48

عبد الرؤوف شقشوق

عضو نقابة السكك الحديدية بصفاقس

49

عبد الكريم جراد

كاتب عام مساعد للإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس

50

الحبيب بوعوني

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

51

سليم الطاهري

كاتب عام النقابة الأساسية موظفي كلية العلوم بصفاقس

52

زكية السويسي

كاتبة عامة نقابة الأساسية ديوان الخدمات الجامعية صفاقس

53

الحبيب المشتي

نقابي بالتعليم الأساسي بصفاقس

54

محمد فرج

كاتب عام النقابة الأساسية للمياه بساقية الدائر

55

خميس ساسي

نقابي أستاذ مرحلة أولى للتربية البدنية بصفاقس

 


طلبة تونس

أخبار الجامعة
 السنة الأولى:  العدد رقم 29 الجمعة 22  جوان 2007


 

 

عبدة الشيطان  ، تنصير ، بهائية .... : طلبة فريسة لمعتقدات هدامة ....

 

في ظل الخواء الروحي الذي يعيشه بعض الطلبة و غياب الحصانة العقائدية و الفكرية أخذت أفكار و معتقدات و ظواهر غريبة عن ثقافة المجتمع التونسي تلقى سبيلها إلى هؤلاء و تتسرب إلى وجدانهم دون أن تكون لديهم القدرة على تمحيصها و مناقشتها وهو ما أدى بهم إلى الإنغماس في ممارسات و سلوكيات شاذة تحط من كرامة الإنسان 

و من هذه المعتقدات الشاذة " عبادة الشيطان " التي برزت خلال السنوات الفارطة في حلقات ضيقة في بعض الأجزاء الجامعية و بالخصوص في كلية العلوم الإجتماعية و الإنسانية بـ 9  أفريل بتونس

و تتمثل طقوس المنتمين لهذه الطائفة في الرقص على أنغام موسيقى " الهارد روك " الصاخبة و ذبح الكلاب و القطط السوداء و شرب دمائها و ممارسة الشذوذ الجنسي الجماعي...

أما البهائيون الذين يؤمنون بنسخ الشريعة الإسلامية و لايؤمنون باليوم الآخر و لا بالجنة ولا بالنار و ينكرون صيام شهر رمضان و إسقاط الزكاة و إسقاط الحج و يجيزون الجمع بين الأختين و يعتقدون بوجوب تخريب الأماكن المقدسة كمكة و القدس و يؤدون صلاة عبارة عن ركعتين متجهين في قبلتهم نحو " عكا" بفلسطين المحتلة فيتواجد عدد منهم في بعض الأجزاء الجامعية في العاصمة وفي ولايات الساحل الثلاث .....

 

 

 

الإتحاد العام لطلبة تونس : الدعوة إلى هيئة إدارية...  هل هي الشعرة التي ستقصم ظهر البعير ؟؟    

 في ظل الإنشقاق الحاصل و المتصاعد وفي تطور مثير دعت مجموعة من أعضاء الهيئة الإدارية و من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس إلى هيئة إدارية وطنية يوم الأحد 8  جويلية 2007  ينتظر أن يتم خلالها الإعلان عن عقد مؤتمر للمنظمة في أجل أقصاه نهاية شهر أوت القادم و يؤكد الداعون إلى هذا الإجتماع أن ثلثي أعضاء الهيئة - ووفقا للنظام الداخلي للمنظمة الطلابية - قد أقروا ذلك

و لا يستبعد في ظل هذا المناخ من التشرذم أن تتصاعد التصريحات و التصريحات المضادة في محاولة من كل فريق لحسم المعركة لصالحه و بالتالي تحديد التوجه المستقبلي للمنظمة بالرغم من أن ذلك يتم بمعزل عن رأي القاعدة الطلابية العريضة... 

 

 

سيدي بوزيد : الإعتداء على أحد الأساتذة المراقبين في الباكالوريا :

 

لم يكن يوم الإثنين 11  جوان 2007  يوما عاديا في أحد معاهد سيدي بوزيد أين يجرى امتحان الباكالوريا حيث تفطن أحد الأساتذة المراقبين إلى قيام أحد التلامذة الممتحنين باستعمال هاتف جوال أثناء الحصة فقام بسحبه منه و لكن ما راعه بعد قليل إلا تعمد نفس التلميذ إلى استعمال سماعة قصد الغش فقام الأستاذ بكتابة تقرير في الحادثة  

و لم تقف الأمور عند هذا الحد حيث أن الأستاذ المعني - و أثناء تواجده بأحد المقاهي في نفس اليوم - قدمت سيارة يمتطيها مجموعة من الأشخاص و توجهوا مباشرة نحو ه قصد تعنيفه فما كان من هذا  )4x4الأخير إلا أن تصدى لهم و دافع عن نفسه ..... و في الأثناء كان هناك شخص داخل سيارة ( رباعية الدفع يراقب المشهد عن قرب و اتضح فيما بعد أنه والد التلميذ وهو مسؤول تجمعي و عضو في اللجنة المركزية للتجمع 

و تبعا لذلك تقدم الأستاذ بشكاية و طالب بتتبع المعتدين و قد هدد الأساتذة المراقبون بالإمتناع عن المراقبة في ما تبقى من الإمتحان - وهو اليوم الأخير و المخصص لمادة الإنقليزية - إذا لم تأخذ العدالة مجراها فتم تسجيل قضية ضد الأشخاص المعتدين و ضد التلميذ الذي سمح له بمواصلة الإمتحان في انتظار مثوله أمام القضاء في حين تقول بعض الشائعات أنه تمت إقالة المسؤول التجمعي من منصبه ....  

 

 

الكاباس : دورة تكميلية لحاملي الأستاذية في مادتي الفرنسية و الإعلامية

 

تنظم وزارة التربية يوم الجمعة 27  جويلية 2007  دورة تكميلية لمناظرة الكفاءة في الأستاذية للتدريس بالتعليم الثانوي " الكاباس " في مادتي الفرنسية و الإعلامية 

و يمكن لمن يرغب في المشاركة في هذه المناظرة المبادرة إلى التسجيل عن بعد في أجل لا يتجاوز 7 جويلية 2007  و ذلك على العنوان التالي :

 www.capes. edunet.tn                                     

                                                                                                                            و يجب على كل مترشح قام بالتسجيل عن بعد سحب مطلب الترشح من نفس الموقع ثم إتمام ملف ترشحه و إيداعه لدى الإدارة الجهوية للتربية و التكوين الراجعة بالنظر إلى الولاية التي ينتمي إليها المترشح دون سواها حسب عنوانه المذكور ببطاقة التعريف الوطنية

 

القيروان ، قفصة و سبيطلة : مؤسسات جامعية جديدة

قررت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي إحداث معهد تحضيري للدراسات الهندسية بكل من قفصة و القيروان و مدرسة عليا للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بسبيطلة

 

وزارة التعليم العالي : إعداد البطاقات الإلكترونية تحضيرا للسنة الجامعية القادمة ....

بداية من السنة الجامعية القادمة 2007 - 2008  سيتحصل كل طالب على بطاقة إلكترونية مشخصة متعددة الإستعمالات و قد أعلنت الوزارة عن تقديم طلب عروض دولي لتوفير 600  ألف بطاقة إلكترونية منها 400  ألف مشخصة و 200  ألف بطاقة غير مشخصة

 

 

الترسيم عن بعد : نتائج الإستفت ....

  في الإستفتاء الذي طرح فيه سؤال ما رأيك في الترسيم عن بعد  و الذي أجراه موقع " طلبة تونس " منذ انطلاقه يوم 25  سبتمبر 2006  و إلى حد يوم الخميس 21  جوان 2007  تم تسجيل مشاركة 257  شخص و أفرزت النتائج الإجابات التالية :

 - تقريب الخدمات للطالب :   50,1  في المائة 

- ابتزاز مالي مقنن :   40,4  في المائة

- تعقيد لا فائدة منه :   9,3    في المائة 

 

و في الختام :

 

يقول ألفريد وايتهيد :

" في ظروف الحياة الحديثة هناك ناموس أعلى مطلق واحد للبقاء .... الأمم التي لا تقدر الذكاء المبدع و المدرب مقضي عليها بالسقوط "

ينبغي المحافظة على العقول المبدعة و رعايتها و تشجيعها لا إهمالها ، ناهيك عن محاربتها و قمعها مما يؤدي إلى هجرتها كما يحدث الآن

 


 

 

عاملات و عمال شركة (ستيب) يعانون مأساة اجتماعية

تغطية سفيان الشّورابي

في خضم توزيعها العادل للظلم و للقهر، و في إطار شمولية مبادئ الاضطهاد و احترام كونيته، لا تبخل السلطة التونسية، والهياكل التي تدور في فلكها، على أي مواطن مهما كان موقعه الاجتماعي أو الطبقي بما جد وطاب من أنواع التهميش و التفقير و الحرمان. فلا تفرق بين تونسي و آخر إلا بمدى طاعته و ولائه لأهل الاستبداد و الاستغلال و مص دماء المحرومين من كل شيء؛ من الحرية، من الخبز، من الحياة. و يعيش عمال و عاملات الشركة التونسية للاطارات المطاطية بالساحل أحد ألوان هذه السياسة بشكل فاضح ولا غبار عليه. ففي اعتصامهم المفتوح المنظم بمقر المركزية النقابية بتونس العاصمة، يلف نفر كبير من المطرودين من هذه الشركة أشلاء غطاء و بقايا أقمشة لتقضية الليل في لحظات ألم وانتظار لمخرج ينقذ مصيرهم من الضياع. إنها "الذبيحة" كما وصفها لنا السيد الحبيب بن حسن بن سالم، أحد المعتصمين.

طرد تعسفي و تواطؤ

208 هو عدد الذين وقع رفتهم تعسفا و بطريقة غير مشروعة على حد قول السيد بن سالم. إذ قام ربّ المؤسسة باتفاق مسبق مع الكاتب العام للنقابة الأساسية المدعو النوري رويس يوم 1 ماي 2007 بالاحتفال بعيد الشغل على طريقتهم. حيث قاموا بطرد عدد ضخم من أعوان المصنع دفعة واحدة دون تقديم تبريرات قانونية مقابل القيام بهذه العملية، مؤكدا أيضا أن تفقدية الشغل غضت الطرف على الخروقات المرتكبة وساهمت من جهتها في تعميق أزمتهم. و يفيد السيد بن سالم أن "النقابي" النوري رويس مسنودا بالكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة استقدم ميليشية مسلحة بالهراوات و الأعمدة وقامت بالاعتداء بالعنف على العملة و إخراجهم عنوة من مقر العمل.
وعن أسباب الاعتماد على مثل هذه الأساليب في التعامل مع من ساهم في تنمية و تطوير الشركة، وفيهم من قضى 22 سنة كاملة من عمره، مضحيا بالغالي و النفيس من أجل نماء و استقرار موطن رزقهم، ربط السيد بن سالم ذلك و رغبتهم المعلنة مؤخرا في التصدي للممارسات والانتهاكات الصادرة عن المدعو بن رويس. ففي خلال المؤتمر الفارط للنقابة الأساسية، اتحد عدد هام من أعضائها من أجل الإطاحة بالمدعو رويس المتواجد منذ 12 سنة متتالية على رأسها، و لكن جلبه لمجموعة كبيرة من الغرباء و التجائه للتهديد طورا و للاستمالة أطوارا أخرى ساهم في محافظته على موقعه، و فور توفر أول فرصة توفرت له، قام بتصفية من هدّد موقعه ومكانته.
و يضيف محدثنا أيضا، أن المدعو رويس، رغم رتبته المهنية المنخفضة و المحدودة، يمتلك الآن منزلين يقدران تقريبا بربع مليون دينار و سيارة فاخرة إلى جانب عدد لا يحصى من الامتيازات.
وفور التحاقنا بمقر الاعتصام بمعية مجموعة من الطلبة و أعضاء اتحاد أصحاب الشهائد من أجل مساندة المعتصمين ودعمهم، التف حولنا جمهرة من أعوان عبد السلام جراد و زبانيته (أنظر الصور المصاحبة)، وذلك بقصد صدنا عن مؤازرة من أوصدت أمامهم الأبواب بما فيها التي تدعي الدفاع عنهم.
 
(المصدر: موقع كلمة  تصفح يوم 23 جوان 2007)

 
 

الشرطة وكوادر الحزب الحاكم يجمعون "الموقف" من الأكشاك

وقع جمع كل أعداد جريدة الموقف عدد 411 الصادر يوم الجمعة 22 جوان 2007 من كل أكشاك الجمهورية التونسية وذلك لمنع المواطنين من الاطلاع على الأخبار.

ومن المعلوم وأن السلطة تسيطر كلية على كل وسائل الإعلام السمعية والبصرية العمومية ولا تعطى رخص الإذاعات والمحطات التلفزية إلا للأحباب والأقارب، أما الصحافة المكتوبة الخاصة فهي تعيش على ما تمدها به "الوكالة التونسية للاتصال الخارجي" من إشهار يدفع ثمنه دافعي الضرائب. النتيجة هي إعلام أقرب إلى الدعاية للحكومة منه إلى إعلام نزيه.

بقيت جرائد المعارضة: "الموقف" و"موطنون" و"الطريق الجديد" والقناة التلفزية "الحوار التونسي" التي تعيش من مبيعاتها فقط توفّر إعلاما نزيها رغم التضييقات التي يتعرض لها مراسلوها من طرف البوليس السياسي.

ونحن نحتج على هذا التصرف الذي يعتدي بصورة فجة على حرية التعبير والإعلام.

يمكنكم الاطلاع على العدد المحجوز على موقع الحزب الديمقراطي التقدمي على الرابط التالي:

http://www.pdp.org.tn/mawqif/411.pdf

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي (معارض – تونس)، تصفح يوم 23 جوان 2007)

عنوان الموقع: http://www.pdp.org.tn/index.htm


 

مــــاذا جـــرى في القصرين؟

عبد الواحد حمري

 

تحول مدرسو ومدرسات التعليم الاساسي والهياكل النقابية وبعض النقابيين الى الادارة الجهوية للتعليم يوم 13 جوان 2007 علي الساعة الثانية بعد الزوال بأسلوب سلمي حضاري قصد تسليم المدير الجهوي لائحة احتجاج على القرار الانفرادي للوزارة فيما يخص حركة النقل فوجدوا أبواب الادارة مغلقة وأمامها حشد كبير من أعوان الأمن،

وأمام إصرار  المدرسين وهياكلهم النقابية على تسليم اللائحة المذكورة اعلاه انقض أعوان الأمن على المدرسين بالسب والشتم والركل ثم بالضرب المبرح بواسطة العصي والهراوات وملاحقتهم حتى مقر الاتحاد الجهوي الذي  يبعد قرابة مائة وخمسين مترا «150 م « عن مقر الادارة نتج عن هذا الاعتداء السافر اضرار مادية ومعنوية في صفوف رجال التعليم وبعض الهياكل النقابية بالجهة مما اثار استياء لدى كل النقابيين بالجهة.

وفي اليوم الموالي 14 جوان 2007 دعت الهياكل النقابية لقطاع التعليم الاساسي المدرسين الى اجتماع عام بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين قصد اطلاعهم على ما حدث والتعبير عن تمسكهم بتسليم  لائحة الاحتجاج فكان هذا الاجتماع ناجحا بكل المقاييس من حيث حضور المدرسين والنقابيين بالجهة في حرم الاتحاد.

اثر ذلك تمت محاصرة الاتحاد والنقابيين بعدد كبير جدا من أعوان الأمن وكان المشهد مرعبا يوحي بمظهر خاله  البعض قد انقضى للأبد وعند انقضاء الساعة الصفر قام أعوان الأمن بهجوم  على الموجودين  وانتهكوا حرمة الاتحاد مما خلف عددا كبيرا من الضحايا في صفوف المدرسين والمدرسات والنقابيين نقل البعض منه الى المستشفى الجهوي بالقصرين على جناح السرعة والى المستشفى الجامعي بصفاقس نظرا لخطورة الاصابات التي تراوحت بين الجرح والكسر العادي والكسر المزدوج وكسر الجمجمة.

في اليوم الثالث 15 جوان 2007 التأم بدار الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين تجمع عمالي كبير حضره أربعة اعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد العام رفعت خلاله شعارات معبرة عن التمسك بالنهج النضالي داخل المنظمة وتدعيم ديمقراطيتها واستقلالها والاستعداد للدفاع  عنها بكل الوسائل المشروعة والدفاع  عن دماء النقابيين التي سالت بمقر الاتحاد. وفي نفس اليوم وتوازيا مع انعقاد هذا التجمع دخل عمال أعوان ديوان الأراضي الدولية بالقصرين في اضراب احتجاجي بساعتين دفاعا عن المنظمة النقابية وعن النقابيين ومنهم الكاتب العام لنقابتهم الاساسية الذي تعرض الى اعتداء همجي.

وعلى هذا الاساس يتقدم نقابيو القصرين بتحية إكبار وتقدير لكل مناضل نقابي ساندهم ووقف الى جانبهم والى كل الجمعيات الديمقراطية والأحزاب المعارضة التي عبرت عن تنديدها وشجبها لهذا الاعتداء الذي استهدف المنظمة النقابية ومناضليها.

(المصدر: جريدة "الشعب" (نقابية أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 23 جوان 2007)


إضراب الأطباء والصيادلة الجامعيين

 نفذ الأطباء والصيادلة الجامعيون في المستشفيات الجامعية في تونس وسوسة والمنستير وصفاقس إضرابا عن الخدمات الصحية الإستعجالية يوم الأربعاء 20 جوان 2007 . وقد ذكرت مصادر النقابة العامة أن نسبة النجاح كانت هامة خاصة في مستشفيات تونس وصفاقس وبلغت نسبا تتراوح بين 40 و80 في المائة حسب المستشفيات فيما عقدت اجتماعات عامة صبيحة الإضراب  في المستشفيات وكليات الطب.

و كان مجلس الإطارات للنقابة العامة للأطباء والصيادلة الجامعيين المنعقد يوم 12 ماي دعا إلى إضراب عن الخدمات الصحية الغير استعجاليه كامل يوم 20 جوان احتجاجا على رفض سلطة الإشراف لمطالب القطاع. وتطالب النقابة العامة للأطباء والصيادلة الجامعيين بالترفيع في منحة التأطير والبحث للتعويض عن تدهور القدرة الشرائية والحال أن دراسة أعدتها النقابة العامة بمساعدة خبراء في الاقتصاد أظهرت أن القدرة الشرائية للأطباء الجامعيين تدهورت بصورة ملحوظة مما كانت عليه في بداية التسعينات وأن تعويض ذلك يتطلب زيادة في الأجر تضاهي ألف دينار. علاوة على ذلك فإن الأطباء الجامعيين الذي يؤمنون مهمة تدريس الطلبة بكليات الطب وتأطير الأطباء المتربصين من جهة ويؤمنون من جهة أخرى الخدمات الصحية المتطورة والدقيقة في المستشفيات الجامعية يعتبرون انه من حقهم التمتع بأجر محترم لنشاطهم الجامعي من جهة ونشاطهم الإستشفائي من جهة أخرى. ومن المطالب التي رفعتها النقابة العامة الترفيع في منحة الحصص المستمرة التي هي في حدود 60 دينار عند الإقامة بالمستشفى و30 دينار عند التنقل إلى المستشفى حسب الحاجة. وتعتبر النقابة العامة أن تحسين خدمات الأقسام الإستعجالية يمر عبر تأمين الخدمات العلاجية خلال الليل وأيام الأحد من طرف الأطباء المختصين إلا أن ذلك يتطلب بالمقابل منحة تتماشى مع طبيعة المجهود الهام خلا إسداء تلك الخدمات. وكانت وزارة الصحة وافقت على مطلب الترفيع في منحة المناظرات التي طالبت بها النقابة العامة كما وافقت على عشرات المطالب التي تقدم بها الأطباء الجامعيون للقيام بنشاط تكميلي خاص حسب الأمر الجديد الصادر في شهر جانفي الماضي والذي خفض من نسبة الخصم من الأجور لفائدة الأطباء الجامعين ( من 80 بالمائة إلى 20 بالمائة).

و قد سجل خلال الإضراب حرص من الأطباء على تأمين الخدمات الإستعجالية كما أكدت النقابة العامة على ضرورة تأمين تواصل الخدمات الصحية للمرضى على مدار 24 ساعة وضرورة توفير الخدمات للمرضى القادمين من الجهات البعيدة ومن ذوي الحاجيات الخصوصية على أساس أن الإضراب ليس موجها ضد المواطن وإنما من اجل تحقيق المطالب المشروعة التي تدعم بحد ذاتها القطاع الصحي العمومي. في حين واصل الأطباء الجامعيون في مختلف الكليات اجتماعات مجالس الأقسام التي تتواصل خلال هذا الأسبوع للإدلاء بنتائج الدورة الأولى لامتحانات كليات الطب علما بان الإضراب لم يمس النشاط الجامعي ونشاط التدريس والتأطير. وللتذكير فإنه أول إضراب من نوعه يخوضه القطاع منذ سنة 1991

(المصدر: صحيفة "الموقف" (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 411 بتاريخ 22 جوان 2007)

رابط العدد 411: http://www.pdp.org.tn/mawqif/411.pdf


تسريح العمّال بالجملة:

الشركة التونسيّة لصناعة الإطارات المطّاطيّة بمساكن مثالا

تونس في 20 جوان 2007

تعريف موجز:

الشركة المذكورة أعلاه مقرّها "مساكن".

مديرها: السيد قيس الهمامي وهو رئيس بلدية "مساكن".

النقابة الأساسية الموجودة بها أوقفت مؤقتا عن النشاط النقابي (انظر مراسلة المسؤول عن النظام الداخلي إلى الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بسوسة بتاريخ 08 جوان 2007)، هذا القرار حسب ما ورد بالفقرة الأخيرة من المراسلة المذكورة غير مرتبط بملفّ المفاوضات الإجتماعية وتسريح العمّال الذي يواصل قسم النظام الداخلي وبقية الأقسام المعنيّة متابعته على المستوى الوطني.

الإشكاليّة الحقيقيّة: طرد 208 عاملا من الشركة.

يروي بعض العمال المعتصمين بالمقرّ المركزي لإتحاد الشغل بطحاء محمّد علي – تونس:

البداية كانت من يوم 30 أفريل 2007، لقد كانت عمليّة الطرد باتفاق بين مدير الشركة من ناحية والنقابة الأساسية من ناحية أخرى، الطرفان اتّفقا على إخراج وطرد مجموعة 208 عاملا بدون علمهم ولا رغبتهم حتّى يخلو لهم الجوّ ليوظّفوا من يريدون من أقاربهم وجماعتهم.

على سبيل المثال وفي إطار الضغط على العمّال أجبر المدير الذي هو رئيس البلدية في نفس الوقت أحد العاملين بالشركة على الإمضاء على التزام (البلدية فتحت يوم أحد لهذا الغرض) يعمل بموجبه عمله هو الخاص وعمل 3 آخرين مطرودين.

أقدميّة المطرودين بين 8 و25 سنة عمل، أمّا أعمارهم فهي تتراوح بين 28 و48 سنة.

قرّرت الشركة تعويضات هزيلة للعمّال المسرّحين تتراوح بين 8 آلاف و20 ألف دينار كحدّ أقصى. مثلا أحد العمّال مكّنوه على الورق من 8 آلاف و700 دينارا ومن يدري كم يتسلّم منها، وهي لا تمثل الحدّ الأدنى من مستحقاته أمّا مدّة عمله في هذه الشركة فهي 9 سنوات.

التحرّكات:

1 – اعتصام في الإتحاد الجهوي للشغل بسوسة يوم 2 ماي 2007 دام أسبوعا بدون مبيت من الثامنة صباحا إلى الخامسة مساء.

2 – اعتصام في المعمل تخلّله إضراب جوع: من يوم 20 ماي إلى يوم 10 جوان 2007.

قام العمّال المعتصمون بإضراب جوع بالتداول 5 أيام ابتداء من 21 ماي 2007 ثمّ 5 أيام أخرى مع عمّال آخرين مباشرة بعدهم.

مدير الشركة اضطرّ هو أيضا إلى ملازمة مقرّ الشركة 3 أيام متتالية.

السلط المحلية والجهوية: المعتمد والوالي لم يحرّكا ساكنا (اتّجه العمّال إلى الولاية بعد انتهاء الإعتصام فتهرّب ولم يقابلهم).

منتهى المسؤولية والعناية بمشاغل الناس والبحث عن حلول لها!

3 – اعتصام بالمقرّ المركزي لإتحاد الشغل بطحاء محمّد علي يوم 5 جوان 2007.

كان جواب المسؤول عن النظام الداخلي: سنجيبكم ونجد لكم الحلول بعد 3 أيام ونحن لا نعمل تحت الضّغط، ولكنّه عمليّا لم يفعل شيئا.

رجعوا يوم 20 جوان للإعتصام مجدّدا في اتحاد الشغل وكلّهم عزم وإصرار (قرابة 50 عاملا) على مواصلة النضال من أجل ردّ الاعتبار إليهم ونيل حقوقهم.

أمّا مطالبهم فهي كالآتي:

المطالب:

إرجاعهم إلى سالف عملهم في الشركة.

إعطاء الرّاغبين منهم في التسريح طوعا لا قسرا كلّ مستحقاتهم المالية القانونية على آخر ملّيم وبدون تلكّؤ.

 

حالة انسانية :

هناك سيدة توفي زوجها منذ 10 سنوات وهو يعمل لحساب هذه الشركة، وقع انتدابها بعد وفاته ولها 4 أطفال في كفالتها منهما توأمان ولدا بعد وفاة أبيهما، وهي تكدّ من أجلهم ووضعيّتها العائلية جدّ صعبة، تطرد من العمل يوم عيد الشغل 2007 منتهى المسؤولية والإنسانية.

حتى زملاؤها في العمل تضامنوا معها بمبلغ 12 ألف دينار وصلها منها ألفا دينار فقط والبقيّة لا يعرف العمال أين ذهبت به نقابتهم الأساسية وكاتبها العامّ، وهذا ليس بغريب عنه بما أنه حليف مدير الشركة وهو ما يمكنه من امتيازات له ولجماعته. ولكنّ كاتب عام النقابة لم يكتف بذلك بل ضغط عليها لتمضي له على التزام تقول فيه بأنّه يصرف عليها وعلى عائلتها، لكنّها لم تفعل. 

مثال آخر ساطع على مسؤوليّة المدير:

هناك أحد العمال تحصّل على جائزة العامل المثالي سنة 2003 وجد نفسه من ضمن المطرودين.

(المصدر: "البديـل عاجل" عن موقع حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 23 جوان 2007)


 

تعذيب العقل 

أحمد الخميسي

منذ نحو أسبوع قرأت عن تعذيب المواطن التونسي وليد العوني تعذيبا أدى به إلي فقدان عقله أو حسب التعبير الرسمي فقدان مداركه ! وهو نوع من الحوادث يتكرر وقوعه على امتداد الخريطة العربية.هكذا ثمة شخص اسمه وليد أو عبد الله أو رشدي، طويل القامة ، أو قصير ، متزوج أو أعزب ، فقد عقله بالتعذيب إلي درجة أنه لم يعد قادرا على استيعاب أو قراءة أو فهم كل ما يكتب الآن دفاعا عنه . وليس فينا من لم يسمع عن التعذيب بشتى الطرق ، لكن معظم وسائل الجلادين تستهدف في العادة بدن الإنسان ، يديه ، صدره ، ذراعه . أما الوقائع التي تعذب العقل فإنها أقل شيوعا، لأنها تستلزم أحيانا قليلا من الخيال ، والحرفية ، التي لا وقت لها . وتعذيب العقل عمل شيطاني قديم ، تعرض لأحد فنونه الأديب الروسي الكبير فيودور دوستويفسكي في سيبيريا خلال اعتقاله ، حين كانوا يجبرونه على تقطيع كميات ضخمة من الشجر طيلة النهار ليلقي بها عند الغروب في مياه النهر. التعذيب هنا لا يتعلق بالجهد البدني الشاق المبذول ، التعذيب هنا يتجه إلي العقل مباشرة ، إلي تدمير الدعامة التي يقوم عليها وهي المنطق القائل بأن لكل عمل غاية ، وأن لحياتنا هدفا ، وأن لوجودنا وكدنا معنى . العقل يقول إنك إذا قطعت أشجارا طيلة النهار فذلك لأنك ستبني منها كوخا أو بيتا ، أما أن تعرق على قطع الأشجار لتلقي بأخشابها إلي النهر  فهذا يعني أن العالم لا يحتاج إلي العقل ، دمره إذن ، وارمه بعيدا ، لأن الوجود بلا منطق . وحينما يكون جهدك كله عبثا ، يغدو وجود العقل والمنطق مدعاة للسخرية ، والاستهزاء ، وتدوي في أذنيك أقوى فأقوى رسالة الجلادين : امسح عقلك ، لأنك لست بحاجة إليه ، لأنه لن ينفعك لا في تفسير العالم ولا في التحكم به . وقد اكتشف العلم الحديث أن القلب الذي نتغنى به في الشعر والروايات ليس أكثر من مضخة للدماء ، وأن العقل هو حصن التفكير والمشاعر والطموح . وحينما تعذب العقل أو تدمره ، فإنك تعذب وتحطم التكوين الإنساني المميز والبلورة الخاصة المشعة بكل أعماق وأبعاد الشخصية . واكتشف العلم الحديث أيضا أن الموت هو موت العقل ، إذ يمكن استبدال الساق أو الكلى بأخرى ، ووضع شريحة زجاجية في العين المعتمة لترى من جديد ، وتغيير صمامات القلب أو القلب بأكمله ، وزرع كبد ، ورئة ، لكن كل تلك المعجزات لا ترقي إلي المساس بالعقل الذي يجري مليارات من العمليات في أقل من ثانية والذي مازلنا لا نستخدم سوى جزء ضئيل من قدراته . في هذا السياق أتذكر كتابا للدكتور عبد المحسن صالح اسمه " ما هو الموت ؟ " . يقص فيه تجربة أجراها العلماء على كلب لمعرفة " ما هو الموت " ، فيقول إن العلماء فصلوا كل أعضاء الكلب عن جسمه واحتفظوا خلال ذلك برأسه فقط حيا منزوعا من البدن ، ثم قاموا عبر الأنابيب بضخ المحاليل والدماء إلي الرأس المنزوع ، ففتح الكلب عينيه ، وتعرف إلي صوت صاحبه وأخذ يلعق يديه. العقل إذن هو الذي يصون الحياة والوعي والذكريات والإرادة بل وقلق الحب وهواجسه الرقيقة. وقد تم تدمير عقل وليد العوني المواطن تونسي ، في ظروف ، تشبه الظروف التي يتم فيها تدمير عقل الكثيرين على امتداد الخريطة العربية وبقدر سجونها . يختلف الاسم ، والسن ، وسمك أبواب الزنازين ، واللهجات ، وبدانة الزوجة ، أو هزال الحبيبة ، ولكن ثمة دائما إنسانا يفقد عقله وحده خلف أبواب موصدة .
 لكن تعذيب العقل ونفي دوره لا يجري في السجون وحدها ، بل إنه يجري على نطاق المجتمع بأكمله أكثر بملايين المرات مما يتم وراء قضبان . وحينما تصبح الفوارق بين الدخول ضخمة إلي هذا الحد الذي نراه ، يعجز العقل عن تفسير ذلك ، وحينما يصبح من يحتكرون الحديد والأسمنت وغيره سادة المجتمع من دون عرق أو سبب ، بينما لا يساوى كدح الشرفاء شيئا ، وحينما يبنى البعض قصورا خيالية في طريق الإسماعيلية والبعض مازال ينام على الأرصفة، وحينما يبرز كل شخص عديم الكفاءة ليتحكم في شئون الثقافة، وحينما يصمت الأدباء ويتكلم أشباه الكتاب ، وحينما ، وحينما، وحينما ، فإن ذلك الواقع كله يصبح نوعا من التعذيب المستمر للعقل الذي لا يستطيع لا فهم ، ولا تفسير ، كل تلك المفارقات والفوارق ، تعذيب ينقل لٌٌلإنسان رسالة واحدة : امسح عقلك ، لست بحاجة إليه ، لأنه غير نافع لا في فهم العالم ولا في تفسير أحواله ولا في التحكم به .

***
 أحمد الخميسي . كاتب مصري
ahmad_alkhamisi@yahoo.com
 

الوضع الاقتصادي بتونس: أدوات للفهم!
 

تعقيبا على الأستاذ حبيب الرباعي

محمد النوري/باريس.
ردّا على التساؤلات القيمة التي طرحها الأستاذ حبيب الرباعي وفقه الله حول الوضع الاقتصادي التونسي ضمن مقاله الصادر بموقع الحوار نت ب وتونس اونلاين (1)، أحاول هنا شرح بعض الأفكار التي طرحتها في الحوار المذكور(2) رفعا لبعض الملابسات التي قد حصلت أو تحصل ساعيا إلى تلخيص تلك التساؤلات في النقاط الثلاث التالية: 

أولا: حول حقيقة الوضع الاقتصادي :

السؤال الاقتصادي، يقصد منه  ملامسة مستوى التطور الحاصل في هذا الجانب و حجم المكاسب والانجازات من جهة، ومن جهة ثانية، حقيقة المصاعب والمعضلات التي تلازم اقتصاد البلاد  منذ الاستقلال. أظن أن هذه مسألة لا تحتاج إلى مزيد من التوضيح باعتبار أنه لا يستطيع أي إنسان أن ينكر أن هناك انجازات ومكاسب اقتصادية واجتماعية حصلت خلال الخمسين سنة الماضية، كما لا يمكن لأحد بما في ذلك السلطة،إنكار المشكلات والتحديات العويصة التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة مثل البطالة والمديونية وضعف الاستثمار وتداعيات الشراكة والتبعية الغذائية وغيرها...   ! ولكن السؤال تدقيقا يكمن في المفارقة الحاصلة بين درجة هذه الانجازات وهذا التطور وعلاقته بالمشاكل والمعضلات الملازمة للوضع طيلة هذه الفترة.

ومن المعلوم، انه ليس هناك أي تضارب بين حصول التطور وارتفاع النمو في أي بلد كان ووجود مشاكل ومعضلات وحتى أزمة هيكلية وهذه حال جل أقطار العالم الثالث المسماة من باب التفاؤل دول نامية.
 فحتى أمريكا والقوى الاقتصادية الكبرى تعاني من مديونية ليس لها مثيل وبطالة متفاقمة ومعدلات فقر لا تحسد عليها ومع ذلك  فهي قادرة على إدارة الأزمة والتحكم في الأوضاع إلى حد كبير! ولكن الفرق بين هذه الدول الكبرى وأقطار صغيرة وناشئة مثل بلدنا أنهم  يمتلكون ترسانة ضخمة من الشركات والمؤسسات العملاقة التي يسيطرون من خلالها على العالم ويتحكمون بواسطتها في مصادر الثروة ومنابع المال. وبالتالي يستخدمون هذه المعضلات كآلية من آليات الهيمنة ومبررا أساسيا لامتصاص ثروات الآخرين! بينما تقع سائر البلدان النامية تحت سيطرة هذه القوى المهيمنة وتحت رحمة المؤسسات المالية التابعة لها!

فالمتأمل في مسار الاقتصاد السياسي للدولة التونسية وحصائل التجربة التنموية طيلة نصف قرن من الزمان،  ينتهي إلى ما يشبه المفارقة  التي تحتاج إلى التشخيص الدقيق والموضوعية في الحكم. هذه المفارقة تتمثل في حجم الجهود والموارد المبذولة من جهة واستعصاء الإقلاع الاقتصادي الحقيقي على الانجاز من جهة ثانية ، على عكس العديد من الدول الصاعدة الأخرى التي حققت انطلاقة سريعة وتفوقا اقتصاديا مذهلا في فترة قياسية جدا مرتكزة بالأساس على حيوية فائقة في الرأسمال البشري وبراعة في التنظيم الاقتصادي برغم الظروف الطبيعية السلبية وضآلة الثروات .

لقد تمكنت تونس ، خلال هذه الفترة، من تسجيل العديد من الايجابيات وتحقيق جملة من المكاسب، لا يمكن إغفالها، إذا ما قورنت بكثير من البلدان المجاورة والمماثلة في المنطقة العربية والإفريقية خصوصا. ولكن مع ذلك، يظل سؤال النهوض الفعلي قائما ويعتريه لغز حقيقي وملابسات واقعية! تونس تعتبر متقدمة عربيا وأفريقيا ولكنها لا تزال لم تقلع اقتصاديا مثل عديد البلدان التي نجحت في ذلك مثل تركيا وماليزيا  وبقية دول شرق آسيا!

وعندما نقارن على سبيل المثال بين تونس وماليزيا وهي مقارنة قريبة جدا من الصواب باعتبار تماثل الأوضاع بشكل عام والإمكانيات والثروة الطبيعية والسكان و تاريخ تحقيق الاستقلال وغيرها من المعطيات المتقاربة عند نقطة الانطلاق! نجد أن النتيجة متفاوتة جدا! فقد حققت ماليزيا قفزة حقيقية وتمكنت من إنجاز الإقلاع وهي على وشك الانضمام إلى صف الدول المتقدمة التي يمتلك اقتصادها مناعة ذاتية فعلية وفائضا ملحوظا في موازينها الاقتصادية.

فتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2001م رصد أهم 30 دولة مصدرة للتقنية العالية، كانت ماليزيا في المرتبة التاسعة متقدمة بذلك عن كل من ايطاليا والسويد والصين· كما كانت تجربتها متميزة في مواجهة أزمة جنوب شرق آسيا الشهيرة التي شهدها العالم سنة 1997م، حيث لم تعبأ بتحذيرات الصندوق والبنك الدوليين وأخذت تعالج أزمتها من خلال أجندة وطنية فرضت من خلالها قيوداً صارمة على سياستها النقدية، معطية البنك المركزي صلاحيات واسعة لتنفيذ ما يراه لصالح مواجهة هروب النقد الأجنبي إلى الخارج، واستجلب حصيلة الصادرات بالنقد الأجنبي إلى الداخل وأصبحت عصا التهميش التي يرفعها الصندوق والبنك الدوليين في وجه من يريد أن يخرج عن الدوائر المرسومة بلا فاعلية في مواجهة ماليزيا التي خرجت من كبوتها المالية أكثر قوة خلال عامين فقط،لتواصل مسيرة التنمية بشروطها الوطنية.
  بينما الناظر لمؤشراتنا الاقتصادية يجدها في أغلبها بالأحمر: فهناك عجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات والميزان الغذائي وهناك بطالة مستفحلة وظاهرة تداين فردي ملفتة!
فهل يجدر بمن دخل حلبة السباق النظر إلى الأمام وتسريع الخطوات وتحسين النتيجة؟ أم يجب الالتفات إلى الوراء والاكتفاء والافتخار بأي موقع يتجاوز المتخلّفين؟ هذا هو وضعنا تقريبا اليوم. هناك انجازات حصلت فعلا قياسا بالآخرين وهي تعتبر هامة مقارنة بهم ولكن لا يجب أن تكون هذه الانجازات النسبية بمثابة الشجرة التي تحجب غابة المشاكل الأخرى التي يعاني منها الفرد والمجتمع في آن واحد.

ثانيا: علاقة السياسي بالاقتصادي:
لا أحد يدعو إلى فصل الاقتصادي عن السياسي. حتى علماء الاقتصاد المعاصر تراجعوا عن هذه الفكرة التي ثبت خطأها في الواقع. الذي أقصده هو عدم توظيف الاقتصادي لأغراض سياسية أو بالتحديد سياسوية بمعنى النظر للوضع الاقتصادي بخلفية حزبية وتطويع المعطى أو جزء منه لتمرير مواقف سياسية لا تصب بالضرورة في مصلحة البلاد العليا وبعيدة كل البعد عن الحقيقة والموضوعية! فالمطلوب الفصل بين التحليل الاقتصادي والتوظيف السياسي للأطراف المتنازعة. وهنا نأتي إلى السؤال( من يوظف المؤشرات الاقتصادية لصالحه، ويقوم بتعبئة الرأي العام حوله باستمرار لتثبيت موقعه.. السلطة أم المعارضة؟) والجواب كل من موقعه! وكل حسب قدرته على التوظيف.
صحيح ليس هناك تكافؤ فرص بين الأطراف ولكن هذا أدعى لتحري الموضوعية والصدق والعدل في توصيف الواقع وعدم الوقوع في منهج التهويل والمبالغة. وهذه حجة إضافية يمكن استخدامها للمحاججة والمعارضة المسؤولة.
لم نقل أن السلطة أو أطراف فيها لا توظف المعطيات الاقتصادية لصالحها ! ولكن الكثير ينقد السلطة وهو مطلوب ولكن يجب أن يكون ذلك بموضوعية وبالنظر إلى الكأس بنصفيه الفارغ والمملوء! الايجابي والسلبي! وإلا فقد النقد كل مصداقية ولم يعد يساهم في البناء.! هذا هو الإشكال: غياب الموضوعية والمصداقية في الخطاب! والقليل القليل من يقبل النقد من المعارضة!

ثالثا: الموقف السياسي المطلوب:

الخطاب المتوازن والمسؤول والمعتدل . التشخيص الدقيق والفهم العميق للأوضاع دون استسلام أو تهور ! قوة المعارضة في اعتدالها وواقعيتها فهو أكثر إحراجا وأنجع للإقناع! الاستبداد مرض عضال منتشر لدى الكل سلطة ومعارضة ! وبالتالي تحتاج المعالجة إلى مشروع طويل النفس وشامل لكل الأبعاد.

وللتدليل حتى تتضح الأمور أكثر أسوق المثال التالي.فبالمثال يتضح الحال كما يقال!
حضرت مناسبتين حول الوضع السياسي والاجتماعي بتونس.  الأولى منذ سنوات بالعاصمة البريطانية وحضرها العديد من الشخصيات الوطنية في المعارضة والسلطة. ويبدو أن ممثل السلطة آنذاك لم يكن على علم دقيق بالجهة الحقيقية التي أعدت للمناسبة ولذلك قبل المشاركة! المهم أن كل طرف سياسي قدم عرضا وافيا عن الوضع بالبلاد كما يراه وتحليلا للمستقبل من وجهة نظره. ولما جاء دور ممثل السلطة بدأ يسرد قراءة تاريخ البلاد قبل التحول وكيف كان في حالة كارثية ومظلما بشكل لم تعهده تونس إطلاقا على جميع المستويات وكيف تحولت البلاد منذ السابع من نوفمبر إلى جنة اقتصادية يغبطها الجميع على ذلك والى واحة سياسية بأتم معنى الكلمة تحترم فيها الحريات والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك.......!!! وكان الجميع في القاعة في حالة تململ وانزعاج  مما دفع بأحد المشاركين على المنصة( وهو السيد أحمد بن صالح الوزير السابق في عهد بورقيبة) لينتفض غاضبا وأخذ يصيح في وجه المتكلم ويقول :بالله عليكم! لم نعد نريد أي شيئا ! لا نريد حرية ولا ديمقراطية ولا تعددية ولا حقوق الإنسان ولا أي شيء! نريد شيئا واحدا وهو:قليلا من الحياء!! قليلا من الحياء!! قليلا من الحياء!!
المناسبة الثانية كانت منذ يومين فقط وهي  أيضا عبارة عن ندوة  للمعارضة في باريس بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية وحضرها ابرز رموز المعارضة وتحدث الجميع عن حصيلة الخمسين سنة  وكانت كل المداخلات عبارة عن نظرة سوداوية مظلمة لا توجد فيها حسنة واحدة ! تاريخ البلاد كله أظلم أسود على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها! وهو ولا شك غير صحيح! النظرة الموضوعية تقتضي ذكر بعض المكاسب ولو كانت ضئيلة من وجهة نظر المعنيين ونقد الجوانب السلبية والإخفاقات دون تردد! أليس هذا أقرب إلى الصواب والعدل ! ولذلك لا غرابة أن ينصرف الناس عن حضور مثل هذه المناسبات السياسوية التي لم تفلح في زحزحة الأمور منذ عشرات السنين!

محمد النوري.

ملاحظة ختامية: بدوري لم أفهم المقصود من حشر الآيات الكريمة في نهاية المقال؟ إذا كان لمجرد التذكير فقد حصل وجزآك الله كل الخير! ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزلل ! ويرزقنا الاستقامة والإخلاص جميعا .وإذا كان الأمر  شيئا آخر فالله يتولى السرائر!.
_______________________________________
 هوامش:
(1) أنظر مقال حبيب الرباعي  بعنوان : المنشور في موقع الحوا رنت  و تونس أنلاين بتاريخ 19/06/2007
(2) راجع حوار مع محمد النوري الصادر بالحقائق الدولية وجريدة الموقف التونسية  بتاريخ /  8 – 6 – 2007
 
(المصدر: موقع  تونس أنلاين بتاريخ  23 جوان 2007)

الهجرة السرية
أوروبا توصد أبوابها والأفارقة لا ييأسون من العبور إليها رغم آلام الطريق
 

هندة العرفاوي

ليست الهجرة هي سبب أزمات إفريقيا وإنما هي نتيجة لمجموعة كبيرة من الأزمات الداخلية، ولسياق ونظام عالمي مهيمن يريد أن يلقي على هذه الظاهرة جميع أخطائه. إن الهجرة السرية هي نتيجة لتحديات اجتماعية وديمغرافية كما هي نتيجة للبطالة بالأساس.
إن السياق العالمي الذي تطرح فيه قضية الهجرة هي العولمة وما يطلق عليه تسمية "الحرب على الإرهاب" بعد أحداث 11 سبتمبر.
تتهم الهجرة بكونها تغذي شبكات الإرهاب الدولي والعنف والتطرف. ومن هذا المنطلق يمكن عدها قضية عالمية. ففي إطار العولمة وانفتاح الحدود (نعم للبضاعة ولا للبشر) والخوف من الإسلام، خصوصا بعد أحداث نيويورك ومدريد ولندن لعبت الدول الغربية لعبة الإقصاء والخوف من الآخر الذي تصورته بالضرورة يستبطن المكائد ضد حضارتها وقيمها ونمط حياتها، ومن هنا محاربة الهجرة التي هي سلوك إنساني مواكب لنشوء وتطور الحضارات.
 أما على المستوى الوطني التونسي فان القضية تطرح على أساس مجموعة من الاعتبارات منها اندماج الشباب، الاندماج المهني والتشغيل، مكافحة التهميش...
الاندماج يقتضي مراجعة النظام التربوي إذ أن الفشل المدرسي أصبح آلة لتفريخ أشخاص مرشحين للهجرة السرية. ومن بين أعراض غياب الإدماج المدرسي فنجد الانقطاع المبكر عن الدراسة، وصعوبة استيعاب طلبات السوق الوطني للشغل وخصوصا صعوبة استيعاب طلبات خريجي التعليم العالي كما أن من بين القضايا التي تطرح تدني مستوى التعليم وعدم مواكبته لطلبات السوق التونسية أو السوق العالمية.
تغيير التركيبة العمرية للسكان حيث أن فئات مابين 15 و29 تمثل أكثر من ربع السكان (2.753.440 شاب يقعون في هذه الفئة العمرية).
كما أن تونس مطالبة منذ 2004 بان تستجيب لأكثر من 80 ألف مطلب شغل في أقصى الحالات لا تستطيع أن توفر إلا الثلث. حيث انه يذكر تقدم 54 ألف شاب للكاباس لم يقع استيعاب إلا 3 آلاف ومائة فرد فقط هذا دون اعتبار أعداد الحاملين لشهادة الباكالوريا زائد سنتين فما فوق...
أما على المستوى الثقافي فيجب الإشارة إلى تراجع قيمة المعرفة والعلم التي لم يعد لها دور المصعد الاجتماعي كما أن تمثلات الناس لها لم تعد تكتسي نفس الأهمية.
انتشار ثقافة الهروب باعتبار أنها الحل الوحيد للخروج من المأزق وهذا دليل على فشل المؤسسات الاجتماعية التي لم تعد تتحمل دور المعدل الاجتماعي للسلوك والمواقف..

تونس ممر القادمين مهاجري مختلف المناطق الإفريقية
يذكر الصيادون في الكثير من المناطق الساحلية وفي الجنوب خاصة من جرجيس إلى رأس جدير أعداد الجثث التي يلقيها البحر إلى الساحل لأشخاص لم ينجحوا في العبور فالتهمهم البحر و ألقى بهم  دون هوية ولا وطن. كما أن بعض الصيادين يحتفظ بمقتنيات ألقى بها الساحل من أدباش أراد أصحابها الاصليون أن يتزودوا بها في الطريق فكتب لها أن تعيش أطول منهم.
لقد أصبحت تونس منطقة لاستقبال المهاجرين من سنة 1998 إلى سنة 2004 وبلغ عدد الذين استعملوا الأراضي التونسية للاجتياز 2624 أجنبيا، وهذا الرقم هو عدد العمليات التي أحبطت دون ذكر عدد الذين نجحوا في اجتياز مرحلة العبور بسلام أو الذين سقطوا في الطريق. وهذا العدد يشمل مغاربة ومصريين ورومانيين وليبريين وسيراليونيين وسنغال وموريتانيين وطوغوليين... هؤلاء يدخلون تونس في غالب الأحيان بطرق شرعية، ينطلقون من منطقة تونس الكبرى والسواحل الشمالية والشمالية الشرقية أو من منطقة الساحل الكبير: المهدية، سوسة، المنستير وصفاقس، وبالأخص ومنذ 2005 أصبحوا ينطلقون من مناطق الجنوب لقربها من السواحل الليبية.
أما فئة الشباب التي أحصيت ضمن المقدمين على هذه المغامرة فتبلغ أعمارها بين 16 و30 سنة وكثر في الآونة الأخيرة عدد النساء والأطفال القصر الذين يعبرون الأهوال إما عبر المحيط الأطلسي، عبر جزر الكنارين للوصول إلى أسبانيا أو عبر البحر الأبيض المتوسط وبالأساس انطلاقا من السواحل الليبية أو التونسية للوصول إلى السواحل الإيطالية.
كما تذكر الإحصائيات الرسمية انه ألقي القبض، ما بين 1997 و2002 على 11.260 شخصا. هذا العدد ليس سوى رقم تقديري لعدد الذين نجحوا في الاجتياز أو عدد الذين ألقى بهم البحر جثثا هامدة في سواحل غريبة وتكفل غرباء بدفنهم في أماكن متفرقة. فكم هو العدد الحقيقي للذين نجحوا في العبور؟ وكم مات منهم في البحر؟ حسب إحصائيات الجمعية المغربية لضحايا وأصدقاء الهجرة التهم البحر ما بين 1997 و  2004  نحو 34.500 شخص ويذكر التقرير حالات موثقة ومنشورة بالأسماء.

أسباب هذه الهجرة ودوافعها الكامنة؟
حين اخذ الكلمة "قي ريدر" رئيس الكنفدرالية العالمية للشغل الذي حضر المؤتمر الأخير للاتحاد العام التونسي للشغل كان من أهم القضايا التي تحدث عنها، على أساس أنها مشكلة تتعرض إلى مبدإ أساسي في الحياة وهو حق الانتقال من مكان إلى مكان وحرية التنقل للعيش بمكان آخر حين يضيق العيش على الإنسان في موطنه. هذا مبدأ في الحياة والا تحولت الأوطان إلى سجون.
موضوع الهجرة، كما يطرح في الغرب، حيث يعد احد أسباب التطرف والإرهاب، ساهم بدوره في صعود التطرف والكره للآخر. وقد دعا النقابات إلى النظر إلى المسالة بمنطق الهجرة الاختيارية بالنسبة إلى الأشخاص الذين ليس لديهم حل آخر للهروب من الفقر والاضطهاد. وهو حال البلدان الإفريقية جمعاء.
الطريقة التي يقدم بها الإعلام الغربي المسالة تبرزها وكأنها نشاط مستقل عن بعده التاريخي أو الإنساني كما أنها تساهم في تشكيل الأفكار المسبقة على اعتبار أنها هاجس يقض مضجعهم إلى جانب الإرهاب. الطريقة التي عمدت الدول الأوروبية إذن للتعامل بها مع القضية تتمحور حول مجموعة من الأنشطة استخدام دبلوماسية نشطة، اجراء مفاوضات وحضور مكثف على السواحل ووضع حواجزعلى الطرق ومحاصرة القارة الإفريقية. إن الحق في الهجرة هو حق تكفله مواثيق حقوق الإنسان لسنة 1948. ولا مبرر للسلوكات المستخدمة الآن في الدول الأوروبية من استخدام للقوة والترهيب والمعاملة البوليسية الانتقائية مع هذه الفئة.
تقسم القارة الإفريقية جيوستراتيجيا إلى ستة مناطق كبرى المغرب، منطقة الأحواض الكبرى، غرب إفريقيا وسط إفريقيا وإفريقيا الجنوبية. والقارة الإفريقية تخضع مثلها مثل بقية القارات إلى منطق اللامساواة في توزيع الثروات والإمكانيات. فالمناطق التي تتمركز فيها الثروات هي منطقة الأحواض الكبرى وإفريقيا الوسطى والجنوبية. ومن ضمن هذه المناطق تعد إفريقيا الوسطى المنطقة التي تزخر أكثر من غيرها بالموارد والثروات. وبالطبع يكثر الإقبال عليها فبالإضافة إلى وفرة المياه حيث أنها تعد من أغنى المناطق في العالم بهذه الثروة تزخر هذه المنطقة بالنفط والمعادن الثمينة واليورانيوم والغابات.. وهي ثروات بالطبع أسالت لعاب الدول الكبرى التي لم تنفك عن استغلالها منذ أن اكتشفتها. ولكن المفارقة تكمن في أن هذه المنطقة التي تزخر بالثروات هي المنطقة الأقل ديناميكية على جميع المستويات: غياب الفاعلية في مختلف هياكل الإدماج الإقليمي، غياب سياسات نيرة تعمل على تكوين الكفاءات المختصة، تراجع مستمر لمستوى المعيشة، ضعف في البنية التحتية... ولكن يجب ألا ننسى أن هذه القارة استنزفتها قوتان استعماريتان تقاسمتا السيطرة على هذه القارة وهما فرنسا وانقلترا. ولا يزال للمطامع الاستعمارية دور كبير في استمرار حالة التبعية في إفريقيا من خلال اللعب على ورقة الأنظمة السياسية والانقلابات العسكرية وتأجيج الصراعات العرقية والطائفية. ولا أدل على ذلك مما حصل في روندا وفي سيراليون وفي ساحل العاج وغيرها... ودعمها لأنظمة مهترئة في الكامرون وإفريقيا الوسطى والكونغو والغابون فهذا البلد مثلا يرزح تحت حكم شمولي وديكتاتوري لا يزال قائما منذ قرابة الأربعين سنة لرئيس يمسك بدفة الحكم ويعمل على استمرار وضع التبعية السياسية والاقتصادية لفرنسا من خلال إجهاض أية محاولة لتطوير البلاد فهذا البلد المصدر للنفط ولليورانيوم والخشب والذي لا يفوق عدد سكانه المليون على مساحة تفوق 260 كم2. لا يتجاوز الأمل في الحياة فيه الأربعين سنة وتكثر فيه عدد وفيات الأطفال والأمراض وتنعدم فيها مقومات الحياة العصرية والبنية الأساسية..
 يفر الأفارقة من بلدانهم التي تزخر بالثروات بحثا على لقمة عيش تكتسب بالشقاء وبركوب الخطر لان الوضع في بلدانهم اشق من الضياع في البحر ومن الدفن في أماكن مجهولة. وكأن هذا لايكفي فها إن ساركوزي وقد ضاق به الحال من الأجانب الذين ساهموا ولا يزالوا في نهضة فرنسا يرى انه لا بد من إيقاف سيل الهجرة، ليس بإغلاق الباب دفعة واحدة، فهذا غير منطقي، بل هو ينادي بالهجرة الانتقائية فبعد إفراغ إفريقيا من ثرواتها لا بد من إفراغها من طاقاتها أيضا والعقول التي يمكن أن تنهض بها.
إذن أهم المشاكل في إفريقيا ابتزازها من الشركات متعددة الجنسيات ومن الحكومات التي تستغل التعدد العرقي الكبير بين سكانها والنقص في الكفاءات وغياب استراتيجيات تنموية واضحة وضبابية الرؤية التي تكرسها أنظمة فاسدة تتواطأ مع الأجنبي لابتزاز ثروات بلادها مقابل بقائها في السلطة وغض الحكومات الغربية الطرف عن الانتهاكات لحقوق الإنسان والفساد المالي واحتكار الثروة بأيدي قلة قليلة وهيمنة العسكر.. مقابل الامتيازات التي تمنح لها حتى يتضخم ميزان دفوعاتها ويعيش الإنسان في الغرب في مستوى أعلى بكثير من الإنسان الإفريقي ويصبح الحلم بالغرب وبالتمتع بمستوى الحياة هذا الذي تبرزه شاشات التلفزة التي تعتبر نافذة على العالم تبرز مدى التفاوت بين مستوى الحياة بين الشمال والجنوب ويشتد الوعي لدى إنسان الجنوب بجدارته أيضا أن يعيش حياة لا تقل إنسانية عما يراه من نافذة تلفازه. وبحكم أن واقعه مرير وان التجارب أثبتت فشل أي محاولة للتغيير لأنها ستواجه بنزيف من الدم تباركه القوى الغربية إن كان يخدم مصالحها وتضخم من خطورته إعلاميا إن أرادت أن تبتز القائم به. وهكذا تستمر الحالة الضبابية في الجنوب رغم الستون مليار التي تكرمت بها مجموعة الثمانية في الاجتماع الأخير لها في ألمانيا لمقاومة الأمراض في إفريقيا للتكفير عما تقوم به من استنزاف لهذه القارة. ولا زالت الخطوات باتجاه الاستنزاف مستمرة خصوصا بعد أن اكتشفت الولايات المتحدة أن الكثير من الولائم مرت دون أن تشارك فيها وها هي قادمة لكي تحارب الإرهاب في الصومال وفي القرن الإفريقي وفي دارفور وفي غرب إفريقيا بعد أن اكتشفت مخزونات كبيرة وهامة للنفط فيها، و كيف تستمر في هيمنتها وفي تفوقها إن لم تهيمن على منابع الثروة في العالم؟
 فشل سياسة محاربة الهجرة السرية
لا ينسى الحقوقيون والمتابعون لقضايا الهجرة ما وقع في شهر سبتمبر من سنة 2005 حين عمدت السلطات الأسبانية إلى إطلاق الرصاص الحي على عدد من المهاجرين الذين حاولوا تسلق الحواجز المقامة بين سبتة وملليلة فقتل 11 شخصا من هؤلاء المهاجرين وأصيب العشرات وقد شدت من يومها قضية الهجرة السرية الأنظار إليها واكتشف العالم البون الشاسع بين الشمال والجنوب. ومن يومها كثف المسئولون الأوروبيون اتصالاتهم من اجل إيقاف هذا الزحف وحاولوا حينها استخدام مسالة الحصص من العملة الأجنبية فبدؤوا الحديث عن الهجرة المنتقاة وساوموا الدول التي تنطلق منها هذه الهجرة حتى تلعب دور الشرطي وكثفوا دورياتهم على سواحل ايطاليا وأسبانيا وبدؤوا برصد المناطق التي يمر عبرها المهاجرون وفي هذا الصدد لا ننسى الاتفاق الذي وقع في كوتونو بالبينين سنة 2000 بين بروكسيل ومجموعة دول الساحل الكراييبي والمحيط الهادي. وأقيمت ندوات مشتركة في الرباط وليبيا حول هذه المسالة.
وهذه الاتفاقية تمت مراجعتها سنة 2005 و بموجبها تتعهد كل من دول هذه المجموعة باسترجاع مهاجريها بطرق غير شرعية من أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي. كما أنشئت وكالة أوروبية "فرون تاكس" تتكفل بمراقبة سواحل جزر الكناري والسواحل الجنوبية لايطاليا ومالطا. هذه السياسة أثبتت فشلها وهذا ما صرح به يوم 29 ماي 2007 الناطق الرسمي باسم المكلف بالعدالة والشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي متحدثا عن الفشل الأخلاقي لان جميع الإجراءات التي اتخذت جعلت من الدول المصدرة للمهاجرين سجانة لشعوبها.

 المصدر: الطريق الجديد عدد 61 - جوان 2007

عـــجيب (1)

في حواره مع موقع "مغاربية" الممول من قبل وزارة الدفاع الأمريكية حول مشروع بعث جمعية الدفاع عن اللائكية   انكر سفيان بن حميدة الربط بين اللائكية و الالحاد و ذلك على ما يبدو خوفا من ان ينقلب السحر على الساحر. ويكفي أن نسال سفيان هل من باب الصدفة أن  العديد من مؤسسي هذه الجمعية اقروا و أعلنوا أكثر من مرة عن إلحادهم و يفتخرون بذلك و يدافعون عن خيارهم ذاك. فهل هذا من باب الصدفة أو سوء الحظ. اسألوا رجاء بن سلامة ولسعد الجموسي وفتحي بالحاج يحيى وغيرهم هل ما زال الدين عندهم أفيونا للشعوب أو فولكلورا كما أعلنوا ذلك على الملأ. واسألوا الزغيدي والشريف هل ما زال الله عندهم غير مؤهل للتشريع لقرن العشرين لهؤلاء وأولئك كفى تسترا بالشعارات واكشفوا بكل شجاعة عن نيتكم استئصال  الدين من المجتمع ولن تفلحوا وكفى سذاجة واستبلاها أو خداعا للشعب
فإذا  كنتم أنتم اللائكيون تدعون فقط إلى فصل الدين عن الدولة كما ذكرتم فلماذا هذا الاهتمام الكبير والتحامل العنيف والهجوم الممنهج على كل ما هو تشريع إسلامي مقدس لدى كافة الشعب التونسي  وبالرغم من أنكم تدعون أنه شخصي بالنسبة لكم ولماذا هذا وتتفننون في وصفه بالتخلف والرجعية؟  أهذا هو مفهومكم لفصل الدين عن الدولة لقد فهم شعبنا بالفعل والممارسة موقفكم هذا فلا تحاولوا ستر سوءاتكم بورقات التوت الصفراء المتآكلة والمتساقطة

عـــجيب (2)
 
عجيب امر هذا الرجل؟ المسمى خالد شوكات فبعد تخصصه في لعب دور محدد وفي تسديد  سهامه لقيادة حركة النهضة و استعمال كل الأساليب التي تنم على حقد شخصي واضح معها و على توتر هستيري أفقده الرصانة و العقل مثل وصفه الركيك لها في آخر مقال له ببضاعة بائرة لا تصلح في سوق –هكذا-  إلى جانب مصطلحات مزرية  لا تنم  للاتزان و الموضوعية بأي صلة وكأن مهمته الصحفية تنحصر في محاولة شق  صفوفها وشن حملات محمومة بدون كلل أو ملل لتأليب قواعدها عليها،  حتى رأيناه في آخر مقال له "ماذا بقي من حركة النهضة"   المشحون بالغضب و اليأس و الإحباط و التشنج  يتخبط في حالة من الإحباط  والأسى نتيجة إحساسه بالفشل في الوصول إلى مبتغاه بالرغم من الطاقات والأوقات الكثيرة المهدرة في هذا الإطار بدون تحقيق أي نتيجة تشفي غليله و تروى عطش ثأره و نقمته،  فالتجأ في هذا المقال إلى توجيه سهامه هذه المرة إلى كل قواعد و كوادر النهضة الذين خيبوا ظنّه و لم يتجاوبوا مع دعوته بالانسلاخ  و الخروج عن الحركة أو حتى الدخول في صراع ومساجلات مع  القيادة استهداف الحركة في وحدتها وإشغالها عن أداء دورها.
إنه يدعي أنه  يتمنى لو يخرج حتى رجل رشيد واحد  من صلب حركة النهضة و يقوم بما قام به  بنكيران في المغرب  و اردوغان في تركيا والذين أسسا حسب رأيه العدالة و التنمية على أنقاض الحركة الاسلامية التقليدية و هنا يبدو أن الرجل نسي أو ربما تناسى في كنف التشنج و الارتباك الذي حرر فيه مقاله ذلك شيئين نذكره بهما وهما:
1- إن العدالة و التنمية في المغرب تصنف نفسها ضمن الحركات ذات المرجعية الإسلامية و التوجه الفكري الذي تنتمى له حركة النهضة في نظرتها للديمقراطية و الحداثة الغير المغشوشة.
2- لقد أنكر شوكات في مقالات سابقة اعتماد الاحزاب على المرجعية الاسلامية و دعا الى العلمانية التي لا تتعارض و لا تواجه هوية الأمة  و حكم على تلك الاحزاب بالفشل لا محالة  وها هو يرضى بها هذه المرة  ويدعو انصار النهضة للخروج عنها ومحاولة انشاء حتى حزب على شاكلة حزب العدالة و التنمية   وهو الذي لا يختلف في فكره ومرجعيته عن النهضة وهو يعلم ذلك خلال هجومه السابق على الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية والتشكيك في نجاحها  ويبدو أن مشكلته والمهم لديه هو أن يتحقق أمله ويشفى غليله وتندثر أمام عينيه حركة النهضة حتى ولو قامت على أنقاضها نهضة أخرى ولكن بدون قيادة الغنوشي.

مراقب من الداخل
 

 
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

الحلقة الثانية   
الذكرى الخمسين لتونسة الادارة الجهوية
سلك الولاة والمعتمدين
 
بقلم محمد العروسي الهاني
 
تونس في 22-6-2006
تعميقا للفائدة أعيد نشر الحلقة الثانية في الذكرى الخمسين و شكرا
أواصل على بركة الله الحديث عن الذكرى الخمسين لتونسة الادارة الجهوية بوزارة الداخلية.
سلك الولاة والمعتمدين
وبعد الحديث في الحلقة الاولى حول تونسة السلك يوم 23 جوان 1956 ومساهمة السلك في بناء دعائم الدولة العصرية واركان الجمهورية التونسية وتطوير الادارة الجهوية والمحلية بفضل رجال خلص رجال خلص .
رجال أوفياء شرفوا النظام والوطن في أحلك الظروف
فمنهم من قضى نحبه امثال السادة محمد محسن – محمد بالمين- محمد الحبيب – محمد الحبيب التونسي – محمد بن عمارة – احمد باللونة – عبد الحميد بالقاضي – عبد السلام غديرة – الهادي المبروك – المنصف بلخيرية – صالح عياش – أحمد الخبثاني – الناصر بن جعفر – ارشيد بدري – محسن بلعلجية – البشير بلاغه – سالم بم حجل- الطاهر عبد الكافي – المنجي الفقيه- محمد بسباس وعبد السلام بن عمار والامين القادري رحمهم الله .
مواقف خالدة وبصمات لا تمحى
ان الرسالة السامية والامانة العظمى تصنع رجال بررة ووفاء منقطع النظير ، وقد تذكرت حادثة حصلت عام 1957 حيث خاطب السيد الطيب المهيري وزير الداخلية خاطب السيد علي المرزوقي معتمد تالة انذاك أن يهنيه على شخص تحت الرقابة وهو أجنبي . فما كان من اخونا المرزوقي الا أن تخلص من الخصم نهائيا  وبعد فترة طلب السيد وزير الداخلية من المعتمد إعادة الامانة فقال له "يا سي الطيب ماني هنيتك عليه" فهم الوزير على الرمش الحكاية وقال المناضل الدستوري "وطنه فوق كل اعتبار. ."
قال والي لمعتمد "انت والله معتمد طيب ناجح لكن ارجوك وانت تستعد للنقلة الى ولاية اخرى ارجوك ان تترك 3 عيوب ، الاولى الحماس للانتماء لحزب التحرير – ثانيا التواضع ومحبة المواطنين – ثالثا سرعة العمل الميداني حتى انك دبلت على الوالي – فابتسم المعتمد الذكي لسخافة كلام الوالي وقال في نفسه لو كان هذا الوالي متخرج من المدرسة الوطنية الدستورية ما كان يقول مثل هذا الكلام . والحمد الله هذا الوالي لم يعمر طويلا وعمل في ولاية واحدة وكان النظام يتابع ويقيم ويدقق أعمال كل شخص وهذا ما حصل أيضا مع زميله في ولاية أخرى قال الوالي رئيس المعتمد كلمة في غير محلها "اخدم الوالي وحافظ على خبزتك" واجاب المعتمد المتشبع بالروح الوطنية "فعلا اخدم بلادي وشعبي ووطني أما الخبزة فقد تكفل بها خالق الكون رب العزة ".
العناية بالاحياء من اوكد الواجبات الوطنية والاخلاقية
في ذاكرتنا الوطنية رجال بررة قدموا خدمات جليلة للوطن وللنظام وللدولة الوطنية ومنهم من تحمل أمانة ومسؤولية في سلك الولاة والمعتمدين وتحملوا ما تحملوا من أنواع التضحية والنضال ورابطوا وصبروا واخلصوا للوطن وهم اليوم في خريف العمر ولا بد من العناية  بهم وزيارتهم ورفع معنوياتهم الادبية والعناية والرعاية لوضعهم الصحي من اوكد الواجبات واذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر السادة محرز بالامين الذي تحمل مسؤوليات عديدة في الحزب والادارة الجهوية وكان واليا بالوطن القبلي وصفاقس وهو الان تجاوز الثمانين سنة والمناضل الهادي عطية الذي ناضل طويلا في سلك الولاة وهو الان في حالة صحية تتطلب العناية والرعاية  والمناضل عمر شاشية الذي كما اشرت قضى 13 سنة على رأس الولاية وهو الان في حالة صحية تتطلب مزيد العناية والدعم.
وفي سلك المعتمدين نذكر الاخ عمر الزغلامي الذي ناضل في السلك طويلا وهو في وضعية اجتماعية حرجة وانجاله في حالة بطالة ومرض . ونذكر اخونا عبد العزيز السهيلي الذي له وضعية خاصة تتعلق بالتقاعد وهناك اشكالية يجب مساعدته على حلها ، ونذكر أخونا الكبير المناضل حسين العبيدي معتمد ساقية سيدي يوسف عام 1958 والفواجع والالام التي حصلت له يوم 8 فيفري 1958 أثناء الاعتداء الغاشم على ساقية سيدي يوسف عام 1958 من طرف الجيش الفرنسي وقوى الاستعمار الغاشم . هذا المعتمد الذي كان عام 1958 في سن الثلاثين يستحق اليوم التكريم والتتويج والتوسيم والعناية وهو بحق مناضل صامت لا يتكلم لانه من الرجال البررة . وكذلك نذكر أخونا العزيز محمد شعبان الذي ضحى بشبابه منذ عام 1950 في حضيرة الحزب مع والده المناضل محمد القيش بن شعبان وعمل بعدها في سلك المعتمدين طيلة 22 سنة وكان مثال المناضل الدستوري الوفي وقد اصبح معتمد أول طيلة 10 أعوام وكان مثال في الصمود والصبر والالتزام .وأخيرا أذكر أخونا الفاضل محمد البشير الزائر الذي عرفته عام 1958 في تطاوين وهو معتمد في سن 27 سنة يتقد حماسا وذكاء . وقد أكرمنا في سبتمبر 1958 عندما كنا في الشبيبة الدستورية وشاركنا في ملتقى الشباب الدستوري بولاية قابس وزرنا رماده ومكان المعركة بواد  دكوك آنذاك هذا المناضل يستحق العناية الادبية هذه عينة فقط على سبيل الذكر .
ذكريات لا تمحى
ان العمل في سلك الولاة والمعتمدين له نكهة خاصة ولذة وطعام من نوع راقي . لذة وطعم النضال اليومي والعمل الميداني والاتصال المباشر الشعبي ومعرفة الرجال وفي ميدان العمل ساحة واسعة وعمل لا حدود له وعلاقات لا مثيل لها في المجالات الاخرى ...
وقد ترسخت هذه الذكريات التي لن تمحى من الذاكرة الشعبية بحلوها ومرها وبراحتها وتعبها وبسرورها وفواجعها . تمت المرحلة وحصلت التجربة ... وبقت الذكريات والجزاء الأوفر عند الله خالق الكون ... هو القادر على الجزاء وهو الاعلم بالمؤمنين الصادقين وهو العادل يوم لا ينفع مال ولا بنون ...
تطوير المفهوم للاختيار ولمقاييس النجاح في الخطة
إن السلك هام وعتيد والعمل كما أسلفت له طعم خاص ولذة ولكن يجب تطوير مفهوم وشروط الاختيار وضبط مقاييس النجاح في السلك وكم من مسؤولا في السلك على غاية من الاخلاق والتواضع والنضافة والوطنية والاستقامة والنشاط والذكاء والسمعة في الجهة التي يعمل فيها والرضاء التام . ولكن لم يعجب المسؤول ولم يعمر طويلا في المكان والزمان ... وكم من صنف آخر له خصوصيات أخرى وألوان مختلفة يبقى وأحيانا يكون محظوظا حتى في المكان والزمان. وهذا الامر يجب مزيد التركيز عليه لدعم الجانب الهام من العدالة وتطوير مفهوم الاختيار وضبط المقاييس التي لا تتأثر بالمناخ والمزاج والعلاقات ... واعتقد أن هذا الشرط الاساسي لتطوير النظرة للسلك العتيد وبعد 50 عاما على تونسة الادارة الجهوية لا بد من الاخذ بعين الاعتبار لهذه الملاحظة الهامة التي بدونها تبقى نقاط كبرى لها دلالات واشارات من باب الاخلاق الاحتفاظ بها والتركيز مستقبلا على تطوير المفهوم والعقليات والمقاييس بأكثر دقة وعدل بعيدا عن العاطفة والاصغاء باذن واحدة دون الاصغاء بالحاسة الثانية وبدون تعليق. الحلقة الثالثة ان شاء الله إذا كان في العمر عيشة .
قال الله تعالى:"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " صدق الله العظيم.

الخاتمة النصيحة من الدين

نصيحتي حسب التجربة المتواضعة وبعد حماسا مفرطا وسرعة مذهلة وعملا جبارا ليلا نهارا حتى بعضهم كان يقول اليك الساعة الواحدة والنصف ليلا تصبح على خير . ويقول لك الساعة الخامسة صباحا صباح الخير وقال بعضهم دمه من الكهرباء ... نصيحتي أن لا تكون خطيبا مؤثرا يحسدك على فصاحتك ولا تكن ناشطا كثيرا فيغيرون منك ولا تسرع في 150 في الساعة فالحفر كثيرة والمخاطر أمامك وقد قال والي رصين ناجح ووطني صادق جزاه الله خير الجزاء ومتعه بالصحة والعافية قال للمعتمدين في مناسبة وطنية ان من تخلفت مشاريعه ولم ينجزها وتعطلت أعماله سوف أكلف زميله بمركز الولاية لمساعدته على الانجاز والسرعة وشبه ذلك بمثال أضحك الجميع ولا فائدة في ذكره يعرفه أهالي الكاف في مشاريع تشغيل الشباب والقضاء على المساكن البدائية الاكواخ.
النصيحة التي أسوقها لاخواني خوفا من الحاسدين واشفاقا على المخلصين وتقديرا للعاملين والمثل يقول "اسهل لمجرب ..." والله ولي التوفيق وللحديث بقية ان كان في العمر عشية الحلقة الثالثة ان شاء الله.

قال تعالى:" فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري الى الله إن الله بصير بالعباد". صدق الله العظيم
محمد العروسي الهاني 
مناضل دستوري تونسي
 
 

مجموعات عربية وأجنبية مهتمة بتخصيص الهاتف الأرضي ... شركات ألمانية وفرنسية تنقل مصانعها إلى تونس
 

تونس – سميرة الصدفي     الحياة    
أفاد مسؤولون في مجموعة «فولكسفاغن» الألمانية للسيارات بأنها تعتزم إقامة مصانع في تونس، لتعزيز موقعها في السوق المغاربية.
وأشار عضو مجلس إدارة «فولكسفاغن»، مايكل كارن، في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس على هامش «معرض تونس للسيارات»، أن «تونس تأتي في مقدم البلدان المرشّحة لاحتضان وحدات إنتاج سيارات المجموعة، في إطار خطة لنقل مصانعها تدريجاً إلى بلدان خارجية». وأفاد مدير عام شركة «بورش» الألمانية، دلتيف فون بلاتن، أن مركزاً خاصاً لـ «بورش» سيفتتح في تونس قبل نهاية عام 2008، موضحاً أن العمل على تنفيذه جارٍ منذ مدّة بعدما حققت سوق السيارات المحلية نمواً قدّر بـ 6 في المئة.
من جهة أخرى، نقلت المجموعة الفرنسية «دمارتكس» المتخصصة بتصنيع الألبسة قسماً من مصانعها إلى تونس، في خطوة لاستكمال الانتقال إلى ضفة البحر المتوسط الجنوبية ، بسبب ارتفاع كلفة العمال والتأمينات الاجتماعية في أوروبا.
وأشار مسؤولون في مجموعة «كوبولد» الألمانية المتخصصة بتصنيع أجهزة الرقابة الهندسية والمناخية في حديث، إلى أن المجموعة استكملت نقل قسم من أعمالها إلى تونس، في إطار خطة الانتقال إلى ضفة البحر المتوسط الجنوبية.
وأكملت مجموعة «جالات» الفرنسية، المتخصصة بتصنيع أحذية الشغل وأحذية الأمان ومعدات الوقاية، نقل القسم الأكبر من نشاطها إلى مصنعيها في مدينتي منزل جميل ومنزل بورقيبة شمال تونس، وأكدت أنها ستنقل مركزها الرئيس إلى تونس، ما يؤدي إلى إلغاء 285 فرصة عمل من 336 في مركزها في فرنسا.
كما افتتحت شركة «كورتيكس» الفرنسية، المتخصصة بإنشاء مواقع على شبكة الإنترنت، فرعاً في تـــونــس لإقـــامة شبـــكة من الفروع في الضفة الجنوبية للمتوسط، لكن مسؤولين فيها أوضحوا أنها ستحافظ على مركزها الرئيس في ضاحية ميرينياك الفرنسية، وستنشئ مبنى حديثاً هناك.
وأبدت مجموعات دولية عدّة اهتمــامها بالاستــثمار في المشاريع التي وضعتها تونس ضمن أهداف خطة التنمية الحادية عشرة التي يبدأ تنفــيذها السنة المقبلة.
وأظهرت مجموعات عربية ودولية في «منتدى قرطاج للاستثمار»، الذي انتهى أمس وشارك فيه 200 مستثمر عربي وأجنبي، اهتماماً خاصاً بمشروع تخصيص شبكة الهواتف الأرضية ومشروع إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في مدينة غنوش الساحلية (جنوب) بقوة 450 ميغاوات كلفتها 250 مليون دولار، فيما تسعى مجموعات أخرى الى الحصول على حصص في مشروع إقامة مطار دولي جديد في منطقة النفيضة (100 كيلومتر في جنوب العاصمة تونس) باستثمارات قُدرت بـ200  مليون دولار، فازت بها مجموعة تركية.
ووفقاً لتقرير أعدته الخارجية الأميركية عن الفرص المتاحة للاستثمار الأميركي في المنطقة، تسعى مجموعات صناعية وخدماتية عدّة الى الدخول إلى السوق التونسية، في مقدمها «جنرال موتورز» و»فورد» للسيارات، لتصنيع قطع غيار كهربائية وإلكترونية محلياً. وتُعتبر الاستثمارات الأميركية في البلد ضئيلة حتى الآن، إذ تقتصر على 32 مجموعة كبيرة على رأسها مصرف «سيتي بنك» و»إكسن موبيل» النفطية و»سارا لي» و»مايكروسوفت» و»فايزر» و»هيولت باكارد».
وفي هذا السياق، أعلنت مجموعة الاستثمار الأميركية «كولوني كابتل» أنها باتت تملك غالبية الأسهم في فرع مجموعة «تام أويل» الليبية في تونس.
وأنهى رئيس مجموعة «بريتش غاز»، روبرت ويلسون أمس، زيارة إلى تونس هدفت إلى درس آفاق تطوير مشاريع لها في البلاد. وأفاد بعد لقاء جمعه مع الرئيس التونسي زين الدين بن علي بأن مجموعته تعهدت إنجاز استثمارات بـ 1.3 بليون دولار في تطوير حقول الغاز في سواحل مدينة صفاقس (جنوب)، بخاصة حقل «صدربعل» .
وأظهرت إحصاءات رسمية تونسية أن البلد استقطب 4.4 بليون دينار تونسي (3.3 بليون دولار) من الاستثمارات الأجنبية في السنة الماضية، ما يُعتبر رقماً قياسياً. إلا أن خبراء عزوا الارتفاع الاستثنائي لحجم الاستثمارات إلى إيرادات تخصيص شركة «الاتصالات الوطنية» الذي كانت حصيلته 3.6 بليون دينار تونسي (3 بلايين دولار)، إضافة الى تكثيف عمليات استكشاف النفط في البلد وتطوير حقول قديمة. إذ استقطب قطاع الطاقة استثمارات بلغت 952 مليون دينار (740 مليون دولار).
 
(المصدر: صحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 جوان 2007)
 


القادة الفلسطينيون... أهذا هو تحرير الأوطان؟

عيد بن مسعود الجهني      الحياة    
كانت حرب الأيام الستة نقطة تحول في تاريخ النظام العربي، فالهزيمة جمعت أطراف العرب تحت مظلة واحدة في مؤتمر الخرطوم الشهير عام 1967، وبرزت النخوة والنجدة والأخوة العربية في أروع معانيها. تناسى العرب الجراح والخلافات والضغائن فقد وحدتهم هجمة العدو الصهيوني ومرارة الهزيمة، فكان تلاحمهم عنواناً لنصر آت.
لقد أكرمني الله فرأيت ما بدل مرارة هزيمة 1967 ومسح ذل الانكسار عن نفسي تلك الهزيمة وذلك الانكسار الذي جرعه لأمتنا العدو الحاقد مستغلاً تشتتها وتناحرها وعدم جديتها في الدفاع عن الحق.
كنت وقتها طالباً في كلية حقوق القاهرة لدراسة الليسانس فرأيت خط بارليف وهو يتحطم أمام القوة المصرية ونقل الإعلام صوراً خصوصاً عن القنيطرة السورية وهي في طريقها إلى التحرير بمساندة عربية خصوصاً من السعودية، ثم شاهدنا المنظر الرائع عندما زار الملك فيصل رحمه الله القناة والقنيطرة المحررتين.
كان سلاح النفط الذي أشهرته القيادة السعودية آنذاك سلاحاً ماضياً في حسم المعركة، وكان الإجماع العربي على منازلة العدو المتعالي بقوته ضربة معلم أصابت الهدف في موقع موجع وهذا نتاج قوة الأمة عندما تتوحد! وكنا نتوقع ان يستفيد العرب من الدروس ويعرفوا ان قوتهم في وحدتهم ولكن المؤسف المحزن ان العقد بدأ ينفرط وعادت الدول العربية إلى ما كانت عليه من تشتت وتفرق بل وعداء بعد استعادة مصر لأراضيها التي خرجت من رحم انتصار 1973 على العدو الصهيوني.
وانقسم العرب بين مؤيد ومعارض، وانتقلت الجامعة العربية إلى تونس ليؤكد هذا الانتقال ان الخلاف لم يعد مجرد كلام بل أصبح فعلاً، ولتصبح الجامعة العربية التي أقيمت لتوحد الكلمة وتلم الشمل سلاحاً يستعمل لتمزيق جسد الأمة.
وتوالت النكبات والكوارث على الأمة المتشتتة وهانت في عين العدو فلم يعد يكترث إذا أراد العدوان على بلد عربي ومن ذلك اعتداءاته على لبنان فاحتل بيروت في خضم الضياع العربي عام 1982 ثم شن حرباً أخرى على ذلك البلد 1996 ثم كان عدوانه المدمر الصيف الماضي على بلاد الارز.
وفي فلسطين أخذت الدولة العبرية تصول وتجول على ساقين من ضعفنا وقوتها، فبعد ابتلاعها كل الأراضي الفلسطينية عام 1967 ألحقت ذلك بإعلانها القدس عاصمة لها، وأخذت تعربد في فلسطين كما تشاء قتلاً وتشريداً وتدميراً وحبساً، فراح نتيجة اعتداءاتها آلاف القتلى وأفرزت تلك الاعتداءات الآلاف من الجرحى والمعوقين ودمر العدو بحقده البنية التحتية تدميراً شاملاً عن قصد وسوء نية وامتلأت سجون العدو بأكثر من 11 ألف فلسطيني.
وانطلاقاً من الإحساس بضعفنا وتفرقنا وقفت إسرائيل في وجه كل جهود ومبادرات السلام بدءاً من اتفاق أوسلو وانتهاء بخريطة الطريق التي اشترط المجرم اولمرت تعديل أربعة عشر بنداً لقبولها، وهذا يعني رفض خريطة الطريق جملة وتفصيلاً وبالعناد والعنجهية ذاتها رفضت إسرائيل المبادرة العربية للسلام فور إعلانها عام 2002!
كان المتوقع لمواجهة هذا الجبروت وهذه الاعتداءات وذلك الصلف والقهر ان تتحد أيدي الشعب الفلسطيني وتتوحد صفوفه لنزع الحق المغتصب من العدو ووقف اعتداءاته وبطشه ولكن - واحسرتاه - نجد الأشقاء الفلسطينيين في «حماس» و «فتح» وقد دخلوا في صراع محموم على السلطة.
اشتعلت نار الحرب بين رفاق السلاح، فالرصاصة التي كان يجب ان توجه إلى صدر العدو توجه اليوم إلى صدر الفلسطيني، والدماء التي كان يجب ان تحقن ليوم لقاء العدو سفكت بيد من كان يجب ان يكون سنداً وعوناً في ذلك اليوم، والهاونات والدانات التي كان يجب ان توجه إلى مستعمرات العدو وتقلق منامه، وجهت إلى منازل الأهل فدمرتها على رؤوسهم والى المدارس والمستشفيات والمصالح التي بنيت بمال الشعب الفلسطيني وجهده، وكأنهم يقولون (بيدي لا بيد عمر) ويصدق عليهم قول القرآن عن اليهود (يخربون بيوتهم بأيديهم)، وإذا كان اليهود خربوا بيوتهم لهدف ومصلحة فلأي هدف وأية غاية يخرب الفلسطينيون بيوتهم؟
ماذا نقول عن هذه المأساة الا حسبنا الله ونعم الوكيل فقد ألجمتنا الصدمة فلا ندري ما نقول، وان كان من قول فنقول للاخوة الفلسطينيين: لقد أحزنتم قلوبنا، نحن المسلمين والعرب - وملأتم صدورنا حسرة وجرعتمونا كأس التهمام أنفاساً، ونقول لهم لقد أفرحتم العدو وأثلجتم صدره وأقررتم عينه، تحاربون نيابة عنه، وتحققون أهدافه بلا جهد منه ولا عرق.
ان صراع الفرقاء في فلسطين يذكرنا بصراع السجناء في الأفلام حين تضيق بهم الحال او حين تريد مجموعة ان تفرض إرادتها على مجموعة أخرى، ففلسطين في الحقيقة ما هي إلا سجن كبير جلاده ومساجينه الشعب الفلسطيني كله.
صحيح ان ابو مازن واسماعيل هنية احدهما الرئيس الفلسطيني والآخر رئيس للوزراء الذي جاءت به الانتخابات الحرة، لكن الاثنين ومعهما الوزراء والنواب كلهم سجناء مع الشعب الفلسطيني داخل صندوق كبير مفتاحه بيد إسرائيل لا يخرج منه او يدخل اليه أحد، ابو مازن او غيره الا بإشارة إسرائيلية!
ومع هذا السجن الخبيث والسيادة الغائبة في ظل الاحتلال اللعين يصر الفلسطينيون على خلق سجون أخرى داخل السجن الكبير من صنعهم لحبس أهلهم واهانتهم وإذلالهم! حدث هذا ونقلته وسائل الإعلام، فكيف لهم ان يخاطبوا بل ويقنعوا أبناء جلدتهم بالكفاح والتحرير؟!
هل لنا ان نسأل الاخوة في فلسطين لماذا ينهكون أنفسهم قتالاً؟ أعلى فتات السلطة الوهمية التي خدعهم بها العدو؟! ان هذا الشعب الذي عاش معاناة لم يسبقها إليه شعب آخر في التاريخ الحديث، كان يجب ان يحكم قادته العقل والحكمة، ويعتصموا قبل كل شيء بحبل الله المتين (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
ولكن بدلاً من ذلك تصر رموزه على التفرق والتشرذم والتشتت اقتتالاً على السلطة، لتهدر حقوق شعب بأكمله، منه من يرزح تحت احتلال عنصري لم يعرف له التاريخ مثيلاً، ومنهم من هم في الشتات يتلهفون إلى العودة فاذا بهم يرون إخوانهم يقتتلون على السلطة الناقصة! فأين العقل وأين الوطنية التي يشق بها بعضهم حناجره ويرفعها شعاراً؟
أهذا هو الكفاح المسلح ضد العدو؟ أهذا هو تحرير الأوطان؟ أهذا هو الطريق لتحرير القدس السليبة؟ ما لكم كيف تحكمون؟ ان تحرير الأرض وإعادة الحق ورفع الغبن ودحر الظلم يعني مجاهدة من اغتصب الأرض وقتل الأبرياء وانتهك الأعراض واحتل القدس وليس الاقتتال على السلطة!
صحيح ان هناك فساداً متغلغلاً في شرايين النظام السياسي الفلسطيني. هذه حقيقة لا نستطيع إنكارها، وان الفساد اذا استشرى يهدد كيان الدول والمجتمعات والمنظمات التي تنشد التحرير لأوطانها، وهذه ايضاً حقيقة لا جدال فيها، لكن الفساد لا يصلح أمره بالخناجر والسكاكين والبنادق والرشاشات، وانما بقطع دابر الفساد والمفسدين بالتعاون الجاد على اقصائهم عن مناصبهم وتسليط الضوء على أفعالهم وانتهاكاتهم أمام وسائل الإعلام والرقابات المشروعة وسن القوانين الصارمة! ولا يخلو مجتمع او دولة من فساد ولكن هل من الحكمة القضاء عليه أو الحد منه بحمل السلاح الذي هو أسوأ من الفساد!
ونسأل المتقاتلين كيف للأشقاء الفلسطينيين الذين تبلغ نسبة الفقر بينهم نحو 76 في المئة ان يستقبلوا تنازع اخوانهم على السلطة بحد السيف ليزيدوهم فقراً وعوزاً، بدلاً من ان يكونوا عوناً وظهيراً.
ونقول لهم ان التاريخ الذي سجل ان إسرائيل أهدرت دماء الفلسطينيين على مدى نحو 60 عاماً من دون نصير ولا مجيب لصرخاتهم، هو التاريخ نفسه الذي سيسجل ان الفلسطينيين ذبحوا بعضهم بعضاً وقتلوا بعضهم بعضاً وأعانوا العدو على أنفسهم.
أليس لكم أيها الاخوة في أحداث التاريخ عظة وعبرة؟ ألم تروا ان الجزائر لم تشم رائحة الحرية ولم تنل الاستقلال الا بعد ان قدمت مليون شهيد من أغلى أبنائها وبناتها؟ وانها بذلك وحدها دحرت فرنسا التي كانت تعتبر الجزائر (فرنسا جديدة) وعلى القيادات الفلسطينية فهم الدرس والاستمرار في تقديم الثمن، وبعد الفوز والتحرير فلكل حادث حديث.‍‍ ‍‍
أمنية عزيزة ودعوة صادقة للاخوة في فلسطين، حكموا العقل واتركوا الكراهية واتركوا التنازع والتصارع على سلطة ناقصة، واعملوا على إصلاح البيت قبل ان تتهاوى كل أعمدته، فينهار على رؤوس الجميع.
ودعوة إلى الإخوة عباس وخالد مشعل وهنية، تذكروا القسم الذي أقسمتموه في رحاب مكة قرب المسجد الحرام على العمل سوياً من اجل مصلحة البلاد والعباد في فلسطين، فكان اتفاق مكة الشهير مفتاح الحلول وصانع حكومة الوحدة الوطنية.
وعليكم بالوحدة عضوا عليها بالنواجذ ومن دونها فان قارب الرموز الفلسطينية سيغرق في محيط الصراعات والاغتيالات والكوارث والنكبات والأحداث الجسام التي ستعيد القضية الفلسطينية برمتها إلى المربع الأول وتقود البلاد إلى الهاوية.
والنصيحة بيضاء ناصعة عضوا بالنواجذ على مبادرة السلام العربية التي اجمع عليها العرب في قمة بيروت والرياض كخيار استراتيجي لحل الصراع العربي - الإسرائيلي.
وإذا كان العرب حزموا أمرهم وللمرة الأولى في تاريخهم المليء بالهزات وخيبات الأمل واجمعوا على مبادرة سلام تعيد للفلسطينيين حقوقهم المغتصبة، فعلى الجانب الفلسطيني الوقوف صفاً واحداً مع اخوانهم العرب والمسلمين ليكون الجميع سداً منيعاً ضد أي عدوان غاشم، أما إذا أبيتم إلا الاقتتال فخير لكم ان تسلموا أسلحتكم إلى إسرائيل وتعيشوا تحت سلطتها وهي النتيجة الحتمية لاقتتالكم فاختصروا الوقت!
مفكر سعودي - رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية
 

(المصدر: صحيفة "الحياة" (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 جوان 2007)

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم
إضاءات حول بعض أحكام المرأة في الإسلام

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

إلى الدكتورة سلوى الشرفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من أي موقع تكتبين يا أختي الكريمة وبنت بلدي؟ هل الإسلام أرضية مشتركة بيني وبينك، أم هناك معطيات أخرى تستحق منك المزيد من الإيضاح؟
إذا كان الإسلام أرضية مشتركة بيني وبينك، فإنك تعلمين مثل ما أعلم، أن القرآن كلام الله عز وجل وهديه للناس أجمعين ودستور السعادة في الدنيا والآخرة للإنسان في كل زمان ومكان.
وتعلمين أيضا، أن قدوة كل مسلمة ومسلم، ومثلنا الأعلى جميعا، هو خاتم النبيين، داعية التوحيد والعدالة والسلام والحرية ومكارم الأخلاق ومحرر المرأة، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

ليس هناك ما أتهرب من عرضه وشرحه من تعاليم الإسلام. إن كرامتي، وسعادتي في الحياة، وسعادتي التي أتطلع إليها في الآخرة، من تعاليم هذا الدين السامي وهديه. هذا ليس حالي وحدي. هذا حال عموم التونسيين، وحال ألف وخمس مائة مليون مسلم تقريبا في كل أنحاء الدنيا.

ما أريده فقط هو أن نتحدث حول ديننا، بعيدا عن عقد الإيديولوجيات المتطرفة. الكراهية تعمي الأبصار. التعصب يذهب قابلية النظر العلمي في أي موضوع من الموضوعات. وقد قدمت لك أدلة كثيرة تبين أن نصوصك مسكونة بمشاعر الكراهية، وتعكس حالة من التعصب الشديد إزاء الإسلام وأحكامه وعلمائه.

أخشى أنك لم تتحرري بعد من آثار المرحلة الإيديولويجة المتطرفة ولم تكسري قيود التعصب بعد. أرجوك، أن تحاولي أكثر، وأن لا تسمحي لأجواء السجال بيننا أن تقودك إلى المزيد من التعصب.
دكتورة سلوى: من قدوة المسلمين والمسلمات جميعا، تعلمت أن العلاقة الصحيحة بين الرجل والمرأة، أو بين الزوج والزوجة تحديدا، هي العلاقة القائمة على الحب الصادق والإحترام العميق، وعلى تنافس الطرفين في إسعاد بعضهما البعض.
المودة والرحمة، كما يبين القرآن الكريم هما الركنان الأساسيان العظيمان للعلاقة الزوجية. وهما تحيلان وجوبا، بحكم اللغة الظاهر، إلى مفردات الحب، والتبجيل، والتضامن، والإحترام، والتجاوز والعفو عندما يصدر الخطأ أو التجاوز من الطرف الآخر، وعدم التفكير في أبغض الحلال عند الله، أي الطلاق، وحماية الأسرة لأنها الخلية الأهم للمجتمع، ورعاية الأطفال إذا كان للزوجين أطفال، بالحب والمودة والرحمة.
"خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". هكذا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، والمسلمين والناس أجمعين. وهو لم يضرب زوجة من زوجاته قط. وأنا على مذهبه ومنهجه. وأدعو كل المسلمين ليسيروا على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم. أنا على مذهب الحب والشراكة الكاملة بين الرجل والمرأة، وأقول إن المسلم إذا أكرمه الله بزوجة صالحة تحبه ويحبها فإنه يهبها حياته كلها إذا اقتضى الأمر، وليس فقط حقوقها الكاملة المكفولة لها بالشريعة والقانون.
الأحكام الإستثنائية للحالات الإستثنائية فقط، وهي لم ترد في القرآن الكريم بقصد دعوة المسلمين ليعيشوا حياتهم في آوضاع استثنائية. إذا تحرر الباحث من قيود الإيديولوجيات المتطرفة، فسيدرك بسهولة ويسر، أن الأحكام التي شرعها القرآن الكريم للحياة الطبيعية للمسلمين، تصب كلها في تأكيد المساواة بين الرجل والمرأة، أمام الله وأمام الناس، وتدعو لإقامة العلاقة الزوجية على الحب والمودة والرحمة، وحفظ الحقوق الشخصية والمالية والسياسية للطرفين على قدم المساواة.

القرآن الكريم، يضرب المثل الصالح لكل المسلمين، وللرجال المسلمين بوجه خاص، بامرأتين.
وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين. ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين. (سورة التحريم 11-12)


وأنا أعلن لأختي الدكتورة سلوى الشرفي أنني أبذل ما في وسعي للإقتداء بهاتين السيديتين العظيميتن. وأقول في قلبي، وبلساني، وقلبي: اللهم اجعلني من المقتفين لدرب زوجة فرعون ومريم ابنة عمران، وأدخلني معهما في جنات النعيم.

جوهر الموضوع إذن هو الروح التي تتعاطين بها مع الموضوع، ومع الإسلام بشكل عام. ولإثراء النقاش حول المسائل التي أشرت إليها في ردك الأخير، لإثراء النقاش لا أكثر، أضع أمامك، وأمام طلابك في المدارس التونسية، وأمام كل المهتمين بأحكام المرأة في الإسلام، هذه المقالة التي كتبها سفير ألمانيا السابق في المغرب، وتطرق فيها لكل المسائل التي أشرت إليها يا دكتورة سلوى.

أرجوك أن تلاحظي الفرق الهائل بين الروح التي يتعاطى بها هذا الكاتب الألماني المسلم مع الموضوع والنبرة الحدية المتعصبة في مقالاتك أنت حول ذات الموضوع. ولاحظي أيضا، أن الدكتور هوفمان نسب كل التحفظات حول موقف الإسلام من المرأة إلى الغربيين.

لاشك أنه لو أتيحت له الفرصة لقراءة مقالاتك، لاعترف على رؤوس الأشهاد بأن الغربيين أكثر اعتدالا وأكثر إنصافا منك، ومن قلة قليلة من المتعصبين المتشددين في تونس يوافقونك الرأي، ولخصّك أنت وإياهم بحديثه كله.

مع فائق تحياتي. وهذا هو المقال:
متساوو الحقوق أم سواسية؟
 
 
د. مراد هوفمان
تحدثنا سورة آل عمران في الآية 36 أن أم مريم قالت بعد ولادتها: «فَلَمَّا وَضَعَتْها قَالَتْ رَبّ إِنّي وَضَعْتُها أُنثَى وَاللّهُ أعلمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وإنّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وإني أُعيِذُها بِكَ وذُرّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيمِ».

يوجه القرآن بهذه الآية كل النقاش والخلافات التي تدور حول علاقة الجنسين الرجل والمرأة الى جوهر الخلاف. الرجل والمرأة، المرأة والرجل، هل هما مجرد متساوو الحقوق أم هل هما متماثلان حتى يمكن أن يُساوي بينهما أمام القانون؟
إنني أعي تماماً أن هذا التساؤل غير مقبول سياسياً في أوربا، وكذلك في أمريكا. فمجرد الرغبة في البحث عن فوارق واختلافات محتملة بين الجنسين تتعدى الاختلافات البيولوجية، غير مرغوب فيه أيديولوجيا.

لقد اكتسب الإسلام سمعة سيئة فيما يخص موقفه من المرأة، حتى بات الناس يعدونه دينا معادياً للمرأة - ليس بدون ذنب على ما أعتقد - وهذه السمعة السيئة ترمي بظلالها على جميع المحاولات للتوصل الى تفاهم أفضل بين الغرب والشرق.

هذا الموضوع ومناقشته يدلان مراراً وتكراراً على حقيقة ثابتة، وهي نقص المعلومات عن الإسلام لدى الغربيين، بل ووجود الكثير من المعلومات المغلوطة عنه. فأحياناً يتساءل أحدهم بجدية تامة: هل يعتقد الإسلام أن للمرأة روحاً؟ وهل يسمح لها بالحج الى مكة؟ وهل يمكن أن تدخل المرأة الجنة؟ وينعقد لسان المسلم من الدهشة فلا يرد جواباً.

وهذا دليل ومؤشر على أن مستقبل الإسلام في الغرب لايتوقف فقط على موقفه وفهم الغرب لهذا الموقف من موضوعات كحقوق الانسان والديمقراطية، بل هناك كذلك موضوع «المرأة».
وتظهر شحنة العواطف التي تختفي وراء هذا السؤال بشكل واسع النطاق، خاصة إذا اختزلت في نقاط هامشية، مثل ارتداء الحجاب. هذا الأمر - غطاء الرأس هذا - يمكن أن يصيب بعض الدول في صميمها إذا أعلوا من شأنه وجعلوه رمزاً وحملوه أكثر مما يحتمل حتى يصير أيقونة إسلامية.

-2-

لا تكذب الإحصائيات عندما توضح أن الأمهات، وكثيراً من الآباء يفضلون الأبناء الذكور على البنات.
ويصور القرآن تفضيل الذكور على الإناث بشكل جمالي بليغ في سورة النحل الآيتين 58و59: «وإذا بُشّرَ أَحَدُهُم بالأُنثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْودّاً وهوَ كَظيمٌ{58} يَتَوارى مِنَ القومِ من سوءِ ما بُشّر بهِ أيُمْسِكُهُ على هونٍ أمْ يَدُسُّهُ في التُّرابِ الا ساءَ ما يَحْكُمُون}.
ثم يحرِّم القرآن وأد البنات بكلمات غاية في القوة في سورة التكوير الآيتين 8و9: {وإذا الْمَوُءودَةُ سُئِلَتْ {8} بِأَيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ}... وينطبق هذا على المولودة، وغير المولودة، أي الجنين في رحم أمه.

فإذا كان وأد الأنثى من الأمور الشائعة عند العرب قبل الإسلام لظروف الفقر والحاجة، فإن عمليات القتل المنظمة للأجنة من الإناث قد شهد ت وسعاً هائلاً، خاصة منذ أن استطاع الطب أن يحدد نوع الجنين بواسطة الموجات فوق الصوتية، في دول مثل الصين، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وباكستان، والهند. وتستطيع أن تقرأ في العيادات الطبية التي تقوم بإجراء عمليات الإجهاض. هذا الاعلان: «ادفع 500 روبية ووفر50000». المبلغ الأخير يدفعه الأب ليجهز ابنته للزواج. ولقد أدى هذا الأمر الى نقص حوالي 100 مليون أنثى في آسيا (هذا الرقم تقديري). أما في الصين فنسبة مواليد الذكور 100 بالنسبة ل 85 من الإناث.

وحتى اذا ما حالف الحظ هذه الأجنة من الإناث وسمح لهن بأن يرين النور، فإن النساء معرضات منذ الأزل وفي أنحاء العالم كافة للاظطهاد وسوء المعاملة. ومن ينكر أن يكون هذا الأمر في الغرب، فإنه يغفل ويغمض عينيه عامداً عن حقائق كثيرة. كل هذا الاظطهاد والظلم وسوء المعاملة له أسباب مختلفة، منها أسباب ذات طبيعة نفسية، واجتماعية، وثقافية، وحضارية وكذلك اقتصادية.

ويظن المسلمون الأمريكيون - ذوو الأصول الشرقية وغيرها - أنه من الضروري أن يراجع الرجال المسلمون موقفهم من المرأة، فهم يهدفون الى فصل الجوهر في الاسلام عن القشور، وتصحيح صورة الاسلام حتى لاينزعج الناس منه ويعرضون عنه.
يتحدث فتحي عثمان بصراحة في هذا الشأن: «لقد اعتدنا أن نؤمن بأن المرأة خلقت للأسرة وللقيام على شئونها ورعاية الأطفال فقط. ولكن ليس هناك سند واحد في القرآن والسنة يعضد هذا الرأي. فتقسيم العمل هذا إنما هو نتاج خبرة اجتماعية. ولكن هذه الخبرة ذات التاريخ الطويل والراسخة في أذهان الناس لا تعني بالضرورة أننا نتعامل هنا مع أحد قوانين الطبيعة أو مع حكم من أحكام الله في الإسلام».

-3-

لقد اتسمت صورة المرأة في الإسلام بالإيجابية، نظرا لأن القرآن لم يلصق بحواء صفة الغواية، مما كان له عظيم الأثر نفسيا في اضفاء صفة الإيجابية على المرأة. كما أن القرآن لا يذكر أنه عاقب حواء على غوايتها لآدم بأن كتب عليها عقوبة الحمل، أي حمل الجنين في رحمها. فالقرآن يصف الذنب الذي ارتكبه كل من آدم وحواء على أنه فعل مشترك أدى بأن ينزل كلاهما من الجنة الى الارض. وتختلف هذه الصورة تماما عن الموروث اليهودي - المسيحي والذي يحمل المرأة ذنوبا شتى، مما أدى الى أن تدان المرأة حتى تكاد تتساوى مع الشيطان في الفكر المسيحي بدءاً من بولس الرسول وحتى أواخر القرون الوسطى - حرق الساحرات أعظم الأدلة - وحتى أول العصر الحديث.
                                     
أما بالنسبة لموضوع الجنس - فنستطيع أن نقول إن الاسلام استطاع أن يحدد ويحافظ على موقف إيجابي وغير مضطرب من الجنس، وهذا يختلف تماما عن المسيحية، دون أن نتطرق الى تفصيلات هذا الموقف الذي يتأرجح ما بين البيوريتانية والانفلات الجنسي. وتأكيدا لاحترام القرآن اللمرأة، فإنه يذكر أمثلة ونماذج ايجابية كثير للمرأة مثل: ملكة سبأ، أم موسى، زوجة فرعون، مريم وأمها.

أما علاقة الزواج بين الرجل والمرأة، فيتم وصفها في القران - وفق المعايير الحديثة - بشكل إيجابي حتى وإن لم يكن الزواج عقدا مقدسا . ففي سورة الروم الآية 21 يقول الله عزوجل: {وَجَعَل بَيْنَكُم مَّوَدّة وَرَحمةً». وفي سورة البقرة الآية 187 عن الزوجات: {هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن}.
                                             
ولايدل هذا القول على علاقة تحكمها القوى، يكون أحد أطرافها متسيدا الطرف الآخر - ولايدل بأي شكل على سلطة رجالية - بل هي علاقة مشاركة يأخذ فيها كل طرف الطرف الآخر في حسبانه ويراعيه.

وبالفعل فالمؤمنون والمؤمنات مصدر فرحة بعضهم لبعض كما ورد في سورة التوبة الآية 71: {وَالْمُؤمِنُونَ وَالْمُؤمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ...}.

ولذلك، فليس مدعاة للدهشة، بل هو أمر مفروغ منه ألا تختلف المرأة المسلمة في وضعها الديني الروحي عن الرجل، فعليها الفروض كافة من صلاة وصيام وأداء الزكاة والحج. ويعبر القرآن عن هذا بشكل مؤثر وبليغ بأن يخص كلا من الرجال والنساء بالذكر منفرداً.

{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

يتجه النقد الغربي لوضع المرأة في الاسلام لمكونات أساسية في الشريعة، وهي:

1- تعدد الزوجات.

2- وضع المرأة في الزواج.

3- النصوص المتعلقة بزي المرأة.

4- حجاب المرأة والفصل بين الجنسين.

5- سلطة الرجل المطلقة في طلاق زوجته من طرف واحد.

6- انتقاص دور المرأة في مسائل الإرث والشهادة.

الاتهام بسماح الاسلام لتعدد الزوجات لايجد له صدى سلبياً، لأنه حتى وفقاً لرأي علماء الاسلام الغربيين فإن الاقتران بامرأة واحدة، وهو الهدف الأصلي للقرآن، هو السائد في العالم الاسلامي.

لقد قيد الاسلام الزواج من النساء بأربع نساء كحد أقصى في سورة النساء الآية 3، ولكنه قيد هذا الزواج بشرط العدل في معاملتهن، فيرد في القران،: {وَإِنْ خفتمْ ألاّ تقسطُوا في اليتامَى فَانكحوا ما طابَ لكُم منَ النساءِ مثنَى وثُلاثَ ورُباع فإنْ خفتمْ ألاّ تعدلُوا فواحدةً أوْ ما ملكتْ أيمانكُمْ ذلكَ أدنَى ألاّ تعولُوا}.

ولكن يؤكد الله للرجال، وبخاصة الأزواج، أنهم لن يستطيعوا أبدا أن يعدلوا حتى لو أرادوا. الآية 129 من سورة النساء تقر ذلك: {ولَنْ تستطيعُوا أنْ تعدلُوا بينَ النساءِ ولوْ حرصتُمْ فلا تميلوُا كلَّ الْميلِ فتذروهَا كالمُعلقَة وان تُصلحوا وتتقُوا فإنَّ اللهَ كانَ غفوراً رحيماً} أفلا يكفي كل هذا للترهيب والحث على البعد عن تعدد الزوجات؟

أما الانتقاد الثاني الموجه للإسلام والذي يندرج تحت وضع المرأة في علاقة الزواج، فيتجه الى الآية 228 من سورة البقرة والآية 34 من سورة النساء، وهما الآيتان اللتان ظلتا حتى وقت ليس ببعيد يفسران على أنهما يقران وجود طرف أعلى في العلاقة الزوجية هو الرجل وأن المرأة تحظى بدور التابع، وبذلك تنتفي صفة المشاركة عن هذه العلاقة.

فدعونا نر سويا: تقول الآية 228 من سورة البقرة: {والمطلقاتُ يتربصنَ بأنفسهن‎َّ ثلاثةَ قروءٍ ولا يحلُّ لهنَّ أن يكتمنَ ما خلقَ اللهُ في أرحامهنَّ إن كنَّ يؤمن‎َّ باللهِ واليومِ الآخرِ وبعولتهنَّ أحقُّ بردهنَّ في ذلكَ إن أرادوا إصلاحاً ولهنَّ مثلُ الذي عليهنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجةٌ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ}.

فتمتع الرجل بحق أن تكون له الكلمة الأخيرة في أمر الزواج هنا مرتبط بوضع محدد، وهو أن يتضح حمل المرأة في شهور العدة الثلاثة، فهنا يكون للرجل الحق في أن يرد زوجته حتى لو لم تشأ. إذا فحقه ليس مطلقاً، بل هو مرهون بظرف معين؛ لأنه الوحيد الذي يتحمل تبعات وقوع الطلاق المادية وتتضاعف مسئوليته في حالة وجود طفل.

إذا فتفسير هذه الآية على أن الرجال أفضل من النساء انما هو تفسير ملتوٍ منحاز وغير موضوعي بالمرة.

أما الآية 34 من سورة النساء: {الرجالُ قوامونَ على النساءِ بما فضلَ اللهُ بعضهمْ على بعض وبما أنفقُوا منْ أموالهمْ فالصالحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ للغيبِ بما حفظ الله واللاتي تخافونَ نشوزهنَّ فعظوهنَّ واهجروهنَّ في المضاجع واضربوهنَّ فان أطعنكمْ فلا تبغوا عليهنَّ سبيلا إنَّ اللهَ كان علياً كبيراً}.

لقد تمت ترجمة بداية هذه الآية حتى وقت قريب، بحيث تصور علاقة المرأة بالرجل كأنها علاقة التابع بسيده أو أن الرجل أعلى من المرأة. ولقد قام مترجمو القرآن باستنتاج أن الزوج هو من يملك السلطة عامة في العلاقة الزوجية، وتوافق هذا الرأي مع المفهوم التقليدي لدور الزوج في العلاقة الزوجية.

وهذه الآية 34 من سورة النساء يمكن أن تفهم على هذا النحو، ولكن لايجب ان تفهم وتفسر على هذا النحو، فمن الجائز لغويا أن تفم بداية الآية على أن الرجال يقومون على النساء أي يقومون على رعايتهم، وهذا أدق حتى يتوافق مع بقية ما ورد في القرآن من طبيعة العلاقة الزوجية التي تتسم بالمشاركة ويسودها الحب والعطف والمودة. ومن هذا المنطلق ظهرت ترجمة أخرى لهذه الآية هي أن الرجال مسئولون عن النساء.

وطبقا لذلك، يتولى الأزواج مسئولية رعاية زوجاتهم رعاية كاملة. ويترجم فتحي عثمان هذا بقوله: لابد أن يرعى الرجال النساء رعاية مالية ويتحمولوا كل مسئولية عنهن. وينفي تماما إمكانية تفسير هذه الاية على أنها تثبت أي تميز للرجال على النساء وأي أفضلية لهم عليهن.

وينطلق القرآن في حكمه هذا - كما يتبين من بقية الآية والنص - أن الرجال عادة أقوى جسمانيا من النساء، وأقوى ماديا من النساء.

أما جواز أن يضرب الرجل المرأة التي تعصاه، فان هذا الأمر يودي الى فقدان الحب والتفاهم اللذين تتضمنهما العلاقة الزوجية المشتركة. وفي الأحوال كافة، فإن المسلمين لم يفهموا - محتذين برسولهم - هذا الأمر على انه سماح بالضرب الحقيقي، أو بجواز الإيذاء البدني. فهل يجوز أن تضرب المرأة وهي الأم التي قال فيها الرسول: «ان الجنة تحت قدميها»؟!

أما بالنسبة لأشكال الايذاء البدني الذي يتهم الغرب الإسلام بممارسته، فهي عادة ختان النساء الفرعونية. وهذه العادة منتشرة في إفريقيا بما فيها مصر والسودان بين المسيحيين والمسلمين للأسف الشديد. وهذه العادة لا تستند الى أي قاعدة إسلامية أو حكم شرعي ورد في القرآن أو السنّة، كما أن القانون يجرم هذه العادة في مصر.

أما النصيب الأكبر من النقد الغربي، فينصب على تعاليم الزي بالنسبة للمرأة هذا الزي الذي يتيح للمرأة أن تتحدث ويتحدث اليها الآخرون. يستنتج الغرب عداء الإسلام للمرأة من أرتدائها لغطاء الرأس، ويَعُدُّه اضطهادا منظما للمرأة الشرقية. والأمر افظع من ذلك؛ لأن الغرب يعد أي غطاء للرأس هجوما شرسا على علمانيته، وعلى ما حصلت عليه المرأة من جرائها من حقوق، كما يعدونه اتهاما أخلاقياً.

ولا يكاد أحد في الغرب يصدق أن المرأة تضع هذا الغطاء بمحض إرادتها دون أن يجبرها أحد من أهلها. ولا يود الغربيون أن يستوعبوا ذلك من ملاحظتهم للأعداد المتزايدة من النساء الألمانيات والفرنسيات والإنجليزيات والأمريكيات اللاتي يعتنقن الإسلام.

ولا يعترف أحد منهم بأن غطاء الرأس يمكن أن يكون فعلا تحرريا تحمى به المرأة مفاتنها في ظل عالم متكالب على الشهوات الجنسية، ولذلك فقد قالت امرأة بريطانية أسلمت - ضمن عشرة آلاف امرأة أخرى العام الماضي -: «نتمتع بالحقوق كافة، ولدينا كل شيء عند المدافعين بشراسة عن حقوق المرأة، ما عدا الشواذ من النساء وحق الاجهاض».

وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الملبس الذي يراه الاسلام شرعاً غير قابل للتغيير؟ هل ارتداء غطاء الرأس أمر واجب وضروري، أم توصية وفقاً للقرآن أو السنة او كليهما؟
وأتمنى أن يظل صوب أعيننا في هذه المناقشة أن الإسلام لايهمه في مسألة الملبس - كغيرها من الاشياء - المظاهر الخارجية، ولكن ما يهمه هو جوهر الأمر. وهو هنا تنظيم الغريزة الجنسية وقصرها على العلاقة الزوجية، وتأمين هذه العلاقة. لذلك يتجه أمر التعفف والبعد عن الشهوات الى الجنسين.

من المتعارف عليه أنه من الممكن اشتهاء المرأد بالنظرة، خاصة اذا أثارت مفاتنها مثل هذا الفعل، وهذا بالضبط هو ما ينهى القرآن عنه الجنسين كما ورد في سورة النور الآيتين 30و31: {قل للمؤمنينَ يغضوا من أبصارهمْ ويحفظوا فروجهم ذلكَ أزكى لهمْ إنّ الله خبيرٌ بما يصنعونَ}. وهذا أمر للرجل أن يحفظ عورته (من السرة حتى الركبة). وعلى المرأة أن تعفل المثل وان شملت عورتها مساحات أكبر من تلك. وتقول الآية: {وقُل للمؤمناتِ يغضضنَ من أبصارهنَّ ويحفظنَ فروجهنَّ ولايُبدين زينتهنَّ إلاّ ما ظهرَ منها وليضربنَ بخمرهنَّ على جيوبهنَّ ولايبدينَ زينتهنَّ الاّ لبعولتهنَّ أو آبائهنَّ أو آباء بعولتهنَّ أو أبنائهنَّ أو أبناء بعولتهنَّ أو أخوانهنَّ أو بني أخوانهنَّ أو بني أخواتهنَّ أو نسائهنَّ أو ما ملكتْ أيمانهنَّ أو التابعينَ غير أولي الأربة من الرجال أو الطفلِ الذين لم يظهروا على عوراتِ النساء ولايضربن بأرجلهنَّ ليعلمَ ما يخفينَ من زينتهنَّ وتوبوا الى الله جمعياً أيها المؤمنون لعلكمْ تفلحونَ}.

وهذا ما يخص المؤمنات من ملبس وسلوك. وهناك آية أخرى موجهة لنساء النبي والمؤمنات في سورة الأحزاب الآي 59: {يا أيها النبيُّ قلْ لأزواجكَ وبناتكَ ونساء المؤمنين يُدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ذلكَ أدنى أن يعرفنَ فلا يؤذينَ وكان الله غفوراً رحيما}.

ولا توجد في القرآن نصوص أخرى تخص ملبس المرأة.
أما بالنسبة لغطاء الرأس فعلينا أن نحدد أولا بعض المفاهيم. فالخمار أي غطاء الرأس يتشابه مع أغطية الرأس التي يضعها بعض من نساء اليونان وبعض أجزاء اسبانيا للحماية من الشمس والأتربة والريح، وليس من منطق ديني. ويرى فتحي عثمان أن الاية 31 من سورة النور لم تضع شكلاً ثابتا محدداً وجامداً لملابس المرأة، ولكن نموذجا يجب تحقيقه وفقاً للظروف والعادات السائدة؛ لأن المفاتن التي يجب إخفاؤها لم يتم ذكرها في تفصيلاتها، وهذه التفصيلات ما كانت لتصلح لوضع قانون دائم يصلح لكل الأزمنة.

لابد من أن يحدد الانسان موقفه مما جاء في السنة من أن الرسول أوضح بالإشارة لأسماء بنت أبي بكر ما يجب أن يظهر من المرأة المسلمة، وهو وجهها وكفاها وقدماها. وهذه الرواية روتها عائشة ونقلها عنها أبو داود. ويجب أن تكون ملابسها ثقيلة فلا يرى ما تحتها، ويجب أن تكون فضفاضة وغير ملاصقة لجسدها.

ولكن لن تنتهي هذه المناقشة؛ لأن الرسول صمت عنها ولم يوضح بكلامه هل هذا الحديث مبدأ وقاعدة يجب اتباعها، أم توصية يفضل الأخذ بها؟ ويميل حسن الترابي الى ترجيح الأمر الأخير، أي أنها توصية، لأن «هناك أوامر أخلاقية لما يجب أن تكون عليه ملابس الرجال والسيدات ولكنها ليست مادة أساسية في الشريعة ».

أما بالنسبة للنقاب الذي يغطي الوجه، فليس له جذور إسلامية، ولكن استحدثته النبيلات في كل من بيزنطة وفارس ليتميزن عن بقية النساء ولإظهار مكانتهن الاجتماعية. أما بالنسبة للإسلام، فهناك طبعا من يأخذ به، ولكن ليس في الاسلام أي أمر أو تسويغ له، ولا يمكن بأي حال أن تفسر آيات الحجاب على أنها تأمر بحجب الوجه، خاصة أن بدايات الإسلام لم تعرف مثل هذا الحجاب.

ويتفق فتحي عثمان مع حسن الترابي بشأن تمتع المرأة بحقها كاملاً في ممارسة العمل وتقلد المناصب العامة، كما أن للنساء حق ممارسة العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات سواء بترشيح أنفسهن أو الإدلاء بأصواتهن، ولهن الحق في أن يكن نائبات برلمانيات ووزيرات وقاضيات، وعلى أزواجهن احترام حقهن في ممارسة العمل، وعليهم - أي الأزواج - أن يقوموا بدور الشريك في المنزل بالمشاركة بالأعمال المنزلية.

ونصل الآن الى النقطة الأخيرة في هجوم الغرب على الاسلام من منطلق عدائه وظلمه للمرأة. وهذا الأمر هو وضع المرأة بالنسبة لقوانين الإرث والقوانين المدنية والأحوال الشخصية المتعلقة بالأسرة. وأول الانتقادات الموجهة هو حق الرجل في ان يطلق نفسه من زوجته من جانب واحد لمجرد القول بطلاقها دون اللجوء الى قاض، وله الحق في ثلاث طلقات كما ورد في الآيتين 299و230 من سورة البقرة، بينما يجب أن تلجأ المرأة اذا ما أرادت الخلع الى المحكمة.

يدعو القرآن أن يحتكم الطرفان الى أحد أفراد العائلة قبل أن يقع الطلاق كما ورد في سورة النساء الآية 35. فإذا نظرنا الى نسبة حدوث الطلاق لانجد ضرور ة لكل هذه الإجراءات؛ لأن الزيجات المسلمة أكثر تماسكاً وصلابة من مثيلاتها الغربية في زماننا هذا.
هناك سبب جوهري لاختلاف الإجراءات بين الاسلام والغرب في إجراءات الطلاق، ترجع الى الموقف القانوني للإسلام من اقتسام الأملاك. فلا يتم أصلاً عملية تحديد لاقتسام الأملاك؛ لأن المرأة تحتفظ بكافة أملاكها التي كانت لها أصلاً قبل الزواج، وتحتفظ كذلك بكل ما حصلت عليه بموجب هذا الزواج حتى من مهر وهدايا عرس وغير ذلك، بغض النظر عن مدة الزواج وقيمة المهر، كما تنص الآية 229 من سورة البقرة.

ولذلك فليس بالكثير إذا ما أرادت المرأة أن تطلق نفسها أن تذكر أسباب هذه الرغبة أمام المحكمة لأنها لا تخسر كثيرا مادّياً بطلاقها، بينما ويتكلف الزوج الكثير في حالة وقوع الطلاق. كما يحق للمرأة التي تحدد سلفاً في عقد زواجها الأسباب التي ستطالب بالطلاق من أجلها. وهناك أقتراحات ( في بعض البلدان الإسلامية قانون يجب اتباعه) بأن يتم طلاق الرجل للمرأة أمام محكمة مصاحبة لإجراءات قانونية للتوثيق وحتى يتم تجنب أي سوء استخدام.

والأمر لايختلف كثيراً اذ اما ناقشنا وضع المرأة بالنسبة لقانون الميراث، فالمرأة ترث نصف ما يرثه أخوها كما ورد في الآية 11 من سورة النساء، ولكن وضعها هذا أفضل، لأنها غير ملزمة بإنفاق ما ترثه على الأسرة، بينما يكون الأخ مسئولا عن الإنفاق على الأسرة بما فيها هذه الأخت التي ورثت نصف ما ورثه، فلها الاحتفاظ بكامل نصيبها، وعلى أخيها أن ينفق عليها حتى يزوجها إن لم تكن متزوجة، وبالتالي تحتفظ بنصيبها دائماً. كما يكن للمورِّث أن يعطي من ثلث ميراثه لبناته فيضاف الى حقهن.

وأخيراً فهناك ما يربك الرأس فعلاً عندما نتدبر معنى الآية 282 الواردة في سورة البقرة وهي قوله - تعالى - : «واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وأمرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل أحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}. ولقد سيقت تفسيرات عدة على مر التاريخ لتوضيح هذا الأمر ولكن لم تلق قبولا، وبخاصة تلك التي وصفت المرأة بأنها كائن عاطفي ولتعرضها لتغيرات بيولوجية مثل الدورة الشهرية والحمل والولادة وسن انقطاع الطمث، كما لو كان الرجل دائماً في أفضل صحة وحال وواع تماماً ولاتحكمه نزوات أبداً.

أما حل هذا اللغز، فيمكن في تحديد أن القرآن طلب في هذا الموقع بالذات شهادة أمرأتين، وهو يخص أمرا ماليا على وجه التحديد، بينما لم يذكر ذلك في المواقع الثمانية الأخرى التي يتحدث فيها عن الشهادة. فاذا كان الأمر فعلاً يدور حول إمكانية الاعتماد على قوة ملاحظ المرأة، أفلم يكن القرآن ليطلب شهادة امرأتين في الجرائم وإقامة الحدود؟ ولكن أعتقد ان حقيقة الأمر ان القرآن انطلق من واقع عدم معرفة المرأة في هذا الزمن لقواعد العقود المالية وعدم درايتها وخبرتها بها؛ ولذلك فإن الآية 282 من سورة البقرة تؤدي الى حماية الجماعة وحفظ حقوقها.

 تبقى قدرة النساء مستقبلاً - بفضل التعليم - على الشهادة في المعاملات المالية. وما ينفي حجة عدم ملاحظة المرأة أن رواة الأحاديث وجامعيها من أمثال البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة لم يترددوا في قبول رواية روتها سيدة واحدة مثل عائشة مثلا. بل إن عائشة ردت أحاديث لبعض رجال الصحابة، وصححت لهم كثيراً.

المصدر: http://www.balagh.com/mosoa/marah/pt0scr9o.htm
 

ثورة كاتبة ألمانية على النسويّـة الغربية!
 
نبيل شبيب

ردود الأفعال صاخبة ساخنة ضد الكاتبة  «إيفا هيرمان» عندما أفصحت عن أفكارها التي حملها الكتاب الصادر في 2006. والكاتبة هي من أشهر مقدمات برامج التلفاز في ألمانيا. والكتاب بعنوان «مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة»،

 وفيه ثورة على المبادئ التي قررتها ونشرتها الحركة النسوية الغربية. والأفكار ليست جديدة على قراء العربية، ولكن من النادر طرحها في المجتمعات الغربية. ويبين محورَها ما سجله الناشر على الغلاف: «هل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية أقوى من الحنين إلى شعور الطمأنينة والتفاهم في العلاقة بين الجنسين، ومن سعادة الأمومة، وسرور المرأة بكونها امرأة؟».
كتاب موضوعي ونقد شخصي
عنوان الكتاب بحد ذاته «مشكلة»، فقد اختارت المؤلفة «إيفا هيرمان» له عنوان «مبدأ إيفا»، ويمكن فهم ذلك لأول وهلة أنها تقصد اسمها الأول، لكن «إيفا» بالألمانية، مثل «إيف» بالإنجليزية، تعني «حواء»، فيصبح العنوان «مبدأ حواء»، وهو ما يحبذه كاتب هذه السطور، لكن بصرف النظر عن مقصدها الحقيقي من اختيار العنوان، يبقى من المؤكد أن المضمون موجه إلى جنس حواء عموماً، وفي ألمانيا أو الغرب تخصيصاً، ولا تتحدث المؤلفة فيه عن نفسها إلا قليلاً، حسبما يقتضيه سياق إيراد الأمثلة وشرح الأفكار التي تريد طرحها والدعوة إليها.
ومع ذلك فمعظم الانتقادات الصادرة عن أنصار «المرأة الغربية المتحررة»، لا سيما في الأوساط الناشئة والمسيطرة اجتماعياً، عبر خمسين عاماً مضت على اندلاع ما سمي «ثورة الطلبة» أو «الثورة الجنسية».. معظم تلك الانتقادات تركز على الكاتبة شخصياً، فهي التي تزوجت ثلاث مرات وطلقت لتتزوج للمرة الرابعة، وهي التي تعبت من حياة التألق المهني، وتريد العودة إلى حياة الأسرة البيتية. لكن الكتابات عن كلامها وعنها، كثرت قبل صدور الكتاب بعدة شهور، أي منذ أن طرحت أفكاره الرئيسية في عدد من المقالات الصحفية والمقابلات الإعلامية، وهذا ما يكشف عن الاهتمام الكبير، بل عن الغيظ والغضب، والسبب الحقيقي كامن في أن الكاتبة مشهورة اجتماعياً، وكلامها يمكن أن يجد صدى واسعاً لدى الشابات من الجيل الجديد، فهي من أنجح مذيعات التلفاز ومقدمات البرامج والمشاركات في أشهر البرامج الإخبارية والتحليلية بألمانيا.
ليس ما نشرته «إيفا هيرمان» وليد نزوة طارئة، ولا هو ردة فعل على وضع شخصي، فالمحاور الرئيسية لكتبها السابقة تتحدث أيضاً عن الأسرة والأمومة والأطفال والرضاعة، مما يشير إلى أن ما نشرته في كتابها الجديد هو حصيلة أفكار تتفاعل معها منذ زمن طويل، ويمثل حصيلة ما وصلت إليه، وربما شجعها على ذلك كتابٌ آخر، بقلم «فرانك شَرماخر»، رئيس تحرير «فرانكفورتر آلغيماينه»، كبرى الصحف اليومية الألمانية، وقد صدر مطلع هذا العام تحت عنوان «الحد الأدنى»، ويقصد العنوان حياةَ المجتمع على الحد الأدنى، وقد تناول كاتبه ظاهرة الانقراض السكانية، وعزا ذلك إلى انقراض «الأسرة التقليدية» مطالباً بالعمل من أجل العودة إليها.
وفي صدور الكتابين -وسواهما- في فترة وجيزة نسبياً، إشارة إلى أن الموضوع المطروح  أصبح موضوعاً حياً ومثيراً في المجتمع الألماني، وربما الغربي عموماً. واصبحت الكتب والمقالات والبرامج الإعلامية التي تتناول قضية الأسرة، منتشرة أضعاف ما كانت عليه في العقود الماضية، إذ أنهكت حركة تحرير المرأة النساء الغربيات، وقضت على الأسر، ونشرت كثيراً من الأمراض الاجتماعية من عالم الجريمة والمخدرات والاعتداء الجنسي وغيرها على مستوى الأطفال والناشئة.
وكان مما يلفت النظر أن عملية استطلاع للرأي أجرتْها مؤسسة «إيمنيد» أسفرت عن موافقة 50% على أن «المهمة الكبرى للنساء هي الأطفال والأسرة والبيت السعيد المستقر»، مقابل 47% عارضوا ذلك، ولكن الكتابات الناقدة تجاهلت جميعاً مجرد ذكر هذا الاستطلاع، ناهيك عن تفنيد نتائجه، ولجأت إلى الاستشهاد باستطلاع آخر قامت به مؤسسة «فورزا» الأقل شهرة نسبياً، وأسفر عن اعتراض أكثر من 70% على أفكار «إيفا هيرمان» في كتابها الجديد.
ثورة من داخل عالم التألق
الكاتبة البالغة 48 عاماً من عمرها، مثال نموذجي على «المرأة العصرية الغربية الناجحة مهنياً»، بدأت إنتاجها الإعلامي أثناء مرحلة التدريب في الإذاعة البافارية (جنوب ألمانيا) في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وسرعان ما ارتقت مهنياً، بأسلوب القفز السريع، حتى أصبحت «أشهر وأحب مقدمات البرامج التلفازية» وفق استطلاعات الرأي الألمانية.
والكتاب الجديد الذي يضم 274 صفحة من القطع المتوسط، لم يظهر عند أفول نجمها المهني، بل على النقيض من ذلك، صدر وهي في أوج شهرتها ونجاحها. ويتميز بسلاسة العبارة، مما يعود إلى خبرة الكاتبة في البرامج الحوارية، فكتابتها مفهومة لعامة القراء، رغم أن المحتوى أقرب إلى البحث العلمي بما فيه من استشهادات وتحليلات، وقد عرضت أفكارها بوضوح وتسلسل منطقي، يدفع إلى الاقتناع بما توصلت إليه من نتائج، ويكاد يكفي لعرض الكتاب نقل عناوين فصوله الثمانية دون تعليق، وقد حمل كل فصل عنواناً رئيسياً مع سؤال يشير إلى المضمون. والمقدمة التي تذكر الكاتبة في مطلعها أنها تخوض في المحظور، فمعارضة الحركة النسوية أشبه بجريمة اجتماعية في الغرب، ولكن لا بدّ من خرق المحظور، «فالأمهات يعانين أكثر من سواهن، والمجتمع بات في قاع سحيق، ونحن نقضي على أنفسنا، وأطفالنا يعيشون المأساة».. حسب تعابير المؤلفة نفسها.
الفصل الأول بعنوان: تحقيق الذات كذبة العمر.. علام نضحي بكل شيء؟..
والثاني بعنوان: إنكار الفوارق.. علام تختلف حواء عن آدم؟..
والثالث: مأساة الأطفال.. علام نعيش في مشاعر عصر جليدي؟..
والرابع: مجتمع بلا روابط.. علام نفقد السند الاجتماعي؟..
والخامس: أزمة العلاقات الجنسية.. علام نعبث بوجودنا الإنساني؟..
والسادس: مطالب الحركة النسائية بالسيطرة.. علام نتجاهل أنوثتنا؟..
والسابع: الحرب ضد الرجال.. علام لا نحتاج إليها «وينبغي أن نتجنبها»؟..
والثامن: الطريق إلى المصالحة.. علام يمكن أن ينقذنا «مبدأ حواء»؟..
قد لا يجد القارئ أو القارئة من الوسط العربي الإسلامي، أفكاراً مفاجئة له أو جديدة عليه، فما تتحدث عنه إيفا هيرمان في كتابها، تتحدث عنه كتابات إسلامية منذ عقود، وبعضها يبالغ ويشتط في وصف واقع المرأة وواقع المجتمع الغربي، وبعضها الآخر متهم بفكر المؤامرة والتخلف، عندما يحذر من الانزلاق إلى ضياع الأسرة والأطفال والناشئة، بل واستعباد المرأة تحت عنوان تحريرها. ولكن أن يصدر شبيه ذلك في الغرب بقلم امرأة غربية «تتمتع» بأهم ما تعتبره الحركة النسائية الغربية منجزات لصالح المرأة، يعطي محتويات الكتاب مستوى «الحدث» الاجتماعي والفكري في الأوساط الغربية.
«الحركة النسوية» حرمت الكثير
قد يمل قراء العربية إذن من ذكر التفاصيل عبر سرد أفكار الكتاب غير الغريبة عليهم، فيكفي نموذجاً في هذا العرض الموجز بعضُ ما ورد في الفصل الثامن والأخير، ففيه زبدة ما تريد الكاتبة طرحه على مجتمعها. وتبدأ بمقدمة تبين أنها لا «تتحدث» عاطفياً، أو بأسلوب التعميم، بل تستند إلى وقائع وأرقام. من ذلك مثلاً الإشارة إلى تجربة مدرسية تضمنت سؤال الأطفال عن تمنياتهم للحياة المستقبلية، فتبين أنه لا يوجد أحد منهم يتصور أنه يمكن أن يعيش «منفرداً»، لكن الواقع الاجتماعي الراهن يؤكد توقعات مستقبلية أخرى لغالبيتهم، فقد انتشرت «الحياة الانفرادية» للذكور والإناث على نطاق واسع، وتورد الكاتبة عقب ذلك استطلاعاً لمجلة معروفة، سألت عن واقع حياة أولئك الذين يعيشون على انفراد، وبدلاً من الحصول - كما كان منتظراً أو كما يشاع عنهم- على أجوبة تصف الاستغراق في «الحياة الجنسية الثائرة دون قيود»، كانت النسبة العظمى من الأجوبة تشير إلى خيبات الأمل والاضطرار إلى العزلة، خاصة بين الإناث. ثم تدعم هذه الاستشهادات بأرقام المؤسسة الاتحادية للإحصاء، التي تشير إلى أن «عدد الوحدات المعيشية السكنية» - والمقصود من يعيش منفرداً أو في نطاق أسرة- قد ارتفع بنسبة 11% منذ عام 1991، فأصبح أكثر من 39 مليون وحدة سكنية، في بلد يقطنه 82 مليون نسمة، وهبط عدد الأطفال خلال الفترة نفسها من 32% إلى 23% من عدد السكان.
من هنا تنتقل الكاتبة إلى إبراز أهمية الأسرة، وتؤكد أن المفتاح بيد المرأة، فهي الأقدر على إنشاء روابط أسرية مستقرة، وعلى تأكيد موقع الأسرة اجتماعياً، وتثبيت الإحساس بالدفء والحنان والاستقرار فيها، كما تؤكد ضرورة العودة بالعلاقة بين الأجيال إلى ضرورة احترام الأطفال للآباء والأمهات، بعد أن ضاع ذلك تحت عنوان «التربية الحرة»، والأسرة هي الأقدر على تحقيق التربية الاجتماعية القويمة للفرد في المجتمع.
ثم تشير الكاتبة إلى ضرورة التحرر من القيود الفكرية، وتستشهد بمثال على ذلك عندما أعربت في مقابلة صحفية عن الرغبة والاستعداد أن تكون أما لخمسة أطفال وأن يعول الزوج الأسرة، أنها قرأت عدة احتجاجات لاذعة بأقلام عدد محدود من النساء الناجحات مهنياً، بينما تلقت عدداً كبيراً من الرسائل من عامة النساء، يؤيدن ما تقول، وما تقول يخترق المحرمات في الحركة النسوية.
وتؤكد الكاتبة بإلحاح ضرورة وقف «الحرب المعلنة ضد مجتمع الرجال»، وكذلك «حرب النساء ضد النساء» بعد أن أصبحت داعيات الحركة النسوية يمتهنّ حياة ربات البيوت والأمهات ويزدرينها. ولكن الكاتبة تنتقل سريعاً إلى الدعوة إلى عدم خوض معركة مع «أولئك النساء اللواتي لا يعرفن معنى الأمومة، وعشن دون أطفال، ولا يقدّرن قيمة ما حَرَمْن النساء منه».
وتؤكد إيفا هيرمان أنه لا يكفي للخروج من الأزمة الاعتماد على نداءات باتت لا تنقطع في هذه الأثناء بشأن ضرورة الاهتمام بتكوين الأسرة، وبالأطفال، ودعم الأمهات العاملات مادياً، وما شابه ذلك، ما لم تقترن مثل هذه الدعوات بتغيير جذري على مستوى النساء أنفسهن، من خلال إدراكهن أن قيمة الحياة المعيشية لا تكمن في الحصول على ميزات مادية أكبر، ما لم يتحقق الحصول على المكاسب المعنوية. وتختتم المؤلفة الكتاب بقولها:
«لقد تدمّرت الأرض التي نعيش عليها، فلا مكان للمحبة والمسؤولية، ولا وجود للطفولة، وهذا ما يوجب على حواء أن تطرد الأفعى، وتعيد الأمور إلى نصابها، بتفاحة المصالحة».}

المصدر مجلة الامان اللبنانية    1 كانون الأول 2006  10 ذو القعدة 1427   السنة 14  العدد 734

 

للاشتراك في أحد قائمتي المراسلة لتونس نيوز، يرجى إرسال رسالة فارغة إلى:

 tunisnews_arabic-subscribe@googlegroups.com القائمة العربية:  

 

القائمة الفرنسية (وبقية اللغات الأوروبية):  tunisnews_french-subscribe@googlegroups.com

Nuk ka komente: